منتديات دمعة تائب
حياكم الله في منتديات دمعة تائب

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منتديات دمعة تائب
حياكم الله في منتديات دمعة تائب
منتديات دمعة تائب
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

اذهب الى الأسفل
فاستقم كما امرت
فاستقم كما امرت
الدعم الفني والتقني
الدعم الفني والتقني
عدد المساهمات : 616
تاريخ التسجيل : 23/12/2012

حتى لا يخدعك التكفيريون...اقرأ هذا المقال.. Empty حتى لا يخدعك التكفيريون...اقرأ هذا المقال..

22nd يونيو 2013, 4:11 pm

بسم الله الرحمن الرحيم

أخى الفاضل طالب العلم النابه....حتى لا نقع فى حبائل التكفيريين تلاميذ الخوارج أو المميعين خلف المرجئة .... اقرأ هذا البحث الموجز:
يقول الباحث الشيخ ابن تميم الظاهرى الكويتي :
((الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد ..
سنتكلم عن كل من لم يحكم بما أنزل الله تعالى من الشرائع ، وهذه المسألة هي أصل مسألة كل فرقة كفّرت الأمة أو حكامها، فمن هذا الباب ندخل إن شاء الله تعالى لنجليه للمنصف الذي يطلب الحق، لا الذي يتعلق بعاطفته أو بقول شيخه تقليداً له وتعاطفاً، فأسأل الله تعالى التيسير والتوفيق إلى ما يحب ويرضى في كل عمل أو قول، اللهم آمين.
فقد وضعت مختصراً في مسألة الحكم بغير ما أنزل الله تعالى، وبسطت مسائله باختصار غير مخل، مكتفياً بالإشارة إلى النصوص، تسهيلاً لضبط هذا الباب، وتقليلاً من كثرة النقول والتفسيرات والتأويلات كما يحصل غالباً في بحث هذه المسألة، فالقصد إيقافك على جملة هذه المسألة، بأبسط عبارة، وأقرب صورة، حتى لا تختلط عليك بغيرها.
ولا بد حين الشروع أن نذكر الأحكام مجملة ثم يأتي تفصيلها، وسنتكلم عن أمور:
الأمر الأول : تفسير الكفر والفسق.
الأمر الثاني : تعلق الكفر والفسق بترك الحكم بما أنزل الله تعالى.
الأمر الثالث : أحوال الناس في مسألة الحكم بغير ما أنزل الله تعالى.
الأمر الرابع : أثر الحكم بالكفر أو الفسق.

فنقول وبالله تعالى نتأيد ..

الأمر الأول: تفسير الكفر والفسق .

المسألة الأولى: تعريف الكفر في اللغة والشرع.

الفقرة الأولى:تعريف الكفر في اللغة.

الكفر في اللغة هو التغطية والستر للشيء ، هذا باتفاق بين أهل اللغة، لذلك أطلق العرب على الزارع أنه كافر، بمعنى أنه يضع البذر فيغطيه بالتراب لينبت ، وورد بهذا المعنى نص في القرآن أيضاً.
وإذا قيل لرجل : كفّر الله خطاياك أي غطاها وتجاوز عنها، وكذلك سمي الليل كافراً لأنه يستر كل شيء ويغطيه.

الفقرة الثانية : تعريف الكفر شريعياً.

قبل التعريف يأتي هنا سؤال ملح : كيف يمكننا إخراج تعريف للكفر في الشرع ؟! فهل يكون هو التغطية كما في اللغة، لأن الخطاب الشرعي يكون بحسب لغتنا، أم الشرع جاء بتعريف اللغة، وزاد عليه بعض القيود ؟

والجواب على ذلك: أن الشرع قد خاطبنا بلسان عربي مبين، وعلى هذا فيجب حين تفسير النص الوقوف على معنى الألفاظ من خلال لغة العرب، وأن هناك ألفاظ شرعية قد جاءت موافقة لما يعرفه العرب من معنى بلا زيادة على المعنى العربي، وإما أن يأتي الشرع بقيود أو تخصيص، أو إضافة لما أجملته لغة العرب، أو اصطلح عليه مما لا يوافقه الشرع، ويكون هذا بتأمل الآيات والنصوص الشرعية، ليحصل اليقين بمعنى لفظ وارد في نص منها.
ومن هذه الألفاظ لفظ الكفر، فينظر في النصوص التي ورد فيها هذا اللفظ وأحكامه، فتكون: إما وصف شيء بأنه كفر، وإما وصف أناس بأنهم كفار، ونحو ذلك، وبهذا يصح إخراج تعريف شريعي للفظ وارد في النصوص، وأما غيرها فكذب لا يجوز نسبته إلى الشرع.
ومن خلال الاستقراء لهذه النصوص التي تقارب (900) نص في الكتاب وحده، وغيرها في الأحاديث الصحيحةظهر لي أن تعريف الكفر يعتمد على التغطية، ولكن ليست أي تغطية، بل تغطية مخصوصة، فأقول في تعريف الكفر وبأبسط عبارة : أن الكفر في الاصطلاح الشريعي: الإنكار والجحد لما جاء عن الله تعالى.
فالكافر قد غطى قلبه عن الحق، أو غطى الحق في قلبه وستره، وأن الإنكار هو فعل يفعله الكافر، بإنكار قلبه أو لسانه للحق الذي جاء به الشرع لشبهة أو جهل ونحو ذلك.

وأن الجحد وهو معرفة القلب للحق ، لكنه أبى الامتثال له، لذلك قال تعالى عن هؤلاء : { وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم }، فإن كان الجحد هذا بنفي اللسان، وكان قلب الجاحد يعلم أن ما نطق به كذب وليس بحق فهو معاند.

وكذلك يكون الجحد في الباطن ، وهو واعتقاد القلب، وذلك كفر المنافق الذي يجحد في باطنه ويظهر الإسلام.
ويدخل تحت هذا التعريف : كل جحد لشيء ورد عن الله تعالى وصح ذلك ، وكذلك ما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عند الحاكم فيه.
ويدخل تحته جحد وإنكار كون الله تعالى رباً وكونه المعبود الواحد الأحد، سواء عبده وعبد أحد معه، أو عبد غيره فقط، أو عبد عقله وقدسه حتى ترك غيره، فإن لم يثبت الجحد والإنكار والمعاندة فلا يثبت الكفر، فهذه هي قاعدة الكفر بحسب النصوص الشرعية.

المسألة الثانية: تعريف الفسق في اللغة والشرع.

الفقرة الأولى: تعريف الفسق في اللغة.

العرب لا تعرف الفسق إلا بمعنى خروج الشيء من شيء آخر ، كقولهم فسقت الرطبة، أي خرجت من قشرتها.

أما في الاصطلاح الشريعي فهو بحسب النصوص: فالفسق هو الخروج الفاحش عن طاعة الله تعالى ..

الأمر الثاني: تعلق الكفر بترك الحكم بما أنزل الله تعالى.

لا شك أن الكفر متعلق بترك الحكم بما أنزل الله تعالى، وقد ورد نص في القرآن فيه أن من حكم بغير ما أنزل الله تعالى فهو كافر، وهو قوله تعالى: { ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون }، وقد تعلق بهذه الآية طائفة من الناس ممن يرى التكفير أو الخروج على الحكام، وحمَّلوا النص ما لا يحتمل، ونسبوا إلى الشرع قولهم وليس لهم برهان يصححه.
وكلهم يدعي الرجوع إلى الكتاب والسنة، ثم يترك بعضهم أحكام الكتاب والسنة جملة إلا هذا النص، ويتعلق بلفظ واحد ورد في النص ، ويزداد اعتقاده حين يرى قول عالم أو أكثر من المتقدمين، أو المتأخرين يوافق ما يراه أو يعتقده، وغالب هؤلاء – إلا من رحم الله – كان نظره في هذه المسألة بعد أن اعتقد وأحب أن يكون الحاكم بغير ما أنزل الله كافر، وليس أي حاكم، وإنما ولي الأمر فقط.
واعلم – هداني الله وإياك إلى الحق – أن هذا ليس سبيل الحق ألبتة، وإنما سبيل أهل الحق: الجمع بين النصوص والتحقيق في صحيحها من باطلها وفق ما يوجبه النص ومقتضى الظاهر منه وما يلزم عنه فقط، ثم اعتقاد مدلولها وإن خالفوا الناس جميعاً، وعلى هذا الطريق فاشدد يديك.

ونقول في تفسير قوله تعالى: { ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون }، أن الله تعالى قد أنزل هذه الآيات حين كذبت اليهود على رسول الله صلى الله عليه وسلم وطمسوا حكم الله تعالى في الزنى وهو الرجم، وقالوا : إن حكم الزاني في التوراة هو التسخيم.
فكذبوا على التوراة وعلى الله تعالى وعلى الناس، فقالوا بحكم ليس هو حكم الله تعالى فيهم، فتحقق فيهم أنه لم يحكموا بما أنزل الله تعالى، وإنما حكموا بغير ما أنزل بعد أن بدلوه ، أو أحالوه عن معناه.

فالله تعالى لم يأمرهم بالحكم بما استحدثوه وكذبوا به، إلا أنه تعالى لم يصفهم بالكفر لأنهم تركوا حكم التوراة، بل لأنه بدلوا حكم التوراة الصحيح في الرجم إلى غيره، وكذبوا وقالوا: أن التسخيم هو حكم الله في التوراة، فهذه تغطية للحق، بأن غطوا حكم الرجم، وأبدلوه بحكم التسخيم.

فكان أمره تعالى لهم بالحكم بما أنزله لا ما استحدثوه هم، فهذا تلاعب في النصوص وإبدالها، لإبطال حكم الشرع، ولا شك أن من فعل ذلك فهو كافر.

ولو كان المراد بالأمر بالحكم بما أنزل الله الحكم بكل ما جاء في التوراة، وبما أبدلوه فليس لعموم رسالة النبي صلى الله عليه وسلم معنى.
وأعلم – علمك الله – أن اليهود كفروا قبل أن يأتوا للنبي صلى الله عليه وسلم ويطلبوا حكمه، فكفرهم متحقق سواء عملوا بهذا الحكم أم لم يعملوا.
وأراد الله تعالى بيان كذبهم وتبديلهم لكتاب الله تعالى، مع علمه السابق أنهم كفار في الحقيقة لجحد رسالة النبي صلى الله عليه وسلم، فحكم عليهم بالكفر؛ لأنه امتداد لكفرهم السابق، فمن ينازع في هذا المقام فليراجع نفسه، وليعرض ما قلناه على نص الآية، وعلى ما ثبت بإجماع من كفرهم قبل هذه الحادثة، وليتق الله فيما يقول.

وأراد من يرى التكفير أن يلحق كل من ترك حكم الشرع في شيء بهذا الحكم، وأعرض بعمد أو بغير عمد عن بقية النصوص، واكتفى بهذه الآية، ثم لما لم يسلم له قوله: أحتاج لبعض القواعد والأقوال ليحشد أكثر ما يجد من كلام.
وقد استدل بعضهم بقاعدة أصولية وهي: ( العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب ) ، ثم قالوا: إن النص يوجب أن كل حاكم حكم بغير ما أنزل الله تعالى كافر، فيقال لهم: قد كفيتم خصمكم عن إقامة حجة عليكم.

فالمحتج هنا إما جاهل بما يتكلم فيه ، فأوقعه ذلك بالتناقض، وإما متحكم في نصوص الله تعالى وكأنها من كيس أهله.

ولكننا الآن لسنا في مقام مناظرة ولا مناقشة، ولكن في مقام بسط المسألة لتتضح للمنصف منهم ومنا، فنوضح اعتراضه بشيء من التبسيط للمستفيد فنقول: هذا قول باطل من وجوه:

الوجه الأول: لفظ الحكم عام، يدخل فيه كل من حكم واختار شيئاً مخالفاً للشرع، سواء كان هذا الحاكم بخلاف الشرع والياً، أو كان فرداً من أفراد الناس، فتخصيصه يحتاج برهان، ولا برهان هنا، وإنما تحكم منكم بشيء لم يرد في النص، ولا اقتضاه لفظه، ولا كان موافقاً لحال اليهود الذين نزلت فيهم الآية.

الوجه الثاني: ترك الحكم بما أنزل الله والحكم بخلاف شرع الله ترك مجمل؛ لأن الترك هنا لم يبيّن صفته، وكيف يكون هذا الترك، إلا أننا قلنا جميعاً في حال التبديل: أن من بدل حكماً شرعياً بغيره تلبيساً على الناس وهو يعلم فهو كافر، مع أن هذا الحكم لم يرد بالنص هذا، وإنما يفهم هذا من سياق الحادثة التي نزلت فيها الآية، وكذلك من خلال نصوص أخرى.

وبقي من ترك حكم الله على إجماله لم يفسر بعد ، فلا يحل العمل بمجمل حتى يأتي بيان من نص آخر، وهذا باتفاق بين العلماء، ولا يخالف فيه أحد.

فنقول: إذا كان هذا ترك مجمل باتفاق بيننا، فما الذي أوجب تخصيص ( ترك الحكم بما أنزل الله ) بأن يكون الكفر متحقق في ( ولي الأمر ) فقط دون أفراد الناس ؟ !

مع أن اليهود الذي سألوا النبي صلى الله عليه وسلم لم يكونوا حاكمين أصلاً، وإنما الحاكم هو رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وقد صح عند أهل الحق : أن الكفار مخاطبون بالشرائع، وإنهم يحكم عليهم بشريعة الإسلام، ولم يشذ عن هذا إلا بعض أهل العلم ممن لم يذكر حجة نيرة لتصحيح هذا القول الفاسد.

فنقول : من أين جاء تخصيص قوله تعالى : { ومن لم يحكم } وهي عامة في كل من عمل بما يخالف الشرع ؟
فالجملة عامة ليست مخصصة، ويدخل تحتها من كان والياً أو من عامة الناس ، فكل من عمل بحكم مخالف للشرع فهو ليس بحاكم بما أنزل الله، سواء كان حاكماً أو محكوماً بلا فرق؛ لأن التارك للشرع والفاعل للمعصية حاكم على نفسه بتلك المعصية ، ولأن النص لم يبين أن الحاكم هذا حكم لنفسه أو حكم على غيره، بناء على قاعدتكم في العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.

فمن أين أخرجتم الذي اختار ما لم ينزله الله تعالى وعمل به وترك الحق من عامة الناس من حكم الكفر الذي وصفتم به الحاكم ؟!

فكلنا – الموافق لقولنا والمخالف - مذ عقلنا ونحن نعصي الله تعالى أحياناً، ومنا من يكثر من المعصية ومنا من يقلل منها، فوجب على هذه الشبهة أن يدخل الناس عامة، وكذلك قائل هذا القول، وكذلك ولي الأمر وغيره، فكل من حكم واختار شيئاً ليس هو حكم الشرع فلم يعمل بما أنزل الله تعالى، فيكون على هذا الفهم الخاطئ أنه كافر.

ثم نقول لهم: كذلك قال تعالى: { ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون } ، و قال تعالى: { ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون }، فالكفر اسم لملة باتفاق، والإيمان دين وملة أيضاً، أما الفسق والظلم فليس بدين أصلاً، وإنما هي صفات أفعال وقعت من بعض الناس في ترك شيء واجب أو فعل شيء حرام.

فالكفر قد علمناه أنه جحد ما جاء عن الله تعالى وإنكاره أو العناد فيه، وأنه قد يكون تبديلاً لحكم الله تعالى وإخفاء له وادعاء أن الباطل هو الحق، وهذا تلبيس الحق بالباطل، أو ترك الحكم بغير ما أنزل الله تعالى جحداً وإنكاراً له وعناداً كما قلنا آنفاً.

وأما الفسق الوارد في النص الثاني فإنه ترك لعمل، وكذلك الظلم ؛ لأن الحاكم بغير ما أنزل الله تعالى بلا جحد إذا حكم على نفسه أو غير غيره فهو ظالم لها أو لهم بلا شك ؛ لأن العدل كله في حكم الشرع، والظلم كله في حكم لا يوافقه الشرع.

فصح أن الترك هنا للحكم له أحوال كما ورد في النص، وبينت النصوص الأخرى أن ليس كل ترك فهو كفر.

وقد صح عن الله تعالى أنه لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء، وعلمنا بما صح من النصوص الأخرى أن تارك العمل ليس بمشرك أو كافر، فإن قيل : قد ورد في الخبر أن من ترك الصلاة فهو كافر أو مشرك .

قلنا: لا بد من ذكر أمور لتتضح المسألة :
أولا: لا فرق بين الكافر والمشرك في الشرع وإنما التفريق حادث، فكل مشرك فهو كافر والعكس كذلك، فالذي عبد مع الله غيره فهو مشرك في عرف الناس؛ لأنه جعل العبادة لله ومعه غيره، وفي الشرع مشرك أيضاً للجحد والإنكار أو المعاندة، وإن لم يعبد مع الله صنماً ولا غيره كان كافراً، فكلاهما كافر ومشرك.
فكل من جحد ربوبية الله تعالى أو ألوهيته فهو كافر ومشرك، والمشرك جحد ذلك ولكنه زاد بالجحد هذا بأن أبى إلا أن يكون مع الله تعالى غيره في العبودية.

وقد يكون الملحد مشركاً رغم أنه لم يعبد أحداً، وإنما عبد رأيه وعقله وقدمه على الحق الذي جاء من الله سبحانه وتعالى، فلا نقف عنا كثيراً .

ثانيا: إذا صح أن كل مشرك كافر والعكس، فنقول على هذا الاعتراض بأبسط عبارة :

إذا صح ترك الصلاة سواء غلبة أو نسياناً أو تهاوناً ولم يتحقق الحكم بالكفر من الشرع وفي حياة النبي عليه السلام فالتعلق بمجمل الترك لا يصح وهو تحكم باطل، وقد وافقتم أن هناك ترك ليس بكفر فيما مضى من أحوال، فهل لازلتم ترون أن كل ترك يوجب أن يكون فاعله كافراً ؟!
فإن قالوا : نعم، كل ترك يوجب الكفر ، كذبوا ، وأكذبوا أنفسهم بما شهدوا به على أنفسهم مما لا يمكن دفعه ألبتة، فقد صح الترك ولم يكفر أحد من الصحابة ، بل وقع الترك من النبي صلى الله عليه وسلم حين ناموا عن الصلاة، وقد صح أن هناك من نسى الصلاة، ورفع الشرع الإثم عنه وجعل وقتها حين يذكرها.

فإذا صح أن الترك قد وقع، فوجب أن ننظر في هذا الترك ولماذا وقع، فإن وقع نسياناً ، أو جهلاً، ونحوها مما لم يثبت تكفير فاعله فليس تاركه كافراً.

وإن وقع الترك لشيء حكم الشرع عليه بكفر فاعله فهو ترك يوجب الكفر والشرك معاً على الاصطلاح الشرعي.

فصح أن لفظة الترك هنا ليست مفسرة، وأن الحكم بإطلاقها يوجب الحكم بالباطل، فمن خصها بأن الترك هنا هو الترك المطلق، سواء جحد أو أنكر أو عاند، أو كان جاهلاً، أو كان متأولاً، أو كان ناسياً، أو كان غافلاً، فكل ذلك كفر، فقد ادعى ما لا برهان له من النص ولا مما يقتضيه اللفظ، بل وتبطله النصوص الأخرى.
فوجب طلب إقامة دليل على هذا التخصيص، فإن زعم أن هذا اللفظ يقتضي التخصيص قلنا: كذبت على النص، فليس هذا مما يقتضيه ظاهر النص أصلاً، وإنما هذا مجمل محتمل ولا يحل العمل بمجمل دون بيان تفسيره من النص الشرعي كما اتفقنا.
والنص قد جاء بتفسيره وتبيينه بما فيه غنية عن قولكم وتفسيركم وتحكمكم، فإن قام لكم برهان يوجب صحة قولكم، قلنا: قولكم صحيح، وإلا بقي كذبة لا تحل أن تفسر بها النصوص الشرعية.

وقد زاد بيان الآية بيان النبي صلى الله عليه وسلم بما صح عنه أن هناك أناس يزنون من أهل الإسلام، أو يشربون الخمر، وغيرها من المعاصي الكبيرة أو الصغيرة ، وأنهم لا يكفرون بذلك، وإنما وصف العمل بأنه ليس من الإيمان، فالإيمان لا يوجب الزنى ولا شرب الخمر وإنما يوجب على المؤمن تركها.

وصح أيضاً عن النبي صلى الله عليه وسلم أن الله تعالى يدخل الجنة يوم القيامة من شاء من أهل الإسلام بعد أن يدخلهم النار، وصح عنه صلى الله عليه وسلم أن الله تعالى يدخل بعضهم ولم يكونوا قد عملوا خيراً قط، وأن هناك من يدخل الجنة من أمته عليه السلام وليس له مثقال ذرة من خير.

فنقول: لا يسعكم رد هذه النصوص، ولا يسعكم تخصيصها لعدم المخصص، فليس لكم إلا التحكم والتعلق بأقوال بعض أهل العلم، فإن بلغتم ها هنا فقد كفيتم خصمكم، وأسقطتم أنفسكم.

فهل القضاء بين الناس، واختيار الناس لأنفسهم ما يخالف الشرع يكون من الخير .. ؟!
بالطبع لا ، بل هو الشر كله إلا عند من يعاند نفسه.

ونسألهم أيضاً: ماذا تقولون عن النصوص السابقة ، بناء على قولكم بتكفير الولاة الذي حكموا بغير ما أنزل الله دون سائر الناس ؟
فإن قلتم: الذين سيدخلون الجنة برحمة الله تعالى يوم القيامة ليسوا حاكمين بغير ما أنزل الله، وإنما عصاة من سائر عصاة الدنيا.
قلنا لهم: كذبتم بهذا التأويل، وما علمنا أن من صلى وزكى وحج، وذكر الله، وأتى بالنوافل ثم عصى يقال عنه ( لم يعمل خيراً قط ) فهاتوا برهان صحة قولكم، ولن يأتوا به أبداً، فبطل هذا الاعتراض والحمد لله.

ونقول ونقرر ما نذهب إليه: أن قولنا كما قال أهل الحق من سلف الأمة، وقولهم: أن من اختار وحكم بحكم مخالف لشرع الله تعالى فلا يكفر إذا لم يثبت جحد للشرعية، سواء كان هذا الحكم من والٍ أو من أفراد الناس، فإن صح ببرهان لا شك فيه جحد أحدهم فهو كافر.
وصح أيضاً مما سبق: أن من تعلق بمسألة ( جنس العمل ) أن قوله غير صحيح، فإذا صح أن الذي لم يعمل خيراً قط أنه داخل إلى الجنة، نعلم أن بعضهم قد ترك العمل جملة مع اعتقاده الإسلام والنطق به، وأن البعض الآخر ترك أحياناً، وعمل أخرى.

وكذلك نقول فيما قال تعالى: { ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون }، وكذلك فيما قال تعالى: { ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون } أن كل من حكم بغير ما أنزل الله تعالى من حاكم أو محكوم فهو حاكم بالظلم وفاسق ما دام غير جاحد، فإن جحد الشرع فهو كافر ظالم أيضاً، بحكمه بخلاف الشرع، ولكفره في الأصل.

الأمر الثالث: أحوال الناس في مسألة الحكم بغير ما أنزل الله تعالى.

أفراد الناس وولاتهم في مسألة تطبيق أحكام الشريعة التي أنزلها الله تعالى على أقسام:

القسم الأول: من ترك الحكم بما أنزل الله تعالى جملة.
القسم الثاني: من ترك الحكم بما أنزله الله تعالى أحياناً وعمل به أحياناً أخرى.

وكل الناس وحكامهم تحت هذه الأقسام ولا يخرج عنها أحد ، ونأتي إلى تفصيل هذه الأقسام وما يندرج تحتها من أحوال ، فنقول عن القسم الأول وهو من ترك الحكم بما أنزله الله تعالى جملة، أن التارك لحكم الله جملة لا يخلو من أحوال لا بد منها ، وهي:

الحال الأولى: من ترك الحكم بما أنزل الله تعالى جملة جحداً وإنكاراً، ويندرج تحت هؤلاء:

أولاً: الكافر الذي لم يسلم يوماً: فهو جاحد لهذه الشريعة منكر لها، له ما للكفار من الأحكام.
ثانياً: المسلم الذي ظهر لنا إسلامه وادعى أنه اعتقد ذلك ثم نطق بالشهادتين بحضرة الناس: وهذا لا يخلو من وجوه:

الوجه الأول: أن يكون تركه للشرع وما أنزل الله تعالى لعدم صحة اعتقاده، وأنه لم يكن يعتقد صحة الإسلام: وذلك بأن يظهر الإسلام ويبطن الكفر وهو المنافق، وهذا لا يمكننا الحكم عليه بشيء ؛ لأن باطنه الكفري مخفي عن الناس، فهو مسلم بالظاهر وعند المسلمين، وكافر عند الله تعالى، ولا يحل الحكم عليه بالكفر حتى يقوم برهان لا شك فيه، أما إذا أظهر الكفر أو قامت عليه حجة وبينه فهو كافر .

الوجه الثاني: أن يكون تركه للشرع وما أنزل الله تعالى بعد أن أظهر الإسلام واعتقد صحته ثم تركه جحداً وإنكاراً: وهذا المرتد، والفرق بين المنافق والمرتد يكون في اعتقاد أن الإسلام حق حين أظهر إسلامه ونطق به:
فالمنافق لم يسلم وهو يعتقد صحة الإسلام، وإنما لغرض في نفسه من دفع ضرر أو جلب مصلحة.
أما المرتد فإنه يعتقد صحة الإسلام أولاً ، ثم يشبته عليه شيء، أو يغويه إبليس – أعاذنا الله منه – فينتكس ويرتد عن دين الله الحق.

وهذا الفرق ومعرفتنا له لا قيمة حقيقية بتلك المعرفة؛ لأننا لا نستفيد منه إلا بأن نقول: كان فلان كافراً، ولم يسلم يوماً، هذا في حق المنافق، ونقول عن الآخر: كان مسلماً حسن الإسلام، ثم ارتد عن دينه.

أما بالنسبة للمرتد أو المنافق فإن هذا الفرق يوجب اختلافاً في الحكم عليهما، فتظهر فائدة هذا الفرق في إبطال ما عمله قبل الردة واعتباره: فالمنافق الذي ثبت نفاقه عندنا فلا نصحح له الأعمال السابقة إذا أسلم.
وأما المرتد فإننا نعتبر بأعماله الشرعية قبل الردة، كالحج ونحوه، فإن حج فنقبل حجه حين كان مسلماً، فإن ارتد ، ثم رجع مسلماً: فنعتد بحجه ولا يجب عليه حج آخر؛ لأنه فعله حين كان مسلماً فوجب قبوله والاعتداد به، وهذا محل خلاف بين أهل الظاهر وغيرهم، لكن ما ذكرته فيه هو الحق.

الوجه الثالث: أن يكون تركه للشرع وما أنزل الله تعالى بعد أن اعتقد الإسلام ونطق به بغير جحد وإنكار: وهذا المسلم الفاسق، وفي هذا حصل الخلاف الكبير، فزلت أقدام، وارتفعت أقدام، وثبتت على الجادة البيضاء، وهذا الرجل الذي ترك الشرع وما أنزل الله تعالى جملة بغير جحد للشريعة ينقسم أقساماً بحسب سبب الترك:

السبب الأول: الجهل بالشريعة الإسلامية وأحكامها: والجاهل لا يحل الحكم عليه بالكفر أو الفسق إن علمنا جهله ، وإنما يجب تعليمه حتى تزول الشبهة من نفسه، سواء كان حاكماً أو محكوماً بلا فرق، فإن أبى الأخذ بالحق بعد أن قامت عليه حجة وبرهان ولم يجحد الشرع لكن تركه جملة لأي سبب غير الجحد فهو فاسق سواء كان حاكماً أو محكوماً، أما إذا تم تعليمه ثم جحد الشرع كله فهو كافر ، ولا فرق بين حاكم ومحكوم في ذلك.

والجاهل لا يخلو من أحوال:
الحال الأولى: أن يكون جهله مبني على الجهل في وجوب العمل وكونه من الإيمان: وهذا لا يحل الحكم بكفره، ولا بفسقه، وإنما يُعلم الحق، حتى يعقله ويفهمه، ثم يُنظر في نتيجة هذا العلم، بعدها يجوز الحكم عليه بالكفر أو الفسق بحسب حاله في العمل والترك والجحد ، فإن ترك ذلك جحداً كان كافراً ، وإن تركه بغير جحد كان فاسقاً.

الحال الثانية : وإما أن يكون جهله مبني على الجهل بصلاحية أحكام الشريعة لكل زمان ومكان: وذلك بأن يوهمه بعض حاشيته بأن الحكم بكذا أو كذا أوفق وأليق للتيسير على الناس، وأن القانون الفلاني عادل، ويحقق الغرض، ويلبس عليه أن هذا ليس تركا للشريعة ولا رفضها، بل هذا من الاستفادة من الأمم وعلومها ونحو تلك الشبه التي ابتلي بها دعاة التقارب والاستفادة من الأمم وهم من يقربهم ولاة الأمور عادة إلا من رحم الله منهم ؛ لأنه يدعون أنهم أصحاب المذهب البسيط الوسط بين المذاهب، وأنهم أصحاب الحق وغيرهم متشددون متنطعون، وهذا لا يحل لأحد أن يكفره ، ولا أن يفسقه أيضاً، لجهله بحقيقة حكم الله تعالى.

ويجب إعلامه أن الشبهات التي ألقاها عليك علماء السوء كذب وزور على الشرع لا يحل، وتقام عليهم وعليه الحجة والبرهان حتى يبلغه الحق، فإن أبى كان حكمه حكم الكافر إن كان جحداً، أو فاسقاً إن كان تركاً بغير جحد.

السبب الثاني: الغلبة والقهر والجبر الذي يحمله على الحكم بغير ما أنزل الله تعالى مع أنه يعلم أنه حق: وهذا إذا قلنا أنه مكره، فنقول هذا مؤمن وليس بفاسق، وهذا مذهب باطل فاسد كاذب على الشريعة، فلا يوجد حاكم يجبر على الاستمرار في الحكم، فمن وجد نفسه مجبراً على الحكم بالباطل والحرام وجب عليه ترك الحكم، فلن يمنعه من يجبره.

وإن منعه المجبر له: قاتل مجبره لأجل هذا الترك حتى يُقتل قتيل ظلم وبغير حق فيبوء قاتله بإثمه وإثم من حكم عليه بذلك الحكم الباطل، رغم أنه لا يوجد حاكم يجبره أحد على الحكم بكيفية معينة أصلاً، ومن ادعى ذلك فقد كذب على الناس وبرر ترك الشرع لهوى وشهوة.

فدعوى أنه مجبر ومغلوب على أمره ، وأن من تحته هو الذي يدير الحكم ويجبره على ذلك فهذه شبهات أصحاب العواطف الذي تعلقوا بالحكام والوطنية الخبيثة ، وهي دعوى تحتاج برهان ويرد عليها ما يرد على ما سبق.
وقد رأينا من طلبة العلم من يكتب الخطب والمقالات في الثناء على حاكم قد مات ولم يكن قد طبق أحكام الشرع، فلما اعترض عليه بعض طلبة العلم قال: إنه رجل صالح، وقد قال ذلك العلامة ابن عثيمين ! وما رأينا يوماً في كلام العلامة رحمه الله أنه يمتدح من ترك الحكم بغير ما أنزل الله تعالى، فقد يكون ذلك نقل باطل، وإن صح فإن كلام الله تعالى أولى بالوقوف من قول العلامة ابن عثيمين رحمه الله.

وقد بالغ بعضهم وطلب تحليل الحاكم مما علق في ذمته من حقوق الناس، ولا يدري هذا المسكين أن حق الأمة في تطبيق حكم الله تعالى في حياتهم ليس لهم تحليلهم منه، بل هو حق الله تعالى في الأرض، فليس لأحد أن يتنازل عنه، لكن للعواطف دور، تمنع التحقيق في مسائل الشرع، والطامة أن يتصدر هؤلاء خطب الجمعة والدروس، ولو سألوه عن نص حديث وصحته لما عرف أين يرجع، فرام الثناء على فاسق والدعوة إلى الترحم عليه، وأبطل الانتصار لحق الله عليه، فراراً من تكفيره، وكأن حكمنا عليه بالفسق يوجب التكفير، فهؤلاء لا يحققون، ولا يعرفون البرهان، ولا ينتظرونه أصلاً، وإنما جل عملهم ففي بعض كتب أهل العلم، حفظوها واعتنوا بها، أكثر من اعتنائهم بحديث النبي صلى الله عليه وسلم، نسأل الله العفو والعافية، ونحمده أن عافانا من هذا البلاء.

ونرجع إلى ما كنا فيه فنقول: إن قالوا عن هذا الحاكم: أن هذا مكره، والمكره لا حكم عليه، قلنا لهم: هؤلاء ليسوا بمكرهين على الاستمرار في الحكم، فكان الواجب عليه ترك الحكم حتى لا يتحمل وزر تركه ووزر الإثم الذي سيحكم به على الأمة، فالحاكم مسؤول عن حكمه على نفسه، وحكمه على الأمة.

وإن سألوا : فما تقولون في أفراد الناس ؟ فنقول: أما أفراد الناس: فكذلك ما قلنا بلا فرق، فكل من أجبره غيره على ترك الشرع جملة فله أن يتركه في حال الجبر بما يصل به إلى ضرر كقتل أو قطع وغيره بما لا ينتهك فيه حق لله تعالى آخر، فلا يقبل قوله أنه كان مجبراً أو مكرهاً على قتل طائفة من الناس أو رجل منهم حتى لا يقتله المكرِه؛ لأنه لا دليل يوجب أن نفس القاتل المكره على قتل غيره حفظاً لنفسه.

ولا يقبل قوله أنه كان مكرهاً حين حكم بغير ما أنزل الله في نفسه إن كان من أفراد الناس، أو في نفسه وفي حق الأمة إن كان حاكماً إلا ببرهان، فنحن ليس لنا إلا ظاهر الناس، ولا نحكم على بواطنهم، ولا نتأول أفعالهم بأنها كفرية، فإن كانوا حقاً مكرهين فالله تعالى ينصفهم يوم القيامة، وأما الناس فلا يعرفون نية الحاكم ولا غيره، فإن قدموا برهان إكراههم عذرناهم، وإلا بقوا عندنا على الأصل وهو الفسق ما دام لم يظهر لنا جحد منهم.

الحال الثانية: من ترك الحكم بما أنزل الله تعالى جملة بغير جحد وإنكار: وهذا التارك فاسق بلا شك، ولا يحكم بكفره إلا أن يقوم برهان على صحة ما يدعيه غيره عليه من كفر ورضا به، فالتارك هنا قد يترك حكم الله جملة، وقد يتركه أحياناً، وفي كل حال فهو فاسق له حكم الفاسق، ويضرب ويعزر حتى يأتي بحكم الله تعالى.

الأمر الرابع: أثر الحكم بالكفر أو الفسق.

الأثر الأول: وجوب النظر في مسألة جحد الحكم بما أنزل الله تعالى وعدمه ليصح الحكم بالكفر أو الفسق.

فالحكم بالكفر لا يحل إلا إذا صح جحد التارك عندنا ببرهان لا شك فيه، فإن صح كان التارك كافراً، سواء كان كافراً في الأصل ولم يسلم قط، أم كان مسلماً ثم ارتد، أو ظهر لنا نفاقه ببرهان لا شك فيه.

وأما الحكم بالفسق فلا يحل إلا اذا صح عندنا عدم جحد التارك لما أنزل الله تعالى، فيكون حينها فاسقاً، ولا يحل لأحد أن يكفره حتى يصح جحده ببرهان لا شك فيه، سواء كان حاكماً، أو محكوماً، فالعبرة بالتكفير بـ ( الجحد ).
والجحد قد يكون اعتقاداً، وقد يكون قولاً، وقد يكون عملاً، والاعتقاد لا يظهر لنا، والقول يظهر لنا، وليس كل قول فيه ترك لحكم الله كفر، كمن قال اللهم أنت عبدي وأنا ربك، فقد يكون القول جهلاً، أو شبهة، ويجب تعليمه فقط ، وبعض هذا القول كفر، كمن يسب الله تعالى، أو رسوله صلى الله عليه وسلم.

وأن العمل لتارك الحكم بما أنزل الله تعالى قد يكون كفراً، وقد لا يكون كفراً، كالزاني يزني، والسارق يسرق، والشارب للخمر يشربها ، وإنما هؤلاء فساق عصاة يجب إقامة الحد عليهم ، أو تعزيز من جاء بما يوجب التعزير مما لا حد فيه مقدر.

الأثر الثاني: وجوب التثبت عند الحكم :
فالواجب التأني وعدم التسرع في الحكم على الناس، وأن يوكل ذلك لأهل العلم الموثوق بعلمهم ودينهم، وبعد أن نعرف قول أهل العلم عرضناه على الكتاب والسنة وإجماع الصحابة، فإن كان موافقاً لها كان حقاً، وجب امتثاله، وإن كان باطلاً، وجب تركه، والدعوة إليه.

أما أن تعلق بتفسير صحابي دون غيره، أو أئمة دون غيرهم لنصرة قولنا: فذلك من أفعال أهل الإفساد والتقليد – أعاذنا الله من ذلك – فالواجب عرض كل قول على الكتاب والسنة، ولا يرد الكتاب أو بعضه، أو السنة، أو بعضها لقول أحد من البشر.

الأثر الثالث: الحكم لا يكون على المعين إلا في الكفر الواضح البين له برهان كالشمس:

أما الحكم بالكفر على غير معين، وذلك بأن يحكم على فاعل كذا بأنه كافر فلا مانع شرعي منه، بل هو الواجب والحق.

الأثر الرابع: أن حكم الحاكم بغير ما أنزل الله تعالى يوجب على علماء الأمة إيقافه على ذلك.

فلا يحل لهم ترك إقامة الحجة عليه، فمن كان في مقدرته بيان ذلك ولم يفعل كان مشاركاً له في الإثم ، وكاتما للعلم الذي أعطاه الله تعالى إياه، فإن كان قادراً بيده بأن يغير ذلك الباطل بسن قانون أو تغييره بما يوافق الشرع فيجب عليه ذلك، وإن كان أن ينصح ويكتب لصاحب الشأن فواجب عليه ذلك، وإن لم يستطع ذلك فقد رخص الشارع له أن ينكر في قلبه، فلا يرضى هذا الباطل.

الأثر الخامس: أن الحكم على الأعيان يوكل إلى القضاء والعلماء الموثوق بعلمهم لا بأفراد الناس بلغهم قولاً أو فعلاً ولم يحققوا فيه تحقيقاً جازماً:

ومن هذا الطريق استروح بعض الذين خذلهم الله تعالى فطعنوا في أهل العلم، أو الناس، أو الولاة لنقل لا يدرون أحق هو أم باطل، بل تجد الجاهل منهم بحدود الكلام، وبالنصوص الشرعية، وهو لم يقرأ إلا كتاب الزاد أو المنهاج أو نحوها من كتب الفقه المختصرة، فيأتي يتصدر المجلس ليشهد على نفسه يوم القيامة بأنه كاذب، وأنه نسب إلى غيره الكفر بلا برهان، فيبوء بإثمه.

سادساً: الواجب على المسلم أن يلتفت إلى ما ينجيه . وهذه كلمة أخيرة أوجهها للأصحاب ومن يبحث عن الحق، فإن الواجب على المسلم أن يتعلم كيف يفهم خطاب الله تعالى، وذلك يكون من وجوه اللغة، وكذلك أن يعرف كيف ينسب دليلاً إلى الله تعالى وشرعه، وذلك بأن يعرف ما في القرآن من قواعد، وكذلك ما يتعلق بالسنة، من رجال بجرح أو تعديل، وما تعلق بها من علوم، ثم ينظر في أقوال السلف من الصحابة ومن بعدهم، ويؤدب نفسه ويلتزم بما وجب عليه، ويمتنع عما حرمه الله عليه، فإن فعل ذلك فقد وُفّق إلى الحق. أما الاشتغال بتكفير الناس والبحث عن كفرهم أو إيمانهم فليس هذا شعار أهل الحق، فاعلم أن كل من يخوض في هذه المسائل فانظر في علمه وماذا تعلم، وستجد ما أخبرك: ستجده لا يعرف إلا بعض الكتب، وقد يكون ممن يقرأ، إلا أنه ليس من أهل التحقيق والنظر، وإن سألته عن غير هذه المسألة تجد الخبط والخلط، لا يدري ما هي الأصول الحق، ولا كيف يستدل في كلام الله تعالى ورسوله، فاحذر هؤلاء ، وانشغل في تعليم نفسك، ولا تكن إمعة مع الناس. هذا تمام الإلمام قد انتهى والحمد لله ..
avatar
الجنة دار القرار
عضو مميز
عضو مميز
الجنس : انثى
عدد المساهمات : 919
تاريخ التسجيل : 05/01/2013
https://rfiaaildilrarb.7olm.org/

حتى لا يخدعك التكفيريون...اقرأ هذا المقال.. Empty رد: حتى لا يخدعك التكفيريون...اقرأ هذا المقال..

23rd يونيو 2013, 11:22 pm
جزاكم الله الفردوس الأعلى وجعله في ميزان حسناتكم
الرجوع الى أعلى الصفحة
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى