سجود الشكر
14th مايو 2013, 1:07 pm
السؤال:
هل سجود الشكر تتوفر فيه شروط ، مثلاً : الحجاب ، الوضوء ... ؟ .
الجواب :
الحمد لله
نوجز الكلام على " سجود الشكر " في النقاط التالية :
1. سجود الشكر من أعظم ما يشكر به العبد ربه جل وعلا ؛ لما فيه من الخضوع لله بوضع
أشرف الأعضاء - وهو
الوجه - على الأرض ، ولما فيه من شكر الله بالقلب ، واللسان
والجوارح .
2. سجود الشكر من السنن النبوية الثابتة التي هجرها كثير من الناس .
3. الخلاف في مشروعية سجود الشكر يعدُّ خلافاً ضعيفاً ؛ لمخالفته ما ثبت عن النبي
صلى الله عليه وسلم ، وعن كثير
من أصحابه رضي الله عنهم في ذلك .
4. سجود الشكر يُشرع كلما حصلت للمسلمين نعمة عامة ، أو اندفعت عنهم نقمة ، أو حصلت
للمسلم نعمة خاصة ،
سواء تسبب في حصولها ، أو لم يتسبب ، وكلما اندفعت عنه نقمة .
قال الإمام الشوكاني - رحمه الله - :
فإن قلتَ : نعَمُ الله على عباده لا تزال واردة عليه في كل لحظة ؟ قلت : المراد
النعَم المتجددة التي يمكن وصولها ويمكن
عدم وصولها ، ولهذا فإن النبي صلى الله
عليه وسلم لم يسجد إلا عند تجدد تلك النعم مع استمرار نعم الله سبحانه
وتعالى عليه
وتجددها في كل وقت .
" السيل الجرار " (1/175).
5. الصحيح أنه لا يشترط لسجود الشكر ما يشترط للصلاة ، من الطهارة ، وستر العورة –
ومنه الحجاب للمرأة - ،
واستقبال القبلة ، وغيرها .
وهذا قول كثير من السلف ، واختاره بعض المالكية ، وكثير من المحققين ، كابن جرير
الطبري ، وابن حزم ، وشيخ
الإسلام ابن تيمية ، وابن القيم ، والشوكاني ، والصنعاني
، ورجحه كثير من مشايخنا ، ومنهم : الشيخ عبد العزيز بن
عبد الله بن باز ، والشيخ
محمد بن صالح بن عثيمين ، والشيخ عبد الله بن عبد الرحمن بن جبرين – رحمهم الله - ،
وغيرهم .
خلافاً لمن اشترط لسجود الشكر ما يشترط للنافلة ، وهو مذهب الشافعية ، وقال به أكثر
الحنابلة ، وبعض الحنفية ،
وبعض المالكية .
ومما استدل به أصحاب القول الأول :
أ. أن اشتراط الطهارة ، أو غيرها من شروط الصلاة لسجود الشكر : يحتاج إلى دليل ،
وهو غير موجود ، إذ لم يأت
بإيجاب هذه الأمور لهذا السجود كتاب ، ولا سنَّة ، ولا
إجماع ، ولا قياس صحيح ، ولا يجوز أن نوجب على أمة محمَّد
صلى الله عليه وسلم
أحكاماً لا دليل عليها.
ب. أن ظاهر حديث أبي بكرة – " أنَّ
النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا جَاءَهُ أَمْرُ سُرُورٍ
أَوْ بُشِّرَ بِهِ خَرَّ سَاجِدًا شَاكِرًا
لِلَّهِ "
رواه الترمذي ( 1578 ) وحسَّنه ، وأبو داود ( 2774 ) وابن ماجه ( 1394 ) -
وغيره من الأحاديث
التي روي فيها أن النبي صلى الله عليه وسلم سجد سجود الشكر ، تدل
على أنه صلى الله عليه وسلم لم يكن يتطهر
لهذا السجود ، فخروره صلى الله عليه وسلم
مباشرةً يدل على أنه كان يسجد للشكر بمجرد وجود سببه ، سواء كان
محدثا ، أم متطهراً
، وهذا أيضا هو ظاهر فعل أصحابه رضي الله عنهم .
ج. أنه لو كانت الطهارة - أو غيرها من شروط الصلاة - واجبة في سجود الشكر :
لبيَّنها النبي صلى الله عليه وسلم
لأمَّته ؛ لحاجتهم إلى ذلك ، ومن الممتنع أن
يفعل النبي صلى الله عليه وسلم هذا السجود ويسنُّه لأمته وتكون الطهارة -
أو غيرها
- شرطاً فيه ، ولا يسنُّها ، ولا يأمر بها صلى الله عليه وسلم أصحابَه ، ولا يروى
عنه في ذلك حرف واحد .
د. أن سبب سجود الشكر يأتي فجأة ، وقد يكون من يريد السجود على غير طهارة ، وفي
تأخير السجود بعد وجود
سببه حتى يتوضأ أو يغتسل : زوالٌ لسرِّ المعنى الذي شُرع
السجود من أجله .
هـ. أن هذه الشروط من الطهارة وغيرها إنما تشترط للصلاة ، ومما يدل على ذلك ما رواه
ابن عباس رضي الله عنهما
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
خَرَجَ مِنْ الْخَلاءِ فَأُتِيَ بِطَعَامٍ فَذَكَرُوا لَهُ الْوُضُوءَ فَقَالَ : (
أُرِيدُ أَنْ أُصَلِّيَ فَأَتَوَضَّأَ ) –
رواه مسلم ( 374 ) - وسجود الشكر ليس
صلاة ؛ لأنه لم يرد في الشرع تسميته صلاة ، ولأنه ليس بركعة ولا
ركعتين ، ولأن
النبي صلى الله عليه وسلم لم يسن له تكبيراً ولا سلاماً ولا اصطفافاً ولا تقدم إمام
، كما سنَّ ذلك في
صلاة الجنازة وسجدتي السهو بعد السلام وسائر الصلوات ، فلا يشترط
لسجود الشكر ما يشترط للصلاة .
و. قياس السجود المجرد على سائر الأذكار التي تفعل في الصلاة وتشرع خارجها ، كقراءة
القرآن - التي هي أفضل
أجزاء الصلاة وأقوالها ، وكالتسبيح والتحميد والتكبير
والتهليل ، فكما أن هذه الأمور لا تشترط لها الطهارة إذا فعلت
خارج الصلاة - مع
أنها كلها من أجزاء الصلاة - : فكذلك السجود المجرد .
قال علماء اللجنة الدائمة :
الصحيح : أن سجود الشكر وسجود التلاوة لتالٍ أو مستمع : لا تشترط لهما الطهارة ؛
لأنهما ليسا في حكم الصلاة .
الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن قعود .
" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 7 / 263 ) .
6. القول الراجح في صفة سجود الشكر أنه لا يجب فيه تكبير في أوله ، أو في آخره ، أو
تشهد ، أو سلام ، وهذا هو
المنصوص عن الإمام الشافعي ، وهو قول الإمام أحمد في
رواية عنه ، وهو وجه في مذهب الشافعية ؛ لعدم ثبوت ذلك
عن النبي صلى الله عليه وسلم
، أو عن أحد من أصحابه رضي الله عنهم
.
وذهب شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله إلى أنه لا يشرع في هذا السجود تشهد أو سلام
، بل هو بدعة ، لا يجوز فعله .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - :
وأما سجود التلاوة والشكر : فلم يَنقل أحدٌ عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا عن
أصحابه أن فيه تسليماً ، ولا أنهم
كانوا يسلمون منه ، ولهذا كان أحمد بن حنبل ،
وغيره من العلماء : لا يعرفون فيه التسليم ، وأحمد في إحدى
الروايتين عنه لا يسلِّم
فيه ؛ لعدم ورود الأثر بذلك ، وفي الرواية الأخرى يسلِّم واحدة ، أو اثنتين ، ولم
يثبت ذلك بنصٍّ
، بل بالقياس ، وكذلك من رأى فيه تسليماً من الفقهاء ليس معه نصٌّ ،
بل القياس أو قول بعض التابعين .
" مجموع الفتاوى " ( 21 / 277 ) .
وقال – رحمه الله – عن سجود التلاوة والشكر - :
فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يسمِّ ذلك صلاة ، ولم يشرع لها الاصطفاف ، وتقدم
الإمام ، كما يشرع في صلاة
الجنازة ، وسجدتي السهو بعد السلام ، وسائر الصلوات ،
ولا سنَّ فيها النبي صلى الله عليه وسلم سلاماً ، لم يُروَ ذلك
عنه ، لا بإسنادٍ
صحيح ولا ضعيف ، بل هو بدعة ، ولا جعل لها تكبير افتتاح .
" مجموع الفتاوى " ( 23 / 171 ) .
7.أنه لا يجب فيه ذِكْرٌ معيَّن ، وإنَّما يشرع للساجد أن يقول في سجوده ما يناسب
المقام ، من حمد الله وشكره ودعائه
واستغفاره ، ونحو ذلك .
قال الشوكاني - رحمه الله - :
فإن قلت : لم يرِد في الأحاديث ما كان يقوله صلى الله عليه وسلم في سجود الشكر ،
فماذا يقول الساجد للشكر ؟ قلت :
ينبغي أن يستكثر من شكر الله عز وجل ؛ لأن السجود
سجود شكر .
" السيل الجرار " ( 1 / 286 ) .
8. أنه لا يسجد للشكر إذا بُشِّر بما يسره وهو يصلي .
لأن سبب السجود ، في هذه الحالة ليس من الصلاة ، وليس له تعلق بها ، فإن سجد
متعمِّداً : بطلت صلاته ، كما لو زاد
فيها سجوداً متعمداً ، أو سجد فيها لسهو صلاة
أخرى ، وكما لو صلى فيها صلاة أخرى ، وهذا القول هو مذهب الشافعية
، وقال به أكثر
الحنابلة .
وقال بعض الحنابلة : إنه يستحب سجود الشكر في هذه الحالة ، قياساً على سجود التلاوة
.
ويمكن أن يناقش دليلهم : بأن ما ذكروه من القياس غير صحيح ؛ لأنه قياس مع الفارق ،
فإن سجود التلاوة سببه من
أفعال الصلاة ، وهو القراءة ، أما سجود الشكر : فسببه من
خارج الصلاة .
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله - :
مَن سَجَدَ سَجْدةَ الشُّكر عالماً بالحُكم ، ذاكِراً له : فإنَّ صلاتَه تبطُلُ ...
.
وما ذكرَه المؤلِّفُ صحيحٌ ؛ أي : أنَّ الصَّلاة تبطلُ بسُجودِ الشُّكرِ ؛ لأنَّه
لا علاقة له بالصَّلاة ، بخلافِ سُجودِ التِّلاوة ؛ لأن
سُجودَ التِّلاوةِ لأمرٍ
يتعلَّق بالصَّلاة ، وهو القِراءة .
" الشرح الممتع على زاد المستقنع " ( 4 / 107 ، 108 ) .
9. سجود الشكر يُشرع للراكب على الراحلة بالإيماء ، ويومئ على قدر استطاعته .
10. أنه يجوز قضاء سجود الشكر إذا لم يتمكن من أدائه في وقته .
وإذا بُشِّر الإنسان بما يسرُّه ، أو حصلت له نعمة ولم يسجد ، ولم يأت له عذر في
ترك السجود عند حصول سببه : فقد
ذكر بعض أهل العلم أنه لا يشرع له قضاء هذا السجود
بعد ذلك ؛ وذلك لأنه غير معذور في تأخير السجود . انظر "
حاشية قليوبي " ( 1 / 209
) .
انتهى ملخَّصاً مرتَّباً – بزيادة يسيرة - من بحث بعنوان " سجود الشكر وأحكامه في
الفقه الإسلامي " ، إعداد :
الدكتور : عبد الله بن عبد العزيز الجبرين وفقه الله .
نشره في " مجلة البحوث الإسلامية " ( 36 / 267 – 309 ) .
والله أعلم
هل سجود الشكر تتوفر فيه شروط ، مثلاً : الحجاب ، الوضوء ... ؟ .
الجواب :
الحمد لله
نوجز الكلام على " سجود الشكر " في النقاط التالية :
1. سجود الشكر من أعظم ما يشكر به العبد ربه جل وعلا ؛ لما فيه من الخضوع لله بوضع
أشرف الأعضاء - وهو
الوجه - على الأرض ، ولما فيه من شكر الله بالقلب ، واللسان
والجوارح .
2. سجود الشكر من السنن النبوية الثابتة التي هجرها كثير من الناس .
3. الخلاف في مشروعية سجود الشكر يعدُّ خلافاً ضعيفاً ؛ لمخالفته ما ثبت عن النبي
صلى الله عليه وسلم ، وعن كثير
من أصحابه رضي الله عنهم في ذلك .
4. سجود الشكر يُشرع كلما حصلت للمسلمين نعمة عامة ، أو اندفعت عنهم نقمة ، أو حصلت
للمسلم نعمة خاصة ،
سواء تسبب في حصولها ، أو لم يتسبب ، وكلما اندفعت عنه نقمة .
قال الإمام الشوكاني - رحمه الله - :
فإن قلتَ : نعَمُ الله على عباده لا تزال واردة عليه في كل لحظة ؟ قلت : المراد
النعَم المتجددة التي يمكن وصولها ويمكن
عدم وصولها ، ولهذا فإن النبي صلى الله
عليه وسلم لم يسجد إلا عند تجدد تلك النعم مع استمرار نعم الله سبحانه
وتعالى عليه
وتجددها في كل وقت .
" السيل الجرار " (1/175).
5. الصحيح أنه لا يشترط لسجود الشكر ما يشترط للصلاة ، من الطهارة ، وستر العورة –
ومنه الحجاب للمرأة - ،
واستقبال القبلة ، وغيرها .
وهذا قول كثير من السلف ، واختاره بعض المالكية ، وكثير من المحققين ، كابن جرير
الطبري ، وابن حزم ، وشيخ
الإسلام ابن تيمية ، وابن القيم ، والشوكاني ، والصنعاني
، ورجحه كثير من مشايخنا ، ومنهم : الشيخ عبد العزيز بن
عبد الله بن باز ، والشيخ
محمد بن صالح بن عثيمين ، والشيخ عبد الله بن عبد الرحمن بن جبرين – رحمهم الله - ،
وغيرهم .
خلافاً لمن اشترط لسجود الشكر ما يشترط للنافلة ، وهو مذهب الشافعية ، وقال به أكثر
الحنابلة ، وبعض الحنفية ،
وبعض المالكية .
ومما استدل به أصحاب القول الأول :
أ. أن اشتراط الطهارة ، أو غيرها من شروط الصلاة لسجود الشكر : يحتاج إلى دليل ،
وهو غير موجود ، إذ لم يأت
بإيجاب هذه الأمور لهذا السجود كتاب ، ولا سنَّة ، ولا
إجماع ، ولا قياس صحيح ، ولا يجوز أن نوجب على أمة محمَّد
صلى الله عليه وسلم
أحكاماً لا دليل عليها.
ب. أن ظاهر حديث أبي بكرة – " أنَّ
النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا جَاءَهُ أَمْرُ سُرُورٍ
أَوْ بُشِّرَ بِهِ خَرَّ سَاجِدًا شَاكِرًا
لِلَّهِ "
رواه الترمذي ( 1578 ) وحسَّنه ، وأبو داود ( 2774 ) وابن ماجه ( 1394 ) -
وغيره من الأحاديث
التي روي فيها أن النبي صلى الله عليه وسلم سجد سجود الشكر ، تدل
على أنه صلى الله عليه وسلم لم يكن يتطهر
لهذا السجود ، فخروره صلى الله عليه وسلم
مباشرةً يدل على أنه كان يسجد للشكر بمجرد وجود سببه ، سواء كان
محدثا ، أم متطهراً
، وهذا أيضا هو ظاهر فعل أصحابه رضي الله عنهم .
ج. أنه لو كانت الطهارة - أو غيرها من شروط الصلاة - واجبة في سجود الشكر :
لبيَّنها النبي صلى الله عليه وسلم
لأمَّته ؛ لحاجتهم إلى ذلك ، ومن الممتنع أن
يفعل النبي صلى الله عليه وسلم هذا السجود ويسنُّه لأمته وتكون الطهارة -
أو غيرها
- شرطاً فيه ، ولا يسنُّها ، ولا يأمر بها صلى الله عليه وسلم أصحابَه ، ولا يروى
عنه في ذلك حرف واحد .
د. أن سبب سجود الشكر يأتي فجأة ، وقد يكون من يريد السجود على غير طهارة ، وفي
تأخير السجود بعد وجود
سببه حتى يتوضأ أو يغتسل : زوالٌ لسرِّ المعنى الذي شُرع
السجود من أجله .
هـ. أن هذه الشروط من الطهارة وغيرها إنما تشترط للصلاة ، ومما يدل على ذلك ما رواه
ابن عباس رضي الله عنهما
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
خَرَجَ مِنْ الْخَلاءِ فَأُتِيَ بِطَعَامٍ فَذَكَرُوا لَهُ الْوُضُوءَ فَقَالَ : (
أُرِيدُ أَنْ أُصَلِّيَ فَأَتَوَضَّأَ ) –
رواه مسلم ( 374 ) - وسجود الشكر ليس
صلاة ؛ لأنه لم يرد في الشرع تسميته صلاة ، ولأنه ليس بركعة ولا
ركعتين ، ولأن
النبي صلى الله عليه وسلم لم يسن له تكبيراً ولا سلاماً ولا اصطفافاً ولا تقدم إمام
، كما سنَّ ذلك في
صلاة الجنازة وسجدتي السهو بعد السلام وسائر الصلوات ، فلا يشترط
لسجود الشكر ما يشترط للصلاة .
و. قياس السجود المجرد على سائر الأذكار التي تفعل في الصلاة وتشرع خارجها ، كقراءة
القرآن - التي هي أفضل
أجزاء الصلاة وأقوالها ، وكالتسبيح والتحميد والتكبير
والتهليل ، فكما أن هذه الأمور لا تشترط لها الطهارة إذا فعلت
خارج الصلاة - مع
أنها كلها من أجزاء الصلاة - : فكذلك السجود المجرد .
قال علماء اللجنة الدائمة :
الصحيح : أن سجود الشكر وسجود التلاوة لتالٍ أو مستمع : لا تشترط لهما الطهارة ؛
لأنهما ليسا في حكم الصلاة .
الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن قعود .
" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 7 / 263 ) .
6. القول الراجح في صفة سجود الشكر أنه لا يجب فيه تكبير في أوله ، أو في آخره ، أو
تشهد ، أو سلام ، وهذا هو
المنصوص عن الإمام الشافعي ، وهو قول الإمام أحمد في
رواية عنه ، وهو وجه في مذهب الشافعية ؛ لعدم ثبوت ذلك
عن النبي صلى الله عليه وسلم
، أو عن أحد من أصحابه رضي الله عنهم
.
وذهب شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله إلى أنه لا يشرع في هذا السجود تشهد أو سلام
، بل هو بدعة ، لا يجوز فعله .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - :
وأما سجود التلاوة والشكر : فلم يَنقل أحدٌ عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا عن
أصحابه أن فيه تسليماً ، ولا أنهم
كانوا يسلمون منه ، ولهذا كان أحمد بن حنبل ،
وغيره من العلماء : لا يعرفون فيه التسليم ، وأحمد في إحدى
الروايتين عنه لا يسلِّم
فيه ؛ لعدم ورود الأثر بذلك ، وفي الرواية الأخرى يسلِّم واحدة ، أو اثنتين ، ولم
يثبت ذلك بنصٍّ
، بل بالقياس ، وكذلك من رأى فيه تسليماً من الفقهاء ليس معه نصٌّ ،
بل القياس أو قول بعض التابعين .
" مجموع الفتاوى " ( 21 / 277 ) .
وقال – رحمه الله – عن سجود التلاوة والشكر - :
فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يسمِّ ذلك صلاة ، ولم يشرع لها الاصطفاف ، وتقدم
الإمام ، كما يشرع في صلاة
الجنازة ، وسجدتي السهو بعد السلام ، وسائر الصلوات ،
ولا سنَّ فيها النبي صلى الله عليه وسلم سلاماً ، لم يُروَ ذلك
عنه ، لا بإسنادٍ
صحيح ولا ضعيف ، بل هو بدعة ، ولا جعل لها تكبير افتتاح .
" مجموع الفتاوى " ( 23 / 171 ) .
7.أنه لا يجب فيه ذِكْرٌ معيَّن ، وإنَّما يشرع للساجد أن يقول في سجوده ما يناسب
المقام ، من حمد الله وشكره ودعائه
واستغفاره ، ونحو ذلك .
قال الشوكاني - رحمه الله - :
فإن قلت : لم يرِد في الأحاديث ما كان يقوله صلى الله عليه وسلم في سجود الشكر ،
فماذا يقول الساجد للشكر ؟ قلت :
ينبغي أن يستكثر من شكر الله عز وجل ؛ لأن السجود
سجود شكر .
" السيل الجرار " ( 1 / 286 ) .
8. أنه لا يسجد للشكر إذا بُشِّر بما يسره وهو يصلي .
لأن سبب السجود ، في هذه الحالة ليس من الصلاة ، وليس له تعلق بها ، فإن سجد
متعمِّداً : بطلت صلاته ، كما لو زاد
فيها سجوداً متعمداً ، أو سجد فيها لسهو صلاة
أخرى ، وكما لو صلى فيها صلاة أخرى ، وهذا القول هو مذهب الشافعية
، وقال به أكثر
الحنابلة .
وقال بعض الحنابلة : إنه يستحب سجود الشكر في هذه الحالة ، قياساً على سجود التلاوة
.
ويمكن أن يناقش دليلهم : بأن ما ذكروه من القياس غير صحيح ؛ لأنه قياس مع الفارق ،
فإن سجود التلاوة سببه من
أفعال الصلاة ، وهو القراءة ، أما سجود الشكر : فسببه من
خارج الصلاة .
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله - :
مَن سَجَدَ سَجْدةَ الشُّكر عالماً بالحُكم ، ذاكِراً له : فإنَّ صلاتَه تبطُلُ ...
.
وما ذكرَه المؤلِّفُ صحيحٌ ؛ أي : أنَّ الصَّلاة تبطلُ بسُجودِ الشُّكرِ ؛ لأنَّه
لا علاقة له بالصَّلاة ، بخلافِ سُجودِ التِّلاوة ؛ لأن
سُجودَ التِّلاوةِ لأمرٍ
يتعلَّق بالصَّلاة ، وهو القِراءة .
" الشرح الممتع على زاد المستقنع " ( 4 / 107 ، 108 ) .
9. سجود الشكر يُشرع للراكب على الراحلة بالإيماء ، ويومئ على قدر استطاعته .
10. أنه يجوز قضاء سجود الشكر إذا لم يتمكن من أدائه في وقته .
وإذا بُشِّر الإنسان بما يسرُّه ، أو حصلت له نعمة ولم يسجد ، ولم يأت له عذر في
ترك السجود عند حصول سببه : فقد
ذكر بعض أهل العلم أنه لا يشرع له قضاء هذا السجود
بعد ذلك ؛ وذلك لأنه غير معذور في تأخير السجود . انظر "
حاشية قليوبي " ( 1 / 209
) .
انتهى ملخَّصاً مرتَّباً – بزيادة يسيرة - من بحث بعنوان " سجود الشكر وأحكامه في
الفقه الإسلامي " ، إعداد :
الدكتور : عبد الله بن عبد العزيز الجبرين وفقه الله .
نشره في " مجلة البحوث الإسلامية " ( 36 / 267 – 309 ) .
والله أعلم
- »ـالغےـايب ـالحےـاضر»المراقب العام
- الجنس :
عدد المساهمات : 581
تاريخ التسجيل : 06/04/2013
رد: سجود الشكر
22nd مايو 2013, 5:21 am
جزيتم خيراا
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى