كان على ربك حتما مقضيا

16th يناير 2013, 10:07 pm

* فضيلة الشيخ محمد بن محمد المختار الشنقيطي:
فضيلة الشيخ ما معنى قول أهل العلم إلا تحلت القسم و ما هو التفسير الصحيح لقوله تعالى" وان منكم إلا واردها"
بسم الله الحمد لله و الصلاة والسلام على خير خلق الله و على اله وصحبه ومن والاه

أما بعد:
فتحلت القسم فان الله تعالى قال في كتابه " وان منكم إلا واردها كان على ربك حتما مقضيا"
فهذا أمر محتم لا بد منه يضرب الصراط على متن جهنم أرق من الشعرة و أحد من
السيف دحض مزلة أي كثير الزلق و كثير الخلل والله تعالى على كل شيء قدير
فالذي أمشى الإنسان على أرض منبسطة قادر على أن يمشيه على ما هو أرق من
الشعرة وأدق من السيف و قادر على أن يمشيه في الهواء فهو على كل شيء قدير
يمشي الناس على هذا الصراط فيجتاز الناس الصراط على قدر أعمالهم فمنهم من
يمشي كالبرق و منهم من يمشي كالريح المرسلة و منهم من يمشي كأجاود الخيل
يمشون على قدر الصالحات والأعمال الطيبات المباركات من الأقوال و الأفعال
التي مضت فيما بينهم و بين الله عزوجل و جعل الله هذا الصراط ابتلاءا
لصالحين و غير الصالحين فعلى جنبتي الصراط الأمانة و الرحم فلا ينجوا من
هذا الصراط قاطع رحم أو خائن لأمانة فقاطع رحم وأعظم الرحم عقوق الوالدين
فأعظم الرحم حق الوالدين ثم قرابة الوالدين فمن قطع رحمه فلن يمر بهذا
الصراط أو على هذا الصراط بسلام كذلك من خان الأمانة حتى السر الذي يكون
بينك وبين أخيك و الكلمة التي يأتمنك عليه هي أمانة حتى النظرة التي تراها
من سر أخيك المسلم أمانة كل ذلك تبتلى به على صراط جهنم على الصراط الذي
يضرب على متن جهنم فهذا الصراط يضرب بعد الوقوف في عرسات يوم القيامة فان
الله تعالى يأمر العباد و يأمرهم أن يجتازوا و أن يردوا فيمر عليه
الأنبياء والصلحاء و الأتقياء و أتباع الرسل و غيرهم,
يمر عليه الصالح و الطالح فإذا مر عليه المنافقون فان الله عز و جل
يبتليهم فيعطون النور على ظاهر ما كانوا يخدعون به المؤمنين فإذا أعطوا
النور أمام الناس و كأنهم معهم كأنهم مع المؤمنين ضرب بينهم بسور فانطفئ
نورهم فكبكبوا في نار جهنم لا يجدون وليا ولا نصيرا في الدرك الأسفل من
النار نسال الله السلامة و العافية فكانوا مع المؤمنين يخدعونهم ويتظاهرن
بالصلاح معهم فأمهلهم الله يخادعون الله والذين أمنوا و ما يخدعون إلا
أنفسهم و ما يشعرون نسأل الله السلامة و العافية فإذا كانوا على صراط جهنم
ميز الله الخبيث من الطيب و اظهر الصالح و اظهر الطالح هنالك تبلوا كل نفس
ما أسلفت هناك يظهر صدق الصادقين هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم يظهر
النفاق و يظهر الرياء و يظهر الصدق و الكذب و تنكشف حقائق الناس في يوم
يبعثر فيه ما في القبور و يحصل فيه ما في الصدور فوا لله ما ضاقت الدنيا
على مؤمن مخلص لله بهمها و غمها و نكدها فلا يتوسع ضيقها إلا إذا تذكر مثل
هذه الساعات التي يكشف الله فيها حقائق الزيف و الكذب و النفاق و الغش
فيظهر الناس على حقائقهم فهذا الصراط بلاء عظيم و اختبار عظيم تظهر فيه
حقائق الأمور. الله تعالى جعله لكي يفصل بين الحق و الباطل و بين الهدى و
الظلال و بين الصادق و الكاذب فإذا كان و العياذ بالله العبد عنده سيئات و
من كبائر الذنوب وشاء الله عز و جل أن يطهره بها في نار جهنم فانه يخطف
بكلاليب من النار و هذه الكلاليب تخطف الناس على قدر ذنوبهم و لكن لا تخطف
إلا أصحاب الكبائر فان أصحاب الكبائر هم الذين يدخلون النار و أما أصحاب
الصغائر فان الله وعد باجتناب الكبائر تكفير الصغائر و على هذا فانه يكون
المرور بالصراط اقسم الله عز و جل أننا نمر عليه حتى الأنبياء فإنهم
يمرون على الصراط وهم يقولون اللهم سلم سلم دعوى الأنبياء كما في الصحيح
اللهم سلم سلم فلا يستطيع الإنسان مهما كان صالحا و هذا يدل على أن العبد
ينبغي أن يفوض الأمور كلها لله وحده لا إلى أحد كائن من كان يقول محمد صلى
الله عليه و سلم "يا فاطمة بنت محمد سليني من مالي ما شئت فا ولله لا اغني
لك من الله شيئا " فهذا بلاء عظيم و هو بلاء الصراط فإذا مر الناس على
الصراط كان ذلك المرور على قدر صلاحهم و طلاحهم فهم على أقسام القسم الأول الذي يكبكب في نار جهنم و العياذ بالله إما بالنفاق واما بالذنوب و القسم الثاني من يسلم مخدوشا و هو خير من الذي يكبكب في نار جهنم و الذي يسلم وهو القسم الثالث
و دون أن يخدش و هو على مراتب فمنهم من يسلم حينما يمر كالبرق فلا يرى من
هم الصراط هما طويلا كأن سرعة المرور تكفيه هم ذلك المرور و إذا مر الإنسان
و نظر سبحان الله العظيم لو أن الإنسان شاهد يوما من الأيام وهو يجتاز
حفرة أو يمر على قنطرة منصوبة بين بيتين على جدار منصوب بين بيتين و لينظر
تحته فان قلبه يطير من الفزع فلا اله إلا الله في نار تقاد بسبعين ألف
زمام مع كل زمام سبعون ألف ملك يجرونها لا حول ولا قوة إلا بالله اللهم
ارحم في موقف العرض عليك ذل مقامنا ما جعل المسلم نصب عينه هذا الشيء إلا
هانت عليه الدنيا و ما فيها فأقسم الله انه ما منا من احد الا سيمرها فان
كان صالحا لطف الله عز و جل به ورحمه و كان سالما بفضل الله حتى إن المؤمن
يقول إذا خرج من النار إذا نجى منها يقول الحمد لله الذي أنجاني منك بعد أن
ارانيك و في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم انه إذا مر
المؤمنون على الصراط فهناك الظلمة و هذه الظلمة مقنطرة والظلمة يقف فيها
المؤمنون و أهل الجنة يقتص فيها من المظالم فأهل الجنة الذين بينهم المحن
وما بينهم من الحقوق يحل الله أو يجعل الله سبحانه و تعالى هذا الموضع
لإبراء المؤمن من حق أخيه فيصلح الله ما بين المؤمنين و يقول للعبد ارفع
راسك اعف عن أخيك فيقول يا رب حقي فيقول الله ارفع رأسك فيرى قصورا عظيمة و
يرى ملكا عظيما فيقول يا رب لمن هذا أ لنبي مرسل فيقول هو لك إن عفوت عن
أخيك فإذا حصل ذلك ذهبت الشحناء و البغضاء ونزعت من القلوب حتى إذا دخلوا
الجنة دخلوها بقلوب نظيفة و سرائر نقية " ونزعنا ما في صدورهم من غل
إخوانا على سرر متقابلين" يدخلونها وقد زال الحسد و الشحناء و البغضاء
إخوانا أحبة و هم في نظرة النعيم و في ذلك الرضوان العظيم نسال الله من
فضله وهو ارحم الرحمين. وأما ما سألت عنه من قوله "وان منكم إلا واردها كان على ربك حتما مقضيا"
فهذا الورود و كما ذكرنا لا يستلزم دخول النار لمن كان سالما نسال الله
العظيم رب العرش الكريم أن يسلمنا من النار اللهم اجعلنا ممن زحزح عن النار
و ادخل الجنة اللهم إنا نعهد إليك في هذه الحياة الدنيا اللهم إن نعهد
إليك ونحن أفقر ما نكون إلى رحمتك اللهم إنا نسألك بأسمائك الحسنى وصفاتك
العلى في موقف العرض عليك ذل مقامنا اللهم ثبت على الصراط أقدامنا اللهم
يمن كتابنا و يسر حسابنا اللهم لا تفضحنا يوم العرض عليك لا حول ولا قوة
إلا بالله وحسبنا الله و نعم الوكيل اللهم أنت حسبنا إذا عظمت علينا ذنوبنا
وكثرت علينا فضائحنا و خطينا لا حول ولا قوة إلا بك اللهم نجنا يا ارحم
الرحمين لا حول ولا قوة إلا بالله حسبنا الله ونعم الوكيل وآخر دعوانا أن
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على محمد .