منتديات دمعة تائب
حياكم الله في منتديات دمعة تائب

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منتديات دمعة تائب
حياكم الله في منتديات دمعة تائب
منتديات دمعة تائب
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

اذهب الى الأسفل
فاستقم كما امرت
فاستقم كما امرت
الدعم الفني والتقني
الدعم الفني والتقني
عدد المساهمات : 616
تاريخ التسجيل : 23/12/2012

فتاوى فى اصل الطهاره لابن العيثيمين  Empty فتاوى فى اصل الطهاره لابن العيثيمين

22nd يونيو 2013, 3:10 pm
فتاوى الصلاة
* يسبقها بعض الفتاوى المتعلقة بأحكام الطهارة
س121: ما الأصل في الطهارة من الحدث والخبث؟
الجواب: الأصل في الطهارة من الحدث الماء، ولا طهارة إلا بالماء، سواء كان الماء نقياً، أم متغيراً بشيء طاهر، لأن القول الراجح: أن الماء إذا تغير بشيء طاهر، وهو باقٍ على اسم الماء، أنه لا تزول طهوريته، بل طهور طاهر في نفسه، مطهر لغيره، فإن لم يوجد الماء، أو خيف الضرر باستعماله، فإنه يعدل عنه إلى التيمم، بضرب الأرض بالكفين، ثم مسح الوجه بهما، ومسح بعضهما ببعض . هذا بالنسبة للطهارة من الحدث .
أما الطهارة من الخبث، فإن أي مزيل يزيل ذلك الخبث، من ماء أو غيره تحصل به الطهارة، وذلك لأن الطهارة من الخبث يقصد بها إزالة تلك العين الخبيثة بأي مزيل، فإذا زالت هذه العين الخبيثة بماء أو بنزين أو غيره من السائلات أو الجامدات على وجه تام، فإن هذا يكون تطهيراً لها، لكن لا بد من سبع غسلات إحداهن بالتراب في نجاسة الكلب، وبهذا نعرف الفرق بين ما يحصل به التطهير في باب الخبث، وبين ما يحصل به التطهير في باب الحدث .

***
س122: هل تطهر النجاسة بغير الماء؟ وهل البخار الذي تغسل به الأكوات مطهر لها؟
الجواب: إزالة النجاسة ليست مما يتعبد به قصداً، أي أنها ليست عبادة مقصودة، وإنما إزالة النجاسة هو التخلي من عين خبيثة نجسة، فبأي شيء أزال النجاسة، وزالت وزال أثرها، فإنه يكون ذلك الشيء مطهراً لها، سواء كان بالماء أو بالبنزين، أو أي مزيل يكون، فمتى زالت عين النجاسة بأي شيء يكون، فإنه يعتبر ذلك تطهيراً لها، حتى إنه على القول الراجح الذي اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية، لو زالت بالشمس والريح فإنه يطهر المحل، لأنها كما قلت: هي عين نجسة خبيثة، متى وجدت صار المحل متنجساً بها، ومتى زالت عاد المكان إلى أصله، أي إلى طهارته، فكل ما تزول به عين النجاسة وأثرها –إلا أنه يعفى عن اللون المعجوز عنه- فإنه يكون مطهراً لها، وبناء على ذلك نقول: إن البخار الذي تغسل به الأكوات إذا زالت به النجاسة فإنه يكون مطهراً .

***
س123: ما حكم الماء المتغير بطول مكثه؟
الجواب: هذا الماء طهور وإن تغير، لأنه لم يتغير بمازج خارج وإنما تغير بطول مكثه في هذا المكان، وهذا لا بأس به يتوضأ منه، والوضوء صحيح .

***
س124: ما الحكمة في تحريم لبس الذهب على الرجال؟
الجواب: إعلم أيها السائل، وليعلم كل من يطلع على هذا الجواب أن العلة في الأحكام الشرعية لكل مؤمن ،هي قول الله ورسوله صلى الله عليه وسلم لقوله تعالى: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ)(الأحزاب: من الآية36) فأي واحد يسألنا عن إيجاب شيء أو تحريم شيء دل على حكمه الكتاب والسنة، فإننا نقول: العلة في ذلك قول الله تعالى، أو قول رسوله صلى الله عليه وسلم، وهذه العلة كافية لكل مؤمن، ولهذا لما سئلت عائشة –رضي الله عنها- ما بال الحائض تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة؟ قال: ((كان يصيبنا ذلك فنؤمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة))129 لأن النص من كتاب الله أو سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم علة موجبة لكل مؤمن، ولكن لا بأس أن يتطلب الإنسان العلة وأن يلتمس الحكمة في أحكام الله تعالى، لأن ذلك يزيده طمأنينة، ولأنه يتبين به سمو الشريعة الإسلامية حيث تقرن الأحكام بعللها، ولأنه يتمكن به من القياس إذا كانت علة هذا الحكم المنصوص عليه ثابتة في أمر آخر لم ينص عليه، فالعلم بالحكمة الشرعية له هذه الفوائد الثلاث .
ونقول –بعد ذلك- في الجواب على السؤال: إنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم تحريم لباس الذهب على الذكور دون الإناث ووجه ذلك أن الذهب من أغلى ما يتجمل به الإنسان ويتزين به فهو زينة وحلية، والرجل ليس مقصوداً لهذا الأمر، أي ليس إنساناً يتكمل بغيره أو يكمل بغيره، بل الرجل كامل بنفسه لما فيه من الرجولة، ولأنه ليس بحاجة إلى أن يتزين لشخص آخر تتعلق به رغبته، بخلاف المرأة، فإن المرأة ناقصة تحتاج إلى تكميل بجمالها، ولأنها محتاجة إلى التجمل بأغلى أنواع الحلي، حتى يكون ذلك مدعاة للعشرة بينها وبين زوجها، فلهذا أبيح للمرأة أن تتحلى بالذهب دون الرجل، قال الله تعالى في وصف المرأة: (أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ) (الزخرف:18) وبهذا يتبين حكم الشرع في تحريم لباس الذهب على الرجال .
وبهذه المناسبة أوجه نصيحة إلى هؤلاء الذين ابتلوا من الرجال بالتحلي بالذهب، فإنهم بذلك قد عصوا الله ورسوله وألحقوا أنفسهم بمصاف الإناث، وصاروا يضعون في أيديهم جمرة من النار يتحلون بها، كما ثبت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم فعليهم ،أن يتوبوا إلى الله سبحانه وتعالى، وإذا شاءوا أن يتحلوا بالفضة في الحدود الشرعية فلا حرج في ذلك ، وكذلك بغير الذهب من المعادن لا حرج عليهم أن يلبسوا خواتم منه إذا لم يصل ذلك إلى حد السرف .

***
س125: ما حكم تركيب الأسنان الذهبية؟
الجواب: الأسنان الذهبية لا يجوز تركيبها للرجال إلا لضرورة، لأن الرجل يحرم عليه لبس الذهب والتحلي به، وأما للمرأة فإذا جرت عادة النساء بأن تتحلى بأسنان الذهب فلا حرج عليها في ذلك فلها أن تكسو أسنانها ذهباً إذا كان هذا مما جرت العادة بالتجمل به، ولم يكن إسرافاً، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((أحل الذهب والحرير لإناث أمتي))130 وإذا ماتت المرأة في هذه الحالة أو مات الرجل وعليه سن ذهب قد لبسه للضرورة فإنه يخلع إلا إذا خشي المثلة، يعني خشي أن تتمزق اللثة فإنه يبقى، وذلك أن الذهب يعتبر من المال، والمال يرثه الورثة من بعد الميت فإبقائه في الميت ودفنه إضاعة للمال .

***
س126: ما حكم قضاء الحاجة (البول) في أماكن الوضوء مما يؤدي إلى كشف عورته؟
الجواب: لا يجوز للإنسان أن يكشف عورته بحيث يراها من لا يحل له النظر إليها، فإذا كشف الإنسان عورته للحمامات المعدة للوضوء، والتي يشاهدها الناس، فإنه يكون بذلك آثماً، وقد ذكر الفقهاء –رحمهم الله- أنه في هذه الحال يجب على المرء أن يستجمر بدل الاستنجاء . بمعنى أن يقضي حاجته بعيداً عن الناس، وأن يستجمر بالأحجار، أو بالمناديل، ونحوها مما يباح الاستجمار به، حتى ينقي محل الخارج بثلاثة مسحات فأكثر . قالوا: إنما يجب ذلك لأنه لو كشف عورته للاستنجاء، لظهرت للناس، وهذا أمر محرم، وما لا يمكن تلافي المحرم إلا به، فإنه يكون واجباً .
وعلى هذا فنقول في الجواب: لا يجوز للمرء أن يتكشف أمام الناظرين للاستنجاء، بل يحاول أن يكون في مكان لا يراه أحد .

***
س127: ما حكم البول قائماً؟
الجواب: البول قائماً يجوز بشرطين:
أحداهما: أن يأمن من التلوث بالبول .
الثاني: أن يأمن من أن ينظر أحد إلى عورته .

***
س128: ما حكم الدخول بالمصحف إلى الحمام؟
الجواب: المصحف، أهل العلم يقولون: لا يجوز للإنسان أن يدخل به إلى الحمام، لأن المصحف كما هو معلوم له من الكرامة والتعظيم ما لا يليق أن يدخل به إلى هذا المكان، والله الموفق .

***
س129: ما حكم الدخول إلى الحمام بأوراق فيها اسم الله؟
الجواب: يجوز الدخول إلى حمام بأوراق فيها اسم الله ما دامت في الجيب ليست ظاهرة، بل هي خفيةً ومستورة .ولا تخلو الأسماء غالباً من ذكر اسم الله –عز وجل- كعبد الله وعبد العزيز وما أشبهها .

***
س130: إذا كان الإنسان في الحمام فكيف يسمي؟
الجواب: إذا كان الإنسان في الحمام فيسمي بقلبه لا بلسانه، لأن وجوب التسمية في الوضوء والغسل ليس بالقوي، حيث قال الإمام أحمد –رحمه الله-: ((لا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم في التسمية في الوضوء شيء)) .ولذلك ذهب الموفق صاحب المغني إلى غيره إلى أن التسمية في الوضوء سنة لا واجبة .

***
س131: ما حكم استقبال القبلة، أو استدبارها حال قضاء الحاجة؟
الجواب: اختلف أهل العلم في هذه المسألة على أقوال:
فذهب بعض أهل العلم إلى أنه يحرم استقبال القبلة واستدبارها في غير البنيان، واستدلوا لذلك بحديث أبى أيوب –رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ((لا تستقبلوا القبلة بغائط ولا بول ولا تستدبروها، ولكن شرقوا أو غربوا))131 . قال أبو أيوب: فقدمنا الشام فوجدنا مراحيض قد بنيت قبل الكعبة، فننحرف عنها ونستغفر الله، وحملوا ذلك على غير البنيان أما في البنيان: فيجوز الاستقبال والاستدبار، لحديث ابن عمر –رضي الله عنهما- قال: ((رقيت يوماً على بيت حفصة، فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم يقضي حاجته مستقبل الشام مستدبر الكعبة))132 .
وقال بعض العلماء: إنه لا يجوز استقبال القبلة ولا استدبارها بكل حال، سواء في البنيان أو غيره، واستدلوا بحديث أبي أيوب المتقدم، وأجابوا عن حديث ابن عمر –رضي الله عنهما- بأجوبة منها:
أولاً: أن حديث ابن عمر يحمل على ما قبل النهي .
ثانياً: أن النهي يرجح، لأن النهي ناقل عن الأصل، وهو الجواز، والناقل عن الأصل أولى .
ثالثاً: إن حديث أبي أيوب قولٌ، وحديث ابن عمر فعلٌ، والفعل لا يمكن أن يعارض القول، لأن الفعل يحتمل الخصوصية ويحتمل النسيان، ويحتمل عذراً آخر . والقول الراجح عندي في هذه المسألة:
أنه يحرم الاستقبال والاستدبار في الفضاء ويجوز الاستدبار في البنيان دون الاستقبال، لأن النهي عن الاستقبال محفوظ ليس فيه تخصيص، والنهي عن الاستدبار مخصوص بالفعل، وأيضاً الاستدبار أهون من الاستقبال ولهذا –والله أعلم- جاء التخفيف فيه فيما إذا كان الإنسان في البنيان، والأفضل أن لا يستدبرها إن أمكن .

***
س132: إذا خرج من الإنسان ريح، فهل يجب عليه الاستنجاء؟
الجواب: خروج الريح من الدبر ناقض للوضوء لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا ينصرف حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً))133 لكنه لا يوجب الاستنجاء، أي لا يوجب غسل الفرج لأنه لم يخرج شيء يستلزم الغسل، وعلى هذا فإذا خرجت الريح انتقض الوضوء، وكفى الإنسان أن يتوضأ، أي أن يغسل وجهه مع المضمضة والاستنشاق، ويديه إلى المرفقين، ويمسح رأسه، ويمسح أذنيه، ويغسل قدميه إلى الكعبين .
وهنا أنبه على مسألة تخفى على كثير من الناس وهي: أن بعض الناس يبول أو يتغوط قبل حضور وقت الصلاة، ثم يستنجي، فإذا جاء وقت الصلاة، وأراد الوضوء، فإن بعض الناس يظن أنه لا بد من إعادة الاستنجاء وغسل الفرج مرة ثانية, وهذا ليس بصواب, فإن الإنسان إذا غسل فرجه بعد خروج ما يخرج منه، فقد طهر المحل، وإذا طهر فلا حاجة إلى إعادة غسله، لأن المقصود من الاستنجاء أو الاستجمار الشرعي بشروطه المعروفة، المقصود به تطهير المحل، فإذا طهر فلن يعود إلى النجاسة إلا إذا تجدد الخارج مرة ثانية .

***
س133: متى يتأكد استعمال السواك؟ وما حكم السواك لمنتظر الصلاة حال الخطبة؟
الجواب: يتأكد السواك عند القيام من النوم، وأول ما يدخل البيت، وعند الوضوء في المضمضة، وإذا قام للصلاة .
ولا بأس به لمنتظر الصلاة، لكن في حال الخطبة لا يتسوك، لأنه يشغله، إلا أن يكون معه نعاس فيتسوك لطرد النعاس .

***
س134: هل التسمية في الوضوء واجبة؟
الجواب: التسمية في الوضوء ليست بواجبة ولكنها سنة، وذلك لأن في ثبوت حديثها نظراً . فقد قال الإمام أحمد –رحمه الله-: ((إنه لا يثبت في هذا الباب شيء)) والإمام أحمد –كما هو معلوم لدى الجميع- من أئمة هذا الشأن ومن حفاظ هذا الشأن، فإذا قال إنه لم يثبت في هذا الباب شيء، فإن حديثها يبقى في النفس منه شيء، وإذا كان في ثبوته نظر، فإن الإنسان لا يسوغ لنفسه أن يلزم عباد الله بما لم يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولذلك أرى أن التسمية في الوضوء سنة، لكن من ثبت عنده الحديث وجب عليه القول بموجبه، وهو أن التسمية واجبة، لأن قوله: (( لا وضوء)) الصحيح أنه نفيٌ للصحة وليس نفياً للكمال .

***
س135: ما حكم الختان في حق الرجال والنساء؟
الجواب: حكم الختان محل خلاف، وأقرب الأقوال أن الختان واجب في حق الرجال، سنة في حق النساء، ووجه التفريق بينهما أن الختان في حق الرجال فيه مصلحة تعود إلى شرط من شروط الصلاة وهو الطهارة، لأنه إذا بقيت القلفة، فإن البول إذا خرج من ثقب الحشفة بقي وتجمع في القلفة، وصار سبباً إما لاحتراق أو التهاب، أو لكونه كلما تحرك خرج منه شيء فيتنجس بذلك .
وأما المرأة فإنه غاية ما فيه من الفائدة أنه يقلل من غلمتها –أي شهوتها- وهذا طلب كمال، وليس من باب إزالة الأذى .
واشترط العلماء لوجوب الختان، ألا يخاف على نفسه فإن خاف على نفسه من الهلاك أو المرض، فإنه لا يجب، لأن الواجبات لا تجب مع العجز، أو مع خوف التلف، أو الضرر .
ودليل وجوب الختان في حق الرجال:
أولاً: أنه وردت أحاديث متعددة بأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر من أسلم أن يختتن134، والأصل في الأمر الوجوب .
ثانياً: أن الختان ميزة بين المسلمين والنصارى، حتى كان المسلمون يعرفون قتلاهم في المعارك بالختان، فقالوا: الختان ميزة، وإذا كان ميزة فهو واجب لوجوب التمييز بين الكافر والمسلم، ولهذا حرم التشبه بالكفار لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((من تشبه بقوم فهو منهم))135 .
ثالثاً: أن الختان قطع شيء من البدن، وقطع شيء من البدن حرام، والحرام لا يستباح إلا لشيء واجب . فعلى هذا يكون الختان واجباً .
رابعاً: أن الختان يقوم به ولي اليتيم وهو اعتداء عليه واعتداء على ماله، لأنه سيعطي الخاتن أجره، فلولا أنه واجب لم يجز الاعتداء على ماله وبدنه . وهذه الأدلة الأثرية والنظرية تدل على وجوب الختان في حق الرجال .
أما المرأة ففي وجوبه عليها نظر، فأظهر الأقوال: أنه واجب على الرجال دون النساء، وهناك حديث ضعيف وهو: ((الختان سنة في حق الرجال، ومكرمة في حق النساء))136 . فلو صح هذا الحديث لكان فاصلاً .

***
س136: إذا كان للإنسان أسنان صناعية فهل يجب عليه نزعها عند المضمضة؟
الجواب: إذا كان على الإنسان أسنان مركبة، فالظاهر أنه لا يجب عليه أن يزيلها، وتشبه هذه بالخاتم، والخاتم لا يجب نزعه عند الوضوء، بل الأفضل أن يحركه، لكن ليس على سبيل الوجوب، لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يلبسه، ولم ينقل أنه كان ينزعه عند الوضوء، وهو أظهر من كونه مانعاً من وصول الماء من هذه الأسنان، لا سيما أن بعض الناس تكون هذه التركيبة شاقاً عليه نزعها ثم ردها .

***
س137: هل يلزم المتوضئ أن يأخذ ماءً جديداً لأذنيه؟
الجواب: لا يلزم أحذ ماجد جديد للأذنين، بل ولا يستحب على القول الصحيح،لأن جميع الواصفين لوضوء النبي صلى الله عليه وسلم، لم يذكروا أنه كان يأخذ ماءً جديداً لأذنيه، فالأفضل أن يمسح أذنيه ببقية البلل الذي بقي بعد مسح رأسه .

***
س138: ما معنى الترتيب في الوضوء؟ وما المراد بالموالاة في الوضوء؟ وما حكمها؟
الجواب: الترتيب في الوضوء معناه أن تبدأ بما بدأ الله به، وقد بدأ الله بذكر غسل الوجه، ثم غسل اليدين، ثم مسح الرأس، ثم غسل الرجلين، ولم يذكر الله تعالى غسل الكفين قبل غسل الوجه، لأن غسل الكفين قبل غسل الوجه ليس واجباً بل هو سنة، هذا هو الترتيب أن تبدأ بأعضاء الوضوء مرتبة كما رتبها الله –عز وجل- لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما حج وخرج إلى المسعى بدأ بالصفا، فلما أقبل عليه قرأ: (إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ )(البقرة: من الآية158) أبدأ بما بدأ الله به137، فتبين أنه إنما أتى إلى الصفا قبل المروة ابتداء بما بدأ الله به .
وأما الموالاة، فمعناها: أن لا يفرق بين أعضاء الوضوء بزمن يفصل بعضها عن بعض، مثال ذلك لو غسل وجهه، ثم أراد أن يغسل يديه ولكن تأخر، فإن الموالاة قد فاتت، وحينئذ يجب عليه أن يعيد الوضوء من أوله، لأن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلاً قد توضأ، وفي قدمه مثل الظفر لم يصبه الماء، فقال: ((ارجع فأحسن وضوءك))138 . وفي رواية أبي داود ((أمره أن يعيد الوضوء)) . وهذا يدل على اشتراط الموالاة، ولأن الوضوء عبادة واحدة، والعبادة الواحدة لا ينبني بعضها على بعض مع تفرق أجزائها .
فالصحيح: أن الترتيب والموالاة فرضان من فروض الوضوء .

***
س139: إذا توضأ الإنسان ونسي عضواً من الأعضاء فما الحكم؟
الجواب: إذا توضأ الإنسان ونسي عضواً من الأعضاء، فإن ذكر ذلك قريباً، فإنه يغسله وما بعده، مثال ذلك: شخص توضأ ونسي أن يغسل يده اليسرى فغسل يده اليمنى، ثم مسح رأسه وأذنيه، ثم غسل رجليه، ولما انتهى من غسل الرجلين، ذكر أنه لم يغسل اليد اليسرى، فنقول له: اغسل اليد اليسرى، وامسح الرأس والأذنين، واغسل الرجلين، وإنما أوجبنا عليه إعادة مسح الرأس والأذنين، وغسل الرجلين، لأجل الترتيب، فإن الوضوء يجب أن يكون مرتباً كما رتبه الله عز وجل فقال: ( فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْن)(المائدة: من الآية6) .
أما إن كان لم يذكر إلا بعد مدة طويلة، فإنه يعيد الوضوء من أصله، مثل أن يتوضأ شخص وينسى غسل يده اليسرى ثم ينتهي من وضوئه ويذهب حتى يمضي مدة طويلة، ثم ذكر أنه لم يغسل اليد اليسرى، فإنه يجب عليه أن يعيد الوضوء من أوله لفوات الموالاة، لأن الموالاة بين أعضاء الوضوء، شرط لصحته، ولكن ليعلم أنه لو كان شكاً، يعني بعد أن انتهى من الوضوء شك هل غسل يده اليسرى أو اليمنى، أو هل تمضمض أو استنشق، فإنه لا يلتفت إلى هذا الشك بل يستمر ويصلي ولا حرج عليه، وذلك لأن الشك في العبادات بعد الفراغ منها لا يعتبر، لأننا لو قلنا باعتباره لانفتح على الناس باب الوساوس، وصار كل إنسان يشك في عبادته، فمن رحمة الله –عز وجل- أن ما كان ما الشك بعد الفراغ من العبادة فإنه لا يلتفت إليه ولا يهتم به الإنسان إلا إذا تيقن الخلل فإنه يجب عليه تداركه . والله أعلم .

***
س140: إذا انقطع الماء أثناء الوضوء، ثم عاد وقد جفت الأعضاء فهل يبني الإنسان على ما تقدم أم يعيد الوضوء؟
الجواب: هذا ينبني على معنى الموالاة وعلى كونها شرطاً لصحة الوضوء، وللعلماء في أصل المسألة قولان:
أحدهما: أن الموالاة شرط وأنه لا يصح الوضوء إلا متوالياً فلو فصل بعضه عن بعض لم يصح، وهذا هو القول الراجح، لأن الوضوء عبادة واحدة يجب أن يكون بعضها متصلاً ببعض، وإذا قلنا بوجوب الموالاة وأنها شرط لصحة الوضوء فبماذا تكون الموالاة؟ قال بعض العلماء: الموالاة أن لا يؤخر غسل عضو حتى يجف الذي قبله بزمن معتدل، إلا إذا أخرها لأمر يتعلق بالطهارة كما لو كان في أحد أعضائه بوية وحاول أن يزيلها وتأخر في إزالة هذه البوية حتى جفت أعضاؤه، فإنه يبني على ما مضى ويستمر ولو تأخر طويلاً، لأنه تأخر بعمل يتعلق بطهارته، أما إذا تأخر لتحصيل ماء كماك في هذا السؤال فإن بعض أهل العلم يقول: إن الموالاة تفوت وعلى هذا فيجب عليه إعادة الوضوء من جديد، وبعضهم يقول: لا تفوت الموالاة لأنه أمر بغير اختياره وهو لا زال منتظراً لتكميل الوضوء، وعلى هذا إذا عاد الماء فإنه يبني على ما مضى ولو جفت أعضاؤه، على أن بعض العلماء الذين يقولون بوجوب الموالاة واشتراطها يقولون: إن الموالاة لا تتقيد بجفاف العضو وإنما تتقيد بالعرف، فما جرى العرف بأنه فصل، فهو فاصل يقطع الموالاة، وما جرى العرف بأنه ليس بفاصل، فليس بفاصل، مثل الذين ينتظرون وجود الماء إذا انقطع، هم الآن يشتغلون بجلب الماء، عند الناس لا يعد هذا تقاطعاً بين أول الوضوء وآخره، فيبنى على ما مضى ، وهذا هو الأفضل ، فإنه إذا جاء الماء يبنون على ما مضى اللهم إلا إذا طال الوقت مدة طويلة يخرجها عن العرف يبدؤون من جديد والأمر في هذا سهل .

***
س141: ما حكم وضوء من كان على أظافرها ما يسمى بـ ((المناكير))؟
الجواب: ما يسمى ((المناكير)) وهو شيء يوضع في الأظفار تستعمله المرأة وله قشرة، لا يجوز استعماله للمرأة إذا كانت تصلي لأنه يمنع وصول الماء في الطهارة، وكل شيء يمنع وصول الماء فإنه لا يجوز استعماله للمتوضئ ، أو المغتسل، لأن الله يقول: ( فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُم).(المائدة: من الآية6) وهذه المرأة إذا كان على أظافرها مناكير فإنها تمنع وصول الماء فلا يصدق عليها أنها غسلت يدها فتكون قد تركت فريضة من فرائض الوضوء أو الغسل .
وأما من كانت لا تصلي كالحائض فلا حرج عليها إذا استعملته إلا أن يكون هذا الفعل من خصائص نساء الكفار فإنه لا يجوز لما فيه من التشبه بهن .
ولقد سمعت أن بعض الناس أفتى بأن هذا من جنس لبس الخفين، وأنه يجوز أن تستعمله المرأة لمدة يوم وليلة، إن كانت مقيمة ومدة ثلاثة أيام إن كانت مسافرة، ولكن هذه فتوى غلط، وليس كل ما ستر الناس به أبدانهم يلحق بالخفين، فإن الخفين جاءت الشريعة بالمسح عليهما للحاجة إلى ذلك غالباً، فإن القدم محتاجة إلى التدفئة ومحتاجة إلى الستر، لأنها تباشر الأرض، والحصى، والبرودة، وغير ذلك، فخصص الشارع المسح عليهما، وقد يقيسون أيضاً على العمامة، وليس بصحيح لأن العمامة محلها الرأس، والرأس فرضه مخفف من أصله، فإن فريضة الرأس هي المسح بخلاف اليد، فإن فرضيتها الغسل، ولهذا لم يبح النبي صلى الله عليه وسلم للمرأة أن تمسح القفازين مع أنهما يستران اليد، فدل هذا على أنه لا يجوز للإنسان أن يقيس أي حائل يمنع وصول الماء على العمامة وعلى الخفين، والواجب على المسلم أن يبذل غاية جهده في معرفة الحق، وأن لا يقدم على فتوى إلا وهو يشعر أن الله تعالى سائلة عنها، لأنه يعبر عن شريعة الله –عز وجل- والله الموفق والهادي إلى الصراط المستقيم .

***
س142: ما صفة الوضوء الشرعي؟
الجواب: صفة الوضوء الشرعي على وجهين:
صفة واجبة لا يصح الوضوء إلى بها، وهي المذكورة في قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ )(المائدة: من الآية6) وهي غسل الوجه مرة واحدة ومنه المضمضة والاستنشاق، وغسل اليدين إلى المرافق من أطراف الأصابع إلى الموافق مرة واحده، ويجب أن يلاحظ المتوضئ كفيه عند غسل ذراعيه فيغسلهما مع الذراعين، فإن بعض الناس يغفل عن ذلك ولا يغسل إلا ذراعيه وهو خطأ، ثم يمسح الرأس مرة واحدة ومنه –أي من الرأس- الأذنان، وغسل الرجلين إلى الكعبين مرة واحدة هذه هي الصفة الواجبة التي لا بد منها .
أما الوجه الثاني من صفة الوضوء،فهي الصفة المستحبة ونسوقها الآن بعون الله وهي: أن يسمي الإنسان عند وضوئه، ويغسل كفيه ثلاث مرات، ثم يتمضمض ويستنشق ثلاث مرات بثلاث غرفات، ثم يغسل وجهه ثلاثاً، ثم يغسل يديه إلى المرفقين ثلاثاً ثلاثاً، يبدأ باليمنى ثم اليسرى، ثم يمسح رأسه مرة واحدة، يبل يديه ثم يمرهما من مقدم رأسه إلى مؤخره ثم يعود إلى مقدمه، ثم يمسح أذنيه فيدخل سباحتيه في صماخيهما، ويمسح بإبهاميه ظاهرهما، ثم يغسل رجليه إلى الكعبين ثلاثاً ثلاثاً، يبدأ باليمنى، ثم باليسرى، ثم يقول بعد ذلك: أشهد أن لا إله إلا الله واحده لا شريط له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين، فإنه إذا فعل ذلك، فتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء، هكذا صح الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، قاله عمر –رضي الله عنه-139 .

***
رسالة في كيفية طهارة المريض
قال فضيلة الشيخ –حفظه الله تعالى-:
الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان وسلم تسليماً كثيراً .
أما بعد:
فهذه رسالة مختصر فيما يجب على المرضى في طهارتهم وصلاتهم، فإن للمريض أحكاماً تخصه في ذلك لما هو عليه من الحال التي اقتضت الشريعة الإسلامية مراعاتها فإن الله تعالى بعث نبيه محمداً، صلى الله عليه وسلم، بالحنيفية السمحة المبنية على اليسر والسهولة، قال الله تعالى: ( وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ)(الحج: من الآية78) وقال تعالى: ( يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ)(البقرة: من الآية185) وقال تعالى: (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا )(التغابن: من الآية16) وقال النبي صلى الله عليه وسلم ((إن الدين يسر))140 وقال صلى الله عليه وسلم: "إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم"141 . وبناء على هذه القاعدة الأساسية خفف الله تعالى عن أهل الأعذار عباداتهم بحسب أعذارهم، ليتمكنوا من عبادة الله تعالى بدون حرج ولا مشقة، والحمد لله رب العالمين .

((كيف يتطهر المريض))؟
1- يجب على المريض أن يتطهر بالماء فيتوضأ من الحدث الأصغر، ويغتسل من الحدث الأكبر .
2- فإن كان لا يستطيع الطهارة بالماء لعجزه، أو خوف زيادة المرض، أو تأخر برئه فإنه يتيمم .
3- كيفية التيمم: أن يضرب الأرض الطاهرة بيديه ضرة واحدة يمسح بهما جميع وجهه، ثم يمسح كفيه بعضهما ببعض .
4- فإن لم يستطع أن يتطهر بنفسه فإنه يوضئه، أو ييممه شخص آخر ،فيضرب الشخص الأرض الطاهرة بيديه، ويمسح بها وجه المريض وكفيه، كما لو كان لا يستطيع أن يتوضأ بنفسه فيوضئه شخص آخر .
5- إذا كان في بعض أعضاء الطهارة جرح فإنه يغسله بالماء، فإن كان الغسل بالماء يؤثر عليه مسحه مسحاً، فيبل يده بالماء ويمرها عليه، فإن كان المسح يؤثر عليه أيضاً فإنه يتيمم عنه .
6- إذا كان في بعض أعضائه كسر مشدود عليه خرقة، أو جبس فإنه يمسح عليه بالماء بدلاً من غسله، ولا يحتاج للتيمم، لأن المسح بدل عن الغسل .
7- يجوز أن يتيمم على الجدار، أو على شيء آخر طاهر له غبار، فإن كان الجدار ممسوحاً بشيء من غير جنس الأرض كالبوية فلا يتيمم عليه إلا أن يكون له غبار .
8- إذا لم يمكن التيمم على الأرض، أو الجدار، أو شيء آخر له غبار فلا بأس أن يوضع تراب في إناء أو منديل يتيمم منه .
9- إذا تيمم لصلاة وبقي على طهارته إلى وقت الأخرى فإنه يصليها بالتيمم الأول، ولا يعيد التيمم للصلاة الثانية، لأنه لم يزل على طهارته، ولم يوجد ما يبطلها .
10- يجب على المريض أن يطهر بدنه من النجاسات، فإن كان لا يستطيع صلى على حاله، وصلاته صحيحة، ولا إعادة عليه .
11- يجب على المريض أن يصلي بثياب طاهرة، فإن تنجست ثيابه وجب غسلها أو إبدالها بثياب طاهرة، فإن لم يمكن صلى على حاله وصلاته صحيحة، ولا إعادة عليه .
12- يجب على المريض أن يصلي على شيء طاهر، فإن تنجس مكانه وجب غسله أو إبداله بشيء طاهر، أو يفرش عليه شيئاً طاهراً، فإن لم يمكن صلى على حاله وصلاته صحيحة، ولا إعادة عليه .
13- لا يجوز للمريض أن يؤخر الصلاة عن وقتها من أجل العجز عن الطهارة، بل يتطهر بقدر ما يمكنه، ثم يصلي الصلاة في وقتها ولو كان على بدنه وثوبه أو مكانه نجاسة يعجز عنها .

س143: ما حكم خلع الجوربين عند كل وضوء احتياطاً للطهارة؟
الجواب: هذا خلاف السنة، وفيه تشبه بالروافض الذين لا يجيزون المسح على الخفين، والنبي صلى الله عليه وسلم قال للمغيرة حينما أراد نزع خفيه قال: ((دعهما فإني أدخلتهما طاهرتين))142 . ومسح عليهما .

***
س144: تقدير الوقت في المسح على الخفين، متى يبتدئ؟
الجواب: هذه المسألة من أهم المسائل التي يحتاج الناس إلى بيانها، ولهذا سوف نجعل الجواب أوسع من السؤال، إن شاء الله .
فنقول: إن المسح على الخفين ثابت بدلالة الكتاب والسنة، أما الكتاب فهو من قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ)(المائدة: من الآية6) بكسر اللام –أرجلِكم- فتكون أرجلكم معطوفة على قوله (برؤوسكم) فتدخل في ضمن الممسوح، والقراءة التي يقرؤها الناس في المصاحف (وأرجلَكم) بفتح اللام، فهي معطوفة على قوله: (وجوهكم) . فتكون من ضمن المغسول، وحينئذٍ فالأرجل بناء على القراءتين إما أن تغسل، وإما أن تمسح، وقد بينت السنة متى يكون الغسل، ومتى يكون المسح، فيكون الغسل حين تكون القدم مكشوفة، ويكون المسح حين تكون مستورة بالخف ونحوه .
أما السنة، فقد تواتر عن النبي صلى الله عليه وسلم المسح على الخفين، وعده أهل العلم من المتواتر، كما قال من نظم ذلك:
مما تواتر حديث من كذب ومن بني الله بيتاً واحتسب
ورؤية شفاعة والحوض ومسح خفين وهذه بعض
فمسح الخفين مما تواترت به الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، والمسح على الخفين إذا كان الإنسان قد لبسهما على طهارة أفضل من خلعهما وغسل الرجل، ولهذا لما أراد المغيرة بن شعبة –رضي الله عنه- أن ينزع خفي رسول الله صلى الله عليه وسلم، عند وضوئه قال له: ((دعهما فإني أدخلتهما طاهرتين))، ثم مسح عليهما . متفق عليه .
وللمسح على الخفين شروط:
الشرط الأول: أن يلبسهما على طهارة كاملة من الحدث الأصغر والحدث الأكبر، فإن لبسهما على غير طهارة، فإنه لا يصح المسح عليهما .
الشرط الثاني: أن يكون المسح في مدة المسح، كما سيأتي بيان المدة إن شاء الله تعالى .
الشرط الثالث: أن يكون المسح في الطهارة الصغرى، أي في الوضوء، أما إذا صار على الإنسان غسل، فإنه يجب عليه أن يخلع الخفين ليغسل جميع بدنه، ولهذا لا مسح على الخفين في الجنابة، كما في حديث صفوان بن عسال –رضي الله عنه- قال: ((كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، يأمرنا إذا كنا سفراً أن لا ننزع خفافنا ثلاثة أيام ولياليهن إلا من جنابة)) . أخرجه النسائي والترمذي وابن خزيمة143 . هذه الشروط الثلاثة من شروط جواز المسح على الخفين .
أما المدة: فإنها يوم وليلة للمقيم، وثلاثة أيام بلياليها للمسافر، ولا عبرة بعدد الصلوات بل العبرة بالزمن، فالرسول –عليه الصلاة والسلام- وقتها يوماً وليلة للمقيم، وثلاثة أيام بلياليها للمسافر، واليوم والليلة أربع وعشرون ساعة، وثلاثة الأيام بلياليها اثنتان وسبعون ساعة .
لكن متى تبتدئ هذه المدة؟ تبتدئ هذه المدة من أول مرة مسح، وليس من لبس الخف ولا من الحدث بعد اللبس، لأن الشرع جاء بلفظ المسح، والمسح لا يتحقق إلا بوجوده فعلاً، ((يمسح المقيم يوماً وليلة، ويمسح المسافر ثلاثة أيام)) فلا بد من تحقق المسح، وهذا لا يكون إلا بابتداء المسح في أول مرة، فإذا تمت أربع وعشرون ساعة من ابتداء المسح، انتهى وقت المسح بالنسبة للمقيم، وإذا تمت اثنتان وسبعون ساعة انتهى المسح بالنسبة للمسافر، ونضرب لذلك مثلاً يتبين به الأمر:
رجل تطهر لصلاة الفجر، ثم لبس الخفين ثم بقي على طهارته حتى صلى الظهر وهو على طهارته، وصلى العصر وهو على طهارته، وبعد صلاة العصر في الساعة الخامسة تطهر لصلاة المغرب ثم مسح، فهذا الرجل له أن يمسح إلى الساعة الخامسة من اليوم الثاني، فإذا قدر أنه مسح في اليوم الثاني في الساعة الخامسة إلا ربعاً، وبقي على طهارته حتى صلى المغرب وصلى العشاء، فإنه حينئذ يكون صلى في هذه المدة صلاة الظهر أول يوم، والعصر والمغرب والعشاء، والفجر في اليوم الثاني، والظهر والعصر والمغرب والعشاء، فهذه تسع صلوات صلاها، وبهذا علمنا أنه لا عبرة بعدد الصلوات كما هو مفهوم عند كثير من العامة، حيث يقولون: إن المسح خمسة فروض هذا لا أصل له، وإنما الشرع وقته بيوم وليلة تبتدئ هذه من أول مرة مسح . وفي هذا المثال الذي ذكرنا عرفت كم صلى من صلاة، وبهذا المثال الذي ذكرنا تبين أنه إذا تمت مدة المسح، فإنه لا يمسح بعد هذه المدة ولو مسح بعد تمام المدة، فمسحه باطل، لا يرتفع به الحدث . لكن لو مسح قبل أن تتم المدة ثم استمر على طهارته بعد تمام المدة، فإن وضوءه لا ينتقض، بل يبقى على طهارته حتى يوجد ناقض من نواقض الوضوء، وذلك لأن القول بأن الوضوء ينتقض بتمام المدة، قول لا دليل له، فإن تمام المدة معناه أنه لا مسح بعد تمامها، وليس معناه أنه لا طهارة بعد تمامها، فإذا كان المؤقت هو المسح دون الطهارة، فإنه لا دليل على انتقاضها بتمام المدة، وحينئذ نقول في تقرير دليل ما ذهبنا إليه: هذا الرجل توضأ وضوءاً صحيحاً بمقتضى دليل شرعي صحيح، وإذا كان كذلك فإنه لا يمكن أن نقول بانتقاض هذا الوضوء إلا بدليل شرعي صحيح، ولا دليل على أنه ينتقض بتمام المدة، وحينئذ تبقى طهارته حتى يوجد ناقض من نواقض الوضوء التي ثبتت بالكتاب أو السنة، أو الإجماع .
أما المسافر فله ثلاثة أيام بلياليها، أي اثنتان وسبعون ساعة، تبتدئ من أول مرة مسح، ولهذا ذكر فقهاء الحنابلة –رحمهم الله- أن الرجل لو لبس خفيه وهو مقيم في بلده، ثم أحدث في نفس البلد ثم سافر ولم يمسح إلا بعد أن سافر، قالوا فإنه يتم مسح مسافر في هذه الحالة، وهذا مما يدل على ضعف القول بأن ابتداء المدة من أول حدث بعد اللبس .
والذي يبطل المسح على الخف: انتهاء المدة، وخلع الخف، فإذا خلع الخف بطل المسح لكن الطهارة باقية . ودليل كون خلع الخف يبطل المسح، حديث صفوان بن عسال قال: ((أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا ننزع خفافنا))144 فدل هذا على أن النزع يبطل المسح فإذا نزع الإنسان خفه بعد مسحه بطل المسح عليه، بمعنى أنه لا يعيد لبسه فيمسح عليه إلا بعد أن يتوضأ وضوءاً كاملاً يغسل فيه الرجلين .
وأما طهارته إذا خلعه، فإنها باقية، فالطهارة لا تنتقض بخلع الممسوح، وذلك لأن الماسح إذا مسح تمت طهارته بمقتضى الدليل الشرعي، فلا تنتقض هذه الطهارة إلا بمقتضى دليل شرعي وليس هناك دليل شرعي على أنه إذا خلع الممسوح بطل الوضوء ، وإنما الدليل على أنه إذا خلع الممسوح بطل المسح، أي لا يعاد المسح مرة أخرى إلا بعد غسل الرجل في وضوء كامل، وعليه فنقول: إن الأصل بقاء هذه الطهارة الثابتة بمقتضى الدليل الشرعي حتى يوجد الدليل، وإذا لم يكن دليل فإن الوضوء يبقى غير منتقض، وهذا هو القول الراجح عندنا . والله الموفق .

***
س145: ما حكم المسح على الجورب المخرف والخفيف؟
الجواب: القول الراجح أنه يجوز المسح على الجورب المخرق والجورب الخفيف الذي ترى من ورائه البشرة، لأنه ليس المقصود من جواز المسح على الجورب ونحوه أن يكون ساتراً، فإن الرجل ليست عورة يجب سترها، وإنما المقصود الرخصة على المكلف والتسهيل عليه، بحيث لا نلزمه بخلع هذا الجورب أو الخف عند الوضوء، بل نقول: يكفيك أن تمسح عليه، هذه هي العلة التي من أجلها شرع المسح على الخفين، وهذه العلة –كما ترى- يستوي فيها الخف أو الجورب المخرق والسليم والخفيف والثقيل .

***
فاستقم كما امرت
فاستقم كما امرت
الدعم الفني والتقني
الدعم الفني والتقني
عدد المساهمات : 616
تاريخ التسجيل : 23/12/2012

فتاوى فى اصل الطهاره لابن العيثيمين  Empty رد: فتاوى فى اصل الطهاره لابن العيثيمين

22nd يونيو 2013, 3:12 pm
س146: ما حكم المسح على الجبيرة؟
الجواب: لا بد أولاً أن عرف ما هي الجبيرة؟
الجبيرة في الأصل ما يجبر به الكسر، والمراد بها في عرف الفقهاء "ما يوضع على موضع الطهارة لحاجة"، مثل الجبس الذي يكون على الكسر، أو اللزقة التي تكون على الجرح، أو على ألم في الظهر أو ما أشبه ذلك، فالمسح عليها يجزئ عن الغسل . فإذا قدرنا أن على ذراع المتوضئ لزقة على جرح يحتاج إليها، فإنه يمسح عليها بدلاً عن الغسل وتكون هذه الطهارة كاملة، بمعنى أنه لو فرض أن هذا الرجل نزع هذه الجبيرة أو اللزقة، فإن طهارته تبقى ولا تنتقض لأنها تمت على وجه شرعي . ونزع اللزقة ليس هناك دليل على أنه ينقض الوضوء أو ينقض الطهارة، وليس في المسح على الجبيرة دليل خالٍ من معارضة، فيها أحاديث ضعيفة ذهب إليها بعض أهل العلم، وقال: إن مجموعها يرفعها إلى أن تكون حجة .
ومن أهل العلم من قال: إنه لضعفها لا يعتمد عليها، وهؤلاء اختلفوا، فمنهم من قال: يسقط تطهير محل الجبيرة، لأنه عاجز عنه . ومنهم من قال: بل يتيمم له ولا يمسح عليها .
لكن أقرب الأقوال إلى القواعد –بقطع النظر عن الأحاديث الواردة فيها- أنه يمسح، وهذا المسح يغنيه عن التيمم فلا حاجة إليه، وحينئذ نقول: إنه إذا وجد جرح في أعضاء الطهارة فله مراتب:
المرتبة الأولى: أن يكون مكشوفاً ولا يضره الغسل، ففي هذه المرتبة يجب عليه غسله إذا كان في محل يغسل .
المرتبة الثانية: أن يكون مكشوفاً ويضره الغسل دون المسح، ففي هذه المرتبة يجب عليه المسح دون الغسل .
المرتبة الثالثة: أن يكون مكشوفاً ويضره الغسل والمسح، فهنا يتيمم له .
المرتبة الرابعة: أن يكون مستوراً بلزقة أو شبهها محتاج إليها، وفي هذه المرتبة يمسح على هذا الساتر، ويغنيه عن غسل العضو، ولا يتيمم .

***
س147: هل يجب الجمع بين التيمم والمسح على الجبيرة أو لا؟
الجواب: لا يجب الجمع بين المسح والتيمم، لأن إيجاب طهارتين لعضو واحد مخالف لقواعد الشريعة، لأننا نقول: يجب تطهير هذا العضو إما بكذا وإما بكذا، أما أن نوجب تطهيره بطهارتين، فهذا لا نظير له في الشريعة، ولا يكلف الله عبداً بعبادتين سببهما واحد .

***
س148: ما حكم من توضأ فغسل رجله اليمنى، ثم لبس الخف أو الجورب، ثم غسل اليسرى ولبس الجورب عليها أو الخف؟
الجواب: هذه المسألة محل خلاف بين أهل العلم فمنهم من قال: لا بد أن يكمل الطهارة قبل أن يلبس الخف أو الجورب، ومنهم من قال: إنه يجوز إذا غسل اليمنى أن يلبس الخف أو الجورب ثم يغسل اليسرى ويلبس الخف أو الجورب، فهو لم يدخل اليمنى إلا بعد أن طهرها واليسرى كذلك، فيصدق عليه أنه أدخلهما طاهرتين . لكن هناك حديث أخرجه الدارقطني والحاكم وصححه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا توضأ أحدكم ولبس خفيه)) الحديث . فقوله: ((إذا توضأ)) قد يرجح القول الأول، لأن من لم يغسل اليسرى لا يصدق عليه أنه توضأ، فعليه فالقول به أولى .

***
س149: إذا مسح الإنسان وهو مقيم ثم سافر فهل يتم مسح مسافر؟
الجواب: إذا مسح وهو مقيم ثم سافر فإنه يتم مسح مسافر على القول الراجح، وقد ذكر بعض أهل العلم أنه إذا مسح في الحضر ثم سافر، أتم مسح مقيم، ولكن الراجح ما قلناه، لأن هذا الرجل قد بقي في مدة مسحه شيء قبل أن يسافر وسافر، فيصدق عليه أنه من المسافرين الذين يمسحون ثلاثة أيام، وقد ذكر عن الإمام أحمد 0رحمه الله- أنه رجع إلى هذا القول بعد أن كان يقول بأنه يتم مسح مقيم .

***
س150:إذا شك الإنسان في ابتداء المسح وقته فماذا يفعل؟
الجواب: في هذه الحال يبني على اليقين، فإذا شك هل مسح لصلة الظهر أو لصلاة العصر، فإنه يجعل ابتداء المدة من صلاة العصر، لأن الأصل عدم المسح . ودليل هذه القاعدة هو أن الأصل بقاء ما كان على ما كان، وأن الأصل العدم، وأن الرسول عليه الصلاة والسلام، شكي إليه الرجل يخيل إليه أنه يجد الشيء في صلاته فقال: ((لا ينصرف حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً))145 .

***
س151: إذا مسح الإنسان على الكنادر ثم خلعها ومسح على الشراب فهل يصح مسحه؟
الجواب: المعروف عند أهل العلم إنه إذا مسح أحد الخفين الأعلى أو الأسفل تعلق الحكم به ولا ينتقل إلى ثانٍ، ومنهم من يرى أنه يجوز الانتقال إلى الثاني إذا كان الممسوح هو الأسفل ما دامت المدة باقية . وهذا هو القول الراجح . وعلى هذا فلو توضأ ومسح على الجوارب ثم لبس عليها جوارب أخرى، أو كنادر ومسح العليا، فلا بأس به على القول الراجح ما دامت المدة باقية، لكن تحسب المدة من المسح على الأول لا من المسح على الثاني .

***
س152: إذا نزع الإنسان الشراب وهو على وضوء ثم أعادها قبل أن ينتقض وضوءه فهل يجوز له المسح عليها؟
الجواب: إذا نزع الشراب ثم أعادها وهو على وضوئه فلا يخلو من حالين:
الأولى: أن يكون هذا الوضوء هو الأول، أي إنه لم ينتقض وضوءه بعد لبسه فلا حرج عليه أن يعيدها ويمسح عليها إذا توضأ .
الحال الثانية: إذا كان هذا الوضوء وضوءاً مسح فيه على شرابه، فإنه لا يجوز له إذا خلعها أن يلبسها ويمسح عليها، لأنه لا بد أن يكون لبسهما على طهارة بالماء، وهذه طهارة بالمسح، هذا ما يعلم من كلام أهل العلم . ولكن إن كان أحد قال بأنه إذا أعادها على طهارة ولو طهارة المسح، له أن يمسح ما دامت المدة باقية، فإن هذا قول قوي، ولكنني لم أعلم أن أحداً قال به، فإن كان قال به أحد من أهل العلم فهو الصواب عندي، لأن طهارة المسح طهارة كاملة، فينبغي أن يقال إنه إذا كان يمسح على ما لبسه على طهارة غسل، فليمسح على ما لبسه على طهارة مسح، لكنني ما رأيت أحداً قال بهذا . والعلم عند الله .

***
س153: من مسح على خفيه بعد انتهاء المدة وصلى بهما فما الحكم؟
الجواب: إذا انتهت مدة مسح الخفين ثم صلى الإنسان بعد انتهاء المدة، فإن كان أحدث بعد انتهاء المدة ومسح، وجب عليه إعادة الوضوء كاملاً بغسل رجليه، ووجب عليه إعادة الصلاة، وذلك لأنه لم يغسل رجليه فقد صلى بوضوء غير تام . وأما إذا انتهت مدة المسح وبقي الإنسان على طهارته، وصلى بعد انتهاء المدة، فصلاته صحيحة لأن انتهاء مدة المسح لا ينقض الوضوء، وإن كان بعض العلماء يقولون: إن انتهاء مدة المسح ينقض الوضوء، لكنه قولٌ لا دليل عليه، وعلى هذا فإذا تمت مدة المسح وبقي الإنسان على طهارته بعد انتهاء المدة، ولو يوماً كاملاً، فله أن يصلي ولو بعد انتهاء المدة، لأن وضوءه قد ثبت بدليل شرعي فلا يرتفع إلا بدليل شرعي، ولا دليل عن النبي صلى الله عليه وسلم يدل على أن انتهاء مدة المسح موجب للوضوء . والله أعلم .

س154: ما هي نواقض الوضوء؟
الجواب: نواقض الوضوء مما حصل فيه خلاف بين أهل العلم، لكن نذكر ما يكون ناقضاً بمقتضى الدليل:
الأول: الخارج من السبيلين، أي الخارج من القبل والدبر، فكل ما خرج من القبل أو الدبر فإنه ناقض للوضوء، سواء كان بولاً أم غائطاً، أم مذياً، أم منياً، أم ريحاً، فكل شيء يخرج من القبل أو الدبر فإنه ناقض للوضوء ولا تسأل عنه، لكن إذا كان منياً وخرج بشهوة، فمن المعلوم أنه يوجب الغسل، وإذا كان مذياً فإنه يوجب غسل الذكر والأنثيين مع الوضوء أيضاً .
الثاني: النوم إذا كان كثيراً بحيث لا يشعر النائم لو أحدث، فأما إذا كان النوم يسيراً يشعر النائم بنفسه لو أحدث فإنه لا ينقض الوضوء، ولا فرق في ذلك أن يكون نائماً مضطجعاً، أو قاعداً معتمداً، أو قاعداً غير معتمد، فالمهم حالة حضور القلب، فإذا كان في حال لو أحدث لأحس بنفسه ، فإن وضوءه لا ينتقض، وإن كان في حال لو أحدث لم يحس بنفسه، فإنه يجب عليه الوضوء، وذلك لأن النوم نفسه ليس بناقض وإنما هو مظنة الحدث، فإذا كان الحدث منتفياً لكون الإنسان يشعر به لو حصل منه، فإنه لا ينتقض الوضوء . والدليل على أن النوم نفسه ليس بناقض، أن يسيره لا ينقض الوضوء، ولو كان ناقضاً لنقض يسيره وكثيره كما ينقض البول يسيره وكثيره .
الثالث: أكل لحم الجزور، فإذا أكل الإنسان من لحم الجزور، الناقة أو الجمل، فإنه ينتقض وضوؤه سواءً كان نيئاً أو مطبوخاً، لأنه ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث جابر بن سمرة، أنه سئل النبي صلى الله عليه وسلم أنتوضأ من لحوم الغنم؟ قال: ((إن شئت)) . فقال: أنتوضأ من لحوم الإبل؟ قال: ((نعم))146 . فكونه صلى الله عليه وسلم يجعل الوضوء من لحم الغنم راجعاً إلى مشيئة الإنسان، دليل على أن الوضوء من لحم الإبل ليس براجع إلى مشيئة الإنسان، وأنه لا بد منه، وعلى هذا فيجب الوضوء من لحم الإبل إذا أكله الإنسان نيئاً أو مطبوخاً، ولا فرق بين اللحم الأحمر واللحم غير الأحمر، فينقض الوضوء أكل الكرش، والأمعاء، والكبد، والقلب، والشحم وغير ذلك، وجميع أجزاء البعير ناقضٌ للوضوء، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يفصل وهو يعلم أن الناس يأكلون من هذا ومن هذا، ولو كان الحكم يختلف لكان النبي صلى الله عليه وسلم يبينه للناس حتى يكونوا على بصيرة من أمرهم، ثم إننا لا نعلم في الشريعة الإسلامية حيواناً يختلف حكمه بالنسبة لأجزائه، فالحيوان إما حلال أو حرام، وإما موجب للوضوء أو غير موجب، وأما أن يكون بعضه له حكم وبعضه له حكم فهذا لا يعرف في الشريعة الإسلامية، وإن كان معروفاً في شريعة اليهود كما قال الله تعالى: (وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَا إِلَّا مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا أَوِ الْحَوَايَا أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ)(الأنعام: من الآية146) ولهذا أجمع العلماء على أن شحم الخنزير محرم مع أن الله تعالى لم يذكر في القرآن إلا اللحم، فقال تعالى: (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِه)(المائدة: من الآية3) ولا أعلم خلافاً بين أهل العلم في أن شحم الخنزير محرم . وعلى هذا فنقول: اللحم المذكور في الحديث بالنسبة للإبل يدخل فيه الشحم والأمعاء والكرش وغيرها .

***
س155: هل مس المرأة ينقض الوضوء؟
الجواب: الصحيح أن مس المرأة لا ينقض الوضوء مطلقاً، إلا إذا خرج منه شيء، ودليل هذا ما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قبل بعض نسائه وخرج إلى الصلاة ولم يتوضأ . ولأن الأصل عدم النقض حتى يقوم دليل صريح صحيح على النقض، ولأن الرجل أتم طهارته بمقتضى دليل شرعي، وما ثبت بمقتضى دليل شرعي فإنه لا يمكن رفعه إلا بدليل شرعي .
فإن قيل: قد قال الله عز وجل في كتابه: (أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ) .
فالجواب: أن المراد بالملامسة في الآية الجماع، كما صح ذلك عن ابن عباس –رضي الله عنهما- ثم أن هناك دليلاً من تقسيم الآية الكريمة، تقسيم للطهارة إلى أصلية، وبدلية، وتقسيم للطهارة إلى كبرى، وصغرى . وتقسيم لأسباب الطهارة الكبرى، والصغرى . قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْن)(المائدة: من الآية6) فهذه طهارة بالماء أصلية صغرى ثم قال: (وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا ) فهذه طهارة بالماء أصلية كبرى ثم قال: ( وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا)(المائدة: من الآية6) فقوله (فتيمموا) هذا بدل وقوله: (أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ) هذا بيان سبب الصغرى . وقوله: (أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ) هذا بيان سبب الكبرى . ولو حملناه على المس الذي هو الجس باليد، لكانت الآية الكريمة ذكر الله فيها سببين للطهارة الصغرى، وسكت عن سبب الطهارة الكبرى، مع أنه قال: (وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا ) وهذا خلاف البلاغة القرآنية، وعليه فتكون الآية دالة على أن المراد بقوله: (أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ) أي جامعتم النساء، لتكون الآية مشتملة على السببين الموجبين للطهارة، السبب الأكبر والسبب الأصغر، والطهارتين الصغرى في الأعضاء الأربعة، والكبرى في جميع البدن، والبدل الذي هو طهارة التيمم في عضوين فقط لأنه يتساوى فيها الطهارة الصغرى والكبرى .
وعلى هذا فالقول الراجح أن مس المرأة لا ينقض الوضوء مطلقاً، سواء بشهوة أو بغير شهوة إلا أن يخرج منه شيء، فإن خرج منه شيء وجب عليه الغسل إن كان الخارج منياً، ووجب عليه غسل الذكر والأنثيين مع الوضوء إن كان الخارج مذياً .

***
س156: مدرس يدرس للتلاميذ القرآن الكريم، ولا يوجد ماء في المدرسة أو بالقرب منها والقرآن لا يمسه إلا المطهرون، فماذا يفعل؟
الجواب: إذا لم يكن في المدرسة ماء ولا بقربها فإنه ينبه على الطلبة ألا يأتوا إلا وهم متطهرون وذلك لأن المصحف لا يمسه إلا طاهر في حديث عمرو بن حزم الذي كتبه النبي صلى الله عليه وسلم له: ((ألا يمس القرآن إلا طاهر))147 فالطاهر هنا من ارتفع حدثه بدليل قوله تعالى في آية الوضوء والغسل والتيمم: ( مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)(المائدة: من الآية6) ففي قوله: (ليطهركم) دليل على أن الإنسان قبل أن يتطهر لم تحصل له الطهارة، وعلى هذا فلا يجوز لأحد أن يمس القرآن إلا وهو طاهر متوضئ، إلا أن بعض أهل العلم رخص للصغار أن يمسوا القرآن لحاجتهم لذلك، وعدم إدراكهم للوضوء، ولكن الأولى أن يؤمر الطلاب بذلك أي بالوضوء حتى يمسوا المصحف وهم على طهارة .
وأما قول السائل: لأن القرآن لا يمسه إلا المطهرون، فكأني به يريد أن يستدل بهذه الآية على وجوب التطهر لمس المصحف، والآية ليس فيها دليل لهذا لأن المراد بقوله: (لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ) (الواقعة:79) الكتاب المكنون، وهو اللوح المحفوظ والمراد بالمطهرون الملائكة، ولو كان يراد بها المتطهرون لقال لا يمسه إلا المطهرون أو إلا المتطهرون ولم يقل إنه لا يجوز مس المصحف إلا بطهارة لكن الحديث الذي أشرنا إليه آنفاً هو الذي يدل على ذلك .

***
س157: ما هي موجبات الغسل؟
الجواب: موجبات الغسل منها:
الأول: إنزال المني بشهوة يقظة أو مناماً، لكنه في المنام يجب عليه الغسل، وإن لم يحس بالشهوة، لأن النائم قد يحتلم ولا يحس بنفسه، فإذا خرج منه المني بشهوة وجب عليه الغسل بكل حال .
الثاني: الجماع، فإذا جامع الرجل زوجته، بأن أولج الحشفة في فرجها، أو ما زاد، فعليه الغسل، لقول النبي صلى الله عليه وسلم عن الأول: ((الماء من الماء))148 يعين أن الغسل يجب من الإنزال، وقوله عن الثاني: ((إذا جلس بين شعبها الأربع ثم جهدها فقد وجب الغسل))149 وإن لم ينزل، وهذه المسألة –أعني الجماع بدون إنزال- يخفى حكمها على كثير من الناس، حتى إن بعضهم تمضي عليه الأسابيع والشهور وهو يجامع زوجته بدون إنزال ولا يغتسل جهلاً منه، وهذا أمر له خطورته، فالواجب أن يعلم الإنسان حدود ما أنز الله على رسوله، فإن الإنسان إذا جامع زوجته وإن لم ينزل وجب عليه الغسل وعليها، للحديث الذي ذكرناه آنفاً .
الثالث: من موجبات الغسل خروج دم الحيض والنفاس، فإن المرأة إذا حاضت ثم طهرت، وجب عليها الغسل لقوله تعالى: (وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ) (البقرة:222) ولأمر النبي صلى الله عليه وسلم المستحاضة إذا جلست قدر حيضها أن تغتسل، والنفساء مثلها، فيجب عليها أن تغتسل .
وصفة الغسل من الحيض والنفاس كصفة الغسل من الجنابة، إلا أن بعض أهل العلم استحب في غسل الحائض أن تغتسل بالدر، لأن ذلك أبلغ في نظافتها وتطهيرها .
وذكر بعض العلماء أيضاً من موجبات الغسل الموت، مستدلين بقوله صلى الله عليه وسلم للنساء اللاتي يغسلن ابنته: (( ثلاثاً، أو خمساً، أو سبعاً، أو أكثر من ذلك إن رأيتن ذلك))150 وبقوله صلى الله عليه وسلم في الرجل الذي وقصته راحلته بعرفة وهو محرم: (( بماء وسدر وكفنوه في ثوبيه))151 فقالوا: إن الموت موجب للغسل، ولكن الوجوب هنا يتعلق بالحي، لأن الميت انقطع تكليفه بموته، ولكن على الأحياء أن يغسلوا موتاهم لأمر النبي صلى الله عليه وسلم، بذلك .

***
س158: هل يجب الغسل بالمداعبة أو التقبيل؟
الجواب: لا يجب على الرجل ولا على المرأة غسل بمجرد الاستمتاع بالمداعبة أو التقبيل إلا إذا حصل إنزال المني فإنه يجب الغسل على الجميع إذا كان المني قد خرج من الجميع، فإن خرج من أحدهما فقط وجب عليه الغسل وحده، هذا إذا كان الأمر مجرد مداعبة أو تقبيل أو ضم، أما إذا كان جماعاً فإن الجماع يجب فيه الغسل على كل حال، على الرجل وعلى المرأة حتى وإن لم يحصل إنزال، لقول النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه أبو هريرة –رضي الله عنه-: ((إذا جلس بين شعبها الأربع ثم جهدها فقد وجب الغسل))152 وفي لفظ لمسلم: ((وإن لم ينزل)) . وهذه المسألة قد تخفى على كثير من النساء، تظن المرأة بل وربما يظن الرجل أن الجماع إذا لم يكن إنزال فلا غسل فيه، وهذا جهل عظيم، فالجماع يجب فيه الغسل على كل حال، وما عدا الجماع من الاستمتاع لا يجب فيه الغسل إلا إذا حصل الإنزال .

***
س159: إذا استيقظ الإنسان فوجد في ملابسه بللاً فهل يجب عليه الغسل؟
الجواب: إذا استيقظ الإنسان فوجد بللاً، فلا يخلو من ثلاث حالات:
الحال الأولى: أن يتيقن أنه مني، فيجب عليه حينئذ الاغتسال سواء ذكر احتلاماً أم لم يذكر .
الحال الثانية: أن يتيقن أنه لي بمني، فلا يجب عليه الغسل في هذه الحال، ولكن يجب عليه أن يغسل ما أصابه، لأن حكمه حكم البول .
الحال الثالثة: أن يجهل هل هو مني أم لا ؟ ففيه تفصيل:
أولاً: إن ذكر أنه احتلم في منامه، فإنه يجعله منياً ويغتسل، لحديث أم سلمة –رضي الله عنها- حين سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن المرأة ترى في منامها ما يرى الرجل، هل عليها غسل؟ قال: ((نعم إذا هي رأت الماء))153 فدل هذا على وجوب الغسل على من احتلم ووجد الماء .
ثانياً: إذا لم ير شيئاً في منامه، فإن كان قد سبق نومه تفكير في الجماع جعله مذياً .
وإن لم يسبق نومه تفكير فهذا محل خلاف:
قيل: يجب عليه الغسل احتياطاً .
وقيل: لا يجب وهو الصحيح لأن الأصل براءة الذمة .

***
س160: ما هي الأحكام المتعلقة بالجنابة؟
الجواب: الأحكام المتعلقة بالجنابة هي:
أولاً: أن الجنب تحرم عليه الصلاة، فرضها ونفلها، حتى صلاة الجنازة . لقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُم)(6) إلى قوله: (وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا)(المائدة: 6،7) .
ثانياً: أن الجنب يحرم عليه الطواف بالبيت، لأن الطواف بالبيت مكث في المسجد، وقد قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلا جُنُباً إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا)(النساء: من الآية43) .
ثالثاً: أنه يحرم عليه مس المصحف، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا يمس القرآن إلا طاهر))154 .
رابعاً: أنه يحرم عليه المكث في المسجد إلا بوضوء لقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلا جُنُباً إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا)(النساء: من الآية43) .
خامساً: يحرم عليه قراءة القرآن حتى يغتسل، لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرئ الصحابة القرآن ما لم يكونوا جنباً .
هذه الأحكام الخمسة التي تتعلق بمن عليه جنابة .

***
س161: ما صفة الغسل؟
الجواب: صفة الغسل على وجهين:
الوجه الأول: صفة واجبة، وهي أن يعم بدنه كله بالماء، ومن ذلك المضمضة والاستنشاق، فإذا عمم بدنه على أي وجه كان فقد ارتفع عنه الحدث الأكبر وتمت طهارته، لقول الله تعالى: ( وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا)(المائدة: من الآية6) .
الوجه الثاني: صفة كاملة وهي أن يغتسل كما اغتسل النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا أراد أن يغتسل من الجنابة فإنه يغسل كفيه، ثم يغسل فرجه وما تلوث من الجنابة، ثم يتوضأ وضوءً كاملاً –على صفة ما ذكرنا في الوضوء- ثم يغسل رأسه بالماء ثلاثاً ترويه ثم يغسل بقية بدنه . هذه صفة الغسل الكامل .

***
س162: إذا اغتسل الإنسان ولم يتمضمض ولم يستنشق فهل يصح غسله؟
الجواب: لا يصح الغسل بدون المضمضة والاستنشاق، لأن قوله تعالى: (وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا)(المائدة: من الآية6) يشمل البدن كله، وداخل الفم وداخل الأنف من البدن الذي يجب تطهيره، ولهذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالمضمضة والاستنشاق في الوضوء، لدخولهما في قوله تعالى: ( فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ )(المائدة: من الآية6) فإذا كانا داخلين في غسل الوجه –والوجه مما يجب تطهيره وغسله في الطهارة الكبرى- كان واجباً على من اغتسل من الجنابة أن يتمضمض ويستنشق .

***
س163: إذا تعذر استعمال الماء، فبماذا تحصل الطهارة؟
الجواب: إذا تعذر استعمال الماء، لعدمه أو التضرر باستعماله، فإنه يعدل عن ذلك إلى التيمم، بأن يضرب الإنسان بيديه على الأرض، ثم يمسح بهما وجهه، ويمسح بعضهما ببعض، لكن هذا خاص بالطهارة من الحدث .
أما طهارة الخبث فليس فيها تيمم، سواء كانت على البدن، أو على الثوب، أو على البقعة، ، لأن المقصود من التطهر من الخبث إزالة هذه العين الخبيثة، وليس التعبد فيها اشرطاً، ولهذا لو زالت هذه العين الخبيثة بغير قصد من الإنسان طهر المحل، فلو نزل المطر على مكان نجس، أو على ثوب نجس وزالت النجاسة بما نزل من المطر، فإن المحل يطهر بذلك، وإن كان الإنسان ليس عنده علم بهذا، بخلاف طهارة الحدث فإنها عبادة يتقرب بها الإنسان إلى الله –عز وجل- فلا بد فيها من النية والقصد .

***
س164: من أصبح جنباً في وقت بارد فهل يتيمم؟
الجواب: إذا كان الإنسان جنباً فإن عليه أن يغتسل، لقول الله تعالى: (وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا)(المائدة: من الآية6) فإن كانت الليلة باردة ولا يستطيع أن يغتسل بالماء البارد، فإنه يجب عليه أن يسخنه إذا كان يمكنه ذلك، فإن كان لا يمكنه أن يسخنه لعدم وجود ما يسخن به الماء، فإنه في هذه الحال يتيمم عن الجنابة ويصلي، لقول الله تعالى: ( وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)(المائدة: من الآية6) وإذا تيمم عن الجنابة، فإنه يكون طاهراً بذلك ويبقى على طهارته حتى يجد الماء، فإذا وجد الماء وجب عليه أن يغتسل، لما ثبت في صحيح البخاري من حديث عمران بن حصين الطويل، وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلاً معتزلاً لم يصل في القوم، قال: ((ما منعك؟)) قال: أصابتني جنابة ولا ماء، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((عليك بالصعيد فإنه يكفيك))155 ثم حضر الماء بعد ذلك فأعطاه النبي صلى الله عليه وسلم ماءً وقال: ((أفرغه على نفسك)) . فدل هذا على أن المتيمم إذا وجد الماء، وجب عليه أن يتطهر به، سواء كان ذلك عن جنابة أو عن حدث أصغر، والمتيمم إذا تيمم عن جنابة، فإنه يكون طاهراً منها حتى يحصل له جنابة أخرى، أو يجد الماء، وعلى هذا فلا يعيد تيممه عن الجنابة لكل وقت، وإنما يتيمم بعد تيممه من الجنابة يتيمم عن الحدث الأصغر إلا أن يجنب .

***
س165: هل يشترط في التراب المتيمم به أن يكون له غبار؟ وهل قوله تعالى: ( فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ)(المائدة: من الآية6) قول: (منه) دليل على اشتراط الغبار؟
الجواب: القول الراجح أنه لا يشترط للتيمم أن يكون بتراب فيه غبار، بل إذا تيمم على الأرض أجزأه سواءً كان فيه غبار أم لا، وعلى هذا فإذا نزل المطر على الأرض، فيضرب الإنسان بيديه على الأرض ويمسح وجهه وكفيه، وإن لم يكن للأرض غبار في هذه الحال، لقول الله تعالى: ( فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ)(المائدة: من الآية6) ولأن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه كانوا يسافرون إلى جهات ليس فيها إلا رمال، وكانت الأمطار تصيبهم وكانوا يتيممون كما أمر الله –عز وجل- فالقول الراجح أن الإنسان إذا تيمم على الأرض فإن تيممه صحيح، سواء كان على الأرض غبار أم لم يكن .
أما قوله تعالى: (فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ) فإن ((من)) لابتداء الغاية وليست للتبعيض ، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه نفخ في يديه حين ضرب بهما الأرض156 .

***
س166: مريض لا يجد التراب فهل يتيمم على الجدار، وكذلك الفرش أم لا؟
الجواب: الجدار من الصعيد الطيب، فإذا كان الجدار مبنياً من الصعيد سواء كان حجراً أو كان مدراً –لبناً من الطين- فإنه يجوز التيمم عليه، أما إذا كان الجدار مكسواً بالأخشاب أو (بالبوية) فهذا إن كان عليه تراب –غبار- فإنه يتيمم به ولا حرج، ويكون كالذي يتيمم على الأرض، لأن التراب من مادة الأرض، أما إذا لم يكن عليه تراب، فإنه ليس من الصعيد في شيء، فلا يتيمم عليه .
وبالنسبة للفرش نقول: إن كان فيها غبار فليتيمم عليها، وإلا فلا يتيمم عليها لأنها ليست من الصعيد .

***
س167: ما حكم بول الطفل الصغير إذا وقع على الثوب؟
الجواب: الصحيح في هذه المسألة أن بول الذكر الذي يتغذى بالبن خفيف النجاسة، وأنه يكفي في تطهيره النضح، وهو أن يغمره بالماء، يصب عليه الماء حتى يشمله بدون فرك، وبدون عصر، وذلك أنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه جيء بابن صغير فوضعه في حجره فبال عليه، فدعا بماء فأتبعه إياه ولم يغسله157 ، أما بالنسبة للأنثى فلا بد من غسل بولها، لأن الأصل أن البول نجس ويجب غسله لكن يستثنى الغلام الصغير لدلالة السنة عليه .

***
س168: امرأة تجاوزت الخمسين يأتيها الدم على الصفة المعروفة، وأخرى تجاوزت الخمسين يأتيها الدم على غير الصفة المعروفة، وإنما صفرة أو كدرة؟
الجواب: التي يأتيها دم على صفته المعروفة يكون دمها دم حيض صحيح على القول الراجح، إذ لا حد لأكثر سن الحيض وعلى هذا فيثبت لدمها أحكام دم الحيض المعروفة من اجتناب الصلاة، والصيام، والجماع، ولزوم الغسل، وقضاء الصوم ونحو ذلك .
وأما التي يأتيها صفرة وكدرة فالصفرة والكدرة إن كانت في زمن العادة فحيض، وإن كانت في غير زمن العادة فليست بحيض ،وأما إن كان دمها دم الحيض المعروف لكن تقدم أو تأخر فهذا لا تأثير له، بل تجلس إذا أتاها الحيض وتغتسل إذا انقطع عنها . وهذا كله على القول الصحيح من أن سن الحيض لا حد له، أما على المذهب فلا حيض بعد خمسين سنة وإن كان دماً أسود عادياً، وعليه فتصوم وتصلي ولا تغتسل عند انقطاعه لكن هذا القول غير صحيح .

***
س169: الدم الذي يخرج من الحامل هل هو حيض؟
الجواب: الحامل لا تحيض، كما قال الإمام أحمد –رحمه الله- إنما تعرف النساء الحمل بانقطاع الحيض . والحيض –كما قال أهل العلم- خلقه الله تبارك وتعالى لحكمة غذاء الجنين في بطن أمه، فإذا نشأ الحمل انقطع الحيض، لكن بعض النساء قد يستمر بها الحيض على عادته كما كان قبل الحمل، فهذه يحكم بأن حيضها حيض صحيح، لأنه استمر بها الحيض ولم يتأثر بالحمل، فيكون هذا الحيض مانعاً لكل ما يمنعه حيض غير الحامل، وموجباً لما يوجبه، ومسقطاً لما يسقطه، والحاصل أن الدم الذي يخرج من الحامل على نوعين:
النوع الأول: نوع يحكم بأنه حيض، وهو الذي استمر بها كما كان قبل الحمل، لأن ذلك دليل على أن الحمل لم يؤثر عليه فيكون حيضاً .
والنوع الثاني: دمٌ طرأ على الحامل طروءاً، إما بسبب حادث، أو حمل شيء، أو سقوط من شيء ونحوه، فهذا ليس بحيض وإنما هو دم عرق، وعلى هذا فلا يمنعها من الصلاة ولا من الصيام فهي في حكم الطاهرات .

***
س170: هل لأقل الحيض وأكثره حدٌ معلوم بالأيام؟
الجواب: ليس لأقل الحيض ولا لأكثره حد بالأيام على الصحيح، لقول الله –عز وجل-: (وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ )(البقرة: من الآية222) فلم يجعل الله غاية المنع أياماً معلومة، بل جعل غاية المنع هي الطهر، فدل هذا على أن علة الحكم هي الحيض وجوداً وعدماً، فمتى وجد الحيض ثبت الحكم، ومتى طهرت منه، زالت أحكامه، ثم إن التحديد لا دليل عليه، مع أن الضرورة داعية إلى بيانه، فلو كان التحديد بسن أو زمن ثابتأً شرعاً لكان مبيناً في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فبناء عليه فكل ما رأته المرأة من الدم المعروف عند النساء بأنه حيض فهو دم حيض من غير تقدير ذلك بزمن معين، إلا أن يكون الدم مستمراً مع المرأة لا ينقطع أبداً، أو ينقطع مدة يسيرة كاليوم واليومين في الشهر، فإنه حينئذ يكون دم استحاضة .

***
س171: امرأة تسببت في نزول دم الحيض منها بالعلاج، وتركت الصلاة فهل تقضيها أم لا؟
الجواب: لا تقضي المرأة الصلاة إذا تسببت لنزول الحيض فنزل، لأن الحيض دم متى وجد وجد حكمه، كما أنها لو تناولت ما يمنع الحيض ولم ينزل الحيض، فإنها تصلي وتصوم ولا تقضي الصوم، لأنها ليست بحائض، فالحكم يدور مع علته، قال الله تعالى: (وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذى)(البقرة: من الآية222) فمتى وجد هذا الأذى ثبت حكمه، ومتى لم يوجد لم يثبت حكمه .

***
س172: هل يجوز للحائض أن تقرأ القرآن؟
الجواب: يجوز للحائض أن تقرأ القرآن للحاجة، مثل أن تكون معلمة، فتقرأ القرآن للتعليم، أو أن تكون طالبة فتقرأ القرآن للتعلم، أو تكون تعلم أولادها الصغار أو الكبار، فترد عليهم وتقرأ الآية قبلهم . المهم إذا دعت الحاجة إلى قراءة القرآن للمرأة الحائض، فإنه يجوز ولا حرج عليها، وكذلك لو كانت تخشى أن تنساه فصارت تقرؤه تذكراً، فإنه لا حرج عليها ولو كانت حائضاً، على أن بعض أهل العلم قال: إنه يجوز للمرأة الحائض أن تقرأ القرآن مطلقاً بلا حاجة .
وقال آخرون: إنه يحرم عليها أن تقرأ القرآن ولو كان لحاجة . فالأقوال ثلاثة، والذي ينبغي أن يقال هو: أنه إذا احتاجت إلى القراءة لتعليمه، أو تعلمه، أو خوف نسيانه، فإنه لا حرج عليها .

***
س173: إذا اشتبه الدم على المرأة فلم تميز هل هو دم حيض أم دم استحاضة أم غيره فبماذا تعتبره؟
الجواب: الأصل في الدم الخارج من المرأة أنه دم حيض حتى يتبين أنه دم استحاضة وعلى هذا فتعتبره دم حيض ما لم يتبين أنه دم استحاضة .

***
س174: إذا حاضت المرأة بعد دخول وقت الصلاة فما الحكم؟ وهل تقضي الصلاة عن وقت الحيض؟
الجواب: إذا حدث الحيض بعد دخول وقت الصلاة كأن حاضت بعد الزوال بنصف ساعة مثلاً فإنها بعد أن تتطهر من الحيض تقضي هذه الصلاة التي دخل وقتها وهي طاهرة لقوله تعالى: ( إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً)(النساء: من الآية103) . ولا تقضي الصلاة عن وقت الحيض لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الطويل: ((أليست إذا حاضت لم تصل ولم تصم؟))158 .وأجمع أهل العلم على أنها لا تقضي الصلاة التي فاتتها أثناء مدة الحيض .
أما إذا طهرت وكان باقياً من الوقت مقدار ركعة فأكثر فإنها تصلي ذلك الوقت الذي طهرت فيه لقوله صلى الله عليه وسلم: ((من أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر))159 من وقت العصر، أو قبل طلوع الشمس، وكان باقياً على غروب الشمس، أو طلوعها مقدار ركعة فإنها تصلي العصر في المسألة الأولى، والفجر في المسألة الثانية .

***
س175: امرأة كانت عادة حيضها ستة أيام، ثم زادت أياد عادتها؟
الجواب: إذا كانت عادة هذه المرأة ستة أيام ثم طالت هذه المدة وصارت تسعة أو عشرة أو أحد عشر يوماً، فإنها تبقى لا تصلي حتى تطهر، وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يحد حداً معيناً في الحيض، وقد قال الله تعالى فتاوى فى اصل الطهاره لابن العيثيمين  Frownوَيَسْأَلونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً)(البقرة: من الآية222) فمتى كان هذا الدم باقياً، فإن المرأة على حالها حتى تطهر وتغتسل ثم تصلي، فإذا كان جاءها في الشهر الثاني ناقصاً عن ذلك فإنها تغتسل إذا طهرت وإن كان لم يكن على المدة السابقة، والمهم أن المرأة متى كان الحيض معها موجوداً فإنها لا تصلي، سواء كان الحيض موافقاً للعادة السابقة، أو زائداً عنها، أو ناقصاً، وإذا طهرت تصلي .

***
س176: المرأة إذا أتتها العادة الشهرية ثم طهرت واغتسلت وبعد أن صلت تسعة أيام أتاها دم وجلست ثلاثة أيام لم تصل ثم طهرت وصلت أحد عشر يوماً وعادت إليها العادة الشهرية المعتادة، فهل تعيد ما صلته في تلك الأيام الثلاثة أم تعتبرها من الحيض؟
الجواب: الحيض متى جاء فهو حيض سواء طالت المدة بينه وبين الحيضة السابقة أم قصرت، فإذا حاضت وطهرت وبعد خمسة أيام، أو ستة، أو عشرة جاءتها العادة مرة ثانية فإنها تجلس لا تصلي، لأنه حيض وهكذا أبداً، كلما طهرت ثم جاء الحيض وجب عليها أن تجلس، أما إذا استمر عليها الدم دائماً، أو كان لا ينقطع إلا يسيراً فإنها تكون مستحاضة، وحينئذ لا تجلس غلا مدة عادتها فقط .

***
س177: ما حكم السائل الأصفر الذي ينزل من المرأة قبل الحيض بيومين؟
الجواب: إذا كان هذا السائل أصفر قبل أن يأتي الحيض فإنه ليس بشيء لقول أم عطية: ((كنا لا نعد الصفرة والكدرة شيئاً))160 .أخرجه البخاري، وفي رواية لأبي داود: ((كنا لا نعد الصفرة والكدرة بعد الطهر شيئاً))161 . فإذا كانت هذه الصفرة قبل الحيض ثم تنفصل بالحيض فإنها ليست بشيء، أما إذا علمت المرأة أن هذه الصفرة هي مقدمة الحيض فإنها تجلس حتى تطهر .

***
فاستقم كما امرت
فاستقم كما امرت
الدعم الفني والتقني
الدعم الفني والتقني
عدد المساهمات : 616
تاريخ التسجيل : 23/12/2012

فتاوى فى اصل الطهاره لابن العيثيمين  Empty رد: فتاوى فى اصل الطهاره لابن العيثيمين

22nd يونيو 2013, 3:14 pm
***
س178: ما حكم الصفرة والكدرة التي تكون بعد الطهر؟
الجواب: مشاكل النساء في الحيض بحر لا ساحل له، ومن أسبابه استعمال هذه الحبوب المانعة للحمل والمانعة للحيض، وما كان الناس يعرفون مثل هذه الإشكالات الكثيرة من قبل، صحيح أن الإشكال ما زال موجوداً منذ وجد النساء، لكن كثرته على هذا الوجه الذي يقف الإنسان حيران في حل مشاكله أمر يؤسف له، ولكن القاعدة العامة: أن المرأة إذا طهرت ورأت الطهر المتيقن في الحيض، وأعني بالطهر في الحيض خروج القصة البيضاء، وهو ماء أبيض تعرفه النساء، فما بعد الطهر من كدرة أو صفرة أو نقطة أو رطوبة فهذا كله ليس بحيض، فلا يمنع من الصلاة، ولا يمنع من الصيام، ولا يمنع من جماع الرجل لزوجته، لأنه ليس بحيض . قالت أم عطية: ((كنا لا نعد الصفرة والكدرة شيئاً)) . أخرجه البخاري وزاد أبو داود ((بعد الطهر))، وسنده صحيح .
وعلى هذا نقول: كل ما حدث بعد الطهر المتيقن من هذه الأشياء فإنها لا تضر المرأة، ولا تمنعها من صلاتها وصيامها وجماع زوجها إياها، ولكن يجب أن لا تتعجل حتى ترى الطهر، لأن بعض النساء إذا خف الدم عنها بادرت واغتسلت قبل أن ترى الطهر، ولهذا كان نساء الصحابة يبعثن إلى أم المؤمنين عائشة –رضي الله عنها- بالكرسف –يعني القطن- فيه الصفرة فتقول لهن: ((لا تعجلن حتى ترين القصة البيضاء))162.

***
س179: ما حكم استعمال حبوب منع الحيض؟
الجواب: استعمل المرأة حبوب منع الحيض إذا لم يكن عليها ضرر من الناحية الصحية، فإنه لا بأس به، بشرط أن يأذن الزوج بذلك، ولكن حسب ما علمته أن هذه الحبوب تضر المرأة، ومن المعلوم أن خروج دم الحيض خروج طبيعي، والشيء الطبيعي إذا منع في وقته، فإنه لا بد أن يحصل من منعه ضرر على الجسم، وكذلك أيضاً من المحذور في هذه الحبوب أنها تخلط على المرأة عادتها، فتختلف عليها، وحينئذ تبقى في قلق وشك من صلاتها ومن مباشرة زوجها وغير ذلك، لهذا أنا لا أقول إنها حرام ولكني لا أحب للمرأة أن تستعملها خوفاً من الضرر عليها .
وأقول: ينبغي للمرأة أن ترضى بما قدر الله لها، فالنبي صلى الله عليه وسلم، دخل عام حجة الوداع على أم المؤمنين عائشة –رضي الله عنها- وهي تبكي وكانت قد أحرمت بالعمرة فقال: ((مالك لعلك نفست؟)) قالت: نعم . قال: ((هذا شيء كتبه الله على بنات آدم))163 فالذي ينبغي للمرأة أن تصبر وتحتسب، وإذا تعذر عليها الصوم والصلاة من أجل الحيض، فإن باب الذكر مفتوح ولله الحمد، تذكر الله وتسبح الله سبحانه وتعالى، وتتصدق، وتحسن إلى الناس بالقول والفعل، وهذا من أفضل الأعمال .

***
س180: النفساء إذا اتصل الدم معها بعد الأربعين فهل تصلي وتصوم؟
الجواب: المرأة النفساء إذا بقي الدم معها فوق الأربعين، وهو لم يتغير، فإن صادف ما زاد على الأربعين عادة حيضها السابقة جلسته، وإن لم يصادف عادة حيضها السابقة فقد اختلف العلماء في ذلك:
فمنهم من قال: تغتسل وتصلي وتصوم ولو كان الدم يجري عليها، لأنها تكون حينئذٍ كالمستحاضة .
ومنهم من قال: إنها تبقى حتى تتم ستين يوماً، لأنه وجد من النساء من تبقى في النفاس ستين يوماً، وهذا أمر واقع، فإن بعض النساء كانت عادتها في النفاس ستين يوماً، وهذا أمر واقع، فإن بعض النساء كانت عادتها في النفاس ستين يوما . وبناءً على ذلك فإنها تنتظر حتى تتم ستين يوماً، ثم بعد ذلك ترجع إلى الحيض المعتاد فتجلس وقت عادتها ثم تغتسل وتصلي، لأنها حينئذٍ مستحاضة .

***
س181: إذا طهرت النفساء قبل تمام الأربعين فهل يجامعها زوجها؟ وإذا عاودها الدم بعد الأربعين . فما الحكم؟
الجواب: النفساء لا يجوز لزوجها أن يجامعها، فإذا طهرت في أثناء الأربعين، فإنه يجب عليها أن تصلي، وصلاتها صحيحة، ويجوز لزوجها أن يجامعها في هذه الحال، لأن الله تعالى يقول في الحيض: (وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ)(البقرة: من الآية222). فما دام الأذى موجوداً وهو الدم، فإنه لا يجوز الجماع، فإذا طهرت منه جاز الجماع، وكما أنه يجب عليها أن تصلي، ولها أن تفعل كل ما يمتنع عليها في النفاس إذا طهرت في أثناء الأربعين، فكذلك الجماع يجوز لزوجها، إلا أنه ينبغي أن يصبر لئلا يعود عليها الدم بسبب الجماع، حتى تتم الأربعين، ولكن لو جامعها قبل ذلك، فلا حرج عليه .
وإذا رأت الدم بعد الأربعين وبعد أن طهرت، فإنه يعتبر دم حيض، وليس دم نفاس، ودم الحيض معلوم للنساء فمتى أحست به فهو دم حيض، فإذا استمر معها وصار لا ينقطع عنها إلا يسيراً من الدهر، فإنها تكون مستحاضة، وحينئذٍ ترجع إلى عادتها في الحيض، فتجلس وما زاد عن العادة فإنها تغتسل وتصلي . والله أعلم

***
س182: المرأة إذا أسقطت في الشهر الثالث فهي تصلي أو تترك الصلاة؟
الجواب: المعروف عند أهل العلم أن المرأة إذا أسقطت لثلاثة أشهر فإنها لا تصلي، لأن المرأة إذا أسقطت جنيناً قد تبين فيه خلق إنسان فإن الدم لا ذي يخرج منها يكن دم نفاس لا تصلي فيه .
قال العلماء: ويمكن أن يتبين خلق الجنين إذا تم له واحد وثمانون يوماً وهذه أقل من ثلاثة أشهر، فإذا تيقنت أنه سقط الجنين لثلاثة أشهر فإن الذي أصابها يكون دم نفاس، أما إذا كان قبل الثمانين يوماً فإن هذا الدم الذي أصابها يكون دم فساد لا تترك الصلاة من أجله، وهذه السائلة عليها أن تتذكر في نفسها فإذا كان الجنين سقط قبل الثمانين يومأً فإنها تقضي الصلاة، وإذا كانت لا تدري كم تركت فإنها تقدر وتتحرى وتقضي على ما يغلب عليه ظنها أنها لم تصله .

***
س183: من أصابها نزيف دم كيف تصلي؟ ومتى تصوم؟
الجواب: مثل هذه المرأة التي أصابها نزيف الدم، حكمها أن تجلس عن الصلاة والصوم مدة عادتها السابقة قبل الحدث الذي أصابها، فإذا كان من عادتها أن الحيض يأتيها من أول كل شهر لمدة ستة أيام مثلاً، فإنها تجلس من أول كل شهر مدة ستة أيام لا تصلي ولا تصوم، فإذا انقضت اغتسلت وصلت وصامت .
وكيفية الصلاة لهذه المرأة وأمثالها أنها تغسل فرجها غسلاً تاماً وتعصبه وتتوضأ وتفعل ذلك عند دخول وقت صلاة الفريضة لا تفعله قبل دخول الوقت، تفعله بعد دخول الوقت، ثم تصلي، وكذلك تفعله إذا أرادت أن تتنفل في غير أوقات الفرائض، وفي هذا الحال ومن أجل المشقة عليها، يجوز لها أن تجمع صلاة الظهر مع العصر (( العكس)) وصلاة المغرب مع العشاء (أو العكس)) حتى يكون عملها هذا واحداً للصلاتين صلاة الظهر والعصر، وواحداً للصلاتين المغرب والعشاء، وواحداً لصلاة الفجر بدلاً من أن تعمل ذلك خمس مرات تعمله ثلاث مرات . والله الموفق .

***
س184: ما حكم الصلاة وعلى من تجب؟
الجواب: الصلاة من آكد أركان الإسلام، بل هي الركن الثاني بعد الشهادتين، وهي آكد أعمال الجوارح، وهي عمود الإسلام كما ثبت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((عموده الصلاة))164 . يعني الإسلام، وقد فرضها الله على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم في أعلى مكان وصل إليه البشر، وفي أشرف ليلة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وبدون واسطة أحد، وفرضها الله –عز وجل- على رسوله محمد صلى الله عليه وسلم خمسين مرة في اليوم والليلة، ولكن الله –سبحانه وتعالى- خفف على عباده حتى صارت خمساً بالفعل وخمسين في الميزان، وهذا يدل على أهميتها ومحبة الله لها، وأنها جديرة بأن يصرف الإنسان شيئاً كثيراً من وقته فيها، وقد دل على فرضيتها الكتاب، والسنة، وإجماع المسلمين:
ففي الكتاب يقول الله –عز وجل-: ( فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً)(النساء: من الآية103) معنى (كتاباً) أي مكتوباً أي مفروضاً .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل –رضي الله عنه- حين بعثه إلى اليمن: (أعلمهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة))165 .
وأجمع المسلمون على فرضيتها، ولهذا قال العلماء –رحمهم الله-: إن الإنسان إذا جحد فرض الصلوات الخمس، أو فرض واحدة منها فهو كافر مرتد عن الإسلام يباح دمه وماله إلا أن يتوب إلى الله –عز وجل- ما لم يكن حديث عهد بالإسلام لا يعرف من شعائر الإسلام شيئاً، فإنه يعذر بجهله في هذه الحال، ثم يعرف فإن أصر بعد علمه بوجوبها على إنكار فرضيتها فهو كافر .
وتجب الصلاة على كل مسلم، بالغ، عاقل، من ذكر أو أنثى .
فالمسلم ضده: الكافر، فالكافر لا تجب عليه الصلاة، بمعنى أنه لا يلزم بأدائها حال كفره ولا بقضائها إذا أسلم، لكنه يعاقب عليها يوم القيامة كما قال الله تعالى: (إِلا أَصْحَابَ الْيَمِينِ) (39) )فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءَلُونَ) (40) (عَنِ الْمُجْرِمِينَ) (41) (مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ) (42) (قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ) (43) (وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ) (44) (وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ) (المدثر:29،45) (وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ) (46) فقولهم: (قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ) يدل على أنهم عوقبوا على ترك الصلاة مع كفرهم وتكذيبهم بيوم الدين .
وأما البالغ فهو الذي حصل له واحدة من علامات البلوغ وهي ثلاث بالنسبة للرجل، وأربع بالنسبة للمرأة:
أحدها: تمام الخمس عشرة سنة .
والثانية: إنزال المني بلذة يقظة كان أم مناماً .
والثالثة: إنبات العانة، وهي الشعر الخشن حول القبل، هذه الثلاث العلامات تكون للرجال والنساء، وتزيد المرأة علامة رابعة وهي: الحيض فإن الحيض من علامات البلوغ .
وأما العاقل فضده: المجنون الذي لا عقل له، ومنه الرجل الكبير أو المرأة الكبيرة إذا بلغ به الكبر إلى حد فقد التمييز، وهو ما يعرف عندنا بالمهذري، فإنه لا تجب عليه الصلاة حينئذ، لعدم وجود العقل في حقه .
وأما الحيض أو النفاس فهو مانع من وجوب الصلاة فإذا وجد الحيض أو النفاس فإن الصلاة لا تجب لقول النبي صلى الله عليه وسلم في المرأة: ((أليس إذا حاضت لم تصل، ولم تصم))166 .

***
س185: فاقد الذاكرة والمغمى عليه هل تلزمهما التكاليف الشرعية؟
الجواب: إن الله – سبحانه وتعالى- أوجب على الإنسان العبادات إذا كان أهلاً للوجوب، بأن يكون ذا عقل يدرك به الأشياء، وأما من لا عقل له فإنه لا تلزمه الشرائع، ولهذا لا تلزم المجنون، ولا تلزم الصغير الذي لم يميز، بل ولا الذي لم يبلغ أيضاً، وهذا من رحمة الله تعالى، ومثله أيضاً المعتوه الذي أصيب بعقله على وجه لم يبلغ حد الجنون، ومثله الكبير الذي بلغ فقدان الذاكرة فإنه لا يجب عليه صلاة ولا صوم، لأنه فاقد الذاكرة وهو بمنزلة الصبي الذي لم يميز فتسقط عنه التكاليف فلا يلزم بها .
وأما الواجبات المالية فإنها تجب في ماله ولو كان فاقد الذاكرة .
فالزكاة مثلاً تجب في ماله، ويجب على من تولى أمره أن يخرج الزكاة عنه، لأن وجوب الزكاة يتعلق بالمال كما قال الله تعالى: (خذ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ)(التوبة: من الآية103) فقال: (خذ من أموالهم) ولم يقل خذ منهم وقال النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ عندما بعثه إلى اليمن: ((أعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة في أموالهم تؤخذ عن أغنيائهم فترد على فقرائهم))167 . وعلى هذا فالواجبات المالية لا تسقط عن فاقد الذاكرة، أما العبادات البدنية كالصلاة، والطهارة، والصيام فإنها تسقط عن مثل هذا الرجل لأنه لا يعقل .
وأما من زال عقله بإغماء من مرض ونحوه فإنه لا تجب عليه الصلاة على قول أكثر أهل العلم، فإذا أغمي على المريض لمدة يوم أو يومين فلا قضاء عليه، لأنه ليس له عقل، وليس كالنائم الذي قال فيه الرسول صلى الله عليه وسلم: "من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها168 لأن النائم معه إدراك بمعنى أنه يستطيع أن يستيقظ إذا أوقظ، وإما المغمى عليه فلا يستطيع أن يستيقظ إذا أوقظ، هذا إذا كان الإغماء بغير سبب، إما إذا كان الإغماء بسبب منه كالذي أغمي عليه من البنج ونحوه فإنه يقضي الصلاة التي مرت عليه وهو في حال الغيبوبة، والله أعلم .

***
س186: رجل له مدة شهرين لم يشعر بشيء ولم يصل ولم يصم رمضان فماذا يجب عليه؟
الجواب: لا يجب عليه شيء لفقد شعوره، ولكن إن قدر الله أن يفيق لزمه قضاء رمضان، وإن قضى الله عليه بالموت فلا شيء عليه إلا أن يكون من ذوي الأعذار المستمرة كالكبير ونحوه ففرضه أن يطعم وليه عنه عن كل يوم مسكيناً .
أما الصلاة فللعلماء في قضائها قولان:
أحدهما: وهو قول الجمهور لا قضاء عليه لأن ابن عمر – رضي الله عنهما- أغمي عليه يوماً وليلة فلم يقض ما فاته169 .
والقول الثاني: عليه القضاء وهو المذهب عند المتأخرين من الحنابلة، قال في الإنصاف: وهو من مفردات المذهب وهو مروي عن عمار بن ياسر أنه أغمي عليه ثلاثاً وقضى ما فاته . حرر في 24/2/1394هـ .

***
س187: هل يجوز للإنسان تأخير الصلاة لتحصيل شرط من شروطها كما لو اشتغل باستخراج الماء؟
الجواب: الصواب أنه لا يجوز تأخير الصلاة عن وقتها مطلقاً، وإذا خاف الإنسان خروج الوقت صلى على حسب حاله، وإن كان يمكن أن يحصل الشرط قريباً لقوله تعالى: ( إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً)(النساء: من الآية103) وكذلك النبي صلى الله عليه وسلم وقت أوقات الصلاة، وهذا يقتضي وجوبها في وقتها، ولأنه لو جاز انتظار الشروط ما صح أن يشرع التيمم، لأن بإمكانه أن يحصل الماء بعد الوقت، ولا فرق بين أن يؤخرها إلى وقت طويل، أو إلى وقت قصير، لأن كليهما إخراج للصلاة عن وقتها وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى .

***
س188: من يسهر ولا يستطيع أن يصلي الفجر إلا بعد خروج الوقت فهل تقبل منه؟ وما حكم بقية الصلوات التي يصليها في الوقت؟
الجواب: أما صلاة الفجر التي يؤخرها عن وقتها وهو قادر على أن يصليها في الوقت لأن بإمكانه أن ينام مبكراً فإن صلاته هذه لا تقبل منه، لأن الرجل إذا أخر الصلاة عن وقتها بدون عذر ثم صلاها فإنها لا تقبل منه لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد))170 والذي يؤخر الصلاة عن وقتها عمداً بلا عذر قد عمل عملاً ليس عليه أمر الله ورسوله فيكون مردوداً عليه .
لكن قد يقول: إنني أنام، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها لا كفارة لها إلا ذلك))171 .
فنقول: إذا كان بإمكانه أن ينام مبكراً ليستيقظ مبكراً، أو يجعل عنده ساعة تنبهه، أو يوصي من ينبهه فإن تأخيره الصلاة وعدم قيامه يعتبر تعمداً لتأخير الصلاة عن وقتها فلا تقبل منه .
أما بقية الصلوات التي كان يصليها في وقتها فإنها مقبولة .
وإنني بهذه المناسبة أوجه كلمة وهي: أنه يجب على المسلم أن يقوم بعبادة الله على الوجه الذي يرضي الله عز وجل، لأنه في هذه الحياة الدنيا إنما خلق لعبادة الله ولا يدري متى يفجؤه الموت فينتقل إلى عالم الآخرة إلى دار الجزاء التي ليس فيها عمل كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (( إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له))172 .

***
س189: من يؤخر صلاة الفجر حتى يخرج وقتها؟
الجواب: هؤلاء الذين يؤخرون صلاة الفجر حتى يخرج وقت الفجر إن كانوا يعتقدون حل ذلك فإن هذا كفر بالله عز وجل، لأن من اعتقد حل تأخير الصلاة عن وقتها بلا عذر فإنه كافر لمخالفته الكتاب، والسنة، وإجماع المسلمين .
أما إذا كان لا يرى حل ذلك، ويرى أنه عاص بالتأخير لكن غلبته نفسه وغلبه النوم فعليه أن يتوب إلى الله عز وجل، وأن يقلع عما كان يفعله وباب التوبة مفتوح حتى لأكفر الكافرين، فإن الله يقول: (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) (الزمر:53) وعلى من علم بهم أن ينصحهم ويوجههم إلى الخير، فإن تابوا وإلا فعليه أن يبلغ الجهات المسؤولية عن هذا الأمر حتى تبرأ ذمته، وحتى تقوم الجهات المسؤولية بتأديب هذا وأمثاله . والله الموفق .

***
س190: رجل خطب من رجل ابنته، ولما سأل عنه فإذا هو لا يصلي، وأجاب المسئول عنه بقوله: يهديه الله، فهل يزوج هذا؟
الجواب: إذا كان الخاطب لا يصلي مع الجماعة فهو فاسق عاص الله ورسوله مخالف لما أجمع المسلمون عليه من كون الصلاة جماعة من أفضل العبادات، قال شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله تعالى- صلي الله عليه وسلم222 ج23 من مجموع الفتاوى: ((اتفق العلماء على أنها –أي صلاة الجماعة- من أوكد العبادات، وأجل الطاعات، وأعظم شعائر الإسلام)) أهـ كلامه رحمه الله تعالى، ولكن هذا الفسق لا يخرجه من الإسلام فيجوز أن يتزوج بمسلمة، لكن غيره من ذوي الاستقامة على الدين والأخلاق أولى منه، وإن كانوا أقل مالاً وحسابً كما جاء في الحديث: ((إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فانكحوه)) قالوا يا رسول الله! وإن كان فيه؟ قال: ((إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقة فانكحوه)) ثلاث مرات، أخرجه الترمذي173 ، وقد ثبت في الصحيحين وغيرهما من حديث أبي هريرة –رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((تنكح المرأة لأربع: لمالها، ولحسبها، ولجمالها، ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك))174 ففي هذين الحديثين دليل على أنه ينبغي أن يكون أولى الأغراض بالعناية والاهتمام الدين والخلق من الرجل والمرأة، واللائق بالولي الذي يخاف الله تعالى ويرعى مسؤوليته أن يهتم ويعتني بما أرشد إليه النبي صلى الله عليه وسلم، لأنه مسؤول عن ذلك يوم القيامة قال الله تعالى: (وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ) (القصص:65) وقال: (فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ) (لأعراف:6) (فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِمْ بِعِلْمٍ وَمَا كُنَّا غَائِبِينَ) (الأعراف:7) .
أما إذا كان الخاطب لا يصلي أبداً لا مع الجماعة ولا وحده فهذا كافر خارج عن الإسلام، يجب أن يستتاب، فإن تاب وصلى تاب الله عليه إذا كانت توبته نصوحاً خالصة لله، وإلا قتل كافراً مرتداً، ودفن في غير مقابر المسلمين من غير تغسيل، ولا تكفين، ولا صلاة عليه، والدليل على كفره نصوص من كتاب الله تعالى، ومن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم:
فمن الكتاب قوله تعالى: (فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً) (مريم:59) (إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ)(مريم: من الآية60) فقوله: (إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ) دليل على أنه حين إضاعة الصلاة وإتباع الشهوات ليس بمؤمن .
وقال تعالى: (فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ)(التوبة: من الآية11) فدل على أن الأخوة في الدين لا تكون إلا بإقام الصلاة وإيتاء الزكاة، ولكن السنة دلت على أن تارك الزكاة لا يكفر إذا كان مقراً بوجوبها لكن بخل بها، فبقيت إقامة الصلاة شرطاً في ثبوت الأخوة الإيمانية، وهذا يقتضي أن يكون تركها كفراً تنتفي معه الأخوة الإيمانية، وليس فسقاً، أو كفراً دون كفر، لأن الفسق والكفر دون الكفر لا يخرج الفاعل من دائرة الأخوة الإيمانية كما قال الله تعالى في الإصلاح بين الطائفتين المقتتلتين من المؤمنين: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ)(الحجرات: من الآية10) فلم تخرج الطائفتان المقتتلتان من دائرة الأخوة الإيمانية مع أن قتال المؤمن من الكفر كما ثبت في الحديث الصحيح الذي رواه البخاري وغيره من ابن مسعود –رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((سباب المسلم فسوق، وقتاله كفر))175 .
وأما الأدلة من السنة على كفر تارك الصلاة فمثل قوله صلى الله عليه وسلم: ((إن بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة))176 رواه مسلم عن جابر بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم، وعن بريدة بن الحصيب قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر177 رواه الخمسة: الإمام أحمد وأصحاب السنن ز وعن عبادة بن الصامت –رضي الله عنه- أنهم بايعوا النبي صلى الله عليه وسلم على أن لا ينازعوا الأمر أهله، إلا أن تروا كفراً بواحاً عندكم فيه من الله برهان178 ، والمعنى أن لا ينازعوا ولاة الأمور فيما ولاّهم الله عليه إلا أن يروا كفراً صريحاً عندهم فيه دليل من الله تعالى، فإذا فهمت ذلك فانظر إلى ما رواه مسلم أيضاً من حديث أم سلمة –رضي الله عنها- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ستكون أمراء فتعرفون وتنكرون فمن عرف برئ)) وفي لفظ: (من كره فقد برئ) ومن أنكر سلم ولكن من رضي وتابع))، قالوا: أفلا نقاتلهم؟ قال: ((لا، ما صلوا))179 . فعلم من هذا الحديث أنهم إذا لم يصلوا قوتلوا، وحديث عبادة قبله يدل على أنهم لا ينازعون، ومن باب أولى أن لا يقاتلوا إلا بكفر صريح فيه من الله برهان، فمن هذين الحديثين يؤخذ أن ترك الصلاة كفر صريح فيه من الله برهان .
فهذه أدلة من كتاب الله تعالى، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم على أن تارك الصلاة كافر كفراً مخرجاً عن الملة كما جاء ذلك صريحاً فيما رواه ابن أبي حاتم في سننه عن عبادة بن الصامت –رضي الله عنه- قال: أوصانا رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تشركوا بالله شيئاً، ولا تتركوا الصلاة عمداً فمن تركها عامداً متعمداً خرج من الملة))180 .
وأما الآثار عن الصحابة –رضي الله عنهم- فقد قال عمر بن الخطاب –رضي الله عنه- ((لا إسلام لمن ترك الصلاة))181 .
وقال عبد الله بن شقيق: ((كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لا يرون شيئاً من الأعمال تركه كفر غير الصلاة))182 رواه الترمذي والحاكم وصححه على شرطهما .
وإذا كان الدليل السمعي الأثري يدل على كفر تارك الصلاة فكذلك الدليل النظري، قال الإمام أحمد –رحمه الله تعالى-: ((كل مستخف بالصلاة مستهين بها فهو مستخف بالإسلام مستهين به، وإنما حظهم في الإسلام على قدر حظهم من الصلاة، ورغبتهم في الإسلام على قدر رغبتهم في الصلاة))، وقال ابن القيم –رحمه الله تعالى- في كتاب ((الصلاة)) له ص400 من مجموعة الحديث: ((لا يصر على ترك الصلاة إصراراً مستمراً من يصدق بأن الله أمر بها أصلاً، فإنه يستحيل في العادة والطبيعة أن يكون الرجل مصدقاً تصديقاً جازماً أن الله فرض عليه كل يوم وليلة خمس صلوات، وأنه يعاقبه على تركها أشد العقاب وهو مع ذلك مصر على تركها، هذا من المستحيل قطعاً، فلا يحافظ على تركها مصدق بفرضها أبداً، فإن الإيمان يأمر صاحبه بها، فحيث لم يكن في قلبه ما يأمر بها فليس في قلبه شيء من الإيمان، ولا تصغ إلى قول من ليس له خبرة ولا علم بأحكام القلوب وأعمالها" أهـ كلامه رحمه الله . ولقد صدق فيما قال، فإن من المستحيل أن يترك الصلاة مع يسرها وسهولتها وعظم ثوابها، وعقاب تركها وفي قلبه شيء من الإيمان .
وحيث تبين من نصوص الكتاب والسنة أن تارك الصلاة كافر كفراً مخرجاً عن ملة الإسلام فإنه لا يحل أن يزوج بمسلمة بالنص والإجماع قال الله تعالى: (وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ)(البقرة: من الآية221) وقال تعالى في المهاجرات: ( فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنّ)(الممتحنة: من الآية10) وأجمع المسلمون على ما دلت عليه هاتان الآيتان من تحريم المسلمة على الكافرون وعلى هذا فإذا زوج الرجل من له ولاية عليها بنته أو غيرها رجلاً لا يصلي لم يصح تزويجه، ولم تحل له المرأة بهذا العقد، لأنه عقد ليس عليه أمر الله تعالى ورسوله، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث عائشة –رضي الله عنها- أنه قال: ((من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد))183 أي مردود عليه .
وإذا كان النكاح ينفسخ إذا ترك الزوج الصلاة إلا أن يتوب ويعود إلى الإسلام بفعل الصلاة فما بالك بمن يقدم على تزوجيه من جديد؟!
وخلاصة الجواب: أن هذا الخاطب الذي لا يصلي إن كان لا يصلي مع الجماعة فهو فاسق لا يكفر بذلك ويجوز تزويجه في هذه الحال لكن غيره من ذوي الدين والخلق أولى منه .
وإن كان لا يصلي أبداً لا مع الجماعة ولا وحده فهو كافر مرتد خارج عن الإسلام، لا يجوز أن يزوج مسلمة بأي حال من الأحوال، إلا أن يتوب توبة صادقة، ويصلي ويستقيم على دين الإسلام .
وأما ما ذكره السائل من أن والد المخطوبة سأل عنه فقال المسؤول عنه: يهديه الله . فإن المستقبل علمه عند الله تعالى وتدبيره بيده، ولسنا مخاطبين إلا بما نعلمه في الحال الحاضرة، وحال الخاطب الحاضرة حال كفر لا يجوز أن يزوج بمسلمة، فنرجو الله تعالى له الهداية والرجوع إلى الإسلام حتى يتمكن من الزواج بنساء المسلمين وما ذلك على الله بعزيز.
أجاب بهذا وحرره بيده الفقير إلى الله محمد الصالح العثيمين في 18 ذي الحجة سنة 1400هـ أربعمائة وألف .

***
س191: ماذا يفعل الرجل إذا أمر أهله بالصلاة ولكنهم لم يستمعوا إليه، هل يسكن معهم ويخالطهم أو يخرج من البيت؟
الجواب: إذا كان هؤلاء الأهل لايصلون أبداً فإنهم كفار، مرتدون خارجون عن الإسلام، ولا يجوز أن يسكن معهم ولكن يجب عليه أن يدعوهم ويلح ويكرر لعل الله أن يهديهم، لأن تارك الصلاة كافر – العياذ بالله- بدليل الكتاب، والسنة، وأقوال الصحابة، والنظر الصحيح184 .
وقد تأملت الأدلة التي استدل بها من يقول إنه لا يكفر فوجدتها لا تخرج عن أحوال أربع:
1- إما أنها لا دليل فيها أصلاً .
2- أو أنها قيدت بوصف يمتنع معه ترك الصلاة .
3- أو أنها قيدت بحال يعذر فيها بترك هذه الصلاة .
4- أو أنها عامة فتخص بأحاديث كفر تارك الصلاة .
وليس في النصوص أن تارك الصلاة مؤمن، أو أنه يدخل الجنة ، أو ينجو من النار ونحو ذلك مما يحوجنا إلي تأويل الكفر الذي حكم به على تارك الصلاة بأنه كفر نعمة، أو كفر دون كفر.
وإذا تبين أن تارك الصلاة كافر كفر ردة فإنه يترتب على كفره أحكام المرتدين ومنها:
أولاً: أنه لا يصح أن يزوج فإن عقد له وهو لا يصلي فالنكاح باطل ولا تحل له الزوجة به لقوله تعالى عن المهاجرات: ( فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنّ)(الممتحنة: من الآية10) .
ثانياً: أنه إذا ترك الصلاة بعد أن عقد له فإن نكاحه ينفسخ ولا تحل له الزوجة . للآية التي ذكرناها سابقاً على حسب التفصيل المعروف عند أهل العلم بين أن يكون ذلك قبل الدخول أو بعده.
ثالثاً: أن هذا الرجل الذي لا يصلي إذا ذبح لا تؤكل ذبيحته، لماذا؟ لأنها حرام، ولو ذبح يهودي أو نصراني فذبيحته يحل لنا أن نأكلها، فيكون –والعياذ بالله -ذبحه أخبث من ذبح اليهود والنصارى.
رابعاً: أنه لا يحل له أن يدخل مكة أو حدود حرمها لقوله تعالىSad أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا).(التوبة: من الآية28) .
خامساً: أنه لو مات أحد من أقاربه فلا حق له في الميراث منه، فلو مات رجل عن ابن له لا يصلي (الرجل مسلم يصلي والابن لا يصلي) وعن ابن عم له بعيد (عاصب) فالذي يرثه ابن عمه البعيد دون ابنه لقوله صلى الله عليه وسلم في حديث أسامة: ((لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم))185 متفق عليه . ولقوله صلى الله عليه وسلم: ((ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فلأولى رجل ذكر))186. متفق عليه، وهذا مثال ينطبق على جميع الورثة .
سادساً: أنه إذا مات لا يغسل، ولا يكفن، ولا يصلى عليه، ولا يدفن مع المسلمين، إذاً ماذا نصنع به؟؟ نخرج به إلى الصحراء ونحفر له وندفنه بثيابه، لأنه لا حرمة له .
وعلى هذا فلا يحل لأحد مات عنده ميت وهو يعلم أنه لا يصلي أن يقدمه للمسلمين يصلون عليه .
سابعاً: أنه يحشر يوم القيامة مع فرعون وهامان وقارون وأبي بن خلف187، أئمة الكفر –والعياذ بالله- ولا يدخل الجنة، ولا يحل لأحد من أهله أن يدعو له بالرحمة والمغفرة، لأنه كافر لا يستحقها لقوله تعالى: (مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ) (التوبة:113) .
فالمسألة خطيرة جداً، ومع الأسف فإن بعض الناس يتهاونون في هذا الأمر، ويقرون في البيت من لا يصلي وهذا لا يجوز . والله أعلم . حرر في 6/2/1410هـ .

***
س192: ما حكم بقاء المرأة المتزوجة من زوج لا يصلي وله أولاد منها؟ وحكم تزويج من لا يصلي؟
الجواب: إذا تزوجت امرأة بزوج لا يصلي مع الجماعة ولا في بيته فإن النكاح ليس بصحيح، لأن تارك الصلاة كافر، كما دل على ذلك الكتاب العزيز، والسنة المطهرة، وأقوال الصحابة، كما قال عبد الله بن شقيق، ((كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لا يرون شيئاً من الأعمال تركه كفر إلا الصلاة))188 ، والكافر لا تحل له المرأة المسلمة لقوله تعالى: (فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنّ)(الممتحنة: من الآية10) .
وإذا حدث له ترك الصلاة بعد عقد النكاح فإن النكاح ينفسخ إلا أن يتوب ويرجع إلى الإسلام، وبعض العلماء يقيد ذلك بانقضاء العدة فإذا انتقضت العدة لم يحل له الرجوع إذا أسلم إلا بعقد جديد، وعلى المرأة أن تفارقه ولا تمكنه من نفسها حتى يتوب ويصلي، ولو كان معها أولاد منه، لأن الأولاد في هذه الحال لا حضانة لأبيهم فيهم .
وعلى هذا أحذر إخواني المسلمين من أن يزوجوا بناتهم ومن له ولاية عليهم بمن لا يصلي لعظم الخطر في ذلك، ولا يحابوا في هذا الأمر قريباً ولا صديقاً . وأسأل الله الهداية للجميع، والله أعلم . وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم . حرر في 9/10/1414هـ .

***
س193: من ترك الصلاة عمداً ثم تاب هل يقضي ما ترك؟
الجواب: من ترك الصلاة عمداً ثم تاب إلى الله ورجع إليه، فقد اختلف أهل العلم هل يجب عليه قضاء ما ترك من الصلوات، أو لا يجب: على قولين لأهل العلم .
والذي يترجح عندي ما اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله- أن من ترك الصلاة متعمداً حتى خرج وقتها فإنه لا ينفعه قضاؤها، وذلك لأن العبادة المؤقتة بوقت لا بد أن تكون في نفس الوقت المؤقت، فكما لا تصح قبله لا تصح كذلك بعده، لأن حدود الله يجب أن تكون معتبرة، فهذه الصلاة فرضها الشارع علينا من كذا إلى كذا هذا محلها، فكما لا تصح الصلاة في المكان الذي لم يجعل مكاناً للصلاة، كذلك لا تصح في الزمان الذي لم يجعل زماناً للصلاة، لكن على من ترك الصلاة أن يكثر من التوبة والاستغفار والعمل الصالح وبهذا نرجو أن الله تعالى يعفو عنه، ويغفر له ما ترك من صلاة، والله الموفق .

***
س194: ما واجب الأسرة نحو الأبناء تاركي الصلاة؟
الجواب: إذا كان عندهم أولاد لا يصلون، فالواجب عليهم أن يلزموهم بالصلاة، إما بالقول والأمر، وإما بالضرب لقوله صلى الله عليه وسلم: ((واضربوهم عليها لعشر))189 ، فإن لم يفد معهم الضرب فإنه يرفع بهم إلى الجهات المسئولة في الدولة – وفقها الله- من أجل إلزامهم بأدائها، ولا يحل السكوت عنهم، فإن ذلك من باب الإقرار على المنكر، لأن ترك الصلاة كفر مخرج عن الملة، فتارك الصلاة كافر مخلد في النار، فلا يجوز إذا مات على ذلك أن يغسل، أو يصلي عليه، أو يدفن في مقابر المسلمين . نسأل الله السلامة .

***
س195: ما حكم الآذان في حق المسافرين؟
الجواب: هذه المسألة محل خلاف، والصواب وجوب الأذان على المسافرين، وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لمالك بن الحويرث وصحبه: ((إذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم))190 وهم وافدون على رسول الله صلى الله عليه وسلم مسافرون إلى أهليهم، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يدع الأذان ولا الإقامة حضراً ولا سفراً، فكان يؤذن في أسفاره ويأمر بلالاً رضي الله عنه أن يؤذن .

***
س196: ما حكم الأذان والإقامة للمنفرد؟
الجواب: الأذان والإقامة للمنفرد سنة، وليسا بواجب، لأنه ليس لديه من يناديه بالأذان، ولكن نظراً لكون الأذان ذكراً لله عز وجل، وتعظيماً ،ودعوة لنفسه إلى الصلاة وإلى الفلاح، وكذلك الإقامة كان سنة، ويدل على استحباب الأذان ما جاء في حديث عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((يعجب ربك من راعي غنم على رأس الشظية للجبل يؤذن للصلاة، فيقول الله: انظروا إلى عبدي هذا يؤذن ويقيم للصلاة، يخاف مني قد غفرت لعبدي، وأدخلته الجنة))191 .

***
س197: إذا جمع الإنسان الظهر والعصر فهل لكل واحدة منهما إقامة؟ وهل للنوافل إقامة؟
الجواب: لكل واحدة إقامة، كما في حديث جابر رضي الله عنه في صفة حج النبي صلى الله عليه وسلم، حيث ذكر جمعه في مزدلفة قال: ((أقام فصلى المغرب، ثم أقام فصلى العشاء ولم يسبح بينهما))192 .
وأما النوافل فليس لها إقامة .

***
س198: كلمة (الصلاة خير من النوم) هل هي في الأذان الأول أو في الأذان الثاني؟
الجواب: كلمة (الصلاة خير من النوم) في الأذان الأول كما جاء في الحديث: ((فإذا أذنت أذان الصبح الأول فقل: (الصلاة خير من النوم))193 فهي في الأذان الأول، لا الثاني .
ولكن يجب أن يعلم ما هو الأذان الأول في هذا الحديث؟
هو الأذان الذي يكون بعد دخول الوقت، والأذان الثاني هو الإقامة، لأن الإقامة تسمى (أذاناً) قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((بين كل أذانين صلاة))194 . والمراد الأذان والإقامة .
وفي صحيح البخاري أن أمير المؤمنين عثمان بن عفان زاد الأذان الثالث في الجمعة .
إذن الأذان الأول الذي أمر فيه بلال أن يقول: (الصلاة خير من النوم) هو الأذان لصلاة الفجر .
أما الأذان الذي قبل طلوع الفجر، فليس أذاناً للفجر، فالناس يسمون أذان آخر الليل الأذان الأول لصلاة الفجر، والحقيقة أنه ليس لصلاة الفجر، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن بلالاً يؤذن بليل ليوقظ نائمكم ويرجع قائمكم))195 . أي لأجل النائم يقوم ويتسحر، والقائم يرجع ويتسحر .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم أيضاً لمالك بن الحويرث: ((إذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم))196 ومعلوم أن الصلاة لا تحضر إلا بعد طلوع الفجر . إذن الأذان الذي قبل طلوع الفجر ليس أذاناً للفجر .
وعليه فعمل الناس اليوم وقولهم (الصلاة خير من النوم) في الأذان الذي للفجر هذا هو الصواب .
وأما من توهم بأن المراد بالأذان الأول في الحديث هو الأذان الذي قبل طلوع الفجر، فليس له حظ من النظر .
قال بعض الناس: الدليل أن المراد به الأذان الذي يكون في آخر الليل لأجل صلاة النافلة أنه يقال: (الصلاة خير من النوم) وكلمة (خير) تدل على الأفضل .
فنقول: إن كلمة (خير) تكون في الشيء الواجب الذي هو من أوجب الواجبات، مثل قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ) (10) (تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) (الصف:10،11) مع أنه إيمان .
وقال تعالى في صلاة الجمعة: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسَعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ)(الجمعة: من الآية9) فالخيرية تكون في الواجب وتكون في المستحب .

***
س199: هل يصح الأذان بالمسجل؟

الجواب: الأذان بالمسجل غير صحيح، لأن الأذان عبادة، والعبادة لا بد لها من نية .

***
س200: إذا دخل الإنسان المسجد والمؤذن يؤن فما الأفضل له؟
الجواب: الأفضل أن يجيب المؤذن ثم يدعو بعد ذلك بما ورد، ثم يدخل في تحية المسجد، إلا أن بعض العلماء استثنوا من ذلك من دخل المسجد والمؤذن يؤذن يوم الجمعة الأذان الثاني فإنه يصلي تحية المسجد لأجل أن يستمع الخطبة، وعللوا ذلك بأن استماع الخطبة واجب وإجابة المؤذن ليست واجبة، والمحافظة على الواجب أولى من المحافظة على غير الواجب .

***
س201: ورد في الحديث أن الإنسان يقول عند متابعته للمؤذن ((رضيت بالله رباً، وبالإسلام ديناً، وبمحمد رسولاً)) فمتى يقول هذا؟
الجواب: ظاهر الحديث أن المؤذن إذا قال أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله وأجبته تقول بعد ذلك: رضيت بالله رباً، وبالإسلام ديناً، وبمحمد رسولاً، لأن الحديث جاء فيه: ((من قال حين يسمع النداء أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً رسول الله، رضيت بالله رباًن وبالإسلام ديناً، وبمحمد رسولًا))197 وفي رواية: ((من قال وأنا أشهد)) وفي قوله: ((وأنا أشهد")) دليل على أنه يقولها عقب قول المؤذن أشهد أن لا إله إلا الله لأن الواو حرف عطف فيعطف قوله على قول المؤذن .

***
س202: زيادة ((إنك لا تخلف الميعاد)) في الذكر الذي بعد الأذان، هل هي صحيحة؟
الجواب: هذه الزيادة محل خلاف بين علماء الحديث: فمنهم من قال: إنها غير ثابتة لشذوذها، لأن أكثر الذين رووا الحديث لم يرووا هذه الكلمة، والمقام يقتضي ألا تحذف، لأنه مقام دعاء وثناء وما كان على هذا السبيل فإنه لا يجوز حذفه لأنه متعبد به .
ومن العلماء من قال: إن سندها صحيح وأنها تقال ولا تنافي غيرها، وممن ذهب إلى تصحيحها الشيخ عبد العزيز بن باز وقال: إن سندها صحيح حيث أخرجها البيهقي سند صحيح 198 .

***
فاستقم كما امرت
فاستقم كما امرت
الدعم الفني والتقني
الدعم الفني والتقني
عدد المساهمات : 616
تاريخ التسجيل : 23/12/2012

فتاوى فى اصل الطهاره لابن العيثيمين  Empty رد: فتاوى فى اصل الطهاره لابن العيثيمين

22nd يونيو 2013, 3:16 pm
س203: هل يتابع الإنسان في الإقامة؟
الجواب: المتابعة في الإقامة فيها حديث أخرجه أبو داود 199 لكنه ضعيف لا تقوم به الحجة، والراجح أنه لا يتابع .

***
س204: نسمع من بعض الناس بعد إقامة الصلاة قولهم: أقامها الله وأدامها فما حكم ذلك؟
الجواب: ورد في الحديث عن الرسول عليه الصلاة والسلام أنه كان إذا قال المؤذن: ((قد قامت الصلاة)) قال: ((أقامها الله وأدامها))200 ، لكن الحديث ضعيف لا تقوم به حجة .

***
س205: ما أفضل وقت تؤدى فيه الصلاة؟ وهل أول الوقت هو الأفضل؟
الجواب: الأكمل أن تكون على وقتها المطلوب شرعاً، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم في جواب من سأله أي العمل أحب إلى الله عز وجل؟ قال: ((الصلاة على وقتها))201 ولم يقل (الصلاة في أول وقتها) وذلك لأن الصلوات منها ما يسن تقديمه، ومنها ما يسن تأخيره، فصلاة العشاء مثلاً يسن تأخيرها إلى ثلث الليل، ولهذا لو كانت امرأة في البيت وقالت أيهما أفضل لي أن أصلي صلاة العشاء من حين أذان العشاء أو أؤخرها إلى ثلث الليل؟
قلنا: الأفضل أن تؤخرها إلى ثلث الليل، لأن النبي صلى الله عليه وسلم تأخر ذات ليلة حتى قالوا: يا رسول الله رقد النساء والصبيان . فخرج وصلى بهم وقال: ((إن هذا لوقتها لولا أن أشق على أمتي))202 . فالأفضل للمرأة إذا كانت في بيتها أن تؤخرها .
وكذلك لو فرض أن رجالاً محصورين، يعني رجالاً معينين في سفر فقالوا: نؤخر الصلاة أو نقدم؟ فنقول: الأفضل أن تؤخروا .
وكذلك لو أن جماعة خرجوا في نزهة وحان وقت العشاء فهل الأفضل أن يقدموا العشاء أو يؤخروها؟ نقول: الأفضل أن يؤخروها إلا إذا كان في ذلك مشقة .
وبقية الصلوات الأفضل فيها التقديم إلا لسبب، فالفجر تقدم، والظهر تقدم، والعصر تقدم، والمغرب تقدم، إلا إذا كان هناك سبب .
فمن الأسباب: إذا اشتد الحر فإن الأفضل تأخير صلاة الظهر إلى أن يبرد الوقت، يعني إلى قرب صلاة العصر، لأنه يبرد الوقت إذا قرب وقت العصر، فإذا اشتد الحر فإن الأفضل الإبراد لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((إذا اشتد الحر فأبردوا بالصلاة فإن شدة الحر من فيح جهنم))203 وكان صلى الله عليه وسلم في سفر فقام بلال ليؤذن فقال: ((أبرد)) ثم قام ليؤذن، فقال: ((أبرد))204 ثم قام ليؤذن، فأذن له .
ومن الأسباب أيضاً أن يكون في آخر الوقت جماعة لا تحصل في أول الوقت، فهنا التأخير أفضل، كرجل أدركه الوقت وهو في البر وهو يعلم أنه سيصل إلى البلد ويدرك الجماعة في آخر الوقت، فهل الأفضل أن يصلي من حين أن يدركه الوقت، أو أن يؤخر حتى يدرك الجماعة؟
نقول: إن الأفضل أن تؤخر حتى تدرك الجماعة، بل قد نقول بوجوب التأخير هنا تحصيلاً للجماعة .

***
س206: إذا صلى الإنسان قبل الوقت جهلاً فما الحكم؟
الجواب: صلاة الإنسان قبل الوقت لا تجزئه عن الفريضة لأن الله تعالى يقول: ( إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً)(النساء: من الآية103) وبين النبي صلى الله عليه وسلم هذه الأوقات في قوله: ((وقت الظهر إذا زالت الشمس))205 الخ الحديث . وعلى هذا فمن صلى الصلاة قبل وقتها فإن صلاته لا تجزئه عن الفريضة لكنها تقع نفلاً بمعنى أنه يثاب عليها ثواب نفل، وعليه أن يعيد الصلاة بعد دخول الوقت . والله أعلم .

***
س207: هل يسقط الترتيب بين الصلوات المقضية بسبب النسيان والجهل؟
الجواب: هذه المسألة محل خلاف، والصواب أنه يسقط والدليل عموم قوله تعالى: ( رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا)(البقرة: من الآية286). وقال عليه الصلاة والسلام: "إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه206 .

***
س208: شخص دخل المسجد لصلاة العشاء ثم تذكر أنه لم يصل المغرب فماذا يعمل؟

الجواب: إذا دخلت المسجد وصلاة العشاء مقامة ثم تذكرت أنك لم تصل المغرب فتدخل مع الجماعة بنية صلاة المغرب، وإذا قام الإمام إلى الركعة الرابعة فتجلس أنت في الثالثة، وتنتظر الإمام ثم تسلم معه، ولك أن تسلم ثم تدخل مع الإمام فيما بقي من صلاة العشاء، ولا يضر اختلاف النية بين الإمام والمأموم على الصحيح من أقوال أهل العلم، وإن صليت المغرب وحدك ثم صليت مع الجماعة فيما أدركت من صلاة العشاء فلا بأس .

***
س209: إذا فاتني فرض أو أكثر لنوم أو نسيان، فكيف أقضي الصلاة الفائتة؟ هل أصليها أولاً ثم الصلاة الحاضرة أم العكس؟
الجواب: تصليها أولاً، ثم تصلي الصلاة الحاضرة، ولا يجوز التأخير، وقد شاع عند الناس أن الإنسان إذا فاته فرض فإنه يقضيه مع الفرض الموافق له من اليوم الثاني، فمثلاً لو أنه لم يصل الفجر يوماً فإنه لا يصليه إلا مع الفجر في اليوم الثاني، وهذا غلط، وهو مخالف لهدي النبي صلى الله عليه وسلم القولي والفعلي:
أما القول: فقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((من نام عن صلاة أو نسيها، فليصلها إذا ذكرها))207 . ولم يقل: فليصلها من اليوم الثاني إذا جاء وقتها، بل قال: ((فليصلها إذا ذكرها)) .
وأما الفعلي: فحين فاتته الصلوات في يوم من أيام الخندق صلاها قبل الصلاة الحاضرة، فدل هذا على أن الإنسان يصلي الفائتة ثم يصلي الحاضرة، لكن لو نسي فقدم الحاضرة على الفائتة، أو كان جاهلاً لا يعلم فإن صلاته صحيحة، لأن هذا عذر له .
وبهذه المناسبة أود أن أقول: إن الصلوات بالنسبة للقضاء على ثلاثة أقسام:
القسم الأول: يقضى متى زال العذر، أي عذر التأخير وهي الصلوات الخمس، فإنه متى زال العذر بالتأخير وجب قضاؤها .
القسم الثاني: إذا فات لا يقضى وإنما يقضى بدله، وهو صلاة الجمعة، إذا جاء بعد ر فع الإمام من الركعة الثانية فإنه في هذه الحال يصلي ظهراً، فيدخل مع الإمام بنية الظهر، وكذلك من جاء بعد تسليم الإمام فإنه يصلي ظهراً، وأما من أدرك الكوع من الركعة الثانية فإنه يصلي جمعة، أي يصلي ركعة بعدها إذا سلم الإمام، وهذه يجهلها كثير من الناس، فإن بعض الناس يأتي يوم الجمعة والإمام قد رفع من الركعة الثانية، ثم يصلي ركعتين على أنها جمعة وهذا خطأ، بل إذا جاء بعد رفعه من الركعة الثانية فإنه لم يدرك من الجمعة شيئاً فعليه أن يصلي ظهراً، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة208 . ومفهومه أن من أدرك أقل فإنه لا يدرك الصلاة، والجمعة تقضى ظهراً، ولهذا يجب على النساء في البيوت وعلى المرضى الذين لا يأتون الجمعة، يجب عليهم أن يصلوا ظهراً ولا يصلوا جمعة، فإن صلوا جمعة في هذه الحال فإن صلاتهم باطلة ومردودة .
القسم الثالث: صلاة إذا فاتت لا تقضى إلا في نظير وقتها وهي صلاة العيد إذا لم يعلم بها إلا بعد زوال الشمس، فإن أهل العلم يقولون: يصلونها من اليوم التالي في نظير وقتها .
إذن فالقضاء على ثلاثة أقسام:
الأول: ما يقضى من حين زوال العذر، وهي الصلوات الخمس، وكذلك الوتر، وشبهه من السنن الموقتة .
الثاني: ما يقضى بدله وهي صلاة الجمعة إذا فاتت تقضى ظهراً .
الثالث: ما يقضى هو نفسه ولكن في نظير وقته من اليوم التالي، وهو صلاة العيد إذا فاتت بالزوال فإنها تصلى في نظير وقتها من اليوم التالي . والله الموفق .

***
س210: كثير من الناس يصلون بثياب خفيفة تصف البشرة ويلبسون تحت هذه الثياب سراويل قصيرة لا تتجاوز منتصف الفخذ فيشاهد منتصف الفخذ من وراء الثوب، فما حكم صلاة هؤلاء؟
الجواب: حكم صلاة هؤلاء حكم من صلى بغير ثوب سوى السراويل القصيرة، لأن الثياب الشفافة التي تصف البشرة غير ساترة ووجودها كعدمها، وبناء على ذلك فإن صلاتهم غير صحيحة على أصح قولي العلماء وهو المشهور من مذهب الأمام أحمد –رحمه الله- وذلك لأنه يجب على المصلي من الرجال أن يستر ما بين السرة والركبة وهذا أدنى ما يحصل به امتثال قول الله –عز وجل-: (يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ)(الأعراف: من الآية31) فالواجب عليهم أحد أمرين: إما أن يلبسوا سراويل تستر ما بين السرة والركبة، وإما أن يلبسوا فوق هذه السراويل القصيرة ثوباً صفيقاً لا يصف البشرة .
وهذا الفعل الذي ذكر في السؤال خطأ وخطير فعليهم أن يتوبوا إلى الله تعالى منه، وأن يحرصوا على إكمال ستر ما يجب ستره في صلاتهم . نسأل الله تعالى لنا ولإخواننا المسلمين الهداية والتوفيق لما يحبه ويرضاه إنه جواد كريم .

***
س211: ما حكم لبس المرأة اللباس الذي فيه فتحات أمامية وجانبية وخلفية مما يكشف عن جزء من الساق، وحجة هؤلاء أنهن بين نساء فقط؟
الجواب: الذي أرى أن المرأة يجب عليها أن تستتر بلباس ساتر، وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله- أن النساء في عهد النبي صلى الله عليه وسلم كن يلبسن القمص اللاتي تصل إلى الكعبين في القدمين، وإلى الكفين في اليدين، ولا شك أن الفتحات التي أشار إليها السائل تبدي الساق وربما يتطور الأمر حتى يبدون ما فوق الساق، والواجب على المرأة أن تحتشم وأن تلبس كل ما يكون أقرب إلى سترها لئلا تدخل في قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((صنفان من أهل النار لم أرهما، قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات، مائلات مميلات، رؤسهن كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنة، ولا يدركن ريحها، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا))209 .

***
س212: هل يجوز للمرأة أن تصلي بالنقاب والقفاز؟
الجواب: إذا كانت المرأة تصلي في بيتها، أو في مكان لا يطلع عليها إلا الرجال المحارم فالمشروع لها كشف الوجه واليدين لتباشر الجبهة والأنف موضع السجود وكذلك الكفان .
أما إذا كانت تصلي وحولها رجال غير محارم فإنه لا بد من ستر وجهها، لأن ستر الوجه عن غير المحارم واجب، ولا يحل لها كشفه أمامهن كما دل على ذلك كتاب الله –سبحانه وتعالى- وسنة رسول لله صلى الله عليه وسلم والنظر الصحيح الذي لا يحيد عنه عاقل فضلاً عن المؤمن .
ولباس القفازين في اليدين أمر مشروع، فإن هذا هو ظاهر فعل نساء الصحبة بدليل أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا تنتقب المحرمة، ولا تلبس القفازين))210 . فهذا يدل على أن من عادتهن لبس القفازين، وعلى هذا فلا بأس أن تلبس المرأة القفازين إذا كنت تصلي وعندها رجال أجانب، أما ما يتعلق بستر الوجه فإنها تستره ما دامت قائمة أو جالسة فإذا أرادت السجود فتكشف الوجه لتباشر الجبهة محل السجود .

***
س213: ما حكم من صلى في ثياب نجسة وهو لا يعلم؟
الجواب: إذا صلى الإنسان في ثياب نجسة ولم يعلم أنه أصابتها نجاسة إلا بعد صلاته، أو كان عالماً بذلك قبل أن يصلي ولم يذكر إلا بعد فراغه من صلاته إن الصلاة صحيحة، ليس عليه إعادة لهذه الصلاة، وذلك لأنه ارتكب ذلك المحظور جاهلاً أو ناسياً وقد قال الله تبارك وتعالى: ( رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا)(البقرة: من الآية286) فقال الله تعالى: ((قد فعلت))211 ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم صلى ذات يوم في نعليه وكان فيهما أذى فلما كان في أثناء الصلاة أخبره جبريل بذلك فخلعهما رسول اله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي212 ، ولم يستأنف الصلاة فدل هذا على أن من علم بالنجاسة في أثناء الصلاة فإنه يزيلها ولو في أثناء الصلاة ويستمر في صلاته إذا كان يمكنه أن يبقى مستور العورة بعد إزالتها، وكذلك من نسي وذكر في أثناء الصلاة فإنه يزيل هذا الثوب النجس إذا كان يبقى عليه ما يستر عورته، وأما إذا فرغ من صلاته ثم ذكر بعد أن فرغ، أو علم بعد أن فرغ من صلاته، فإنه لا إعادة عليه، وصلاته صحيحة، بخلاف الرجل الذي يصلي وهو ناسي أن يتوضأ مثل أن يكون قد أحدث ونسي أن يتوضأ، ثم صلى وذكر بعد فراغه من الصلاة أنه لم يتوضأ، فإنه يجب عليه الوضوء وإعادة الصلاة، وكذلك لو كان عليه جنابة ولم يعلم بها، مثل أن يكون قد احتلم في الليل وصلى الصبح بدون غُسل جهلاً منه، ولما كان من النهار رأى في ثوبه منياً من نومه، فإنه يجب عليه أن يغتسل وأن يعيد ما صلى .
والفرق بين هذه المسألة والمسألة الأولى –أعني مسألة النجاسة- أن النجاسة من باب ترك المحظور، وأما الوضوء والغسل فهو من باب فعل المأمور، وفعل المأمور أمر إيجادي لا بد أن يقوم به الإنسان، ولا تتم العبادة إلا بوجوده، أما إزالة النجاسة فهي أمر عدمي لا تتم الصلاة إلا بعدمه، فإذا وجد في حال الصلاة نسياناً أو جهلاً فإنه لا يضر، لأنه لم يفوت شيء يطلب حصوله في صلاته .والله أعلم .

***
س214: ما عقوبة الإسبال إذ قصد به الخيلاء؟ وعقوبته إذا لم يقصد به الخيلاء؟ وكيف يجاب من احتج بحديث أبي بكر رضي الله عنه؟
الجواب: إسبال الإزار إذا قصد به الخيلاء فعقوبته أن لاينظر الله تعالى إليه يوم القيامة، ولا يكلمه، ولا يزكيه، وله عذاب أليم .
وأما إذا لم يقصد به الخيلاء فعقوبته أن يعذب ما نزل من الكعبين بالنار، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة، ولا ينظر إليهم، ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم: المسبل، والمنان، والمنفق سلعته بالحلف الكاذب))213 وقال صلى الله عليه وسلم: ((من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة))214 فهذا فيمن جر ثوبه خيلاء .
وأما من لم يقصد الخيلاء ففي صحيح البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ما أسفل من الكعبين من الإزار ففي النار))215 ولم يقيد ذلك بالخيلاء، ولا يصح أن يقيد بها بناء على الحديث الذي قبله، لأن أبا سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أزره المؤمن إلى نصف الساق ولا حرج –أو قال-: لا جناح عليه فيها بينه وبين الكعبين، وما كان أسفل من ذلك فهو في النار، ومن جر إزاره بطراً لم ينظر الله إليه يوم القيامة))216 . رواه مالك، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه، وابن حبان في صحيحه ذكره في كتاب الترغيب والترهيب في الترغيب في القميص ص88 ج3 .
ولأن المعلين مختلفان، والعقوبتين مختلفتان، ومتى اختلف الحكم والسبب امتنع حمل المطلق على المقيد، لما يلزم على ذلك من التناقض .
وأما من احتج علينا بحديث أبي بكر –رضي الله عنه- فنقول له: ليس لك حجة فيه من وجهين:
الوجه الأول: أن أبا بكر رضي الله عنه قال: ((إن أحد شقي ثوبي يسترخي إلا أن أتعاهد ذلك منه ..))217 فهو –رضي الله عنه- لم يرخ ثوبه اختياراً منه، بل كان ذلك يسترخي، ومع ذلك فهو يتعاهده، والذي يسبلون ويزعمون أنهم لم يقصدوا الخيلاء يرخون ثيابهم عن قصد، فنقول لهم: إن قصدتم إنزال ثيابكم إلى أسفل من الكعبين بدون قصد الخيلاء عذبتم على ما نزل فقط بالنار، وإن جررتم ثيابكم خيلاء عذبتم بما هو أعظم من ذلك، لا يكلمكم الله يوم القيامة، ولا ينظر إليكم، ولا يزكيكم، ولكم عذاب أليم .
الوجه الثاني: أن أبا بكر رضي الله عنه زكاه النبي صلى الله عليه وسلم وشهد له أنه ليس ممن يصنع ذلك خيلاء، فهل نال أحد من هؤلاء تلك التزكية والشهادة؟! ولكن الشيطان يفتح لبعض الناس إتباع المتشابه من نصوص الكتاب والسنة ليبرر لهم ما كانوا يعملون، والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم، نسأل الله لنا ولهم الهداية والعافية . حرر في 29/6/1399هـ .

***
س215: من صلى وتبين بعد الصلاة أنه محدث حدثاً يوجب الغسل؟
الجواب: كل إنسان يصلي ثم بعد الصلاة يتبين أن عليه حدثاً أكبر، أو أصغر فالواجب عليه أن يتطهر من هذا الحدث وأن يعيد الصلاة، لأن النبي عليه الصلاة والسلام قال: ((لا يقل الله صلاة بغير طهور))218 .

***
س216: إذا حصل للإنسان رعاف في أثناء الصلاة فما الحكم؟ وهل ينجس الثوب؟
الجواب: الرعاف ليس بناقض للوضوء سواء كان كثيراً أم قليلاً، وكذلك جميع ما يخرج من البدن من غير السبيلين فإنه لا ينقض الوضوء، مثل القيء، والمادة التي تكون في الجروح فإنه لا ينقض الوضوء سواء كان قليلاً أم كثيراً، لأن ذلك لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، والأصل بقاء الطهارة، فإن هذه الطهارة ثبتت بمقتضى دليل شرعي، وما ثبت بمقتضى دليل شرعي فإنه لا يمكن أن يرتفع إلا بمقتضى دليل شرعي، وليس هنالك دليل على أن الخارج من غير السبيلين من البدن ينقض الوضوء، وعلى هذا فلا ينتقض الوضوء بالرعاف أو القيء سواء كان قليلاً أو كثيراً، ولكن إذا كان يزعجك في صلاتك ولم تتمكن من إتمامها بخشوع فلا حرج عليك أن تخرج من الصلاة حينئذ، وكذلك لو خشيت أن تلوث المسجد إذا كنت تصلي في المسجد فإنه يجب عليك الإنصراف لئلا تلوث المسجد بهذا الدم الذي يخرج منك، ، أما ما يقع على الثياب من هذا الدم وهو يسير فإنه لا ينجس الثوب .

***
س217: حكم الصلاة في مسجد فيه قبر؟
الجواب: الصلاة في مسجد فيه قبر على نوعين:
الأول: أن يكون القبر سابقاً على المسجد، بحيث يبنى المسجد على القبر، فالواجب هجر هذا المسجد وعدم الصلاة، وعلى من بناه أن يهدمه، فإن لم يفعل وجب على ولي أمر المسلمين أن يهدمه .
والنوع الثاني: أن يكون المسجد سابقاً على القبر، بحيث يدفن الميت فيه بعد بناء المسجد، فالواجب نبش القبر، وإخراج الميت منه، ودفنه مع الناس .
وأما المسجد فتجوز الصلاة فيه بشرط أن لا يكون القبر أمام المصلي، لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الصلاة إلى القبور .
أما قبر النبي صلى الله عليه وسلم الذي شمله المسجد النبوي فمن المعلوم أن مسجد النبي صلى الله عليه وسلم بني قبل موته فلم يبن على القبر، ومن المعلوم أيضاً أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يدفن فيه، وإنما دفن في بيته المنفصل عن المسجد، وفي عهد الوليد بن عبد الملك كتب إلى أميره على المدينة وهو عمر بن عبد العزيز في سنة 88 من الهجرة أن يهدم المسجد النبوي ويضيف إليه حجر زوجات النبي صلى الله عليه وسلم فجمع عمر وجوه الناس والفقهاء وقرأ عليهم كتاب أمير المؤمنين الوليد فشق عليهم ذلك، وقالوا: تركها على حالها أدعى للعبرة، ويحكى أن سعيد بن المسيب أنكر إدخال حجرة عائشة، كأنه خشي أن يتخذ القبر مسجداً، فكتب عمر بذلك إلى الوليد فأرسل الوليد إليه يأمره بالتنفيذ، فلم يكن لعمر بد من ذلك، فأنت ترى أن قبر النبي صلى ا لله عليه وسلم لم يوضع في المسجد، ولم يبن عليه المسجد فلا حجة فيه لمحتج على الدفن في المساجد، أو بنائها على القبور، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد))219 ، قال ذلك وهو في سباق الموت تحذيراً لأمته مما صنع هؤلاء . ولما ذكرت له أم سلمة رضي الله عنها كنيسة رأتها في أرض الحبشة وما فيها من الصور قال: ((أولئك إذا مات فيهم الرجل الصالح، أو العبد الصالح بنوا على قبره مسجداً، أولئك شرار الخلق عند الله))220 . وعن ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن من شرار الناس من تدركهم الساعة وهم أحياء، والذين يتخذون القبور مساجد))221 . أخرجه الإمام أحمد بسند جيد . والمؤمن لا يرضى أن يسلك مسلك اليهود والنصارى، ولا أن يكون من شرار الخلق . حرر في 7/4/1414هـ.

***
س218: ما حكم الصلاة فوق سطح الحمام؟ وحكم الصلاة فوق سطح مجامع الفضلات النجسة؟
الجواب: الصلاة فوق سطوح حماماتنا المعروفة لا بأس بها، لأن الحمامات عندنا لا تستقل ببناء خاص ويكون سطحها سطح جميع البيت، والصلاة فوق سطح مجامع الفضلات النجسة لا بأس بها أيضاً لدخولها في عموم قوله صلى الله عليه وسلم: ((جعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً))222 .

***
س219: ما الحكم فيمن يمشون بأحذيتهم على أرض المسجد الحرام؟
الجواب:المشي على أرض المسجد الحرام بالحذاء لا ينبغي، وذلك لأنه يفتح باباً للعامة الذين لا يقدرون المسجد فيأتون بأحذية وهي ملوثة بالمياه، وربما تكون ملوثة بالأقذار يدخلون بها المسجد الحرام فيلوثونه بها، والشيء المطلوب شرعاً إذا خيف أن يترتب عليه مفسدة فإنه يجب مراعاة هذه المفسدة وأن يترك، والقاعدة المقررة عند أهل العلم: ((أنه إذا تعارضت المصالح والمفاسد مع التساوي، أو مع ترجح المفاسد فإن درء المفسدة أولى من جلب المصلحة))، وهذا النبي صلى الله عليه وسلم أراد أن يهدم الكعبة، وأن يجدد بناءها على قواعد إبراهيم، ولكن لما كان الناس حديثي عهد بكفر ترك هذا الأمر المطلوب خوفاً من المفسدة فقال لعائشة رضي الله عنها: ((لولا أن قومك حديثوا عهد بكفر لهدمت الكعبة، وبنيتها على قواعد إبراهيم، وجعلت لها بابين باباً يدخل منه الناس، وباباً يخرجون منه))223 .

***
س220: إذا تبين للمصلي أنه انحرف عن القبلة قليلاً فهل يعيد الصلاة؟
الجواب: الانحراف القليل لا يضر، وهذا في غير من كان في المسجد الحرام، لأن المسجد الحرام قبلة المصلي فيه هي عين الكعبة، ولهذا قال العلماء: من أمكنه مشاهدة الكعبة فإن الواجب أن يستقبل عينها، فإذا قدر أن المصلي في الحرم اتجه إلى جهتها لا إلى عينها فإنه يعيد الصلاة لأن صلاته لم تصح، قال عز وجلفتاوى فى اصل الطهاره لابن العيثيمين  Frown فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَه)(البقرة: من الآية144) .
أما إذا كان الإنسان بعيداً عن الكعبة لا يمكنه مشاهدتها ولو في مكة فإن الواجب استقبال الجهة، ولا يضر الانحراف اليسير، ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام لأهل المدينة، ((ما بين المشرق والمغرب قبلة))224 ، لأن أهل المدينة يستقبلون الجنوب، فكل ما بين المشرق والمغرب فهو في حقهم قبلة، كذلك مثلاً نقول للذين يصلون إلى الغرب نقول ما بين الجنوب والشمال قبلة .

س221: إذا صلى جماعة إلى غير القبلة فما الحكم في تلك الصلاة؟
الجواب: هذه المسألة لا تخلو من حالين:
الحال الأولى: أن يكونوا في موضع لا يمكنهم العلم بالقبلة مثل أن يكونوا في سفر، وتكون السماء مغيمة، ولم يهتدوا إلى جهة القبلة فإنهم إذا صلوا بالتحري، ثم تبين أنهم على خلاف القبلة فلا شيء عليهم، لأنهم اتقوا الله ما استطاعوا، وقد قال تعالىفتاوى فى اصل الطهاره لابن العيثيمين  Frownفَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ)(التغابن: من الآية16) وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم225 . وقال الله تعالى في خصوص هذه المسألة: (وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) (البقرة:115) .
الحال الثانية: أن يكونوا في موضع يمكنهم فيه السؤال عن القبلة، ولكنهم فرطوا وأهملوا، ففي هذه الحال يلزمهم قضاء الصلاة التي صلوها إلى غير القبلة، سواء علموا بخطئهم قبل خروج وقت الصلاة أم بعده، لأنهم في هذه الحال مخطئون خاطئون، مخطئون في شأن القبلة، لأنهم لم يتعمدوا الانحراف عنها، لكنهم خاطئون في تهاونهم وإهمالهم السؤال عنها، إلا أنه ينبغي أن نعلم أن الانحراف اليسير عن جهة القبلة لا يضر، كما لو انحرف إلى جهة اليمين أو إلى جهة الشمال يسيراً لقول النبي صلى الله عليه وسلم في أهل المدينة: ((ما بين المشرق والمغرب قبلة))226 فالذين يكونون شمالاً عن الكعبة نقول لهم: ما بين المشرق والمغرب قبلة، وكذلك من يكونون جنوباً عنها، ومن كانوا شرقاً عنها، أو غرباً نقول لهم: ما بين الشمال والجنوب قبلة، فالانحراف اليسير لا يؤثر ولا يضر .
وهاهنا مسألة أحب أن أنبه عليها وهي: أن من كان في المسجد الحرام يشاهد الكعبة فإنه يجب أن يتجه إلى عين الكعبة لا إلى جهتها، لأنه إذا انحرف عن عين الكعبة لم يكن متجهاً إلى القبلة، وأرى كثيراً من الناس في المسجد الحرام لا يتجهون إلى عين الكعبة تجد الصف مستطيلاً طويلاً، وتعلم علم اليقين أن كثيراً منهم لم يكن متجهاً إلى عين الكعبة، وهذا خطأ عظيم يجب على المسلمين أن ينتبهوا له، وأن يتلافوه، لأنهم إذا صلوا على هذه الحال صلوا إلى غير القبلة .

***
س222: ما حكم التلفظ بالنية؟
الجواب: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى))227 . والنية محلها القلب ولا يحتاج إلى نطق، وأنت إذا قمت تتوضأ فهذه هي النية، ولا يمكن لإنسان عاقل غير مكره على عمل أن يفعل ذلك العمل إلا وهو ناوٍ له، ولهذا قال بعض أهل العلم: لو كلفنا الله عملاً بلا نية لكان من التكليف بما لا يطاق .
ولم يرد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه –رضوان الله عنهم- أنهم كانوا يتلفظون بالنية، والذين تسمعهم يتلفظون بالنية تجد ذلك إما جهلاً منهم، أو تقليداً لمن قال بذلك من أهل العلم، حيث قالوا إنه ينبغي أن يتلفظ بالنية من أجل أن يطابق القلب اللسان، ولكننا نقول إن قولهم هذا ليس بصحيح، فلو كان أمراً مشروعاً لبينه الرسول صلى الله عليه وسلم للأمة، إما بقوله وإما بفعله . والله الموفق .

***
س223: ما حكم صلاة الفريضة خف المتنفل كمن صلى العشاء مع الذين يصلون التراويح؟
الجواب: لا بأس أن يصلي العشاء خلف من يصلي التراويح، وقد نص على ذلك الإمام أحمد –رحمه الله- فإن كان مسافراً وأدرك الإمام من أول الصلاة سلم معه، وإلا أتم ما بقي إذا سلم الإمام .

***
س224: إذا أدرك المسافر مع الإمام المقيم الركعتين الأخيرتين فهل يسلم معه بنية القصر؟
الجواب: لا يجوز للمسافر إذا إئتم بالمقيم أن يقصر الصلاة لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((ما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا))228 وعلى هذا إذا أدرك المسافر مع الإمام المقيم الركعتين الأخيرتين وجب عليه أن يأتي بركعتين بعد سلام إمامه، ولا يجوز أن يسلم مع الإمام مقتصراً على الركعتين . والله أعلم .

***
س225: ما حكم الإسراع في المشي إلى الصلاة؟
الجواب: إسراع الإنسان في مشيه إلى الصلاة منهي عنه، لأن النبي عليه الصلاة والسلام أمرنا أن نمشي وعلينا السكينة والوقار ونهانا أن نسرع، إلا أن بعض أهل العلم قال: لا بأس أن يسرع سرعة لا تقبح إذا خاف أن تفوته الركعة مثل إن دخل والإمام راكع فأسرع سرعة ليست قبيحة كما يصنع بعض الناس تجده يأتي يركض شديداً، فإن هذا منهي عنه، مع أن الإتيان بالسكينة والوقار مع عدم الإسراع أفضل حتى وإن خاف أن تفوته الركعة لعموم الحديث .

***
س226:هل يجوز الإسراع لإدراك الركعة مع الإمام في صلاة الجماعة؟ أفتونا حفظكم الله ورعاكم؟
الجواب: إذا دخلت والإمام راكع فلا تسرع، ولا تدخل في الصلاة قبل أن تصل إلى الصف الأول، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأبي بكرة رضي الله عنه حين فعل ذلك: ((زادك الله حرصاً ولا تعد))229 .

***
س227: ما حكم قراءة القرآن في المسجد بصوت مرتفع مما يسبب التشويش على المصلين؟
الجواب: حكم قراءة الرجل في المسجد في الحال التي يشوش بها على غيره من المصلين، أو الدارسين، أو قارئ القرآن، حكم ذلك حرام، لوقوعه فيما نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم، فقد روى مالك في الموطأ230 عن البياضي (هو فروة بن عمرو) أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج على الناس وهم يصلون وقد علت أصواتهم بالقراءة، فقال: ((إن المصلي يناجي ربه فلينظر بما يناجيه به، ولا يجهر بعضكم على بعض بالقرآن)) . وروى نحوه أبو داود231 من حديث أبي سعيد الخدري –رضي الله عنه- .

***
س228: بعض الناس إذا دخلوا المسجد قرب وقت الإقامة وقفوا ينتظرون قدوم الإمام وتركوا تحية المسجد فما حكم هذا العمل؟
الجواب: إذا كانت المدة قصيرة بحيث لا يفوت فعل تحية المسجد فلا حرج عليهم، وأما إذا كانوا لا يدرون متى يأتي الإمام فالأفضل أن يصلوا تحية المسجد، ثم إن جاء الغمام وأقيمت الصلاة وأنت في الركعة الأولى فاقطعها، وإن كنت في الركعة الثانية فأتمها خفيفة .

***
س229: يلاحظ من بعض الرجال في المسجد الحرام أنهم يصفون خلف صفوف النساء في الصلاة المفروضة، فهل تقبل صلاتهم؟ وهل من توجيه لهم؟
الجواب: إذا صلى الرجال خلف النساء فإن أهل العلم يقولون لا بأس،لكن هذا خلاف السنة، لأن السنة أن تكون النساء خلف الرجال، إلا أنه كما هو مشاهد في المسجد الحرام يكون هناك زحام وضيق فتأتي النساء وتصف، ويأتي رجال بعدهن فيصفون وراءهن، ولكن ينبغي للمصلي أن يحترز عن هذا بقدر ما يستطيع، لأنه ربما يحصل من ذلك فتنة للرجال، فليتجنب الإنسان الصلاة خلف النساء، وإن كان هذا جائزاً حسب ما قرره الفقهاء، لكننا نقول: ينبغي للإنسان أن يتجنب هذا بقدر المستطاع . وينبغي للنساء أيضاً ألا يصلين في موطن يكون قريباً من الرجال .

***
س230: هل يجوز إبعاد الصبي عن مكانه في الصف؟
الجواب: الصحيح عدم جواز إبعاد الصبي عن مكانه في الصف لحديث ابن عمر –رضي الله عنهما- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا يقيم الرجل الرجل من مقعده ثم يجلس فيه))232 . ولأنه فيه اعتداء على حق الصبي، وكسراً لقلبه، وتنفيراً له عن الصلاة، وزرعاً للبغضاء والحقد في قلبه .
ولأننا لو قلنا بجواز تأخير الصبيان إلى آخر الصفوف لاجتمعوا في صف واحد وحصل منهم اللعب والعبث في الصلاة، لكن لا بأس بزحزحته عن مكانه للتفريق بينهم إذا خيف منهم اللعب .

***
س231: ما حكم الصلاة بين السواري؟
الجواب: الصلاة بين السواري جائزة عند الضيق .
أما في حال السعة فلا يصلى بين السواري، لأنها تقطع الصفوف . حرر في 29/1/1419هـ .

***
س232: ما الحكم في صفوف النساء؟ هل شرها أولها وخيرها آخرها على الإطلاق، أو في حالة عدم وجود ساتر بين الرجال والنساء؟
الجواب: المراد إذا كان الرجال مع النساء في مكان واحد فإن آخر صفوف النساء أفضل من أولها كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((خير صفوف النساء آخرها، وشرها أولها))233 . وإنما كان كذلك لأن آخرها أبعد عن الرجال وأولها أقرب إلى الرجال .
وأما إذا كان لهن مكان خاص كما يوجد الآن في أكثر المساجد فإن خير صفوف النساء أولها كالرجال .

***
س233: ما حكم صلاة من يصلي خارج المسجد كمن يصلي في الطرقات المتصلة بالمسجد؟
الجواب: إذا كان المسجد لا يسع المصلين وصلوا بالطرقات المتصلة به فلا بأس، ما داموا يتمكنون من متابعة الإمام لأن هذا ضرورة . حرر في 6/6/1413هـ

***
س234: ما المعتمد في إقامة الصفوف؟ وهل يشرع للمصلي أن يلصق كعبه بكعب من بجانبه؟ أفتونا مأجورين؟
الجواب: الصحيح أن المعتمد في تسوية الصف محاذاة الكعبين بعضهما بعضاً، لا رؤوس الأصابع، وذلك لأن البدن مركب على الكعب، والأصابع تختلف الأقدام فيها، فهناك القدم الطويل، وهناك القدم القصير، فلا يمكن ضبط التساوي إلا بالكعب .
وأما إلصاق الكعبين بعضهما ببعض فلا شك أنه وارد عن الصحابة –رضي الله عنهم- فإنهم كانا يسوون الصفوف بإلصاق الكعبين بعضهما ببعض234، أي أن كل واحد منهم يلصق كعبه بكعب جاره لتحقق المحاذاة وتسوية الصف، فهو ليس مقصوداً لذاته لكنه مقصود لغيره كما ذكر بعض أهل العلم، ولهذا إذا تمت الصفوف وقام الناس ينبغي لكل واحد أن يلصق كعبه بكعب صاحبه لتحقق المساواة، وليس معنى ذلك أن يلازم هذا الإلصاق ويبقى ملازماً له في جميع الصلاة .
ومن الغلو في هذه المسألة ما يفعله بعض الناس من كونه يلصق كعبه بكعب صاحبه ويفتح قدميه فيما بينهما حتى يكون بينه وبين جاره في المناكب فرجة فيخالف السنة في ذلك، والمقصود أن المناكب والأكعب تتساوى .

***
س235: هل ثبت رفع اليدين في الصلاة في غير المواضع الأربعة؟ وكذلك في صلاة الجنازة والعيدين؟
الجواب: المواضع الأربعة التي ترفع فيها اليدان يجب أولاً أن نعرفها وهي: عند تكبيرة الإحرام، وعند الركوع، وعند الرفع من الركوع، وعند القيام من التشهد الأول، فهذه المواضع صح بها الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من حديث ابن عمر –رضي الله عنهما- قال: ((كان النبي صلى الله عليه وسلم يرفع يديه إذا كبر للصلاة، وإذا كبر للركوع وإذا قال سمع الله لمن حمده" . قال: "وكان لا يفعل ذلك في السجود))235 .
وإذا كان ابن عمر –رضي الله عنهما- الحريص على تتبع فعل الرسول صلى الله عليه وسلم وقد تتبعه فعلاً فرآه يرفع يده في التكبير، وفي الركوع وفي الرفع منه، والقيام من التشهد الأول وقال: "وكان لا يفعل ذلك في السجود" ولا يقال: إن هذا من باب المثبت والنافي، وأن من أثبت الرفع فهو مقدم على النافي في حديث ابن عمر، لأن حديث ابن عمر صريح بأنه تأكد من عدم الرفع، فالذي يشاهده إذا رفع للركوع، والرفع من الركوع، ثم يقول لا يفعل ذلك في السجود، فهل نقول إنه يمكن غفل ولم ينتبه؟ لا يمكن ذلك، لأنه جزم بأنه لم يفعله في السجود وجزم بأنه كن يفعله في الركوع وفي الرفع منه . أما رفع اليدين في صلاة الجنازة وفي العيدين فإنه مشروع في كل تكبيرة .

س236: إذا أدرك المأموم الإمام راكعاً فهل يكبر تكبيرتين؟
الجواب: إذا دخل الإنسان والإمام راكع ثم كبر للإحرام فليركع فوراً، وتكبيره للركوع حينئذ سنة وليس بواجب، فإن كبر للركوع فهو أفضل، وإن تركه فلا حرج عليه، ثم بعد ذلك لا يخلو من حالات:
الحال الأولى:
أن يتيقن أنه وصل إلى الركوع قبل أن ينهض الإمام منه، فيكون حينئذ مدركاً للركعة ، وتسقط عنه الفاتحة في هذه الحال.
الحال الثانية:
أن يتيقن أن الإمام رفع من الركوع قبل أن يصل هو إلى الركوع، وحينئذ تكون الركعة قد فاتته، ويلزمه قضاؤها.
الحال الثالثة:
أن يتردد ويشك هل أدرك الإمام في ركوعه، أو أن الإمام رفع قبل أن يدركه في الركوع؟ وفي هذه الحال يبني على غالب ظنه فإن ترجح عنده أنه أدرك الإمام في الركوع فقد أدرك الركعة، وإن ترجح عنده أنه لم يدرك الإمام في الركوع فقد فاتته الركعة، وفي هذه الحال إن كان قد فاته شيء من الصلاة فإنه يسجد للسهو بعد السلام، وإن كان قد فاته شيء من الصلاة فإنه يسجد للسهو بعد السلام وإن لم يفته شيء من الصلاة، بأن كانت الركعة المشكوك فيها في الركعة الأولى، وغلب على ظن أنه أدركها، فإن سجود السهو في هذه الحال يسقط عنه، لارتباط صلاته بصلاة الإمام، والإمام يتحمل سجود السهو عن المأموم إذا لم يفت المأموم شيء من الصلاة.
وهناك حال أخرى في حال الشك يكون الإنسان متردداً في إدراك الإمام راكعاً بدون ترجيح، ففي هذه الحال يبني على المتيقن وهو عدم الإدراك؛ لأنه الأصل ، وتكون هذه الركعة قد فاتته، ويسجد للسهو قبل السلام.
وهاهنا مسألة أحب أن أنبه لها في هذه المناسبة وهي أن كثيراً من الناس إذا دخل المسجد والإمام راكع صار يتنحنح بشدة وتتابع، وربما يتكلم (إن الله مع الصابرين) وربما يخبط بقدميه وكل هذا خلاف السنة، وفيه إحداث التشويش على الإمام وعلى المأمومين، ومن الناس من إذا دخل والإمام راكع أسرع إسراعاً قبيحاً، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك ، فقال صلى الله عليه وسلم ( إذا سمعتم الإقامة فامشوا إلى الصلاة وعليكم السكينة والوقار ، ولا تسرعوا ، فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا)236.

* * *
س 237: ما حكم وضع اليد اليمنى على اليد اليسرى على الصدر أو فوق القلب؟ وما حكم وضع اليدين تحت السرة؟ وهل هناك فرق بين الرجل والمرأة؟
الجواب: حكم وضع اليد اليمنى على اليسرى في الصلاة سنة، لحديث سهل بن سعد – رضي الله عنه- قال: "كان الناس يؤمرون أن يضع الرجل يده اليمنى على ذراعه اليسرى في الصلاة". أخرجه البخاري237.
ولكن أين يكون الوضع؟
الجواب: أقرب الأقوال إلى الصحة في ذلك أن الوضع يكون على الصدر لحديث وائل بن حجر- رضي الله عنه – أن النبي صلى الله عليه وسلم ((كان يضع يده اليمنى على اليسرى على صدره ))238. والحديث وإن كان فيه شيء من الضعف، لكنه أقرب من غيره إلى الصحة.
وأما وضعها على القلب على الجانب الأيسر فهو بدعة لا أصل لها.
وأما وضعها تحت السرة فقد روى ذلك أثراً عن علي – رضي الله عنه – 239لكنه ضعيف، وحديث وائل بن حجر أقوى منه.
ولا فرق في هذا الحكم بين المرأة والرجل؛ لأن الأصل اتفاق النساء والرجال في الأحكام، إلا أن يقوم دليل على التفريق، أو على الفرق بينهما ، ولا أعلم دليلاً صحيحاً يفرق بين الرجل والمرأة في هذه السنة.


* * *
س 238: ما حكم الجهر بالبسملة؟

الجواب: الراجح أن الجهر بالبسملة لا ينبغي، وأن السنة الإسرار بها؛ لأنها ليست من الفاتحة، ولكن لو جهر بها أحياناً فلا حرج؛ بل قد قال بعض أهل العلم : إنه ينبغي أن يجهر بها أحياناً؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد روى عنه ((أنه كان يجهر بها))240 .
ولكن الثابت عنه صلى الله عليه وسلم (( أنه كان لا يجهر بها))241 وهذا هو الأولي أن لا يجهر بها.
ولكن لو جهر بها تأليفاً لقوم مذهبهم الجهر فأرجو أن لا يكون به بأس.

* * *
س 239: ما حكم دعاء الاستفتاح ؟

الجواب: الاستفتاح سنة وليس بواجب ، لا في الفريضة ولا في النافلة.
والذي ينبغي أن يأتي الإنسان في الاستفتاح بكل ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم يأتي بهذا أحياناً ، وبهذا أحياناً، ليحصل له بذلك فعل السنة على جميع الوجوه ، وإن كان لا يعرف إلا وجهاً واحداً من السنة واقتصر عليه فلا حرج؛ لأن الظاهر أن الرسول عليه الصلاة والسلام كان يُنوعُ هذه الوجوه في الاستفتاح، وفي التشهد من أجل التيسير على العباد، وكذلك في الذكر بعد الصلاة كان الرسول صلى الله عليه وسلم ينوعها لفائدتين:
الفائدة الأولى: أن لا يستمر الإنسان على نوع واحد، فإنٍ الإنسان إذا استمر على نوع واحد صار إتيانه بهذا النوع كأنه أمر عادي، ولذلك لو غفل وجد نفسه يقول هذا الذكر، وإن كان من غير قصد؛ لأنه صار أمراً عاديّاً، فإذا كانت الأذكار متنوعة وصار الإنسان يأتي أحياناً بهذا، وأحياناً بهذا صار ذلك أحصر لقلبه، وأدعى لفهم ما يقوله.
الفائدة الثانية: التيسير على الأمة، بحيث يأتي الإنسان تارة بهذا، وتارة بهذا، على حسب ما يناسبه.
فمن أجل هاتين الفائدتين صارت بعض العبادات تأتي على وجوه متنوعة، مثل دعاء الاستفتاح، والتشهد، والأذكار بعد الصلاة.
س 240: هل التأمين سنة؟

الجواب : نعم ، التأمين سنة مؤكدة، لا سيما إذا أمن الإمام، لما جاء في الصحيحين من حديث أبى هريرة – رضى الله عنه – أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ((إذا أمَّن الإمام فأمِّنوا، فإن من وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه))242.
ويكون تأمين الإمام والمأموم في آن واحد، لقول النبي صلى الله عليه وسلم وآله وسلم : " إذا قال الإمام: (ولا الضالين) فقولوا (آمين) 243.

* * *
س 241بعض المأمومين إذا قُرأ (إِيَّاكَنَعْبُدُوَإِيَّاكَنَسْتَعِينُ) قال : استعنابالله،فماحكمذلك؟
الجواب: المشروعفيحقالمأمومأنينصتلإمامه،فإذافرغمنالفاتحةأمّنالإمام،وأمنالمأموم،وهذاالتأمينيغنيعنكلشيءيقولهالإنسانفيأثناءقراءةالإمامللفاتحة.

* * *
س 242: ما حكم قراءة الفاتحة في الصلاة؟
الجواب : اختلفالعلماءفيقراءةالفاتحةعلىأقوالمتعددة :
القول الأول: أن الفاتحة لا تجب لاعلى الإمام ، ولا على المأموم، ولا المنفرد ، لا في الصلاة السرية، ولا الجهرية، وأن الواجب قراءة ما تيسر من القرآن ويستدلون بقول الله تعالى في سورة المزمل : ( فَاقْرَأُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ ). وبقول النبي صلى الله عليه وسلم للرجل فتاوى فى اصل الطهاره لابن العيثيمين  Frownأقرأ ما تيسر معك من القرآن) 244.
القول الثاني: أن قراءة الفاتحة ركن في حق الإمام، والمأموم، والمنفرد، في الصلاة السرية والجهرية، وعلى المسبوق، وعلى الداخل في جماعة من أول الصلاة.
القول الثالث: أن قراءة الفاتحة ركن في حق الإمام والمنفرد، وليست واجبة على المأموم مطلقاً لا في السرية ، لا في الجهرية.
القول الرابع: أن قراءة الفاتحة ركن في حق الإمام، والمأموم، والمنفرد في الصلاة السرية والجهرية، وركن في حق المأموم في الصلاة السرية دون الجهرية.
والراجح عندي: أن قراءة الفاتحة ركن في حق الأمام، والمأموم، والمنفرد في الصلاة السرية والجهرية، إلا المسبوق إذا أدرك الإمام راكعاً فإن قراءة الفاتحة تسقط عنه في هذه الحال، ويدل لذلك عموم قول النبي صلى الله عليه وسلم (( لا صلاة لمن يقرأ بفاتحة الكتاب))245. وقوله صلى الله عليه وسلم : ممن صلى صلاة لم يقرأ فيها بأم القرآن(( فهي خِداج))246.- بمعني فاسدة – وهذا عام، ويدل لذلك أيضاً حديث عبادة بن الصامت أن النبي صلى الله عليه وسلم انصرف من صلاة الصبح فقال لأصحابه : "((لعلكم تقرؤون خلف الإمام؟ قالوا : نعم يا رسول الله ، قال لا تفعلوا إلا بأم القرآن، فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها)) 247، وهذا نص في الصلاة الجهرية.
وأما سقوطها عن المسبوق فدليله : حديث أبي بكرة – رضى الله عنه – أنه أدرك النبي صلى الله عليه وسلم راكعاً، فأسرع وركع قبل أن يدخل في الصف، ثم دخل في الصف، فلما انصرف النبي صلى الله عليه وسلم من صلاته سأل عمن فعل ذلك، فقال أبو بكرة : أنا يا رسول الله ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " زادك الله حرصاً ولا تعد 248، فلم يأمره النبي صلى الله عليه وسلم بإعادة الركعة التي أسرع من أجل ألا تفوته، ولو كان ذلك واجباً عليه لأمره به النبي صلى الله عليه وسلم، كما أمر الذي يصلي بلا طمأنينة أن يعيد صلاته، هذا من جهة الدليل الأثري.
أما من جهة الدليل النظري فنقول:
إن هذا الرجل المسبوق لم يدرك القيام الذي هو محل قراءة الفاتحة ، فلما لم يدرك المحل سقط ما يجب فيه، بدليل أن الأقطع الذي تقطع يده لا يجب عليه أن يغسل العضد بدل الذراع، بل يسقط عنه الفرض لفوات محله، كذلك تسقط قراءة الفاتحة على من أدرك الإمام راكعاً؛ لأنه لن يدرك القيام الذي هو محل قراءة الفاتحة، وإنما سقط عنه القيام هنا من أجل متابعة الإمام.
فهذا القول عندي هو الصحيح، ولولا حديث عبادة بن الصامت الذي أشرت إليه قبل قليل – وهو أن النبي صلي الله عليه وسلم انصرف من صلاة الصبح – لولا هذا لكان القول بأن قراءة الفاتحة لا تجب على المأموم في الصلاة الجهرية هو القول الراجح؛ لأن المستمع كالقارىء في حصول الأجر، ولهذا قال الله تعالى لموسى: ( قد اجيبت دعوتكما)، مع أن الداعي موسى وحده ، قال تعالى: (وَقَالَ مُوسَى رَبَّنَا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ زِينَةً وَأَمْوَالاً فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ) (يونس:88)
فهل ذكر الله لنا أن هارون دعا؟ فالجواب لا، ومع ذلك قال ( قد اجبت) قال العلماء في توجيه التثنية بعد الإفراد: إن موسى كان يدعو وهارون كان يؤمن.
وأما حديث أبي هريرة الذي فيه : ((من كان له إمام فقراءة الإمام له قراءة)) 249 فلا يصح؛ لأنه مرسل كما قال ابن كثير في مقدمة تفسيره، ثم إن هذا الحديث على إطلاقه لا يقول به من استدل، فإن الذين استدلوا به بعضهم يقول: إن المأموم تجب عليه القراءة في الصلاة السرية فلا يأخذون به على الإطلاق.
فإن قيل : إذ كان الإمام لا يسكت فمتى يقرأ المأموم الفاتحة؟
فنقول: يقرأ الفاتحة والإمام يقرأ، فقال : (( لا تفعلوا إلا بأم القرآن، فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها ))250
[/fon
فاستقم كما امرت
فاستقم كما امرت
الدعم الفني والتقني
الدعم الفني والتقني
عدد المساهمات : 616
تاريخ التسجيل : 23/12/2012

فتاوى فى اصل الطهاره لابن العيثيمين  Empty رد: فتاوى فى اصل الطهاره لابن العيثيمين

22nd يونيو 2013, 3:17 pm
س 253: ما حكم جلسة الاستراحة؟

الجواب : للعلماء في جلسة الاستراحة ثلاثة أقوال:
القول الأول: الاستحباب مطلقاً.
القول الثاني: عدم الاستحباب مطلقاً.
القول الثالث: التفصيل بين من يشق عليه القيام مباشرة فيجلس، ومن لا يشق عليه فلا يجلس ، قال في المغني ص 529 ج 1 ط دار المنار: ((وهذا فيه جمع بين الأخبار وتوسط بين القولين" وذكر في الصفحة التي تليها عن على بن أبي طالب رضى الله عنه إن من السنة في الصلاة المكتوبة إذا نهض الرجل في الركعتين الأوليين أن لا يعتمد بيديه على الأرض إلا أن يكون شيخاً كبيراً لا يستطيع)). رواه الأثرم261 ،ثم قال : وحديث مالك ( يعني ابن الحويرث) (( أن النبي صلى الله عليه وسلم لما رفع رأسه من السجدة الثانية استوى قاعداً ثم اعتمد على الأرض262 ، محمول على أنه كان من النبي صلى الله عليه وسلم لمشقة القيام عليه لضعفه وكبره، فإنه قال عليه السلام : (( إني قد بدنت فلا تسبقوني بالركوع ولا بالسجود)) . ا هـ .
وهذا القول هو الذي أميل إليه أخيراً وذلك لأن مالك بن الحويرث قدم على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يتجهز في غزوة تبوك263 والنبي صلى الله عليه وسلم في ذلك الوقت قد كبر وبدأ به الضعف، وفي صحيح مسلم صلي الله عليه وسلم 506 تحقيق محمد فراد عبد الباقي عن عائشة – رضي الله عنها – قالت: (( لما بدن رسول الله صلى الله عليه وسلم وثقل كان أكثر صلاته جالساً))264 ، وسألها عبد الله بن شقيق هل كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي وهو قاعد؟ قالت: ((نعم ، بعدما حطمه الناس))265 ، وقالت حفصة – رضى الله عنها -: " ما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يصلي في سبحته قاعداً حتى كان قبل وفاته بعام فكان يصلى في سبحته قاعداً))266 . وفي رواية : ((بعام واحد أو اثنين))، وكل هذه الروايات في صحيح مسلم، ويؤيد ذلك أن في حديث مالك بن الحويرث ذكر الاعتماد على الأرض، والاعتماد على الشيء إنما يكون عند الحاجة إليه، وربما يؤيد ذلك ما في حديث عبد الله بن بُحينة – رضى الله عنه – عند البخاري وغير : (( أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بهم الظهر ، فقام من الركعتين، ولم يجلس))267 فإن قوله: (( ولم يجلس)) عام لم يستثن منه جلسة الاستراحة، وقد يقال إن الجلوس المنفي جلوس التشهد لا مطلق الجلوس، والله أعلم.

* * *
س 254: ما حكم تحريك السبابة في التشهد من أوله إلى آخره؟

الجواب: تحريك السبابة إنما يكون عند الدعاء، وليس في جميع التشهد، فإذا دعا حركها كما جاء ذلك في بعض الأحاديث.. (( يحركها يدعو بها))268 ووجه ذلك أن الداعي إنما يدعو الله عز وجل، والله سبحانه وتعالى في السماء لقوله تعالى : (أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِباً فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ)) (الملك: 16،17). وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ((ألا تأمنوني وأنا أمين من في السماء ))269
فالله تعالى في السماء- أي في العلو – فوق كل شيء، فإذا دعوت الله فإنك تشير إلى العلو، ولهذا ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه خطب الناس في حجة الوداع وقال: (( إلا هل بلغت))؟ قالوا : نعم، فرفع أصبعه إلى السماء وجعل ينكتها إلى الناس يقول : ((اللهم اشهد ، اللهم اشهد، اللهم اشهد ثلاثاً))270 ، وهذا يدل على أن الله تعالى فوق كل شيء، وهو أمر واضح معلوم بالفطرة، والعقل، والسمع، والإجماع، وعلى هذا فكلما دعوت الله عز وجل فإنك تحرك السبابة تشير بها إلى السماء، وفي غير ذلك تجعلها ساكنة، فلنتتبع الآن مواضع الدعاء في التشهد: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، الله صل على محمد وعلى آل محمد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد، أعوذ بالله من عذاب جهنم ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن فتنة المسيح الدجال، هذه ثمانية مواضع يحرك الإنسان أصبعه فيها نحو السماء ، وإن دعا بغير ذلك أيضاً رفعها ؛ لأن القاعدة أن يرفعها عند كل دعاء.

* * *
س 255: هل يقتصر المصلى في التشهد الأول على التشهد أو يزيد الصلاة؟
الجواب: التشهد الأول في الثلاثية والرباعية يقتصر فيه على قول: (التحيات لله والصلوات والطيبات، السلام عليك يا أيها النبي ورحمة الله وبركاته ، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين. أشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله)271 ، وهذا هو الأفضل فإن زاد وقال : ( اللهم صل على محمد، وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم، وعلى آل إبراهيم ، إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد ، وعلى آل محمد ، كما باركت على إبراهيم ، وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد)272، فلا بأس.
ومن العلماء من استحب هذه الزيادة ؛ لكن الأقرب عندي الاقتصار على الحد الأول، وإن زاد فلا بأس، لا سيما إذا أطال الإمام التشهد، فحينئذ يزيد الصلاة التي ذكرناها.

* * *
س 256: ما حكم التورك في الصلاة؟ وهل هو عام للرجال والنساء؟ أفيدونا جزاكم الله خيراً.
الجواب: جلسة التورك في الصلاة سنة في التشهد الأخير في كل صلاة فيها تشهدان؛ كصلاة المغرب، والعشاء ، والظهر والعصر. وأما الصلاة التي ليس فيها إي تشهد واحد فليس فيها تورك. بل يفترش.
أما كونه للرجال والنساء، فنعم فهو ثابت في حق النساء والرجال، لأن الأصل تساوي الرجال والنساء في الأحكام الشرعية إلا بدليل شرعي يدل على عدم التساوي، وليس هناك دليل شرعي صحيح على أن المرأة تختلف عن الرجل في هيئات الصلاة؛ بل هي والرجل على حد سواء.
س257: إمام يسلم تسليمة واحدة عن يمينه فقط فهل يجزىء الاقتصار على تسليمة واحدة؟ أفتونا جزاكم الله خيراً.
الجواب: يرى بعض العلماء أنه يجوز الاقتصار على تسليمة واحدة ، ويرى بعضهم أنه لابد من التسليمتين، ويرى آخرون أن التسليمة الواحدة تكفى في النفل دون الفرض.
والاحتياط للإنسان أن يسلم مرتين؛لأن هذا أكثر ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم وهو أحوط وأكثر ذكراً ، لكن إذا سلم الإمام مرة واحدة وكان المأموم لا يرى الاقتصار على واحدة فليسلم المأموم مرتين ولا حرج عليه في هذا، أما لو سلم الإمام مرتين والمأموم يرى تسليمة واحدة فليسم مع الإمام من أجل متابعته.

س 258: هل الأولى للإمام أن ينصرف بعد الصلاة مباشرة أو ينتظر قليلاً؟
الجواب: الأولى للإمام أن يبقى مستقبل القبلة بقدر ما يستغفر الله ثلاثاً ، ويقول : الله أنت السلام ، ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام، ثم ينصرف إلى جهة المأمومين273.
أما بقاؤه في مكانه فإن كان يلزم من قيامه تخطى رقاب المأمومين فالأولى أن يبقى حتى يجد متسعاًَ، وإلا فله الانصراف.
أما المأموم فالأولى أن لا ينصرف قبل إمامه لقول النبي صلى الله عليه وسلم : (( تسبقوني بالانصراف))274. لكن إذا أطال الإمام البقاء مستقبل القبلة أكثر من السنة فللمأموم أن ينصرف.

س 259: ما رأي فضيلتكم في المصافحة وقول (( تقبل الله )) بعد الفراغ من الصلاة مباشرة؟ وجزاكم الله خيراً.
الجواب : لا أصل للمصافحة، ولا لقول ، (( تقبل الله) بعد الفراغ من الصلاة، ولم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه – رضي الله عنهم -. حرر في 25/5/1409هـ .

* * *
س 260: ما رأيكم في استخدام المسبحة في التسبيح ؟ جزاكم الله خيراً .
الجواب: استخدام السبحة جائز ، لكن الأفضل أن يسبح بالأنامل وبالأصابع ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( اعقدن بالأصابع فإنهن مستنطقات))275.
ولأن حمل السبحة قد يكون فيه شيء من الرياء؛ ولأن الذي يسبح بالسبحة غالباً تجده لا يحضر قلبه فيسبح بالمسبحة وينظر يميناً وشمالاً . فالأصابع هي الأفضل وهي الأولى.


* * *
س 261: ما الأذكار المشروعة بعد السلام من الصلاة؟
الجواب : ذكر الله تعالى بعد الصلوات قد أمر الله به في قوله : (فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِكُمْ َ)(النساء: الآية103). وهذا الذكر الذي أمر الله به مجملاً بينه النبي صلى الله عليه وسلم فتقول إذا سلمت: استغفر الله ثلاثاً ، الله أنت السلام، ومن السلام، تباركت ياذا الجلال والإكرام276 ، لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك ، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير،اللهم لا مانع لما أعطيت ، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد277، لا إله إلا الله، ولا نعبد إلا إياه، له النعمة، وله الفضل، وله الثناء الحسن، لا حول ولا قوة إلا بالله، لا إله إلا الله، ولا نعبد إلا إياه، مخلصين له الدين ولو كره الكافرون278، وتسبح الله تعالى بما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم فمن ذلك أن تسبح الله وتحمده وتكبره ثلاثاً وثلاثين تقول : سبحان الله ، والحمد لله ، والله أكبر ثلاثاً وثلاثين279 وتقول تمام المائة : لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير280. وسواء قلتها مجموعة سبحان الله، والحمد لله، والله أكبر ثلاثاً وثلاثين، أو قلت التسبيح وحده، والتحميد وحده، والتكبير وحده وتختمها بلا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك ، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير.
كذلك يجوز أن تسبح، وتحمد ، و تكبر عشراً عشراً، بدلاً من الثلاثة وثلاثين فتقول : سبحان الله، عشر مرات، والحمد لله، عشر مرات، والله أكبر ، عشر مرات ، فهذه ثلاثون وهذا مما جاءت به السنة281.
ومما جاءت به السنة في هذا أن تقول سبحان الله، والحمد لله ولا إله إلا الله، والله أكبر هذه أربع تقال خمساً وعشرين فيكون المجموع مائة282.
فأي نوع من هذه الأنواع سبحت به فهو جائز ؛ لأن القاعدة الشرعية : ((أن العبادات الواردة على وجوه متنوعة يسن فعلها على هذه الوجوه كلها هذه مرة وهذه مرة)) لأجل أن يأتي الإنسان بالسنة في جميع وجوهها، وهذه الأذكار التي قُلت عامة في الصلوات: الفجر، والظهر، والعصر، والمغرب، والعشاء، وفي المغرب وفي الفجر يكون التهليل عشر مرات، وكذلك " ربي أجرني من النار" سبع مرات بعد المغرب والفجر، والله الموفق.

* * *
س 262: ما حكم رفع اليدين والدعاء بعد الصلاة؟
الجواب: ليس من المشروع أن الإنسان إذا أتم الصلاة رفع يديه ودعا، وإذا كان يريد الدعاء فإن الدعاء في الصلاة أفضل من كونه يدعو به،قبل أن ينصرف منها ، ولهذا أرشد النبي صلى الله عليه وسلم ذلك في حديث ابن مسعود حين ذكر التشهد قال:
((ثم ليتخير من المسألة ما شاء ))283وأما ما يفعله بعض العامة من كونهم كلما صلوا تطوعاً رفعوا أيديهم حتى أن بعضهم تكاد تقول إنه لم يدعُ؛ لأنك تراه تقام الصلاة وهو في التشهد من تطوعه فإذا سلم رفع يديه رفعاً ، كأنه والله أعلم رفع مجرد، ثم مسح وجهه، كل هذا محافظة على هذا الدعاء الذي يظنون أنه مشروع، وهو ليس بمشروع . فالمحافظة عليه إلى هذا الحد يعتبر من البدع.

* * *
س 263: في بعض البلاد وبعد الصلوات المفروضة يقرؤون الفاتحة، والذكر، وآية الكرسي بصوت جماعي، فما الحكم في هذا العمل؟
الجواب : قراءة الفاتحة، وآية الكرسي، والذكر بعد الصلاة بصوت مرتفع جماعي من البدع، فإن المعروف عن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه أنهم بعد الصلاة يذكرون الله بصوت مرتفع، ولكن كل واحد منهم يذكر الله تعالى على انفراده دون أن يشتركوا، فرفع الصوت بالذكر بعد الصلاة المفروضة سنة كما ثبت ذلك في صحيح البخاري عن ابن عباس – رضي الله عنهما – قال: (( كان رفع الصوت بالذكر حين ينصرف الناس من المكتوبة على عهد النبي صلى الله عليه وسلم))284.
وأما قراءة الفاتحة بعد الصلاة سواءً كان ذلك سّراً أو جهراً فلا أعلم فيه حديثاً عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وإنما ورد الحديث بقراءة آية الكرسي وقل هو الله أحد والمعوذتين فقط285.

* * *
س 264: إذا خشي الإنسان إن قضى حاجته أن تفوته صلاة الجماعة فهل يصلي وهو حاقن ليدرك الجماعة، أو يقضي حاجته ولو فاتته الجماعة؟
الجواب: يقضي حاجته ويتوضاً، ولو فاتته الجماعة؛ لأن هذا عذر، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم وعلى آله وسلم : (( لا صلاة بحضرة طعام ، ولا هو يدافعه الأخبثان ))286

* * *
س 265: ما حكم تغميض العينين في الصلاة؟
تغميض العينين في الصلاة مكروه؛ لأنه خلاف ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم ، إلا ما كان لسبب، كما لو كان أمامه زخرفة في الجدار أو في الفراش، أو كان أمامه نور قوي يؤذي عينيه. المهم إذا كان التغميض لسبب فلا بأس به، وإلا فإنه مكروه، ومن أراد الاستزادة فليرجع إلى كتاب زاد المعاد لابن القيم – رحمه الله تعالى - .

* * *
س 266: فرقعة الأصابع أثناء الصلاة سهواً هل تبطل الصلاة؟
الجواب : فرقعة الأصابع لا تُبطل الصلاة، ولكن فرقعة الأصابع من العبث، وإذا كان ذلك في صلاة الجماعة أوجب التشويش على من يسمع فرقعتها فيكون ذلك أشد ضرراً مما لو لم يكن حوله أحد.
وبهذه المناسبة أود أن أقول : إن الحركة في الصلاة تنقسم إلى خمسة أقسام : حركة واجبة ، وحركة مسنونة ، وحركة مكروهة، وحركة مُحرمة، وحركة جائزة.
أما الحركة الواجبة: فهي التي يتوقف عليها فعل واجب في الصلاة ، مثل أن يقوم الإنسان يُصلي ثم يذكر أن على غترته نجاسة فحينئذ يتعين عليه أن يخلع هذه الغترة، وهذه حركة واجبة، ودليل ذلك287أن النبي صلى الله عليه وسلم أتاه جبريل وهو يصلي فأخبره أن في نعليه قذراً فخلعهما النبي صلى الله عليه وسلم في أثناء الصلاة ومضى في صلاته، فهذه حركة واجبة وضابطها: أن يترتب عليها فعل واجب في الصلاة أو ترك محرم.
وأما الحركة المسنونة: فهي أن يتوقف عليها كمال الصلاة. مثل الدنو في الصف إذا انفتحت الفرجة فدنا الإنسان إلى جاره لسد هذه الفرجة فإن هذه سنة، فيكون هذا الفعل مسنوناً.
وأما الحركة المكروهة : فهي الحركة التي لا حاجة إليها ولا تتعلق بتكميل الصلاة.
وأما الحركة المحرمة : فهي الحركة الكثيرة المتوالية، مثل أن يكون الإنسان وهو قائم يعبث، وهو راكع يعبث، وهو ساجد يعبث، وهو جالس يعبث حتى تخرج الصلاة عن هيئتها، فهذه الحركة محرمة لأنها تبطل الصلاة.
وأما الحركة المباحة : فهي ما عدا ذلك، مثل أن تشعل الإنسان حكّة فيحكها، أو تنزل غترته على عينه فيرفعها فهذه من الحركة المباحة. أو يستأذنه إنسان فيرفع يده ويأذن له فهذه من الحركات المباحة.

* * *
س 267: ما حكم السترة ؟ وما مقدارها؟
الجواب: السترة في الصلاة سنة مؤكدة إلا للمأموم، فإن المأموم لا يسن له اتخاذ السترة اكتفاءً بسترة الإمام.
فأما مقدارها فقد سئل النبي صلى الله عليه وسلم عنها فقال: (( مثل مؤخرة الرحل))288.
لكن هذا أعلاها ويجزء ما دون ذلك فقد جاء في الحديث : ((إذا صلى أحدكم فليستتر ولو بسهم))289. وجاء في الحديث الآخر الذي رواه أبو داود بإسناد حسن (( أن من لم يجد فليخط خطّاً ))290 قال الحافظ ابن حجر في بلوغ المرام291. لم يصب من زعم أنه مضطرب ، فالحديث ليس فيه علة توجب رده. فنقول : أقلها خط، وأعلاها مثل مؤخرة الرحل.

* * *
س 268: ما حكم المرور بين يدي المصلي في المسجد الحرام سواء كان المصلي مفترضاً أو متنفلاً مأموماً أو منفرداً؟
الجواب: أما المرور بين يدي المأموم فلا بأس به في المسجد الحرام وفي غيره ، لأن ابن عباس – رضى الله عنهما – جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو في منى وهو يصلي بالناس إلى غير جدار، فمر بين يدي الصف، وهو راكب على حمار أتان، ولم ينكر عليه أحد292 .
وأما إذا كان المصلي إماماً أو منفرداً فإنه لا يجوز المرور بين يديه لا في المسجد الحرام ولا في غيره لعموم الأدلة، وليس هناك دليل يخص مكة، أو المسجد الحرام يدل على أن المرور بين يدي المصلي فيهما لا يضر ولا يأثم به المار.

* * *
س269: ما حكم وضع المدفأة الكهربائية أمام المصلين أثناء تأديتهم للصلاة، وهل ورد في ذلك محذور شرعي ؟ أثابكم الله ونفع المسلمين بكم وبعلمكم.
الجواب: لا بأس أن توضع الدفايات في قبلة المسجد أمام المصلين، ولا أعلم في ذلك محذور شرعيّاً.

* * *
س270: هل يجوز للمصلي إذا مر في قراءته على ذكر الجنة والنار أن يسأل الله الجنة، ويتعوذ به من النار؟ وهل هناك فرق بين المأموم والمنفرد في ذلك؟
الجواب:: نعم يجوز ذلك ، ولا فرق بين الإمام والمنفرد والمأموم، غير أن المأموم يشترط فيه أن لا يشغله ذلك عن الإنصات المأمور به.


* * *
س271: ما أسباب سجود السهو.
الجواب : سجود السهو في الصلاة أسبابه في الجملة ثلاثة:


1. الزيادة
2. النقص.
3. الشك.

فالزيادة: مثل أن يزيد الإنسان ركوعاً، أو سجوداً، أو قياماً، أو قعوداً.
والنقص: مثل أن ينقص الإنسان ركناً، أو ينقص واجباً من واجبات الصلاة.
والشك: أن يتردد ، كم صلى ثلاثاً، أم أربعاً مثلاً.
فاستقم كما امرت
فاستقم كما امرت
الدعم الفني والتقني
الدعم الفني والتقني
عدد المساهمات : 616
تاريخ التسجيل : 23/12/2012

فتاوى فى اصل الطهاره لابن العيثيمين  Empty رد: فتاوى فى اصل الطهاره لابن العيثيمين

22nd يونيو 2013, 3:19 pm

أما الزيادة فإن الإنسان إذا زاد الصلاة ركوعاً أو سجوداً، أو قياماً ، أو قعوداً متعمداً بطلت صلاته لأنه إذا زاد فقد أتى بالصلاة على غير الوجه الذي أمره به الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم (( من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد)293 .
أما إذا زاد ذلك ناسياً فإن صلاته لا تبطل، ولكنه يسجد للسهو بعد السلام، ودليل ذلك حديث أبي هريرة – رضى الله عنه – حين سلم النبي صلى الله عليه وسلم من الركعتين في إحدى صلاته العشي، إما الظهر وإما العصر، فلما ذكروه أتى صلى الله عليه وسلم ، بما بقي من صلاته ، ثم سلم ثم سجد سجدتين بعدما سلم294. وحديث ابن مسعود – رضى الله عنه – أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بهم الظهر خمساً فلما انصرف قيل له أزيد في الصلاة؟ قال: ((وما ذاك))؟ قالوا: صليت خمساً. فثنى رجليه، واستقبل القبلة، وسجد سجدتين295 .
أما النقص فإن نقص الإنسان ركناً من أركان الصلاة فلا يخلو:
إما أن يذكره قبل أن يصل إلى موضعه من الركعة الثانية، فحينئذ يلزمه أن يرجع فيأتي بالركن وبما بعده.
وإما أن لا يذكره إلا حين يصل إلى موضعه من الركعة الثانية، وحينئذ تكون الركعة الثانية بدلاً عن التي ترك ركناً منها فيأتي بدلها بركعة، وفي هاتين الحالين يسجد بعد السلام، مثال ذلك: رجل قام حين سجد السجدة الأولى من الركعة الأولى ولم يجلس ولم يسجد السجدة الثانية، ولما شرع في القراءة ذكر أنه لم يسجد ولم يجلس بين السجدتين، فحينئذ يرجع ويجلس بين السجدتين، ثم يسجد ، ثم يقوم فيأتي بما بقي من صلاته، ويسجد السهو بعد السلام.
ومثال لمن لم يذكره إلا بعد وصوله إلى محله من الركعة الثانية:
أنه قام من السجدة الأولى في الركعة الأولى ولم يسجد السجدة الثانية ولم يجلس بين السجدتين ، ولكنه لم يذكر إلا حين جلس بين السجدتين في الركعة الثانية. ففي هذه الحال تكون الركعة الثانية هي الركعة الأولى، ويزيد ركعة في صلاته، ويسلم ثم يسجد للسهو.
أما نقص الواجب: فإذا نقص واجباً وانتقل من موضعه إلى الموضع الذي يليه مثل : أن ينسى قول (( سبحان ربى الأعلى)) ولم يذكر إلا بعد أن رفع من السجود، فهذا قد ترك واجباً من واجبات الصلاة سهواً فيمضى في صلاته، ويسجد للسهو قبل السلام، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما ترك التشهد الأول مضى في صلاته ولم يرجع وسجد للسهو قبل السلام296.
أما الشك فإن الشك هو التردد بين الزيادة والنقص، مثل أن يتردد هل صلى ثلاثاً ، أو أربعاً ، فلا يخلو من حالين:
إما أن يترجح عنده أحد الطرفين الزيادة، أو النقص، فيبني على ما ترجح عنده ويتم عليه ، ويسجد للسهو بعد السلام، وأما أن لا يترجح عنده أحد الأمرين فيبني على اليقين وهو الأقل ويتم عليه، ويسجد للسهو قبل السلام مثال ذلك: رجل يصلي الظهر ثم شك هل هو في الركعة الثالثة أو الرابعة، وترجح عنده أنها الثالثة فيأتي بركعة، ثم يسلم، ثم يسجد للسهو.
ومثال ما استوى فيه الأمران: رجل يصلي الظهر فشك هل هذه الركعة الثالثة، أو الرابعة، ولم يترجح عنده أنها الثالثة، أو الرابعة فيبني على اليقين وهو الأقل، ويجعلها الثالثة ثم يأتي بركعة ويسجد للسهو قبل أن يسلم.
وبهذا تبين أن سجود السهو يكون قبل السلام في : ما إذا ترك واجباً من الواجبات ، أو إذا شك في عدد الركعات ولم يترجح عنده أحد الطرفين.
وأنه يكون بعد السلام في ما إذا زاد في صلاته، أو شك وترجح عنده أحد الطرفين.

* * *
س 272: إذا زاد الإمام ركعة واعتديت بها وأنا مسبوق فهل صلاتي صحيحة؟ وما الحكم إذا لم أعتد بها وزدت ركعة؟
الجواب : القول الصحيح أن صلاتك صحيحة؛ لأنك صليتها تامة، وزيادة الإمام لنفسه، وهو معذور فيها لنسيانه، أما أنت فلو قمت وأتيت بركعة بعده لكنت قد زدت ركعة بلا عذر وهذا يبطل الصلاة. حرر في 25/7/1407 هـ.

* * *
س273: رجل يصلي الليل، وصلاة الليل مثنى ،مثنى ، فقام إلى ثالثة ناسياً فماذا يفعل؟
الجواب : يرجع فإن لم يرجع بطلت صلاته؛ لأنه تعمد الزيادة ، ولهذا نص الإمام احمد على أنه إذا قام في صلاة الليل إلى ثالثة فكأنما قام إلى ثالثة في صلاة الفجر، يعني إن لم يرجع بطلت صلاته، لكن يستثنى من هذا الوتر فإن الوتر يجوز أن يزيد الإنسان فيه على ركعتين فلو أوتر بثلاث جاز.
وعلى هذا فإن الإنسان إذا دخل في الوتر بنية أن يصلي ركعتين ثم يسلم ثم يأتي بالثالثة، لكنه نسي فقام إلى ثالثة بدون سلام، فنقول له أتم الثالثة فإن الوتر يجوز فيه الزيادة على ركعتين .

* * *
س 274: مصلي قام عن التشهد الأول وقبل أن يشرع في القراءة ذكر فهل يرجع ؟ ومتى يسجد للسهو قبل السلام أو بعده في تلك الحال؟
الجواب: في هذه الحال لا يرجع ؛ لأنه انفصل عن التشهد تماماً حيث وصل إلى الركن الذي يليه، فيكره له الرجوع وإن رجع لم تبطل صلاته؛ لأنه لم يفعل حراماً، ولكن عليه أن يسجد للسهو، ويكون قبل السلام.
وقال بعض العلماء يجب عليه المضي ولا يرجع وعليه سجود السهو لجبر ما نقص من الواجب، ويكون قبل السلام.وقال بعض العلماء يجب عليه المضي ولا يرجع سجود السهو ما نقص من الواجب ويكون قبل السلام.

س275: ما حكم الوتر وهل هو خاص برمضان؟
الجواب: الوتر سنة مؤكدة في رمضان وغيره، حتى إن الإمام أحمد وغيره يقول : (( من ترك الوتر فهو رجل سوء لا ينبغي أن تقبل شهادته)) فهو سنة مؤكدة لا ينبغي للمسلم تركه لا في رمضان ولا في غيره، والوتر هو أن يختم صلاة الليل بركعة، وليس الوتر كما يفهمه بعض العوام أنه القنوت، فالقنوت شيء، والوتر شيء، فالوتر أن يختم صلاة الليل بركعة أو بثلاث سرداً.
وعلى كل حال فالوتر سنة مؤكدة في رمضان وفي غيره ولا ينبغي للمسلم أن يدعه.

* * *
س276: نرجو من فضيلتكم توضيح السنة في دعاء القنوت، وهل له أدعية مخصوصة؟ وهل تشرع إطالته في صلاة الوتر؟
الجواب : دعاء القنوت منه ما علّمه النبي صلى الله عليه وسل للحسن بن علي بن أبي طالب: (( اللهم أهدني فيمن هديت، وعافني فيمن عافيت))297 ، على آخر الدعاء المشهور. والإمام يقول : الله اهدنا بضمير الجمع؛ لأنه يدعو لنفسه ولمن خلفه، وإن أتي بشيء مناسب فلا حرج، ولكن لا ينبغي أن يطيل إطالة تشق على المأمومين، أو توجب مللهم لأن النبي عليه الصلاة والسلام غضب على معاذ – رضي الله عنه- حين أطال الصلاة بقومه وقال: (( أفتان أنت يا معاذ))298 .

* * *
س 277 : هل من السنة رفع اليدين عند دعاء القنوت مع ذكر الدليل؟
الجواب: نعم من السنة أن يرفع الإنسان يديه عند دعاء القنوت ؛ لأن ذلك وارد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في قنوته حين كان يقنت في الفرائض عند النوازل، وكذلك صح عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – رفع اليدين في قنوت الوتر، وهو أحد الخلفاء الراشدين الذين أمرنا باتباعهم.
فرفع اليدين عند قنوت الوتر سنة، سواء كان إماماً، أو مأموماً، أو منفرداً ، فكلما قنت فارفع يديك.

* * *
س 278: ما حكم القنوت في الفرائض؟وما حكم إذا نزل بالمسلمين نازلة؟
الجواب: القنوت في الفرائض ليس بمشروع ولا ينبغي فعله، لكن إن قنت الإمام فتابعه لأن الخلاف شر.
وإن نزل بالمسلمين نازلة فلا بأس بالقنوت حينئذ لسؤال الله تعالى رفعها.

* * *
س279: ما حكم صلاة التراويح، وعدد ركعاتها؟
الجواب : صلاة التراويح سنة سنها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ففي الصحيحين عن عائشة – رضى الله عنها – أن النبي صلى الله عليه وسلم في المسجد ذات ليلة وصلى بصلاته ناس، ثم صلى من القابلة وكثر الناس، ثم اجتمعوا من الليلة الثالثة، أو الرابعة فلم يخرج إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلما أصبح قال: (( قد رأيت الذي صنعتم فلم يمنعني من الخروج إليكم إلا أني خشيت أن تفرض عليكم)) وذلك في رمضان299
وأما عددها: فإحدى عشرة ركعة، لما في الصحيحين عن عائشة – رضى الله عنها – أنها سُئلت كيف كانت صلاة النبي صلى الله عليه وسلم في رمضان؟ فقالت: " ما كان يزيد في رمضان ولا غيره على إحدى عشرة ركعة300 .
وإن صلاها ثلاث عشرة ركعة فلا بأس، لقول ابن عباس – رضي الله عنهما – "كانت صلاة النبي صلى الله عليه وسلم ثلاث عشرة ركعة" يعني من الليل. رواه البخاري301.
والإحدى عشرة هي الثابتة عن عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – كما في الموطأ بإسناد من أصح الأسانيد302 .
وإن زاد على ذلك فلا بأس، لقول النبي صلى الله عليه وسلم حين سئل عن صلاة الليل قال: (( مثنى ، مثنى))303 ولم يحدد.
وقد ورد عن السلف في ذلك أنواع ، والأمر في ذلك واسع لكن الأفضل الاقتصار على ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم وهي الإحدى عشرة أو الثلاث عشرة.
ولم يصح أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي هو أو أحد من الخلفاء ثلاثاً وعشرين بل الثابت عن عمر- رضى الله عنه – إحدى عشرة، حيث أمر أبي بن كعب وتميماً الداري أن يقوما للناس بإحدى عشرة ركعة304. وهذا هو اللائق بمثل عمر – رضي الله عنه – أن تكون سيرته في هذا سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم .
ولا نعلم أن الصحابة رضي الله عنهم زادوا على ثلاث وعشرين ركعة، بل الظاهر خلاف ذلك، وقد سبق قول عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم ((ما كان يزيد في رمضان ولا غيره على إحدى عشرة ركعة)).
وأما إجماع الصحابة رضي الله عنهم فلا ريب أنه حجة ؛ لأن فيهم الخلفاء الراشدين الذين أمر النبي صلى الله عليه وسلم باتباعهم، ولأنهم خير القرون من هذه الأمة.
واعلم أن الخلاف في عدد ركعات التراويح ونحوها مما يسوغ فيه الاجتهاد لا ينبغي أن يكون مثاراً للخلاف والشقاق بين الأمة، خصوصاً وأن السلف اختلفوا في ذلك، وليس في المسألة دليل يمنع جريان الاجتهاد فيها، وما أحسن ما قال أحد أهل العلم لشخص خالفه في الاجتهاد في أمر سائغ: إنك بمخالفتك إياي قد وافقتني فكلانا يرى وجوب إتباع ما يرى أنه الحق حيث يسوغ الاجتهاد.
نسأل الله تعالى للجميع التوفيق لما يحب ويرضى.

* * *
س 280: ما حكم دعاء ختم القرآن في قيام الليل في شهر رمضان؟
الجواب :لا أعلم في ختمة القرآن في قيام الليل في شهر رمضان سنة عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا عن أصحابه أيضاًَ، وغاية ما ورد في ذلك أنس بن مالك رضي الله عنه -: (( كن إذا ختم القرآن جمع أهله ودعا)) وهذا في غير الصلاة.
ثم إن في هذه الختمة مع كونها لم يثبت لها أصل من السنة فيها أن الناس ولاسيما النساء يكثرون في هذا المسجد المعين ويحصل بذلك من الاختلاط بين الرجال والنساء عند الخروج ما هو معلوم لمن شاهده.
ولكن بعض أهل العلم قال إنه يستحب أن يختم القرآن بهذا الدعاء.
ولو أن الإمام جعل الختمة في القيام في آخر الليل وجعلها مكان القنوت من الوتر وقنت لم يكن في هذا بأس؛ لأن القنوت مشروع.

س281: هل ليلة القدر ثابتة في ليلة معينة من كل عام أو أنها تنتقل من ليلة إلى ليلة؟
الجواب: ليلة القدر لا شك أنها في رمضان لقول الله تعالى (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ) (القدر:1) . وبين الله تعالى في آية أخرى أن الله أنزل القرآن في رمضان فقال عز وجل : (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ )(البقرة: الآية185). وكان النبي صلى الله عليه وسلم يعتكف العشر الأول من رمضان يطلب ليلة القدر، ثم اعتكف في العشر الأوسط ، ثم رآها صلى الله عليه وسلم في العشر الأواخر من رمضان305 ، ثم تواطأت رؤيا عدد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أنها في السبع الأواخر من رمضان فقال: (( أرى رؤياكم قد تواطأت في السبع الأواخر فمن كان متحريها فليتحرها في السبع الأواخر))306. وهذا أقل ما قيل في حصرها في زمن معين.
وإذا تأملنا الأدلة الواردة في ليلة القدر تبين لنا أنها تنتقل من ليلة إلى أخرى وأنها لا تكون في ليلة معينة كل عام، فالنبي صلى الله عليه وسلم " أري ليلة القدر في المنام وأنه يسجد في صبيحتها في ماء وطين، وكانت تلك الليلة ليلة إحدى وعشرين307 ، وقال عليه الصلاة والسلام: (( تحروا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان))308 وهذا يدل على أنها لا تنحصر في ليلة معينة، وبهذا تجتمع الأدلة، ويكون الإنسان في كل ليلة من ليالي العشر يرجو أن يصادف ليلة القدر، وثبوت أجر ليلة القدر حاصل لمن قامها إيماناً واحتساباً سواء علم بها أو لم يعلم؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (( من قام ليلة القدر إيماناً واحتسابا غُفر له ما تقدم من ذنبه))309 . ولم يقل إذا علم أنه أصابها فلا يشترط في حصول ثواب ليلة القدر أن يكون العامل عالماً بها بعينها، ولكن من قام العشر الأواخر من رمضان كلها إيماناً واحتساباً فإننا نجزم بأنه أصاب ليلة القدر سواء في أول العشر أو في وسطها أو في آخرها والله الموفق.

س282: ما حكم حمل المصاحف من قبل المأمومين في صلاة التراويح في رمضان بحجة متابعة الإمام؟
الجواب: حمل المصحف لهذا الغرض فيه مخالفة للسنة وذلك من وجوه:
الوجه الأول: أنه يفوت الإنسان وضع اليد اليمنى على اليسرى في حال القيام.
الوجه الثاني: أنه يؤدي إلى حركة كثيرة لا حاجة إليها ، وهي فتح المصحف ، وإغلاقه، ووضعه في الإبط وفي الجيب ونحوهما.
الوجه الثالث: أنه يشغل المصلى في الحقيقة بحركاته هذه.
الوجه الرابع: أنه يفوت المصلي النظر إلى موضع السجود وأكثر العلماء يرون أن النظر إلى موضع السجود هو السنة والأفضل.
الوجه الخامس: أن فاعل ذلك ربما ينسى أنه في صلاة إذا كان لم يستحضر قلبه أنه في صلاة، بخلاف ما إذا كان خاشعاً واضعاً يده اليمنى على اليسرى، مطأطأ رأسه نحو سجوده، فإنه يكون أقرب إلى استحضار أنه يصلى وأنه خلف إمام.

* * *
س283: بعض أئمة المساجد يحاول ترقيق قلوب الناس والتأثير فيهم بتغيير نبرة صوته أحياناً أثناء صلاة التراويح، وقد سمعت بعض الناس ينكر ذلك، فما قولكم حفظكم الله في هذا؟
الجواب : الذي أري أنه إذا كان هذا العمل في الحدود الشرعية بدون غلو فإنه لا بأس به، ولا حرج فيه ، ولهذا قال أبو موسى الأشعري للنبي صلى الله عليه وسلم : ((لو كنت أعلم أنك تستمع إلى قراءتي لحبرَّته لك تحبيراً))310. أي حسنتها وزينتها ، فإذا حسَّن بعض الناس صوته، أو أتي به على صفة ترقق القلوب فلا أرى في ذلك بأساً، لكن الغلو في هذا بكونه لا يتعدى كلمة في القرآن إلا فعل مثل هذا الفعل الذي ذكر في السؤال أرى أن هذا من باب الغلو ولا ينبغي فعله. والعلم عند الله.

* * *
س284: يقول بعض العلماء إن وقت السنن الرواتب القبلية والبعدية هو بدخول وقت الفريضة وينتهي بخروج وقت الفريضة، وقول بعضهم : القبلية تنتهي بقضاء الفريضة فما الراجح في ذلك؟
الجواب: الراجح أن السنة القبلية وقتها ما بين دخول وقت الصلاة وفعل الصلاة. فراتبة الظهر القبلية يدخل وقتها من أذان الظهر أي من زوال الشمس وينتهي بفعل الصلاة أي بصلاة الظهر.
والسنة البعدية يبتدئ وقتها بانتهاء الصلاة وينتهي بخروج الوقت.
ولكن إذا فات وقت السنة القبلية من غير تفريط من الإنسان فإنه يقضيها بعد الصلاة، أما إذا أخر الراتبة القبلية عن وقتها بلا عذر فلا تنفعه ولو قضاها، لأن القول الصحيح أن كل عبادة مؤقتة بوقت إذا خرج وقتها بلا عذر لا تصح ولا تقبل.

* * *
س 285: ما حكم قضاء سنة الفجر بعد صلاة الفجر لمن لم يتمكن من أدائها قبل الصلاة؟ وهل يعارض ذلك النهي عن الصلاة بعد صلاة الفجر؟
الجواب: قضاء سنة الفجر بعد صلاة الفجر لا بأس به على القول الراجح.
ولا يعارض ذلك حديث النهي عن الصلاة بعد صلاة الفجر؛ لأن المنهي عنه الصلاة التي لا سبب لها.
ولكن إن أخر قضاءها إلى الضحى ولم يخش من نسيانها، أو الانشغال عنها فهو أولى.

* * *
س286: إذا دخل الإنسان المسجد قبل الأذان وصلى تحية المسجد، ثم أذن المؤذن فهل يشرع له أن يأتي بنافلة؟
الجواب: إذا كان الأذان لصلاة الفجر ، أو الظهر فإنه إذا أتم الأذان المؤذن يصلي الراتبة ركعتين للفجر، وأربع ركعات قبل الظهر، وإذا كان الأذان لغيرهما فإنه يسن له أن يتطوع أيضاً لقول النبي صلى الله عليه وسلم : (( بين كل أذانين صلاة))311.

* * *
س 287: هل تقضى الرواتب إذا فات وقتها؟
الجواب: نعم الرواتب إذا ذهب وقتها نسياناً أو لنوم فإنها تقضى، لدخولها في عموم قول النبي صلى الله عليه وسلم وعلى آله وسلم : (( من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها))312.
ولحديث أم سلمة – رضي الله عنها – أن النبي صلى الله عليه وسلم شغل عن الركعتين بعد صلاة الظهر وقضاهما بعد صلاة العصر313.
أما إذا تركها عمداً حتى فات وقتها فإنه لا يقضيها ، لأن الرواتب عبادات مؤقتة والعبادات المؤقتة إذا تعمد الإنسان إخراجها عن وقتها لم تقبل منه.

* * *
س 288: هل ورد دليل على تغيير المكان لأداء السنة بعد صلاة الفريضة؟
الجواب : نعم ، ورد في حديث معاوية – رضي الله عنه – أنه قال : (( إن النبي صلى الله عليه وسلم أمرنا أن لا توصل صلاة بصلاة حتى نتكلم ، أو نخرج))314. فأخذ من هذا أهل العلم أنه ينبغي الفصل بين الفرض وسنته، إما بكلام، أو بانتقال عن مكانه.

* * *
س 289: إذا فاتت سنة الضحى هل تقضى أم لا؟
الجواب : الضحى إذا فات محلها فاتت ؛ لأن سنة الضحى مقيدة بهذا، لكن الرواتب لما كانت تابعة للمكتوبات صارت تُقضى وكذلك الوتر لما ثبت في السنة (( أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، إذا غلبه النوم، أو المرض في الليل صلى من النهار ثنتي عشرة ركعة ))315. فالوتر يقضى أيضاً.

* * *
س 290: هل تشترط الطهارة في سجدة التلاوة؟ وما هو اللفظ الصحيح لهذه السجدة؟
فأجاب فضيلته بقوله : سجدة التلاوة هي السجدة المشروعة عند تلاوة الإنسان آية السجدة والسجدات في القرآن معروفة، فإذا أراد أن يسجد كبر وسجد وقال : (( سبحان ربي الأعلى))، (( سبحانك اللهم ربنا وبحمدك ، اللهم اغفر لي))، اللهم لك سجدت، وبك آمن، ولك أسلمت ، سجد وجهي للذي خلقه، وصوره ، وشق سمعه وبصره بحوله وقوته316 ، (( الله اكتب لي بها أجراً ، وحط عني بها وزراً ، واجعلها لي عندك ذخراً، وتقبلها مني كما تقبلتها من عبدك داود317 . ثم يرفع بدون تكبير ولا سلام، إلا إذا كانت السجدة في أثناء الصلاة مثل أن يقرأ القارئ آية فيها سجدة وهو يصلي فيجب عليه أن يكبر إذا سجد، ويجب عليه أن يكبر إذا قام؛ لأن الواصفين لصلاة النبي صلى الله عليه وسلم ذكروا أنه يكبر كلما خفض ورفع318 وهذا يشمل سجود صلب الصلاة، وسجود التلاوة.
وأما ما يفعله بعض الناس من كونه يكبر إذا سجد ولا يكبر إذا قام والسجود في نفس الصلاة فلا أعلم له وجهاً من السنة، ولا من أقوال أهل العلم أيضاً.
وأما قول السائل : هل تشترط الطهارة في سجود التلاوة؟
فهذا موضع خلاف بين أهل العلم: فمنهم من قال: أنه لابد أن يكون على طهارة.
ومنهم من قال أنه لا يشترط وكان ابن عمر – رضي الله عنهما – يسجد على غير طهارة.
ولكن الذي أراه أن الأحوط أن لا يسجد إلا وهو على وضوء.

* * *
س291: متى يُسجد لله سجود شكر؟ وما صفته؟ وهل يشترط له وضوء؟
الجواب: أن يكون سجود الشكر عن مصيبة اندفعت، أو لنعمة تهيأت للإنسان، وهو كالتلاوة خارج الصلاة، فبعض العلماء يرى له الوضوء والتكبير، وبعضهم يرى التكبيرة الأولى فقط ثم يخر ساجداً ويدعو بعد قوله : " سبحان ربي الأعلى".

* * *
س 292: ما حكم صلاة الاستخارة؟ وهل يقال دعاء الاستخارة إذا صلى الإنسان تحية المسجد أو الراتبة؟
الجواب: الاستخارة سنة إذا هم بشيء ولم يتبين له رجحان فعله ، أو تركه.
أما ما تبين له رجحان فعله، أو تكره فلا تشرع فيه الاستخارة، ولذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل الأمور الكثيرة، ولا يفعلها إلا بعد الهم بها قطعاً ، ولم ينقل عنه أنه كان يصلى صلاة الاستخارة، فلو همّ الرجل بالصلاة، أو أداء الزكاة، أو ترك المحرمات، أو نحو ذلك ، أو همّ أن يأكل ، أو يشرب، أو ينام لم يشرع له صلاة الاستخارة.
ولا يقال دعاء الاستخارة إذا صلى تحية المسجد، أو الراتبة ولم ينوه من قبل؛ لأن الحديث صريح بطلب صلاة الركعتين من أجل الاستخارة فإذا صلاهما بغير هذه النية لم يحصل الامتثال.
وأما إذا نوى الاستخارة قبل التحية، والراتبة ثم دعا بدعاء الاستخارة فظاهر الحديث أن ذلك يجزئه لقوله : ((فليركع ركعتين من غير الفريضة))319 فإنه لم يستثن سوى الفريضة ، ويحتمل أن لا يجزئه؛ لأن قوله : ((إذا هم فليركع )) يدل على أنه لا سبب لهاتين الركعتين سوى الاستخارة، والأولى عندي أن يركع ركعتين مستقلتين، لأن هذا الاحتمال قائم وتخصيص الفريضة بالاستثناء قد يكون المراد به أن يتطوع بركعتين فكأنه قال فليتطوع بركعتين والله أعلم.

* * *
س 393: ما صلاة التسبيح؟
الجواب : صلاة التسبيح لا تصح عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال الإمام أحمد – رحمه الله تعالى – في حديثها لا يصح، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله -: (( أنه كذب، ونص أحمد وأئمة أصحابه على كراهتها ولم يستحبها إمام، وأما أبو حنيفة، ومالك، والشافعي فلم يسمعوها بالكلية))، هذا كلام شيخ الإسلام ابن تيمية- رحمه الله – وما ذكره- رحمة الله تعالى – فهو حق، فإن هذه الصلاة لو كانت صحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم لنقلت إلى الأمة نقلاً لا ريب فيه لعظم فادتها ولخروجها عن جنس الصلوات، بل وعن جنس العبادات فلا نعلم عبادة يخير فيها هذا التخيير بحيث تفعل كل يوم، أو في الأسبوع مرة، أو في الشهر مرة، أو في الحول مرة، أو في العمر مرة فإن ما خرج عن نظائره اهتم الناس بنقله، وشاع فيهم لغرابته، فلما لم يكن هذا في هذه الصلاة علم أنها ليست مشروعة، ولهذا لم يستحبها أحد من الأئمة.

* * *
س 294: ما حكم صلاة الركعتين ليلة الزواج عند الدخول على الزوجة؟

الجواب: الركعتان عند الدخول على الزوجة في أول ليلة فعلها بعض الصحابة320 ،ولا أعرف في هذا سنة صحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولكن المشروع أن يأخذ بناصية المرأة ويسأل الله خيرها ، وخير ما جبلت عليه، ويستعيذ بالله من شرها وشر ما جبلت عليه321، وإذا كان يخشى في هذه الحال أن تنفر منه المرأة فليمسك بناصيتها كأنه يريد أن يدنو منها ويدعو بهذا الدعاء سرَّاً بحيث لا تسمعه؛ لأن بعض النساء قد يخيل لها إذا قال : أعوذ بك من شرها وشر ما جلبت عليه ، فتقول : هل فيّ شر؟

س295: ما هي أوقات النهي ، وعن تحية المسجد قبل صلاة المغرب؛ هل تكون قبل الأذان أو بعده، أفتونا جزاكم الله خيراً؟
الجواب: أوقات النهي:

الوقت الأول: من صلاة الفجر إلى أن ترتفع الشمس قيد رمح؛ أي إلى ما بعد طلوع الشمس بربع ساعة إلى ثلث ساعة.

الوقت الثاني: قبل الزوال بنحو عشر دقائق؛ وهو قبل دخول وقت الزهر بنحو عشر دقائق.

والوقت الثالث: من صلاة العصر إلى أن يستكمل غروب الشمس. هذه هي أوقات النهي.

أما بالنسبة لتحية المسجد فمشروعة في كل وقت، فمتى دخلت المسجد فلا تجلس حتى تصلي ركعتين. حتى في أوقات النهي.
وينبغي أن يعلم أن القول الراجح من أقوال أهل العلم أن جميع النوافل من ذوات الأسباب ، ليس فيها نهي، بل تفعل حتى في وقت النهي: فإذا دخلت المسجد بعد صلاة الفجر فصل ركعتين، وإذا دخلت بعد صلاة العصر فصل ركعتين، وإذا دخلت المسجد قبيل الزوال فصل ركعتين، وإذا دخلت في إي ساعة من ليل أو نهار فلا تجلس حتى تصلي ركعتين.

* * *
س296: ما حكم صلاة الجماعة؟
الجواب : صلاة الجماعة اتفق العلماء على أنها من أجلّ الطاعات، وأوكدها، وأفضلها، وقد ذكرها الله تعالى في كتابه، وأمر بها حتى في حال الخوف، فقال الله تعالى (وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً وَاحِدَةً وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذىً مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ وَخُذُوا حِذْرَكُمْ إِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَاباً مُهِيناً) (النساء:102) .وفي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأحاديث العدد الكثير الدال على وجوب صلاة الجماعة ، مثل قوله صلى الله عليه وسلم : (( لقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام، ثم آمر رجلاً فيصلى بالناس، ثم أنطلق برجال معهم حزم من حطب إلى قوم لا يشهدون الصلاة فأحرق عليهم بيوتهم بالنار))322
وكقوله صلى الله عليه وسلم : ((من سمع النداء فلم يجب فلا صلاة له إلا من عذر ))323 . وكقوله صلى الله عليه وسلم للرجل الأعمى الذي طلب منه أن يرخص له (( أتسمع النداء؟)) قال : نعم ، قال ((فأجب))324 وقال ابن مسعود – رضى الله عنه -: ((لقد رأيتنا – يعني الصحابة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم – وما يتخلف عنها – إي عن صلاة الجماعة – إلا منافق معلوم النفاق، أو مريض، ولقد كان الرجل يؤتي به يهادي بين الرجلين حتى يقام في الصف))325.
والنظر الصحيح يقتضي وجوبها، فإن الأمة الإسلامية أمة واحدة، ولا يتحقق كمال الوحدة إلا بكونها تجتمع على عبادتها وأجل العبادات وأفضلها و أوكدها الصلاة، فكان من الواجب على الأمة الإسلامية أن تجتمع على هذه الصلاة.
وقد اختلف العلماء – رحمهم الله – بعد اتفاقهم على أنها من أوكد العبادات وأجل الطاعات اختلفوا هل هي شرط لصحة الصلاة؟ أو أن الصلاة تصح بدونها مع الإثم؟ مع خلافات أخرى.
والصحيح : أنها واجب للصلاة، وليست شرطاً في صحتها، لكن من تركها فهو آثم إلا أن يكون له عذر شرعي، ودليل كونها ليست شرطاً لصحة الصلاة أن الرسول – عليه الصلاة والسلام – ((فضل صلاة الجماعة على صلاة الفذ ))326 ، وتفضيل صلاة الجماعة على صلاة الفذ يدل على أن في صلاة الفذ فضلاً، وذلك لا يكون إلا إذا كانت صحيحة.
وعلى كل حال فيجب على كل مسلم عاقل ذكر بالغ أن يشهد صلاة الجماعة سواء كان ذلك في السفر أم في الحضر.

* * *
س297: مجموعة من الأشخاص يسكنون في مكان واحد، فهل يجوز لهم أن يصلوا جماعة في ذلك المسكن أو يلزمهم الخروج إلى المسجد؟
الجواب: الواجب على هؤلاء الجماعة الذين هم في مسكن أن يصلوا في المساجد، فكل إنسان حوله مسجد يجب عليه أن يصلي في المسجد، ولا يجوز لأحد ، أو لجماعة أن يصلوا في البيت والمسجد قريب منهم، أما إذا كان المسجد بعيداً ولا يسمعون النداء فلا حرج عليهم أن يصلوا جماعة في البيت، وتهاون بعض الناس في هذه المسألة مبني على قول لبعض العلماء – رحمهم الله – من أن المقصود في صلاة الجماعة أن يجتمع الناس على الصلاة ولو في غير المسجد، فإذا صلى الناس جماعة ولو في بيوتهم فإنهم قد قاموا بالواجب.
ولكن الصحيح أنه لابد أن تكون الجماعة في المساجد لقول النبي صلى الله عليه وسلم : (( لقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام، ثم آمر رجلاً فيصلي بالناس، ثم أنطلق برجال معهم حزم من حطب إلى قوم لا يشهدون الصلاة فأحرق عليهم بيوتهم بالنار ))327.. مع أن هؤلاء القوم قد يكونوا صلوا في أماكنهم.
فيجب على تلك المجموعة أن يصلوا مع الجماعة في المسجد إلا إذا كانوا بعيدين يشق عليهم.

* * *
س298: هل الأفضل في حق الموظف المبادرة إلى الصلاة عند سماع الأذان، أو الانتظار لإنجاز بعض المعاملات؟ وما حكم التنفل بعدها بغير الرواتب؟
الجواب: الأفضل في حق جميع المسلمين المبادرة إلى الصلاة عند سماع الأذان؛ لأن المؤذن يقول (( حي على الصلاة)) ، والتثاقل عنها يؤذي إلى فواتها.
أما التنفل بعد الصلاة بغير الراتبة فلا يجوز؛ لأن وقته مستحق لغيره بمقتضى عقد الإجارة أو الوظيفة، وأما الراتبة فلا بأس بها لأنها مما جرت العادة بالتسامح فيه من المسؤولين. والله الموفق.

* * *
س299: إذا فاتت الركعة الأولى أو الثانية مع الجماعة فهل يقرأ القاضي لصلاته سورة مع الفاتحة باعتبارها قضاء لما فاته أو يقتصر على قراءة الفاتحة؟
الجواب: الصحيح أن ما يقضيه المأموم من الصلاة بعد سلام إمامه وهو آخر صلاته، وعلى هذا فلا يقرأ فيه إلا الفاتحة إذا كان الفائت ركعتين، أو ركعة في الرباعية، أو ركعة في المغرب، أما الفجر فيقرأ الفاتحة وسورة؛ لأن كلتا الركعتين تقرأ فيهما الفاتحة وسورة.

* * *
س300: مصلٍّ دخل والإمام في التشهد الأخير فهل يدخل مع الجماعة أو ينتظر جماعة أخرى؟ افتونا جزاكم الله خيرا.
الجواب إذا دخل الإنسان والإمام في التشهد الأخير فإن كان يرجو وجود جماعة لم يدخل معه، وإن كان لا يرجو ذلك دخل معه؛ لأن القول الراجح أن صلاة الجماعة لا تدرك إلا بركعة لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم : (( من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة))328. وكما أن الجمعة لا تدرك إلا بركعة فكذلك الجماعة، فإذا أدرك الإمام في التشهد الأخير لم يكن مدركاً للجماعة، فينتظر حتى يصليها مع الجماعة التي يرجوها، أما إذا كان لا يرجو جماعة فإن دخوله مع الإمام ليدرك ما تبقى من التشهد خير من الانصراف عنه.

* * *
س301:ما العمل إذا أقيمت الصلاة المكتوبة، وقد شرع المصلي في النافلة؟
الجواب: إذا أقيمت الصلاة المكتوبة، وقد شرعت في نافلة، فمن أهل العلم من يقول : يجب عليك قطعها فوراً، وإن كنت في التشهد الأخير.
ومن العلماء من يقول : لا تقطعها إلا أن تخاف أن يسلم الإمام قبل أن تدرك معه تكبيرة الإحرام .هذان قولان متقابلان.
بالقول الأول : إذا أقيمت الصلاة فاقطع النافلة ولو كنت في التشهد الأخير.
والقول الثاني: لا تقطعها إلا إذا بقي من صلاة الإمام بقدر تكبيرة الإحرام فاقطعها؛ يعني تستمر في الصلاة، ولا تقطعها إلا إن خفت أن يسلم الإمام قبل أن تدرك معه تكبيرة الإحرام.
هذان قولان متقابلان.
فالقول الأول : إذا أقيمت الصلاة فاقطع النافلة ولو كنت في التشهد الأخير.
والقول الثاني: لا تقطعها إلا إذا بقي من صلاة الإمام بقدر تكبيرة الإحرام فاقطعها ؛ يعني تستمر في الصلاة، ولا تقطعها إلا إن خفت أن يسلم الإمام قبل أن تدرك معه تكبيرة الإحرام.
هذان القولان متقابلان، يعني على هذا القول الأخير ، استمر في الصلاة حتى لو فاتتك جميع الركعات، مادمت تدرك تكبيرة الإحرام ، قبل أن يسلم الإمام، فاستمر في هذا النفل، وعندي أن القول الوسط في ذلك، أنه إذا أقيمت الصلاة وأنت في الركعة الثانية فأتمها خفيفة، وإن أقيمت وأنت في الركعة الأولى فاقطعها ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ((من أدرك ركعةً من الصلاة فقد أردك الصلاة))329 . فإذا كنت قد صليت ركعة قبل إقامة الصلاة فقد أدركت ركعة قبل الحظر والمنع.
وإذا أدركت ركعة قبل الحظر والمنع فقد أدركت الصلاة، وصارت الصلاة كلها غير ممنوعة فتتمها لكن خفيفة؛ لأن إدراك جزء من الفرض خير من إدراك جزء من النفل ، أما إذا كنت في الركعة الأولى فإنك لم تدرك من الوقت ما تدرك به الصلاة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول : ((من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة))330 . وبناء على هذا فإنك تقطعها لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ((إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة))331 .

* * *
س302: مأموم دخل في الصلاة بعد انتهاء تكبير الإمام للإحرام وقراءته للفتاحة، ثم شرع في قراءة الفاتحة ولكن ركع الإمام فهل يركع المأموم أو يكمل قراءة الفاتحة؟
الجواب: إذا دخل المأموم والإمام يريد أن يركع، ولم يتمكن المأموم من قراءة الفاتحة، إن كان لم يبق عليه إلا آية أو نحوها بحيث يمكنه أن يكملها ويلحق الإمام في الركوع فهذا أحسن ، وإن كان بقي عليه كثير بحيث إذا قرأ لم يدرك الإمام في الركوع فإنه يركع مع الإمام وإن لم يكمل الفاتحة.

* * *
س303: إذا أدرك المأموم الإمام ساجداً فهل ينتظر حتى يرفع أو يدخل معه؟
الجواب: الأفضل الدخول مع الإمام على أي حال وجده ولا ينتظر ، لعموم قوله صلى الله عليه وسلم : " فما أدركتم فصلوا 332 .

* * *
س304: سئل فضيلة الشيخ: إذا فرغ المصلي في الصلاة السرية من قراءة الفاتحة وسورة والإمام لم يركع فهل يسكت؟
فأجاب فضيلته بقوله: لا يسكت المأموم إذا فرغ من قراءة الفاتحة وسورة قبل أن يركع الإمام، بل يقرأ حتى يركع الإمام حتى لو كان في الركعتين اللتين بعد التشهد الأول وانتهى من الفاتحة ولم يركع الإمام فإنه يقرأ سورة أخرى حتى يركع الإمام؛ لأنه ليس في الصلاة سكوت مشروع إلا في حال استماع المأموم لقراءة إمامه..

* * *
س305: ما
فاستقم كما امرت
فاستقم كما امرت
الدعم الفني والتقني
الدعم الفني والتقني
عدد المساهمات : 616
تاريخ التسجيل : 23/12/2012

فتاوى فى اصل الطهاره لابن العيثيمين  Empty رد: فتاوى فى اصل الطهاره لابن العيثيمين

22nd يونيو 2013, 3:20 pm
س305: ما حكم مسابقة الإمام؟
الجواب: مسابقة الإمام محرمة لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ((أما يخشى الذي يرفع رأسه قبل الإمام أن يحول الله رأسه إلى رأس حمار، أو يجعل صورته صورة حمار))333 وهذا تهديد لمن سابق الإمام، ولا تهديد إلا على فعل محرم، أو ترك واجب. وثبت عنه صلي الله عليه وسلم أنه قال : (( إنما جعل الإمام ليؤتم به، فإذا كبر فكبروا ، ولا تكبروا حتى يكبر، وإذا ركع فأركعوا ، ولا تركعوا حتى يركع)) . الحديث.
وأقول بهذه المناسبة : إن المأموم مع إمامه له أربع حالات:
1- مسابقة.
2- موافقة.
3- متابعة.
4- تحلف.
فالمسابقة: أن يبدأ بالشيء قبل إمامه، وهذا حرام، وإذا كان في تكبيرة الإحرام لم تنعقد صلاته إطلاقاً، ويجب عليه أن يعيد الصلاة من جديد.
والموافقة: أن يكون موافقاً للإمام يركع مع ركوعه، ويسجد مع سجوده، وينهض مع نهوضه، وظاهر الأدلة أنها محرمة أيضاً لقوله صلى الله عليه وسلم : (( لا تركعوا حتى يركع)).
وبعض العلماء يرى أنها مكروهة وليست محرمة إلا في تكبيرة الإحرام فإنه إذا وافق إمامه فيها لم تنعقد صلاته وعليه والإعادة.
والمتابعة: أن يأتي بأفعال الصلاة بعد إمامه بدون تأخر، وهذا هو المشروع.
والتخلف : أن يتخلف عن إمامه تخلفاً يخرجه عن المتابعة وهذا خلاف المشروع.

* * *
س 306: هل تصح الصلاة تخلف العاصي؟
الجواب: الصلاة خلف المسلم وإن فعل بعض المعاصي جائزة وصحيحة على القول الراجح، ولكن الصلاة خلف من كان مستقيمأً أفضل بلا شك، أما إذا كان الإنسان يستعمل أشياء مكفرة تخرج عن الملة الإسلامية فإنه لا تجوز الصلاة خلفه، وذلك لأن صلاته غير صحيحة، فإن من لم يكن مسلماً فصلاته غير صحيحة، وإذا كانت صلاة الإمام غير صحيحة، فإنه لا يمكن الاقتداء به؛ لأنك تقتدي بغير إمام وتنوي الإمامة بغير إمام.

* * *
س307: هل تجوز صلاة المفترض خلف المتنفل، والمتنفل خلف المفترض؟
الجواب:يجوز ذلك ، كما يجوز صلاة الظهر خلف إمام يصلى العصر، وصلاة العصر خلف إمام يصلي الظهر؛ لأن لكل امرىء ما نوى، ولهذا قال الإمام أحمد: إذا دخلت والإمام يصلي التراويح وأنت لم تصل العشاء فصل خلفه، فهي لك فريضة وله نافلة.

* * *
س308: حصل نقاش بين جماعة من المصلين بأنه إذا دخل رجل متأخراً إلى المسجد فوجد أن الصلاة قد أقيمت والصف مكتمل وليس له محل في الصف/ فهل يجوز له أن يسحب رجلاً من ذلك الصف المكتمل كي يتمكن من صلاته؟ أو يصلي خلف الصف وحده؟ أو ماذا يفعل؟
الجواب : هذا المسألة لها ثلاثة أوجه: إذا جاء الإنسان ووجد أن الصف قد تم.
فإما أن يصلي وحده خلف الصف.
وإما أن يجذب أحداً من الصف فيصلي معه.
وإما أن يتقدم فيصلي إلى جنب الإمام الأيمن.
وهذه الصفات الثلاث إذا دخل في الصلاة. وإما أن يدع الصلاة مع هذه الجماعة ، فما المختار من هذه الأمور؟
نقول: المختار من هذه الأمور الأربعة : أن يصف وحده خلف الصف ويصلي مع الإمام؛ وذلك لأن الواجب الصلاة مع الجماعة، وفي الصف، فهذان واجبان، فإذا تعذر أحدهما وهو المقام في الصف، بقي الآخر واجباً ، وهو صلاة الجماعة، فحينئذ نقول : صل مع الجماعة خلف الصف لتدرك فضيلة الجماعة،والوقوف في الصف في هذه الحال لا يجب عليك للعجز عنه، وقد قال الله سبحانه وتعالى (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ )(التغابن: الآية16). ويشهد لهذا أن المرأة تقف خلف الصف وحدها إذا لم يكن معها نساء، وذلك لأنه ليس لها مكاناً شرعاً في صف الرجال. فلما تعذر مكانها الشرعي في صف الرجال صلت وحدها.
فهذا الرجل الذي أتى المسجد والصف قد تم ولم يكن له مكان حسي في الصف سقطت عنه حينئذ المصافة، ووجبت عليه الجماعة. فليصلَّ خلف الصف، وأما أن يجذب أحداً ليصلي معه، فهذا لا ينبغي؛ لأنه يترتب عليه ثلاثة محاذير:
المحذور الأول: فتح فرجة في الصف، وهذا خلاف ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم في الرص وسدّ الخلل بين الصفوف.
الثاني: نقل هذا المجذوب من المكان الفاضل إلى المكان المفضول. وهو نوع من الجناية عليه.
والثالث: تشويش صلاته عليه، فإن هذا المصلي إذا جذب لآبد أن يكون في قلبه حركة، وهذا أيضاً من الجناية عليه.
والوجه الثالث أن يقف مع الإمام : فلا ينبغي له؛ لأن الإمام لابد أن يكون متميزاً عن المأمومين بالمكان، كما أنه متميز عنهم بالسبق بالأقوال والأفعال، فيكبر قبلهم، ويركع قبلهم، ويسجد قبلهم ، فينبغي أن يكون متميزاً عنهم في المكان.
وهذا هو هدي النبي صلى الله عليه وسلم أن الإمام يتقدم المأمومين، وهذه مناسبة ظاهرة لكونه متميزاً عنهم منفرداً بمكانة ، فإذا وقف معه بعض المأمومين زالت هذه الخاصية التي لا ينبغي أن ينفرد بها إلا الإمام في الصلاة.
أما الوجه الرابع وهو أن يدع الجماعة، فهذا لا وجه له أيضاً ؛ لأن الجماعة واجبة، والمصافة واجبة، فإذا عجز عن إحداهما لم تسقط الأخرى بعجزه عن الأولى.

* * *
س309: يوجد مسجد من دورين والذين يصلون في الدور الأعلى لا يرون من تحتهم فهل صلاتهم صحيحة أم لا؟ أفيدونا بارك الله فيكم.
الجواب : ما دام المسجد واحداً فلا يشترط أن يرى بعضهم بعضاً إذا كانوا يسمعون تكبير الإمام . كتبه محمد الصالح العثيمين في 25/8/1410هـ.

* * *
س310: هل يجوز للمسلم أن يصلي مع الصلاة التي تنقل في التلفزيون أو الإذاعة من دون أن يرى الإمام خصوصاً للنساء؟
الجواب: لا يجوز للإنسان أن يقتدي بالإمام بواسطة الراديو أو بواسطة التلفزيون؛ لأن صلاة الجماعة يقصد بها الاجتماع، فلابد أن تكون في موضع واحد، أو تتصل الصفوف بعضها ببعض، ولا تجوز الصلاة بواسطتهما، وذلك لعدم حصول المقصور بهذا، ولو أننا أجزنا ذلك لأمكن كل واحد أن يصلي في بيته الصلوات الخمس، بل والجمعة أيضاً، وهذا مناف لمشروعية الجمعة والجماعة، وعلى هذا فلا يحل للنساء ولا لغيرهن أن يصلي أحد منهم خلف المذياع أو خلف التلفاز. والله الموفق.

* * *
فصل
قال فضيلة الشيخ- جزاه الله عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء :-
بسم الله الرحمن الرحيم
كيف يصلي المريض؟

أولاً: يجب على المريض أن يصلي الفريضة قائماً ولو منحنياً، أو معتمداً على جدار، أو عصا يحتاج إلى الاعتماد عليها.
ثانياً : فإن كان لا يستطيع القيام صلى جالساً، والأفضل أن يكون متربعاً في موضع القيام والركوع.
ثالثاً: فإن كان لا يستطيع الصلاة جالساً صلى على جنبه متوجهاً إلى القبلة، والجنب الأيمن أفضل، فإن لم يتمكن من التوجه إلى القبلة صلى حيث كان اتجاهه، وصلاته صحيحة، ولا إعادة عليه.
رابعاً: فإن كان لا يستطيع الصلاة على جنبه صلى مستلقياً رجلاه إلى القبلة، والأفضل أن يرفع رأسه قليلاً ليتجه إلى القبلة، فإن لم يستطع أن تكون رجلاه إلى القبلة صلى حيث كانت، ولا إعادة عليه.
خامساً: يجب على المريض أن يركع ويسجد في صلاته ، فإن لم يستطع أومأ بهما برأسه، ويجعل السجود أخفض من الركوع، فإن استطاع الركوع دون السجود ركع حال الركوع، وأومأ بالسجود، وإن استطاع السجود دون الركوع سجد حال السجود، وأومأ بالركوع.
سادساً: فإن كان لا يستطيع الإيماء برأسه في الركوع والسجود أشار بعينيه، فيغمض قليلاً للركوع، ويغمض تغميضاً أكثر للسجود. وأما الإشارة بالأصبع كما يفعله بعض المرضي فليس بصحيح ولا أعمل له أصلاً من الكتاب، والسنة، ولا من أقوال أهل العلم.
سابعاً: فإن كان لا يستطيع الإيماء بالرأس، ولا الإشارة بالعين صلى بقلبه، فيكبر ويقرأ ، وينوي الركوع ، والسجود، والقيام، والقعود بقلبه(( ولكل امرئ ما نوى)).
ثامناً: يجب على المريض أن يصلي كل صلاة في وقتها ويفعل كل ما يقدر عليه مما يجب فيها، فإن شق عليه فعل كل صلاة في وقتها فله الجمع بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء، إما جمع تقديم بحيث يقدم العصر إلى الظهر، والعشاء إلى المغرب، وإما جمع تأخير بحيث يؤخر الظهر إلى العصر، والمغرب إلى العشاء حسبما يكون أيسر له. أما الفجر فلا تجمع لما قبلها ولا لما بعدها.
تاسعاً: إذا كان المريض مسافراً يعالج في غير بلده فإنه يقصر الصلاة الرباعية فيصلي الظهر ، والعصر، والعشاء على ركعتين، ركعتين حتى يرجع إلى بلده سواء طالت مدة سفره أم قصرت. والله الموفق.

س311: متى تجب الصلاة في الطائرة؟ وما كيفية صلاة الفريضة في الطائرة؟ وما كيفية صلاة النافلة في الطائرة؟
الجواب : تجب الصلاة في الطائرة إذا دخل وقتها، لكن إذا كان لا يتمكن من أداء الصلاة في الطائرة كما يؤديها في الأرض فلا يصلي الفريضة في الطائرة إذا كان يمكن هبوط الطائرة قبل خروج وقت الصلاة، أو خروج وقت التي بعدها مما يجمع إليها. فمثلاً لو أقلعت الطائرة من جدة قبيل غروب الشمس، وغابت الشمس وهو في الجو فإنه لا يصلي المغرب حتى تهبط الطائرة في المطار، وينزل منها، فإن خاف خروج وقتها نوى جمعها إلى العشاء جمع تأخير وصلاهما إذا نزل ، فإن استمرت الطائرة حتى خاف أن يخرج وقت العشاء، وذلك عند منتصف الليل فإنه يصليهما قبل أن يخرج الوقت في الطائرة.
وكيفية صلاة الفريضة في الطائرة أن يقوم مستقبل القبلة فيكبر، ويقرأ الفاتحة وما تسن قراءته قبلها من الاستفتاح، أو بعدها من القرآن ، ثم يركع، ثم يرفع من الركوع، ثم يسجد فإن لم يتمكن من السجود جلس، وأومأ بالسجود جالساً، وهكذا يفعل حتى تنتهي الصلاة وهو في ذلك كله مستقبل القبلة.
أما كيفية صلاة النافلة على الطائرة فإنه يصليها قاعداً على مقعده في الطائرة ويومئ بالركوع والسجود، ويجعل السجود أخفض. والله الموفق. حرر في 22/4/1409هـ.

* * *
س312:: ما مقدار المسافة التي يقتصر المسافر فيها الصلاة وهل يجوز الجمع دون قصر؟
الجواب: المسافة التي تقصر فيها الصلاة حددها بعض العلماء بنحو ثلاثة وثمانين كيلو متراً، وحددها بعض العلماء بما جرى به العرف، أنه سفر وإن لم يبلغ ثمانين كيلو متراً، وما قال الناس عنه: إنه ليس بسفر، فليس بسفر ولو بلغ مائة كيلو متر.
وهذا الأخير هو اختيار شيخ الإسلام بن تيمية – رحمة الله – وذلك لأن الله تعالى لم يحدد مسافة معينة لجواز القصر وكذلك النبي صلى الله عليه وسلم لم يحدد مسافة معينة.
وقال أنس بن مالك – رضي الله عنه -: (( كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا خرج ثلاثة أميال أو فراسخ قصر الصلاة وصلى ركعتين ))334. وقول شيخ الإسلام أبن تيميه – رحمه الله تعالى – أقرب إلى الصواب.
ولا حرج عند اختلاف العرف فيه أن يأخذ الإنسان بالقول بالتحديد؛ لأنه قال به بعض الأئمة والعلماء المجتهدين، فليس عليهم به بأس إن شاء الله تعالى، أما ما دام الأمر منضبطاً فالرجوع إلى العرف هو الصواب.
وأما هل يجوز الجمع إذا جاز القصر؟ فنقول : الجمع ليس مرتبطاً بالقصر، الجمع مرتبط بالحاجة؛ فمتى احتاج الإنسان للجمع في حضر أو سفر فليجمع؛ ولهذا يجمع الناس إذا حصل مطر يشق على الناس من أجله الرجوع إلى المساجد، ويجمع الناس إذا كان هناك ريح بارد شديدة أيام الشتاء يشق على الناس الخروج إلى المساجد من أجلها، ويجمع إذا كان يخشى فوات ماله أو ضرراً فيه، أو ما أشبه ذلك يجمع الإنسان . وفي صحيح مسلم عن عبد الله بن عباس – رضي الله عنهما – قال : (( جمع النبي صلى الله عليه وسلم بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء من غير خوف ولا مطر ))335 .
فقالوا: ما أراد ؟ قال : أراد أن لا يحرج أمته
؛ أي : لا يلحقها حرج في ترك الجمع.
وهذا هو الضابط كلما حصر للإنسان حرج في ترك الجمع جاز له الجمع، وإذا لم يكن عليه حرج فلا يجمع، لكن السفر مظنة الحرج بترك الجمع، وعلى هذا يجوز للمسافر أن يجمع سواء كان جادًّا في السفر أو مقيماً؛ إلا أنه إن كان جادًّا في السفر فالجمع أفضل ، وإن كان مقيماً فترك الجمع أفضل.
ويستثنى من ذلك ما إذا كان الإنسان مقيماً في بلد تقام فيه الجماعة فإن الواجب عليه حضور الجماعة، وحينئذ لا يجمع ولا يقصر، لكن لو فاتته الجماعة فإنه يقصر بدون جمع؛ إلا إذا احتاج إلى الجمع.

* * *
س313: رجل يسافر للدراسة في الرياض يذهب مساء الجمعة ويرجع عصر الاثنين فهل يأخذ أحكام المسافر في الصلوات وغيرها؟
الجواب: هو مسافر لا شك، لأنه لم يتخذ بلد الدارسة وطناً، ولم ينو الإقامة مطلقاً، بل إقامته لغرض ، لكنه إذا كانت إقامته في بلد تقام فيه الجماعة، فيجب عليه أن يحضر الجماعة، وأما ما اشتهر عند بعض العوام أن المسافر لا جماعة عليه، ولا جمعة، فهذا لا أصل له، فالجماعة واجبة على المسافر ولو كان في القتال كما في قوله تعالى : (وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ )(النساء: الآية102) . والجمعة واجبة على كل من سمع النداء لقوله تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسَعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّه)(الجمعة: الآية9). لكن إذا فاتتك الصلاة هناك أو كنت في مكان بعيد عن المساجد، فإنك تصلي الرباعية ركعتين.

* * *
س 314: ما حكم جمع صلاة العصر إلى صلاة الجمعة ؟ وهل يجوز لمن كان خارج البلد الجمع؟
الجواب: لا تجمع العصر إلى الجمعة لعدم ورود ذلك في السنة، ولا يصح قياس ذلك على جمعها إلى الظهر للفروق الكثيرة بين الجمعة والظهر. والأصل وجوب فعل كل صلاة في وقتها إلا بدليل يجيز جمعها إلى الأخرى.
ويجوز الجمع لمن كانوا خارج البلد يقيمون اليومين والثلاثة لأنهم مسافرون، أما إذا كانوا في ضواحي البلد القريبة بحيث لا يعدون مسافرين فلا يجوز لهم الجمع . والكلام هنا في الجمع بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء لا بين الجمعة والعصر فلا يجوز بكل حال.

* * *
رسالة
فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين حفظه الله تعالى ورعاه
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
لاحظنا كثرة الجمع في الأيام الماضية وتساهل الناس فيه فهل ترون مثل هذا البرد مبرراً للجمع أثابكم الله؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الجواب : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
لا يحل تساهل الناس في الجمع؛ لأن الله تعالى قال : (إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً)(النساء: من الآية103) وقال تعالى(أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُوداً) (الإسراء:78) . فإذا كانت الصلاة مفروضة موقوتة، فإن الواجب أداء الفرض في وقته المحدد له، المجمل في قوله تعالى : (أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ ) إلى آخرها وبين النبي صلى الله عليه وسلم ذلك مفصلاً فقال: (( وقت الظهر إذا زالت الشمس وكان ظل الرجل كطوله ما لم يحضر وقت العصر، ووقت العصر ما لم تصفر الشمس، ووقت المغرب ما لم يغب الشفق، ووقت العشاء إلى نصف الليل))336 .
وإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم حدد الأوقات تحديداً مفصلاً فإن إيقاع الصلاة في غير وقتها من تعدي حدود الله ( وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ)(البقرة: الآية229) فمن صلى الصلاة قبل وقتها عالماً عامداً فهو آثم وعليه الإعادة، وإن لم يكن عالماً عامداً فليس بآثم لكن عليه الإعادة، وهذا حاصل بجمع التقديم بلا سبب شرعي فإن الصلاة المقدمة لا تصح وعليه إعادتها.
ومن أخر الصلاة عن وقتها عالماً عامدًا بلا عذر فهو آثم ولا تقبل صلاته على القول الراجح، وهذا حاصل بجمع التأخير بلا سبب شرعة فإن الصلاة المؤخرة لا تقبل على القول الراجح. فعلى المسلم أن يتقي الله تعالى ولا يتساهل في هذا الأمر العظيم الخطير.
وأما ما ثبت في صحيح مسلم عن ابن عباس – رضى الله عنهما-: (( أن النبي صلى الله عليه وسلم جمع بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء في المدينة من غير خوف ولا مطر)) فلا دليل فيه على التساهل في هذا الأمر، لأن ابن عباس- رضي الله عنهما – سئل (( ماذا أراد إلى ذلك؟ يعنى النبي صلى الله عليه وسلم ؟ قال أراد أن لا يحرج أمته))337 ، وهذا دليل على أن السبب المبيح للجمع هو الحرج في أداء كل صلاة في وقتها، فإذا لحق المسلم حرج في أداء كل صلاة في وقتها جاز له الجمع أو سن له ذلك، وإن لم يكن عليه حرج وجب عليه أن يصلي كل صلاة في وقتها.
وبناء على ذلك فإن مجرد البرد لا يبيح الجمع إلا أن يكون مصحوباً بهواء يتأذى به الناس عند خروجهم إلى المساجد ، أو مصحوباً بنزول ثلج يتأذى به الناس.
فنصيحتي لإخواني المسلمين ولا سيما الأئمة أن يتقوا الله في ذلك، وأن يستعينوا بالله في أداء هذه الفريضة على الوجه الذي يرضاه. قاله كاتبه محمد الصالح العثيمين في 8/7/1413هـ.

س315: ما هي رخص السفر؟
الجواب: رخص السفر أربع:
1- صلاة الرباعية ركعتين.
2- الفطر في رمضان، ويقضيه عدة من أيام أخر.
3- المسح على الخفين ثلاثة أيام بلياليها ابتداء من أول مرة مسح.
4- سقوط المطالبة براتبة الظهر، والمغرب، والعشاء، أما راتبة الفجر وبقية النوافل فإنها باقية على مشروعيتها واستحبابها.
فيصلي المسافر صلاة الليل ، وسنة الفجر، وركعتي الضحى وسنة الوضوء، وركعتي دخول المسجد، وركعتي القدوم من السفر، فإن من السنة إذا قدم الإنسان من سفر أن يبدأ قبل دخول بيته بدخول المسجد فيصلي فيه ركعتين338 .

وهكذا بقية التطوع بالصلاة فإنه لا يزال مشروعاً بالنسبة للمسافر ما عدا ما قلت سابقاً وهي: راتبة الظهر ، وراتبة المغرب، وراتبة العشاء؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يصلي هذه الرواتب الثلاث.

* * *
س316: متى تبدأ الساعة الأولى من يوم الجمعة؟
الجواب: الساعات التي ذكرها الرسول صلى الله عليه وسلم خمس قال عليه الصلاة والسلام : (( من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة، ثم راح في الساعة الأولى فكأنما قرّب بدنة، ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرّب بقرة، ومن راح في الساعة الثالثة فكأنما قرّب كبشاً، ومن راح في الساعة الرابعة فكأنما قرَّب دجاجة، ومن راح في الساعة الخامسة فكأنما قرَّب بيضة))339. فقسم الزمن من طلوع الشمس إلى مجيء الإمام خمسة أقسام، فقد يكون كل قسم بمقدار الساعة المعروفة، وقد تكون الساعة أقل أو أكثر؛ لأن الوقت يتغير، فالساعة خمس ما بين طلوع الشمس ومجيء الإمام للصلاة، وتبتدي من طلوع الشمس، وقيل من طلوع الفجر. والأول أرجح، لآن ما قبل طلوع الشمس وقت لصلاة الفجر.

{* * *
س317: هل يجوز للمسلم أن يصلي في بيته الجمعة إذا كان يسمع صوت الإمام؟
الجواب: لا يجوز أن تؤدى صلاة الجمعة إلا مع المسلمين في المسجد، ولكن إذا امتلأ المسجد واتصلت الصفوف بالشوارع فلا حرج في الصلاة في الشوارع لأجل الضرورة، وأما أن يصلي الإنسان في بيته، أو في دكانه فإنه لا يجوز ولا يحل له ذلك؛ لأن المقصود من الجمعة والجماعة أيضاً أن يحضر المسلمون بعضهم إلى بعض، وأن يكونوا أمة واحدة فيحصل بينهم التآلف والتراحم، ويتعلم جاهلهم من عالمهم، ولو أنا فتحنا الباب لكل أحد وقلنا صلَّ على المذياع ، أو صلَّ على مكبر الصوت وأنت في بيتك لم يكن لبناء المساجد وحضور المصلين فائدة؛ ولأنه يؤدي إلى ترك الجمعة والجماعة في الحقيقة لو فتح هذا الباب.

* * *
س318: كم تصلي المرأة الجمعة؟
الجواب: المرأة إن صلت الجمعة مع الإمام فإنها تصلي كما يصلي الإمام، وأما إذا صلت في بيتها فإنها تصلي ظهراً أربع ركعات.
س319: من صلى الجمعة فهل يصلى الظهر؟
الجواب:إذا صلى الإنسان الجمعة فإن الجمعة هذه هي فريضة الوقت أي فريضة وقت الظهر، على هذا فلا يصلي الظهر، وصلاة الظهر بعد صلاة الجمعة من البدع، لأنها لم تأت في كتاب الله ولا في سنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، فيجب النهي عنها، حتى ولو تعددت الجمع فإنه ليس من المشروع أن يصلي الإنسان صلاة الظهر بعد صلاة الجمعة بل هي بدعة منكرة؛ لأن الله تعالى لم يوجب على المرء في الوقت الواحد سوى صلاة واحدة وهي الجمعة وقد أتى بها؛ وأما تعليل من علل ذلك بأن تعدد الجمع لا يجوز، وأته إذا تعددت فالجمعة لأسبق المساجد، وهنا الأسبق مجهول فيؤدي حينئذ إلى بطلان الجمع كلها وإقامة الظهر بعدها.

فنقول لهؤلاء من أين لكم هذا الدليل أو هذا التعليل وهل بني على أساس من السنة أو على صحيح من النظر؟ الجواب : لا، بل نقول إن الجمعة إذا تعددت لحاجة فكل الجمع صحيح لقول الله تعالى(فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُم)، وأهل هذا البلد إذا تباعدت جهات البلد أو ضاقت المساجد وتعددت الجمع بحسب الحاجة هم قد اتقوا الله ما استطاعوا، ومن اتق الله ما استطاع فقد أتى بما وجب عليه فيكف يُقال إن عمله فاسد، وإنه يجب أن يأتي ببدله وهي صلاة الظهر بدلاً عن الجمعة.
وأما إذا أقيمت الجمع في أمكنة متعددة بدون حاجة فلا شك أن هذا خلاف السنة، وخلاف ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وخلفاؤه الراشدون، وهو حرام عند أكثر أهل العلم، ولكن مع هذا لا نقول إن العبادة لا تصح؛ لأن المسؤولية هنا ليست على العامة وإنما المسؤولية على ولاة الأمور الذين أذنوا بتعدد الجمعة بدون حاجة فمن ثمّ نقول : يجب على ولاة الأمور القائمين بشئون المساجد أن لا يأذنوا في تعدد الجمع إلا إذا دعت الحاجة إلى ذلك، وهذا لأن للشارع نظراً كبيراً في اجتماع الناس على العبادات لتحصل الألفة والمودة وتعليم الجاهل، وغير ذلك من المصالح الكبيرة الكثيرة.والاجتماعات المشروعة: إما أسبوعية، أو حولية، أو يومية كما هو معروف ، فالاجتماعات اليومية تكون في الأحياء في مساجد كل حي، لأن الشارع لو أوجب على الناس أن يجتمعوا كل يوم خمس مرات في مكان واحد لكان في ذلك مشقة عليهم، فلهذا خفف عنهم وجعلت اجتماعاتهم في مساجدهم كل حي في مسجده.
أما الاجتماع الأسبوعي فهو يوم الجمعة، فإن الناس يجتمعون كل أسبوع، ولهذا كانت السنة تقتضي أن يكونوا في مسجد واحد لا يتعدد، لأن هذا الاجتماع الأسبوعي لا يضرهم إذا قاموا به، ولا يشق عليهم ، وفيه مصلحة كبيرة، يجتمع الناس على إمام واحد وعلى خطيب واحد يوجههم توجيهاً واحداً فينصرفوا وهم على عِظة واحدة، وصلاة واحدة.
وأما الاجتماع الحولي فمثل صلاة الأعياد فإنها اجتماع حولي وهي أيضاً لجميع البلد، ولهذا لا يجوز أن تعدد مساجد الأعياد إلا إذا دعت الحاجة إلى ذلك كمساجد الجمعة.

* * *
س320: جاء وقت صلاة الجمعة علينا ونحن في البحر نشتغل، وبعد ميعاد الأذان للظهر بنصف ساعة خرجنا منه هل يصح لنا الأذان وصلاة الجمعة؟
الجواب: صلاة الجمعة لا تصح إلا في المساجد في المدن أو القرى، ولا تصح من جماعة يشتغلون في البر أو بحر؛ لأنه لم يكن من هدي الرسول صلى الله عليه وسلم أن يقُيم صلاة الجمعة إلا في المدن والقرى، فقد كان عليه الصلاة والسلام يُسافر الأيام العديدة ولم يكن يقيم صلاة الجمعة، وأنتم الآن في البحر غير مستقرين، ولكنكم تنتقلون يمنياً وشمالاً وترجعون إلى الأوطان وإلى البلدان فالذي يجب عليكم إنما هو صلاة الظهر دون صلاة الجمعة، ولكم قصر الصلاة الرباعية إذا كنتم مسافرين.

* * *
س 321: ماذا يفعل المأموم يوم الجمعة إذا جاء إلى الصلاة والإمام في التشهد الأخير ، هل يقضي أربعاً أم يصلي اثنتين؟
الجواب:إذا جاء الإنسان والإمام في التشهد الأخير يوم الجمعة فقد فاتته الجمعة، فيدخل مع الإمام ويصلى ظهراً ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : (( من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة))340 فإن مفهوم هذا أن من أدرك أقل من ذلك لم يكن مدركاً للصلاة، وقد روي عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال: (( من أدرك ركعة من الجمعة فقد أدرك))341أي فقد أدرك صلاة الجمعة إذا قام وأتي بالركعة الثانية.

* * *
س322: هل التأمين عند دعاء الإمام بعد الخطبة في صلاة الجمعة من البدع؟
الجواب: ليس هذا من البدع، التأمين على دعاء الخطيب في الخطبة إذا أخذ يدعو للمسلمين فإنه يستحب التأمين على دعائه، لكن لا يكون بصوت جماعي وصوت مرتفع، وإنما كل واحد يؤمِّن بمفرده، وبصوت منخفض، حيث لا يكون هناك تشويش، أو أصوات مرتفعة، وإنما كل يؤمِّن على دعاء الخطيب سرّاً ومنفرداً عن الآخرين.

* * *
س323: ما حكم رفع الأيدي والإمام يخطب الجمعة؟
الجواب: رفع الأيدي والإمام يخطب يوم الجمعة ليس بمشروع أيضاً، وقد أنكر الصحابة على بشر بن مروان حين رفع يديه في خطبة الجمعة، لكن يستثنى من ذلك الدعاء بالاستسقاء فإنه ثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه رفع يديه يدعو الله تعالى بالغيث وهو في خطبة الجمعة ، ورفع الناس أيديهم معه، وما عدا ذلك فإنه لا ينبغي رفع اليدين في حال الدعاء في خطبة الجمعة.

* * *
س324: ما حكم الخطبة بغير اللغة العربية؟
الجواب: الصحيح في هذه المسألة أنه لا يجوز لخطيب الجمعة أن يخطب باللسان الذي لا يفهم الحاضرون غيره، فإذا كان هؤلاء القوم مثلاً ليسوا بعرب ولا يعرفون اللغة العربية فإنه يخطب بلسانهم، لأن هذا هو وسيلة البيان لهم، والمقصود من الخطبة هو بيان حدود الله سبحانه وتعالى للعباد، ووعظهم وإرشادهم، إلا أن الآيات القرآنية يجب أن تكون باللغة العربية، ثم تفسر بلغة القوم ويدل على أنه يخطب بلسان القوم ولغتم قوله تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُم)(ابراهيم: الآية4) فبين الله تعالى أن وسيلة البيان إنما تكون باللسان الذي يفهمه المخاطبون.

* * *
س325: غسل الجمعة والتجمل لها هل هو عام للرجال والنساء؟ وما حكم الاغتسال قبلها بيوم أو يومين؟
الجواب: هذه الأحكام خاصة بالرجل لكونه هو الذي يحضر الجمعة، وهو الذي يُطلب منه التجمُّل عند الخروج، أما النساء فلا يُشرع في حقهن ذلك ، ولكن كل إنسان ينبغي له إذا وجد في بدنه وسخاً أن ينظفه، فإن ذلك من الأمور المحمودة التي ينبغي للإنسان أن لا يدعها.
أما الاغتسال للجمعة قبلها بيوم أو يومين فلا ينفع، لأن الأحاديث الواردة في ذلك تخصه بيوم الجمعة، وهو ما بين طلوع الفجر إلى صلاة الجمعة، هذا هو محل الاغتسال الذي ينبغي أن يكون، وأما قبلها بيوم أو يومين فلا ينفع ولا يجزئ عن غسل الجمعة.
والله ولي التوفيق.

* * *
س326: إذا دخل الإنسان المسجد يوم الجمعة والمؤذن يؤذن الأذان الثاني فهل يصلى تحية المسجد أو يتابع المؤذن؟
الجواب: ذكر أهل العلم أن الرجل إذا دخل المسجد يوم الجمعة وهو يسمع الأذان الثاني ليتفرغ لاستماع الخطبة، لأن استماعها واجب، وإجابة المؤذن سنة، والسنة لا تزاحم الواجب.

* * *
س327: ما رأي فضيلتكم فيمن يتخطَّ الصوف يوم الجمعة؟
الجواب: يجب إجلاس المارين بين الصفوف أثناء خطبة الجمعة بدون كلام، ولكن يجر ثوبه أو يشير، والأولى أن يتولى ذلك الخطيب نفسه كما كان الرسول صلى الله عليه وسلم يفعل حيث رأي رجلاً يتخطى رقاب الناس وهو يخطب يوم الجمعة فقال له : (( اجلس فقد آذيت الناس))342

* * *
س 328: ما حكم السلام والإمام يخطب؟ وما حكم الرد أيضاً؟
الجواب: الإنسان إذا جاء والإمام يخطب فإنه يصلي ركعتين خفيفتين ويجلس ولا يسلم على أحد، فالسلام على الناس في هذه الحال محرَّم لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول )):إذا قلت لصاحبك انصت يوم الجمعة والإمام يخطب فقد لغوت))343. وكذلك قال : (( من مسّ الحصى فقد لغى))344 . واللاغي معناه الذي أتى شياً من اللغو وربما يكون هذا اللغو الذي حصل منه مفوتاً لثواب الجمعة، ولهذا جاء في الحديث : (( ومن لغى فلا جمعة له))345. وإذا سلم عليك أح
فاستقم كما امرت
فاستقم كما امرت
الدعم الفني والتقني
الدعم الفني والتقني
عدد المساهمات : 616
تاريخ التسجيل : 23/12/2012

فتاوى فى اصل الطهاره لابن العيثيمين  Empty رد: فتاوى فى اصل الطهاره لابن العيثيمين

22nd يونيو 2013, 3:22 pm
س 328: ما حكم السلام والإمام يخطب؟ وما حكم الرد أيضاً؟
الجواب: الإنسان إذا جاء والإمام يخطب فإنه يصلي ركعتين خفيفتين ويجلس ولا يسلم على أحد، فالسلام على الناس في هذه الحال محرَّم لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول )):إذا قلت لصاحبك انصت يوم الجمعة والإمام يخطب فقد لغوت))343. وكذلك قال : (( من مسّ الحصى فقد لغى))344 . واللاغي معناه الذي أتى شياً من اللغو وربما يكون هذا اللغو الذي حصل منه مفوتاً لثواب الجمعة، ولهذا جاء في الحديث : (( ومن لغى فلا جمعة له))345. وإذا سلم عليك أحداً فلا ترد عليه السلام باللفظ لا تقل وعليك السلام حتى لو قاله باللفظ، فلا تقل وعليك السلام، أما مصافحته فلا بأس بها، وإن كان الأولى أيضاً عدم المصافحة، مع أن بعض أهل العلم قال: إن له رد السلام ولكن الصحيح إنه ليس له أن يرد السلام؛ لأن واجب الاستماع مقدم على واجب الرد، ثم إن المسلم في هذه الحال ليس له حق أن يسلم؛ لأن ذلك يشغل الناس عما يجب استماعهم إليه فالصواب أنه لا رد ولا ابتداء للسلام والإمام يخطب.

* * *
س 329: ما حكم التهنئة يوم العيد؟ وهل هناك صيغة معينة لها؟
الجواب: التهنئة بالعيد جائزة، وليس لها صيغة معينة ، بل ما اعتاده الناس فهو جائز، ما لم يكن إثماً.

* * *
س 330: ما حكم صلاة العيد؟

الجواب: الذي أرى أن صلاة العيد فرض عين، وأنه لا يجوز للرجال أن يدعوها بل عليهم حضورها ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بها، بل أمر النساء العواتق ذوات الخدور أن يخرجن إلى صلاة العيد ، بل أمر الحيَّض أن يخرجن إلى صلاة العيد، ولكن يعتزلن المصلى، وهذا يدل على تأكدها، وهذا القول الذي قلت إنه الراجح هو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله -.
ولكنها كصلاة الجمعة إذا فاتت لا تقضى لعدم الدليل على وجوب قضائها، ولا يصلى بدلها شيء؛ لأن صلاة الجمعة إذا فاتت يجب أن يصلى الإنسان بدلها ظهراً؛ لأن الوقت وقت ظهر ، أما صلاة العيد فإذا فاتت فإنها لا تُقضى.
ونصيحتي لإخواني المسلمين أن يتقوا الله عز وجل ، وأن يقوموا بهذه الصلاة التي تشتمل على الخير والدعاء، ورؤية الناس بعضهم بعضاً، وائتلافهم وتحابهم، ولو أن الناس دعوا إلى اجتماع على لهو لرأيت من يصلون إليه مسرعين فكيف وقد دعاهم الرسول عليه الصلاة والسلام إلى هذه الصلاة التي ينالون بها من ثواب الله سبحانه وتعالى ما يستحقونه بوعده، لكن يجب على النساء إذا خرجن إلى هذه الصلاة أن يبعدن عن محل الرجال، وأن يكنّ في طرف المسجد البعيد عن الرجال، وألا يخرجن متجملات ومتطيبات، أو متبرجات، ولهذا لما أمر النبي عليه الصلاة والسلام النساء بالخروج إليها سألنه قلن : يا رسول الله إحدانا لا يكون لها جلباب، قال : (( لتلبسها أختها من جلبابها))346 . والجلباب الملاءة أو ما يشبه العباءة، وهذا يدل على أنه لابد أن تخرج المرأة متجلببة؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم عندنا سئل عن المرأة لا يكون لها جلباب لم يقل لتخرج بما تستطيع بل قال : (( لتلبسها أختها من جلبابها))، وينبغي للإمام – أعني إمام صلاة العيد – إذا خطب الرجال أن يخض النساء بخطبة إذا كنَّ لا يسمعن خطبة الرجال، أما إذا كنَّ يسمعن خطبة الرجال فإنها كافية، ولكن مع الأولى أن يذيل الخطبة بأحكام خاصة بالنساء يعطهن ويذكرهن، كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم حين خطب الرجال في صلاة العيد تحول إلى النساء فوعظهن وذكرهن.

* * *
س 331: ما حكم تعدد صلاة العيد في البلد؟ أفتونا مأجورين.
الجواب : إذا دعت الحاجة إلى ذلك فلا بأس ، كما إذا دعت الحاجة إلى الجمعة، لأن الله تعالى يقول : ( وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ)(الحج: الآية78). وإذا لم نقل بالتعدد لزم من هذا حرمان بعض الناس من صلاة الجمعة، وصلاة العيد.
ومثال الحاجة لصلاة العيد أن تتسع البلد، ويكون مجيء الناس من الطرف إلى الطرف الثاني شاقاً. أما إذا لم يكن حاجة للتعدد فإنها لا تقام إلا في موضع واحد.

* * *
س332: ما كيفية صلاة العيدين؟
الجواب : كيفية صلاة العيدين أن يحضر الإمام ويؤم الناس بركعتين يكبر في الأولى تكبيرة الإحرام، ثم يكبر بعدها ست تكبيرات، ثم يقرأ الفاتحة، ويقرأ سورة ((ق)) في الركعة الأولى"، وفي الركعة الثانية إذا قام سيقوم مكبراً فإذا انتهى في القيام يكبر خمس تكبيرات، ويقرأ سورة الفاتحة ثم سورة ((اقتربت الساعة وانشق القمر)) فهاتان السورتان كان النبي صلى الله عيه وسلم يقرأ بهما في العيدين347،وإن شاء قرأ في الأولى بسبح وفي الثانية ب (( هل أتاك حديث الغاشية)348 . واعلم أن الجمعة والعيدين يشتركان في سورتين ويفترقان في سورتين فالسورتان اللتان يشتركان فيها هما: سبح والغاشية، والسورتان اللتان يفترقان فيها هما في العيدين ((ق)) و((اقتربت )) وفي الجمعة (( الجمعة)) و (( المنافقون)) وينبغي للإمام إحياء السنة بقراءة هذه السور حتى يعرفها المسلمون ولا يستنكروها إذا وقعت، وبعد هذا يخطب الخطبة، وينبغي أن يخص شيئاً من الخطبة يوجهه إلى النساء يأمرهن بما ينبغي أن يقمن به، وينهاهن عن ما ينبغي أن يتجنبه كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم.

* * *
س333: يقوم الإمام في بعض المدن في يوم العيد قبل الصلاة بالتكبير من خلال المكبر ويكبر المصلون معه، فما الحكم في هذا العمل؟
الجواب: هذه الصفة التي ذكرها السائل لم ترد عن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، والسنة أن يكبر كل إنسان وحده.

* * *
س334: متى يبتدئ التكبير للعيد؟ وما صفته؟
الجواب: التكبير يوم العيد يبتدئ من غروب الشمس آخر يوم من رمضان إلى أن يحضر الإمام لصلاة العيد.
وصفته أن يقول : الله أكبر ، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر ، الله أكبر ، ولله الحمد. أو يقول: الله أكبر ، ولله الحمد، يعني إما أن يقول التكبير ثلاث مرات، أو مرتين كل ذلك جائز، ولكن ينبغي أن تظهر هذه الشعيرة فيجهر بها الرجال في الأسواق والمساجد والبيوت، أما النساء فإن الأفضل في حقهن الإسرار.

* * *
س335: ما حكم صلاة الكسوف؟
الجواب: صلاة الكسوف والخسوف سنة مؤكدة عند جمهور أهل العلم، وليست بواجبة، ولا شك أن النبي صلى الله عليه وسلم قد أمر بها وأنه فزع لها، وأنه صلى صلاة عظيمة خارجة عن نظائرها.
وذهب بعض أهل العلم إلى وجوبها إما على الأعيان، أو على الكفاية، واستدلوا بأمر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، والأصل في الأمر الوجوب، وبأنه احتف بهذا الأمر من القرائن ما يدل على أهميتها، ولأنها إنذار من الله عز وجل لعقوبة انعقدت أسبابها، فكان واجباً على العباد أن يضرعوا إلى الله عز وجل بسبب هذه العقوبة التي انعقد سببها وأنذر الله بها.
ولا شك أن هذا القول قوي في دليله الأثري والنظري، وأقل أحوالها أن تكون فرض كفاية، هذا ما نراه فيها، أما الجمهور؛ فليس لهم دليل صارف عن الوجوب إلا قول النبي عليه الصلاة والسلام للرجل حين قال: هل علّي غيرها- إي: الصلوات الخمس-؟ قال : (( لا. إلا أن تطوع))349 . وهذا لا ينفي وجوب غير هذه الصلوات الخمس إذا وُجد سبب يوجبه، ويكون المراد من النفي في قوله عليه الصلاة والسلام: ((لا)) ؛ إي من الصلوات الراتبة التي تتكرر في اليوم والليلة، وأما الصلوات المعلقة بسبب؛ فهذا الحديث لا ينفي وجوبها.
والخلاصة أن الذي نرى وجوب صلاة الكسوف؛ إما على الأعيان، أو على الكفاية.

* * *
س336: من فاتته ركعة من صلاة الخسوف فكيف يقضيها؟
الجواب: من فاتته ركعة في صلاة الخسوف فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (( إذا سمعتم الإقامة فامشوا إلى الصلاة وعليكم السكينة والوقار، ولا تسرعوا، فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا))350. فهذا الذي فاتته ركعة من الخسوف يتمها على حسب ما صلاها الإمام، لعموم قوله صلى الله عليه وسلم : ((فأتموا)) . وهذا السؤال يتفرع عليه سؤال أكثر إشكالاً عند كثير من الناس وهو فيمن فاته الركوع الأول في الركعة؟ فمن فاته الركوع الأول من الركعة فقد فاتته الركعة، وبعدما يسلم الإمام يقضي الركعة التي فاته ركوعها الأول كلها لعموم قوله صلى الله عليه وسلم : ( وما فاتكم فأتموا)).


س337: تحويل الرداء أثناء الدعاء بعد صلاة الاستسقاء، هل يكون عند القيام للدعاء أم يكون في البيت قبل الخروج؟ وما الحكمة من قلبه؟ أفيدونا بارك الله فيكم.
الجواب: قلب الرداء في الدعاء أثناء الاستسقاء يكون حال الخطبة، كما ذكر ذلك أهل العلم، والحكمة منه تحصيل ثلاث فوائد:
الأولى: الاقتداء بالني صلى الله عليه وسلم.
الثانية: التفاؤل على الله عز وجل بأن يتحول القحط إلى حصب ورخاء.
الثالثة: أنه إشارة من المرء أن يقلب حاله من الانصراف عن الله عز وجل، والوقوع في معصيته، إلى الإقبال على الله عز وجل والتزام طاعته، لأن التقوى لباس معنوي، والرداء وشبهه لباس حسي، فكأنه بقلبه اللباس الحسي يلتزم بقلب الرداء المعنوي وهذه مناسبة جيدة.

* * *
س 338: بعض الناس يقول: لو لم تستغيثوا لنزل المطر، فما قولكم في ذلك؟
الجواب : قولي إني أخشى على قائله من خطر عظيم، فإن الله – عز وجل – يقول : (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ )(غافر: الآية60) والله سبحانه وتعالى حكيم وقد يؤخر فضله ليعلم الناس شدة إفتقارهم إليه، وأنه لا ملجأ من الله إلا إليه، ويجعل سبب نزول المطر هو دعاء الناس، وإذا دعا الناس ولم يُمطروا فلله تعالى في ذلك حكمة، فهو سبحانه وتعالى أعلم، وأحكم، وأرحم بعباده منهم بأنفسهم، فكثيراً ما يدعو الإنسان بشيء ولا يحصل، ثم يدعو ولا يحصل، ثم يدعو ولا يحصل، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ((يُستجاب لأحدكم ما لم يعجل، يقول دعوت فلم يستجب لي))351. وحينئذ يستحسر ويدع الدعاء – والعياذ بالله – مع أن الإنسان لا يدعو الله بكلمة إلا أثيب عليها، لأن الدعاء عبادة، فالإنسان الداعي على كل حال رابح، بل جاء في الحديث عن النبي عليه الصلاة والسلام أن من دعا يحصل له إحدى ثلاث خصال، إما أن يستجاب له، وإما أن يصرف عنه من السوء ما هو أعظم، وإما أن تدخر له يوم القيامة352
وإني أوجه نصيحتي إلى الأخ القائل لتك العبارة أن يتوب إلى الله – عز وجل- فإن هذا ذنب عظيم مضاد لأمر الله تعالى بالدعاء وحادة الله.

* * *
س339: ما رأيكم فيمن يوصي إذا مات أن يدفن في المكان الفلاني، هل تنفذ هذه الوصية؟
الجواب: أولاً: لابد أن يسأل لماذا اختار هذا المكان؟ فلعله اختاره إلى جنب ضريح مكذوب، أو إلى جنب ضريح يُشرك به مع الله، أو لغير ذلك من الأسباب المحرمة، فهذا لا يجوز تنفيذ وصيته، ويدفن مع المسلمين إن كان مسلماً.
أما إذا كان أوصى لغير هذا الغرض، بل أوصى أن ينقل إلى بلده الذي عاش فيه فهذا لا حرج أن تنفذ وصيته إذا لم يكن في ذلك إتلاف للمال، فإذا كان في ذلك إتلاف للمال بحيث لا ينقل إلا بدراهم كثيرة فإنها لا تنفذ وصيته حينئذ وأرض الله – تعالى – واحدة، ما دامت الأرض أرض مسلمين.

* * *
س340 متى وقت التلقين؟
الجواب: التلقين عند الموت وعند الاحتضار، يلقن المحتضر لا إله إلا الله، كما فعل النبي عليه الصلاة والسلام عند موت عمه أبي طالب حيث حضره فقال: (( يا عم، قل لا إله إلا الله كلمة أحاج لك بها عند الله))، ولكن عمه أبا طالب – والعياذ بالله – لم يقل هذا ومات على الشرك353
وأما التلقين بعد الدفن فإنه بدعة لعدم ثبوت الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك، ولكن الذي ينبغي أن يفعل ما رواه أبو داود حيث كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه وقال: (( استغفروا لأخيكم واسألوا له التثبيت فإنه الآن يُسأل ))354 ، وأما القراءة عند القبر أو تلقينه في القبر فهذا بدعة لا أصل له.

س341 : ما رأيكم فيمن يؤخر الميت عن دفنه لأجل وصول بعض الأقارب من أماكن بعيدة؟
الجواب: المشروع في الميت المبادرة والإسراع في تجهيزه، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : (( أسرعوا بالجنازة، فإن تلك صالحة فخيرٌ تقدمونها إليه، وإن تك سوى ذلك فشر تضعونه عن رقابكم))355. ولا ينبغي أن يؤخر الميت من أجل حضور بعض أهله، اللهم إلا ساعات يسيرة، وإلا فالمبادرة في تجهيزه أولى، وإذا جاء الأهل فإنه يمكنهم أن يصلوا على قبره كما فعله النبي صلى الله عليه وسلم حين صلى على قبر المرأة التي كانت تقم المسجد، فدفنوها ولم يخبروه فقال: (( دلوني على قبرها)) فدلوه فصلى عليها356

* * *
س342: الإخبار بوفاة شخص ما لأقربائه وأصدقائه ليجتمعوا للصلاة عليه، هل يدخل ذلك في النعي الممنوع أم أن ذلك مباح؟
الجواب: هذا من النعي المباح ، ولهذا نعى النبي صلى الله عليه وسلم النجاشي في اليوم الذي مات فيه357، وقال في المرأة التي كانت تقم المسجد، فدفنها الصحابة – رضي الله عنهم – ولم يخبروا النبي عليه الصلاة والسلام بذلك فقال :"هلا كنتم آذنتموني.." فالإخبار بموت الشخص من أجل أن يكثر المصلون عليه لا بأس به، لأن ذلك مما وردت في مثله السنة، وكذلك إخبار أهله وذويه ممن يهمهم أن يجتمعوا للصلاة عليه ليس فيه حرج.

* * *
س343: ما هي الصفة الصحيحة التي وردت عن المصطفى صلى الله عليه وسلم في غسل الميت؟
الجواب: الصفة المشروعة في غسل الميت هو أن الإنسان يغسل فرج الميت، ثم يشرع في تغسيله، فيبدأ بأعضاء الوضوء ويوضئه إلا أنه لا يدخل الماء فمه ولا أنفه، وإنما يبل خرقة وينظف أنفه وفمه بها، ثم يغسل بقية الجسد ويكون ذلك بسدر( والسدر هو المعروف)، يدق ثم يوضع بالماء ثم يضرب باليد حتى يكون له رغوة، فتؤخذ الرغوة ويغسل لها الرأس واللحية، ويغسل بقية البدن بفضل السدر؛ لأن ذلك ينظفه كثيراً، ويجعل في الغسلة الأخيرة كافوراً، (والكافور طيب معروف)، قال العلماء من فوائده أنه يصلب الجسد ويطرد عنه الهوام.
وإذا كان الميت كثير الوسخ، فإنه يزيد في غسله لقول النبي صلى الله عليه وسلم للنساء اللاتي يغسلن ابنته: ((أغسلنها ثلاثاً، أو خمساً، أو أكثر من ذلك إن رأيتن ذلك))358. ثم بعد هذا ينشفه ويضعه في كفنه.

* * *
س344: أحياناً في حوادث السيارات والحرائق والهدم تتلف أو تفقد أجزاء الإنسان وأحياناً لا يوجد إلا قطع يسيرة اليد والرأس هل يشرع الصلاة على هذه الأجزاء؟ وهل تغسل؟
الجواب : الأجزاء اليسيرة مثل اليد والرجل إذا وجدت وقد صُلَّي على صاحبها من قبل فإنه لا يصلى عليها ، مثل لو أننا صلينا على شخص ودفناه ولكنه بلا رجل، ثم بعد ذلك عثرنا على رجله فإنها تدفن ولا يصلى عليها؛ لأنه قد صُلَّي على الميت.
أما إذا كان لم يوجد جملة الميت، وإنما وجد عضوٌ من أعضائه كرأسه، أو رجله، أو يده، وبقية جسمه لم يوجد، فإنه يصلى على هذا الموجود بعد أن يغسل ويكفن ثم بعد ذلك يدفن.

* * *
س345: امرأة أسقطت في حملها وكان عمر هذا السقط ستة أشهر، وكانت تقوم بأعمال شاقة ومتعبة ومع ذلك كانت تصوم شهر رمضان، وهي تخشى أن يكون موت هذا السقط في بطنها قبل وضعه سببه تلك الأعمال ، ومع ذلك دُفن ولم يُصلَّ عليه، فما حكم ترك الصلاة عليه؟ وماذا على المرأة أن تفعل لكي تدفع هذه الشكوك التي تساورها من موت السقط؟ أفيدونا أفادكم الله.
الجواب: السقط إذا بلغ أربعة أشهر فإنه يجب أن يغسل، ويكفن، ويُصلىَّ عليه، لأنه إذا بلغ الأربعة نفخت فيه الروح، كما يدل على ذلك حديث عبد الله بن مسعود – رضى الله عنه – قال : حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدوق : ((إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوماً نطفة، ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكن مضغة مثل ذلك ، ثم يُبعث إليه الملك فينفخ فيه الروح))359 إلخ الحديث. فهذه مائة وعشرون يوماً: أي أربعة أشهر، فإذا سقط فإنه يغسل، ويكفن ، ويُصلَّى عليه، وسوف يحشر يم القيامة مع الناس.
أما إذا كان دون الأربعة أشهر فإنه لا يغسل ، ولا يكفن، ولا يُصلى عليه، ويدفن في أي مكان؛ لأنه قطعة من لحكم وليس بإنسان.
وهذا السقط المذكور في السؤال قد بلغ ستة أشهر فالواجب أنه يغسل ويكفن ويصلى عليه، بناء على ما ذكر في السؤال من أنهم لم يصلوا عليه فإن عليهم أن يصلوا الآن على قبره إن كانوا يعرفونه، وإلا صلوا عليه صلاة الغائب، وتكفي صلاة واحد فقط عليه.
وأما بالنسبة لشكوك أمه وأنه سقط بسببها فإن هذه الشكوك لا أثر لها، ولا ينبغي أن تطرأ لها على بال. وكثيراً ما تموت الأجنة في بطون أمهاتهم، وليس عليها في ذلك شيء، فلتنته عن هذه الشكوك والوساوس التي تكدر عليها حياتها. والله أعلم.

* * *
س346: ما صفة صلاة الجنازة؟
الجواب: صفتها بالنسبة للرجل أن يوضع أمام الإمام، ويقف الإمام عند رأسه سواء كان كبيراً أو صغيراً، يقف عند رأسه ويكبر التكبيرة الأولى، ثم يقرأ الفاتحة، وإن قرأ معها سورة قصيرة فلا بأس ، بل قد ذهب بعض أهل العلم إلى أنه من السنة، ثم يكبر الثانية فيصلى على النبي عليه الصلاة والسلام (( اللهم صلِّ على محمد، وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم ، وعلى آل إبراهيم ، إنك حميد مجيد، الله بارك على محمد، وعلى آل محمد ، كما باركت على إبراهيم، وعلى آل إبراهيم ، إنك حميد مجيد)). ثم يكبر الثالثة فيدعو بما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم ومنه : الله اغفر لحينا وميتنا، وشاهدنا وغائبنا، وصغيرنا وكبيرنا ، وذكرنا وأُنثانا، اللهم من أحييته منا فأحيه على الإسلام، ومن توفيته منا فتوفه على الإيمان، اللهم اغفر له، وارحمه، وعافه، واعف عنه، وأكرم نزله، ووسِّع مُدخله، وأغسله بالماء والثلج والبرد، ونقِّه من الخطايا كما يُنقى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم لا تحرمنا أجره، ولا تضلنا بعده، واغفر لنا وله، وغير ذلك مما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم يكبر الرابعة، قال بعض أهل العلم : ويقول بعدها: ربنا آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، وإن كبرَّ خامسة فلا بأس، لأنه قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، بل إنه ينبغي أن يُفعل ذلك أحياناً أي أن يكبر خمساً لثبوت ذلك عنه عليه الصلاة والسلام360 ، وما ثبت عنه فإنه ينبغي للمرء أن يفعله على الوجه الذي ورد، فيفعل هذا مرة، وهذا مرة، وإن كان الأكثر أن التكبير أربع، ثم يسلم تسليمة واحدة عن يمينه، أما إذا كانت أُنثى فإنه يقف عند وسطها، وصفة الصلاة عليها كصفة الصلاة على الرجل.
وإذا اجتمع عدة جنائز فإنه ينبغي أن يكونوا مرتبين، فيكون الذي يلي الإمام الرجال البالغون، ثم الأطفال الذكور ثم النساء البالغات، ثم الجواري الصغار، هكذا بالترتيب، وإما رؤوسهم فيجعل رأس الذكر عند وسط المرأة ليكون وقوف الإمام في المكان المشروع.
وهنا ملاحظة انه يوجد كثير من العامة يظنون أن الأفضل أن يقف الناس الذين يقدمون الجنازة مع الإمام ، بل إن بعضهم يظن أنه لابد أن يقف واحد أو أكثر مع الإمام بدل أن يكون وحده، وإذا كان المقدمون للجنازة ليس لهم مكان في الصف الأول فإنهم يصفون بين الإمام وب
فاستقم كما امرت
فاستقم كما امرت
الدعم الفني والتقني
الدعم الفني والتقني
عدد المساهمات : 616
تاريخ التسجيل : 23/12/2012

فتاوى فى اصل الطهاره لابن العيثيمين  Empty رد: فتاوى فى اصل الطهاره لابن العيثيمين

22nd يونيو 2013, 3:23 pm
وإذا اجتمع عدة جنائز فإنه ينبغي أن يكونوا مرتبين، فيكون الذي يلي الإمام الرجال البالغون، ثم الأطفال الذكور ثم النساء البالغات، ثم الجواري الصغار، هكذا بالترتيب، وإما رؤوسهم فيجعل رأس الذكر عند وسط المرأة ليكون وقوف الإمام في المكان المشروع.
وهنا ملاحظة انه يوجد كثير من العامة يظنون أن الأفضل أن يقف الناس الذين يقدمون الجنازة مع الإمام ، بل إن بعضهم يظن أنه لابد أن يقف واحد أو أكثر مع الإمام بدل أن يكون وحده، وإذا كان المقدمون للجنازة ليس لهم مكان في الصف الأول فإنهم يصفون بين الإمام وبين الصف الأول.

* * *
س347: ما حكم الصلاة على الميت إذا كان تاركاً للصلاة أو يشك في تركه لها أو تجهل حاله؟ وهل يجوز لولي أمره تقديمه للصلاة عليه؟
الجواب: أما من علم أنه مات وهو لا يصلي فإنه لا يجوز أن يصَّلى عليه، ولا يحل لأهله أن يقدموه إلى المسلمين ليصلوا عليه، لأنه كافر مرتد عن الإسلام، والواجب أن يُحفر له حفرة في غير المقبرة ويرمى فيها ولا يُصلَّى عليه، لأنه لا كرامة له فإنه يُحشر يوم القيامة مع فرعون، وهامان وقارون ، وأبّي بن خلف.
أما مجهول الحال من المسلمين، أو المشكوك فيه فيصلى عليه؛ لأن الأصل أنه مسلم حتى يتبيَّن لنا أنه ليس بمسلم، ولكن لا بأس إذا كان الإنسان شاكّاً في هذا الميت أن يستثني عند الدعاء فيقول : اللهم إن كان مؤمناً فاغفر له وارحمه، لأن الاستثناء في الدعاء قد ورد في الذين يرمون أزواجهم ثم لم يأتوا بأربعة شهداء أن الرجل إذا لاعن زوجته قال في الخامسة (( وأن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين)) وتقول هي في الخامسة : (( وأن غضب الله عليها إن كان من الصادقين)).

* * *
س348: هل لصلاة الجنازة وقت محدد؟ وهل يجوز الدفن ليلاً؟ وهل لها عدد معين؟ وهل يجوز أن تصلى في المقابر وعلى القبور؟
الجواب: الصلاة على الجنازة ليس لها وقت محدد، وذلك لأن الموت ليس له وقت محدد، فمتى مات الإنسان فإنه يغسل ويكفن ويصلى عليه في أي وقت من ليلٍ أو نهار، ويدفن في أي وقت من ليل أو نهار، إلا في ثلاثة أوقات فإنه لا يجوز الدفن فيها وهي : من طلوع الشمس حتى ترتفع قيد رمح، وعند قيامها حتى تزول – يعنى قبل الزوال بنحو عشر دقائق – وحين تضيف للغروب حتى تغرب، وتضيفها للغروب أن يكون بينها وبين الغروب مقدار رمح، فهذه الثلاثة الأوقات لا يحل فيها الدفن. والنهي عن الدفن في هذه الأوقات للتحريم، لحديث عقبة بن عامر أنه قال فتاوى فى اصل الطهاره لابن العيثيمين  Frown( ثلاث ساعات نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نصلي فيهن وأن نقبر فيهن موتانا))361.
وليس لصلاة الجنازة عدد معين بل لو صلى عليها واحد فقط أجزأ ذلك.
ويجوز أن تصلى في المقبرة، ولذلك استثنى أهل العلم صلاة الجنازة من النهي عن الصلاة في المقبرة، وقالوا: إنه يجوز أن تصلى صلاة الجنازة في المقابر، كما تجوز الصلاة على القبر، وقد ثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه صلى على قبر المرأة التي كانت تقم المسجد فماتت ليلاً فدفنها الصحابة، ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (( دلوني على قبرها)) فدلوه فصلى عليه362

* * *
س349: هل تُشرع الصلاة على الغائب مطلقاً أم لها شروط معينة؟
الجواب: القول الراجح من أقوال أهل العلم أن الصلاة على الغائب غير مشروعة إلا لمن لم يصلّ عليه، كما لو مات شخص في بلد كفر ولم يُصلّ عليه أحد، أو غرق في بحر أو نهر أو واد ولم يُعثر على جثته، فإنه يجب الصلاة عليه، وأما من صُلِّي عليه فالصحيح أن الصلاة عليه غير مشروعة، لأن ذلك لم يرد في السنة إلا في قصة النجاشي، والنجاشي لم يُصلَّ عليه في بلده، فلذلك صلى عليه النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة363، وقد مات الكبراء والزعماء في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولم يُنقل أنه صلى عليهم، وقال بعض أهل العلم: من كان فيه منفعة في الدين بماله، أو عمله، أو علمه فإنه يُصلّى عليه صلاة الغائب، ومن لم يكن كذلك فلا يُصلى عليه. وقال بعض أهل العلم: يُصلَّى على الغائب مطلقاً، وهذا أضعف الأقوال.

* * *
س350: في بعض البلاد يدفنون الميت على ظهره ويده على بطنه فما الصواب في دفن الميت؟
فأجاب فضيلته بقوله: الصواب أن الميت يُدفن على جنبه الأيمن مستقبل القبلة، فإن الكعبة قبلة الناس أحياءًا وأمواتاً، وكما أن النائم ينام على جنبه الأيمن كما أمر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم ، فكذلك الميت يضجع على جنبه الأيمن فإن النوم والموت يشتركان في كون كل منهما وفاة، كما قال تعالى : (اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمّىً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) وقال تعالى : (وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ لِيُقْضَى أَجَلٌ مُسَمّىً ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ ثُمَّ يُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) . فالمشروع في دفن الميت أن يضجع على جنبه الأيمن مستقبل القبلة.
ولعل ما شاهده السائل كان نتيجة عن جهل من يتولى ذلك، وإلا فما علمت أحداً من أهل العلم يقول : إن الميت يضجع على ظهره، وتجعل يداه على بطنه.

* * *
س351: ما حكم قراءة القرآن على القبور والدعاء للميت عند قبره، ودعاء الإنسان لنفسه عند القبر ؟
الجواب: قراءة القرآن على القبور بدعة ولم ترد عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه ، وإذا كانت لم ترد عن النبي صلي الله عليه وسلم ، ولا عن أصحابه فإنه لا ينبغي لنا نحن أن نبتدعها من عند أنفسنا، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال فيما يصح عنه: (( كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار))364. والواجب على المسلمين أن يقتدوا بمن سلف من الصحابة والتابعين لهم بإحسان، حتى يكونوا على الخير والهدى لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (( خير الكلام كلام الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم))365.
وأما الدعاء للميت عند قبره فلا بأس به فيقف الإنسان عند القبر ويدعو له بما يتيسر مثل أن يقول : اللهم اغفر له، الله ارحمه، اللهم أدخله الجنة، اللهم افسح له في قبره وما أشبه ذلك.
وأما دعاء الإنسان لنفسه عند القبر فهذا إذا قصده الإنسان فهو من البدع أيضاً، لأنه لا يخصص مكان للدعاء إلا إذا ورد به النص، وإذا لم يرد به النص ولم تأت به السنة فإنه – أعتني تخصيص مكان للدعاء – أيّاً كان ذلك المكان يكون تخصيصه بدعة.

* * *
س 352: ما حكم زيارة المقابر؟ وقراءة الفاتحة؟ وزيارة النساء للمقابر؟
الجواب: زيارة القبور سنة أمر به النبي صلي الله عليه وسلم بعد أن نهى عنها كما ثبت ذلك عنه صلى الله عليه وسلم في قوله : (( كنت نهيتكم عن زيارة القبور، إلا فزوروها فإنها تذكركم الآخرة))366
، رواه مسلم ، فزيارة القبور للتذكر والاتعاظ سنة، فإن الإنسان إذا زار هؤلاء الموتى في قبورهم، وكان هؤلاء بالأمس معه على ظهر الأرض يأكلون كما يأكل ، ويشربون كما يشرب، ويتمتعون بدنياهم، وأصبحوا الآن رهناً لأعمالهم إن خيراً فخير ، وإن شرّاً فشر، فإنه لابد أن يتعظ ويلين قلبه، ويتوجه إلى الله – عز وجل – بالإقلاع عن معصيته إلى طاعته، وينبغي لمن زار المقبرة أن يدعو بما كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو به وعلمه أمته (( السلام عليكم دار قوم مؤمنين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، يرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين، نسأل الله لنا ولكم العافية، الله لا تحرمنا أجرهم، ولا تفتنا بعدهم ، واغفر لنا ولهم)367.
ولم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقرأ الفاتحة عند زيارة القبور، وعلى هذا فقراءة الفاتحة عند زيارة القبور خلاف المشروع عن النبي صلى الله عليه وسلم .
وأما زيارة القبور للنساء ، فإن ذلك محرم، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لعن زائرات القبور، والمتخذين عليها المساجد والسرج 368، فلا يحل للمرأة أن تزور المقبرة ، هذا إذا خرجت من بيتها لقصد الزيارة، أما إذا مرت بالمقبرة بدون قصد الزيارة فلا حرج عليها أن تقف وأن تسلم على أهل المقبرة بما علمه النبي صلى الله عليه وسلم أمته، فيفرق بالنسبة للنساء بين من خرجت من بيتها لقصد الزيارة، ومن مرت بالمقبرة بدون قصد فوقفت وسلمت، فالأولى التي خرجت من بيتها للزيارة قد فعلت محرماً، وعرضت نفسها للعنة الله – عز وجل- وأما الثانية فلا حرج عليها.

* * *
س353: هناك عادة في بعض البلاد وهى أنه إذا مات الميت رفعوا أصواتهم بالقرآن ومن خلال المسجلات في بيت الميت فما حكم هذا العمل؟
الجواب : الجواب أن نقول إن هذا العمل بدعة بلا شك فإنه لم يكن في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولا عهد أصحابه ، والقرآن إنما تخفف به الأحزان إذا قرأه الإنسان بنفسه بينه وبين نفسه، لا إذا أعلن به على مكبرات الصوت التي يسمعها كل إنسان حتى اللاهون في لهوهم،حتى الذين يستمعون المعزف وآلات اللهو تجده يسمع القرآن ويسمع هذه الآلات، وكأنما يلغون في هذا القرآن ويستهزؤون به، ثم إن اجتماع أهل الميت لاستقبال المعزين هو أيضاً من الأمور التي لم تكن معروفة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ، حتى إن بعض العلماء قال: إنه بدعة، ولهذا لا نرى أن أهل الميت يجتمعون لتلقي العزاء بل يغلقون أبوابهم، وإذا قابلهم أحد في السوق، أو جاء أحد من معارفهم بدون أن يعدوا لهذا اللقاء عدته، ودون أن يفتحوا الباب لكل أحد فإن هذا لا بأس به، وأما اجتماعهم وفتح الأبواب لاستقبال الناس فإن هذا شيء لم يكن معروفاً في عهد النبي صلى الله عليه وسلم حتى كان الصحابة يعدون الاجتماع عند أهل الميت ، ووضع الطعام من النياحة، والنياحة كما هو معروف من كبائر الذنوب، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لعن النائحة والمستمعة، وقال : (( النائحة إذا لم تتب قبل موتها تُقام يوم القيامة وعليها سربال من قطران، ودرع من جرب)369. نسأل الله العافية.
فنصيحتي لإخواني المسلمين أن يتركوا هذه الأمور المحدثة؛ لأن ذلك أولى بهم عند الله، وهو أولى بالنسبة للميت أيضاً، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن الميت يُعذب ببكاء أهله عليه، وبنياحة أهله عليه، ومعنى يُعذَّب يتألم من هذا البكاء وهذه النياحة، وإن كان لا يعاقب عقوبة للفاعل، لأن الله تعالى يقول: ( وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى )(الأنعام: الآية164)، ولا يلزم من العذاب أن يكون عقوبة ألا ترى إلى قول النبي صلى الله عليه وسلم : (( السفر قطعة من العذاب))370 ، وليس السفر عقوبة، بل إن الألم والهم وما أشبه ذلك يعد عذاباً، ومن كلمات الناس العابرة قول (( عذبني ضميري)) إذا اعتراه الهم والغم الشديد، والحاصل أنني أنصح إخواني عن مثل هذه العادات التي لا تزيدهم إلا بعداً ، ولا تزيد موتاهم إلا عذاباً.

* * *
فاستقم كما امرت
فاستقم كما امرت
الدعم الفني والتقني
الدعم الفني والتقني
عدد المساهمات : 616
تاريخ التسجيل : 23/12/2012

فتاوى فى اصل الطهاره لابن العيثيمين  Empty رد: فتاوى فى اصل الطهاره لابن العيثيمين

22nd يونيو 2013, 3:24 pm
* * *
-------------------------
129أخرجه البخاري، كتاب الحيض، باب لا تقضي الحائض الصلاة (321) ومسلم، كتاب الحيض، باب وجوب قضاء الصوم ..(335) .
130أخرجه الترمذي، كتاب اللباس، باب ما جاء في الحرير والذهب (1720)، والنسائي، كتاب الزينة، باب تحريم الذهب على الرجال (5163) .
131أخرجه البخاري، كتاب الوضوء، باب لا يستقبل القبلة ببول ولا غائط (144)، ومسلم، كتاب الطهارة، باب الاستطابة (59) .
132أخرجه البخاري، كتاب الوضوء، باب من تبرز على لبنتين (145) .
133أخرجه البخاري، كتاب الوضوء، باب لا يتوضأ من الشك حتى يستيقن (137)، ومسلم، كتاب الحيض، باب الدليل على أن من تيقن الطهارة ثم شك في الحدث فله أن يصلي بطهارته تلك (361) .
134مسند الإمام أحمد 3/415 .
135تقدم تخريجه
136أخرجه الإمام أحمد في المسند (5/75) .
137أخرجه مسلم، كتاب الحج، باب صفة حجة النبي صلى الله عليه وسلم .
138أخرجه مسلم، كتاب الطهارة، باب وجوب استيعاب جميع أجزاء محل الطهارة (243) .
139أخرجه مسلم، كتاب الطهارة، باب الذكر المستحب عقب الوضوء (234) .
140أخرجه البخاري، كتاب الإيمان، باب الدين يسر (39) .
141أخرجه البخاري، كتاب الاعتصام، باب الاقتداء بسنن رسول الله صلى الله عليه وسلم (7288)، ومسلم، كتاب الفضائل، باب توقيره صلى الله عليه وسلم وترك إكثار سؤاله عما لا ضرورة إليه (1337) .
142أخرجه البخاري، كتاب الوضوء، باب إذا أدخل رجليه وهما طاهرتان (206)، ومسلم، كتاب الطهارة، باب المسح على الخفين (274) (79) .
143أخرجه النسائي، كتاب الطهارة، باب التوقيت في المسح . والترمذي، باب ما جاء في المسح على الخفين للمسافر والمقيم .
144تقدم تخريجه
145تقدم تخريجه
146أخرجه مسلم، كتاب الحيض، باب الوضوء من لحوم الإبل .
147أخرجه الدارمي، كتاب الطلاق، باب 3 . والنسائي، 5718 .
148أخرجه مسلم، كتاب الحيض، باب إنما الماء من الماء (343) .
149أخرجه البخاري، كتاب الغسل، باب إذا التقى الختانان، (291)، ومسلم، كتاب الحيض، باب نسبة الماء من الماء (348) .
150أخرجه البخاري، كتاب الجنائز، باب غسل الميت ووضوئه بالماء والسدر (1253)، ومسلم، كتاب الجنائز، باب في غسل الميت (939) .
151أخرجه البخاري، كتاب الجنائز، باب كيف يكفن المحرم (1267)، ومسلم، كتاب الحج، باب ما يفعل بالمحرم إذا مات (1206) .
152تقدم تخريجه
153أخرجه مسلم، كتاب الحيض، باب وجوب الغسل على المرأة بخروج المني منها (311) .
154تقدم تخريجه
155أخرجه البخاري، كتاب التيمم، باب الصعيد الطيب وضوء المسلم يكفيه من الماء (344) .
156أخرجه البخاري، كتاب التيمم، باب المتيمم هل ينفخ فيهما (338) .
157أخرجه البخاري، كتاب الوضوء، باب بول الصبيان (223)، ومسلم، كتاب الطهارة، باب حكم بول الطفل الرضيع وكيفية غسله (286) .
158أخرجه البخاري، كتاب الحيض، باب ترك الحائض الصوم (304) .
159أخرجه مسلم، كتاب المساجد، باب من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك تلك الصلاة (608) .
160أخرجه البخاري، كتاب الحيض، باب الصفرة والكدرة في غير أيام الحيض (326) .
161أخرجه أبو داود، كتاب الطهارة، باب في المرأة ترى الكدرة والصفرة بعد الطهر (307) .
162أخرجه البخاري معلقاً، كتاب الحيض، باب إقبال المحيض وإدباره .
163أخرجه البخاري، كتاب الحيض، باب الأمر بالنساء إذا نفسن (294)، ومسلم، كتاب الحج، باب بيان وجوه الإحرام (1211) (120) .
164أخرجه الإمام أحمد 5/231، والترمذي: كتاب الإيمان/ باب ما جاء في حرمة الصلاة (2616)، والنسائي في "الكبرى": كتاب التفسير/ باب قوله تعالى: (تتجافى جنوبهم عن المضاجع) (11394) . وابن ماجه: كتاب الفتن/ باب كف اللسان في الفتنة (3973) . وقال الترمذي: حديث حسن صحيح .
165أخرجه البخاري، كتاب الزكاة/ باب وجوب الزكاة (1395) . ومسلم: كتاب الإيمان/ باب الدعاء إلى الشهادتين وشرائع الإسلام .
166تقدم تخريجه
167تقدم تخريجه
168أخرجه البخاري: كتاب المواقيت/ باب من نسي صلاة فليصلها إذا ذكرها، ومسلم: كتاب المساجد/ باب قضاء الصلاة الفائتة .
169أخرجه الإمام مالك/ باب ما جاء في جامع الوقت (23) .
170أخرجه مسلم، كتاب الأقضية/ باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور . وانظر ص345 .
171تقدم تخريجه
172أخرجه مسلم، كتاب الوصية، باب ما يلحق الإنسان من الثواب بعد وفاته .
173أخرجه الترمذي، كتاب النكاح/ باب ما جاء إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه (1085) وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب . وابن ماجة (1967) والحاكم 2/175 .
174أخرجه البخاري: كتاب النكاح/ باب الأكفاء في الدين، ومسلم: كتاب الرضاع/ باب استحباب نكاح ذات الدين .
175أخرجه البخاري، كتاب الإيمان/ باب خوف المؤمن أن يحبط عمله وهو لا يشعر، ومسلم: كتاب الإيمان/ باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: "سباب المسلم فسوق...." .
176أخرجه مسلم: كتاب الإيمان/ باب بيان إطلاق الكفر على من ترك الصلاة .
177أخرجه الإمام أحمد 5/346، والترمذي: كتاب الإيمان/ باب ما جاء في ترك الصلاة (2621)، والنسائي: كتاب الصلاة/ باب الحكم في تارك الصلاة . وابن ماجه: كتاب إقامة الصلاة/ باب ما جاء فيمن ترك الصلاة (1079) . وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح غريب .
178أخرجه البخاري: كتاب الفتن/ باب ما جاء في قول الله تعالى: (واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة)، ومسلم: كتاب الإمارة/ باب وجوب طاعة الأمراء في غير معصية وتحريمها في المعصية .
179أخرجه مسلم: كتاب الإمارة/ باب وجوب الإنكار على الأمراء فيما يخالف الشرع وترك قتالهم ما صلوا، ونحو ذلك .
180أخرجه الهيثمي في "المجمع" 4/216، ونحوه عند الحاكم في "المستدرك" 4/44 .
181أخرجه ابن أبي شيبة في "الإيمان" 34 .
182أخرجه الترمذي: كتاب الإيمان/ باب ما جاء في ترك الصلاة .
183تقدم تخريجه
184تقدم ذلك مفصلاً في الفتوى المتقدمة .
185أخرجه البخاري: كتاب الفرائض/ باب لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم، ومسلم: كتاب الفرائض.
186أخرجه البخاري: كتاب الفرائض/ باب ميراث الولد من أبيه وأمه (6732)، ومسلم: كتاب الفرائض/ باب ألحقوا الفرائض بأهلها .
187أخرجه الإمام أحمد في "المسند" 2/169 .
188تقدم تخريجه
189أخرجه الإمام أحمد 2/187، وأبو داود، كتاب الصلاة، باب متى يؤمر الغلام بالصلاة (495،496)، وهو في صحيح الجامع (5868) .
190أخرجه البخاري: كتاب الآذان للمسافرين إذا كانوا جماعة والإقامة، ومسلم: كتاب المساجد/ باب من أحق بالإمامة .
191أخرجه الإمام أحمد 4/145، 157، وأبو داود: كتاب الصلاة/ باب الأذان في السفر .
192أخرجه البخاري: كتاب الحج/ باب الجمع بين الصلاتين بالمزدلفة، ومسلم، كتاب الحج/ باب الإفاضة من عرفات .
193أخرجه الإمام أحمد 3/408 .
194أخرجه البخاري: كتاب الأذان/ باب بين كل أذانين صلاة لمن شاء، ومسلم: كتاب صلاة المسافرين/ باب بين كل أذانين صلاة .
195أخرجه البخاري: كتاب الأذان/ باب الأذان قبل الفجر، ومسلم: كتاب الصيام/ باب بيان أن الدخول في الصوم يحصل .
196تقدم تخريجه.
197أخرجه مسلم: كتاب الصلاة/ باب استحباب القول مثل قول المؤذن .
198أخرجه البيهقي في "السنن" 1/410، وانظر: فتاوى اللجنة 6/88، وفتاوى سماحته –رحمه الله رحمة واسعة- 10/364، 365 .
199أخرجه أبو داود: كتاب الصلاة/ باب ما يقول إذا سمع الإقامة، قال الحافظ في: التلخيص 1/212: ضعيف
200أخرجه أبو داود: كتاب الصلاة/ باب ما يقول إذا سمع الإقامة ،والبيهقي 1/411، والبغوي في "شرح السنة" 2/288، قال الحافظ في "التلخيص" 1/211: "ضعيف"، وضعفه الألباني في "الإرواء" 1/258 .
201أخرجه البخاري: كتاب المواقيت/ باب فضل الصلاة لوقتها، ومسلم: كتاب الإيمان/ باب كون الإيمان بالله تعالى أفضل الأعمال .
202أخرجه مسلم: كتاب المساجد/ باب وقت العشاء وتأخيرها .
203أخرجه البخاري: كتاب مواقيت الصلاة/ باب الإبراد بالظهر في شدة الحر، ومسلم: كتاب المساجد/ باب استحباب الإبراد بالظهر .
204أخرجه البخاري: كتاب المواقيت/ باب الإبراد بالظهر في السفر .ومسلم: كتاب المساجد/ باب استحباب الإبراد بالظهر في شدة الحر .
205أخرجه البخاري، كتاب المواقيت/ باب ما يكره من السمر بعد العشاء .
206أخرجه ابن ماجه: كتاب الطلاق/ باب طلاق المكره والناسي .
207تقدم تخريجه
208أخرجه البخاري: كتاب مواقيت الصلاة/ باب من أدرك من الصلاة ركعة . ومسلم: كتاب المساجد/ باب من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة .
209أخرجه مسلم: كتاب اللباس والزينة/ باب النساء الكاسيات العاريات .
210أخرجه البخاري: كتاب جزاء الصيد/ باب ما ينهى من الطيب للمحرم والمحرمة .
211أخرجه مسلم: كتاب الإيمان/ باب بيان أنه سبحانه لم يكلف إلا ما يطاق .
212أخرجه أبو داود: كتاب الصلاة/ باب الصلاة في النعل .
213أخرجه مسلم: كتاب الإيمان/ باب بيان غلظ تحريم إسبال الإزار .
214أخرجه البخاري: كتاب اللباس/ باب من جر ثوبه من الخيلاء، ومسلم: كتاب اللباس/ باب تحريم جر الثوب خيلاء .
215أخرجه البخاري: كتاب اللباس/ باب ما أسفل الكعبين ففي النار .
216أخرجه الإمام أحمد 3/5، وأبو داود: كتاب اللباس/ باب في قدر موضع الإزار (4093)، وابن ماده: كتاب اللباس/ باب موضع الإزار أين هو (3573)، والنسائي: كتاب الزينة/ باب موضع الإزار (بنحوه)، ومالك 2/217 .
217أخرجه البخاري: كتاب اللباس/ باب من جر إزاره من غير خيلاء .
218أخرجه مسلم: كتاب الطهارة/ باب وجوب الطهارة للصلاة .
219أخرجه البخاري: كتاب المساجد/ باب الصلاة في البيعة، ومسلم: كتاب المساجد/ باب النهي عن بناء المساجد على القبور .
220أخرجه البخاري: كتاب الجنائز/ باب بناء المسجد على القبر، ومسلم: كتاب المساجد/ باب النهي عن بناء المساجد على القبور .
221أخرجه الإمام أحمد 1/405 و 435 .
222 أخرجه البخاري: كتاب المساجد/ باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي ..." .
223أخرجه البخاري: كتاب الحج/ باب فضل مكة وبنيانها، ومسلم: كتاب الحج/ باب نقض الكعبة وبنائها . 224أخرجه الترمذي: كتاب الصلاة/ باب ما جاء أن ما بين المشرق والمغرب قبلة، وابن ماجة (1011)، والحاكم وصححه ووافقه الذهبي "المستدرك" 1/225
فاستقم كما امرت
فاستقم كما امرت
الدعم الفني والتقني
الدعم الفني والتقني
عدد المساهمات : 616
تاريخ التسجيل : 23/12/2012

فتاوى فى اصل الطهاره لابن العيثيمين  Empty رد: فتاوى فى اصل الطهاره لابن العيثيمين

22nd يونيو 2013, 3:25 pm
أخرجه البخاري: كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة/ باب الاقتداء بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم . ومسلم: كتاب الحج/ باب فرض الحج مرة في العمر .
226تقدم تخريجه
227تقدم تخريجه.
228 أخرجه البخاري: كتاب الأذان/ باب لا يسعى إلى الصلاة ... (636) . ومسلم: كتاب المساجد/ باب استحباب إتيان الصلاة بوقار (151) .
229رواه البخاري في الأذان باب 114، إذا ركع دون الصف (783) .
230في الصلاة باب العمل في القراءة 1/86 (225) .
231في الصلاة باب رفع الصوت بالقراءة في صلاة الليل (1332) .
232رواه البخاري في الجمعة باب: لا يقيم الرجل أخاه من مقعده ويجلس فيه ح(911) بنحوه . ورواه مسلم في السلام باب 11: تحريم إقامة الإنسان من موضعه المباح الذي سبق إليه، ح27 (2177) .
233رواه مسلم في الصلاة باب 28 –تسوية الصفوف 1/326 ح132 (440) .
234 فيه إشارة لقول أنس بن مالك: وكان أحدنا يلزق منكبه بمنكب صاحبه وقدمه بقدمه . رواه البخاري في الأذان باب 76 إلزاق المنكب ح (725) .
235 رواه البخاري في الأذان، باب 83 رفع اليدين في التكبيرة الأولى مع الافتتاح سواء .ح (735)، ورواه مسلم في الصلاة باب 9، "استحباب رفع اليدين..." ح 21 و22 (390) .
(236) تقدم تخريجه
(237) في الأذان ، باب وضع اليمنى على اليسرى ح (740).
(238)أخرجه ابن خزيمة في الصلاة، باب وضع اليمين على الشمال (479). والبيهقي 2/30.
(239) رواه الإمام أحمد 1/110، وأبو داود في الصلاة/ باب وضع اليمنى على اليسرى في الصلاة (756).
(240) رواه النسائي في الافتتاح / باب قراءة بسم الله الرحمن الرحيم(904)، وابن حبان 1788، وابن خزيمة 499، والدار قطني1/305، والبيهقي 2/46، 58.
(241) لما رواه أنس بن مالك- رضي الله عنه- قال :" صليتُ خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وخلف أبي بكر ، وخلف عمر، فلم أسمع أحدٌ منهم يقرأ ببسم الله الرحمن الرحيم"، رواه مسلم في الصلاة، باب حجة من قال لا يجهر بالبسملة (399).
(242) أخرجه البخاري في الأذان باب 111: جهر الإمام بالتأمين (780) ، ومسلم في الصلاة باب 18: التسميع والتحميد والتأمين 1/307 ح 72(410)
(243) أخرجه البخاري في الأذان باب 113: جهر المأموم بالتأمين (782)، ومسلم في الموضع السابق ح 76(410).
(444) أخرجه البخاري، كتاب الأذان/ باب وجوب القراءة للإمام والمأموم (757)، ومسلم في الصلاة/ باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة (397).
(245)أخرجه البخـاري، كتاب الأذان، باب وجوب القراءة(756)، ومسلم، كتاب الصلاة، باب وجوب قراءة الفاتحة (394).
(246) أخرجه مسلم كتاب الصلاة/ باب وجوب قراءة الفاتحة (395).
(247)أخرجه الإمام أحمد 5/316، وأبو داود في الصلاة/ باب من ترك القراءة في الصلاة (832)، والترمذي في الصلاة/ باب ما جاء في القراءة خلف الإمام ، والحاكم 1/238- 239 والدار قطني 1/120.
(248) تقدم تخريجه
(249) أخرجه الإمام أحمد 3/339، وابن ماجة في إقامة الصلاة/ باب إذا قرأ (850).
(250) تقدم تخريجه
(251) رواه مسلم في باب 25- التعوذ ن شيطان الوسوسة في الصلاة 4/1728 ح 68 (2203).
(252) هذا جزء من حديث أبي هريرة المتفق عليه، رواه البخاري في الأذان/ باب فضل التأذين ح/608. ومسلم في الصلاة/ باب فضل الأذان وهرب الشيطان عند سماعه 1/291 ح 19 (389).
(253) تقدم تخريجه
(254) أخرجه الإمام أحمد 2/381 وأبو داود في الصلاة، باب كيف يضع ركبته قبل يديه (840) والنسائي في الصلاة ، باب أول ما يصل إلى الأرض من الإنسان في سجوده (1090).
(255)زاد المعاد 1/215)
(256) أخرجه البخاري في صحيحه عن أبي حميد قال:" ركع النبي صلى الله عليه وسلم ثم هصر ظهره" في صفة الصلاة/ باب استواء الظهر في الركوع (758) وعند مسلم في صحيحه عن عائشة رضى الله عنها قالت:" .. وكان إذا ركع لم يُشخص رأسه ولم يصوبه ولكن بين ذلك .. " في الصلاة/ باب صفة الركوع والاعتدال منه (498).
(257) أخرجه مسلم في المساجد باب صفة الجلوس في الصلاة 1/408 ح 114 و 115 580).
(258) الموضع السابق ح 115.
(259)الفتح الرباني 3/147.
(260) زاد المعاد 1/231.
(261) أخرجه البيهقي 2/136، وانظر المغني 2/214.
(262) أخرجه البخاري في الأذان باب 143- كيف يعتمد على الأرض إذا قام من الركعة (824).
(263) راجع فتح الباري 2/131.
(264)أخرجه مسلم في صلاة المسافرين باب 16- جواز النافلة قائماً وقاعداً. ح 117(732).
(265) الموضع السابق ح 115 (732) و 118 (733).
(266) الموضع السابق ح 115 (732) و 118 (733).
(267)أخرجه البخاري في الآذان باب من لم ير التشهد واجباً ... (829). ومسلم في المساجد باب السهو في الصلاة ... ح 85 (570).
(268) الفتح الرباني 147/3 وقال : سنده جيد
(269)أخرجه البخاري في المغازي، باب بعث على بن أبي طالب وخالد بن الوليد إلى اليمن (4351)، ومسلم في الزكاة، باب 47- ذكر الخوارج وصفاتهم ح 144 (1064).
(270) أخرجه مسلم في الحج، باب حجة النبي صلى الله عليه وسلم 2/890 ح 147(1218).
(271) أخرجه البخاري، كتاب الأذان، باب التشهد في الآخرة (831). ومسلم ، كتاب الصلاة، باب التشهد في الصلاة (402).
(272)أخرجه البخاري في أحاديث الأنبياء باب (3369، 3370)، ومسلم في الصلاة/ باب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بعد التشهد 1/305 ح 66(405).
(272) هذا حديث ثوبان رواه مسلم في المساجد باب 26- استحباب الذكر بعد الصلاة 1/414 ح 135 (591).
(273) أخرجه مسلم في الصلاة باب 25 – تحريم سبق الإمام 1/320 ح 112 – (426) وفي أوله : (( أيها الناس إني إمامكم فلا تسبقوني بالركوع ولا السجود ولا بالقيام ولا بالانصراف)).
(275) أخرجه الإمام أحمد في المسند 6/370، وأبو داود في الصلاة ، باب التسبيح بالحصى (1501)، والترمذي في الدعوات، باب فضائل التسبيح (3583) ونص الحديث : (( واعقدن بالأنامل فإنهن مسؤولات مستنطقات)).
(276)أخرجه مسلم ، كتاب المساجد، باب استحباب الذكر بعد الصلاة (595).
(277)هذا اللفظ متفق عليه من حديث المغيرة بن شعبة رواه البخاري في الأذان باب الذكر بعد الصلاة (844)، وفي الدعوات باب الدعاء بعد الصلاة (6329) وفي غيرهما، رواه مسلم في المساجد باب 26 – استحباب الذكر بعد الصلاة 1/414 ح 137 (593).
(278)هذا حديث عبد الله بن الزبير رواه مسلم في الموضع السابق ح 139 (594).
(279) متفق عليه من حديث أبي هريرة (حديث الفقراء) رواه البخاري في الأذان باب الذكر بعد الصلاة (843)، وفي مواضع أخري ، ورواه مسلم في الموضع السابق ح 142 (595)
(280) هذه الزيادة رواها مسلم في المساجد باب 26: استحباب الذكر ح 146 (597).
(281)رواه أبو داود في الأدب باب في التسبيح عند النوم ح (5065)، ورواه الترمذي في الدعوات باب 25 – منه ح (3410)، النسائي في السهو باب عدد التسبيح بعد التسليم (1347)، وابن ماجة في إقامة الصلاة باب ما يقال عبد التسليم(926).
(282)أخرجه الترمذي في الدعوات باب 25 (3413) وصححه، والنسائي في السهو باب 93 نوع آخر من التسبيح 3/85 (1349) و (1350).
(283)أخرجه البخاري في الأذان / باب ما يتخير من الدعاء بعد التشهد (800).
(284) متفق عليه، رواه البخاري في الأذان / باب الذكر بعد الصلاة (841)، ومسلم في المساجد / باب الذكر بعد الصلاة (583).
(285) يدل لذلك ما رواه أبو أمامة الخزرجي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( من قرأ آية الكرسي دبر كل صلاة مكتوبة لم يمنعه من دخول الجنة إلا الموت)). رواه النسائي في (( عمل اليوم والليلة)) ص 185، وحديث : (( أنه صلى الله عليه وسلم قرأ المعوذات دبر كل صلاة )) أخرجه الإمام أحمد 4/115.
(286) رواه مسلم في المساجد / باب كراهة الصلاة بحضرة الطعام 1/393 ح 67(560).
(287)رواه أبو داود في الصلاة/ باب الصلاة في النعل ح (650) وصححه ابن خزيمة 1/384 (786)، وابن حبان 5/560(2185).
(288)أخرجه مسلم في الصلاة ، باب سترة المصلي 1/358 ح 241(499)
(289)أخرجه ابن خزيمة في أبواب سترة المصلي 2/12 (811)، ورواه أحمد 3/404 ( وط الرسالة24/57(15340).
(290)أخرجه ابن خزيمة في الموضع السابق ح (811) ،ورواه أبو داود في الصلاة باب ما يستر المصلي، ورواه أبن ماجة في إقامة الصلاة باب ما يستر المصلى (943)، وراجع صحيح ابن حبان 6/125 (2361) ح 689)
(291)انظر سبل السلام شرح بلوغ المرام باب سترة المصلي 1/283 ح 8 .
(292) أخرجه البخاري في العلم باب 19 متى يصح سماع الصغير (76) وفي مواضع أخرى، ومسلم في الصلاة باب 47 سترة المصلى 1/361 ح 354 (504)
(293)بهذا اللفظ رواه مسلم ورواه البخاري معلقاً في البيوع باب 60، ورواه مسنداً في الصلح باب إذا اصطلحوا على صلح جور فالصلح مردود ، ولكن بلفظ (( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد )) (2697) ومسلم في الأقضية باب: نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور ح 18 (1718) وبلفظ : (( من أحدث))ح 17.
(294)متفق عليه، رواه البخاري في الصلاة باب تشبيك الأصابع في المسجد وغيره (482) مطولاً ، وفي الأذان مختصراً (714)و (715) وفي السهو (1226) وفي مواضع أخرى ورواه مسلم في المساجد باب السهو في الصلاة ح 97 (573).
(295) متفق عليه، رواه البخاري في الصلاة باب ما جاء في القِبلة (404) مختصراً و(401) مطولاً، وفي السهو(1227) وفي مواضع أخرى، ورواه مسلم في الموضع السابق ح 91 (572).
(296)كم حديث عبد الله بن بُحينة متفق عليه، فرواه البخاري في الأذان باب من لم ير التشهد واجباً .. (829)، وفي السهو (1224،1225) وفي مواضع أخرى، ورواه مسلم في المساجد باب السهو في الصلاة ح 85 (570.
(297) أخرجه الترمذي، أبواب الصلاة، باب ما جاء في القنوت في الوتر (464).
(298) أخرجه البخاري، كتاب الأذان، باب من شكا إمامه إذا طول (705)
(299)أخرجه البخاري، كتاب التهجد، باب تحريض النبي صلى الله عليه وسلم على صلاة الليل (1129). ومسلم ، كتاب صلاة المسافرين، باب الترغيب في قيام رمضان (177).
(300) أخرجه البخاري، كتاب التهجد، باب قيام النبي صلى الله عليه وسلم بالليل (1147) ومسلم ، كتاب صلاة المسافرين، باب صلاة الليل (125).
(301)في كتاب التهجد باب : كيف صلاة النبي صلى الله عليه وسلم ... ح (1138)، ورواه مسلم في صلاة المسافرين باب: الدعاء في صلاة الليل ح 194 (764).
(302)في الصلاة باب : ما جاء في قيام رمضان 1/110 (280).
(303)أخرجه البخاري ، كتاب الوتر، باب ما جاء في الوتر (990) . ومسلم ، كتاب الصلاة ، باب صلاة الليل مثنى مثنى (145).
(304) رواه مالك في الصلاة، باب ما جاء في قيام رمضان (280).
(305)رواه البخاري في فضل ليلة القدر، باب التماس ليلة القدر (2016)، ومسلم في الصيام، باب : فضل ليلة القدر (215).
(306) رواه البخاري في فضل ليلة القدر، باب التماس ليلة القدر (2015)، ومسلم في الصيام ، باب : فضل ليلة القدر (215).
(307) تقدم في الموضع السابق.
(308)رواه البخاري في صلاة التراويح، باب: تحري ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر (1913)، ومسلم في الصيام ، باب : فضل ليلة القدر (1169).
(309) أخرجه البخاري، كتاب الإيمان، باب تطوع قيام رمضان من الإيمان (37)، ومسلم ، صلاة المسافرين، باب الترغيب في قيام رمضان (173).
(310) رواه البيهقي في الشهادات باب: تحسبن الصوت بالقرآن 10/231، وأبو يعلى 13/266 (7279).
(311)أخرجه البخاري، كتاب الأذان، باب بين كل أذانين صلاة(627). ومسلم ، صلاة المسافرين، باب بين كل آذانين صلاة (304).
(312)أخرجه البخاري في مواقيت الصلاة باب: من نسي صلاة فليصل إذا ذكر ... ح (597)، ورواه مسلم في المساجد باب قضاء الصلاة ... ح 316.
(313)أخرجه البخاري في السهو، باب إذا كلم وهو يصلي فأشار بيده واستمع (1176)، ومسلم في المسافرين/ باب معرفة الركعتين اللتين كان يصليهما (834).
(314)أخرجه مسلم، كتاب الجمعة، باب الصلاة بعد الجمعة (73).
(315)أخرجه مسلم ، كتاب صلاة المسافرين، باب جامع صلاة الليل (139).
(316)أخرجه أبو داود، كتاب الصلاة، باب ما يقول إذا سجد للتلاوة (1414). والترمذي في الصلاة باب : ما يقول في سجود القرآن ح (580) وصححه.
(317) أخرجه البخاري كتاب الأذان باب : إتمام التكبير في الركوع ح (785) ومسلم كتاب الصلاة باب : إثبات التكبير في كل ... ح 27 (392).
(318) رواه البخاري في التهجد باب: ما جاء في التطوع مثنى مثنى ح (1166).
(319) أخرجه البخاري ، كتاب الدعوات ، باب الدعاء عند الاستخارة (6382)
(320)انظر ((المصنف)) لعبد الرزاق 6/191، والهيثمي في (( المجمع))4/291
(321) رواه أبو داود في النكاح باب : في جامع النكاح ح (2160).
(322)أخرجه البخاري/ كتاب الأذان ، باب : وجوب صلاة الجماعة ح (644)، ومسلم في المساجد ، باب : فضل صلاة الجماعة... ح 251(651)، وسيأتي شرحه ص 297.
(323)أخرجه ابن ماجة في المساجد، باب: التغليظ في التخلف عن الجماعة ح (793).
(324)أخرجه مسلم في المساجد، باب 43، يجب إتيان المسجد على من سمع النداء ح 255 (653).
(325) أخرجه مسلم في الموضع السابق (645).
فاستقم كما امرت
فاستقم كما امرت
الدعم الفني والتقني
الدعم الفني والتقني
عدد المساهمات : 616
تاريخ التسجيل : 23/12/2012

فتاوى فى اصل الطهاره لابن العيثيمين  Empty رد: فتاوى فى اصل الطهاره لابن العيثيمين

22nd يونيو 2013, 3:26 pm
(321) رواه أبو داود في النكاح باب : في جامع النكاح ح (2160).
(322)أخرجه البخاري/ كتاب الأذان ، باب : وجوب صلاة الجماعة ح (644)، ومسلم في المساجد ، باب : فضل صلاة الجماعة... ح 251(651)، وسيأتي شرحه ص 297.
(323)أخرجه ابن ماجة في المساجد، باب: التغليظ في التخلف عن الجماعة ح (793).
(324)أخرجه مسلم في المساجد، باب 43، يجب إتيان المسجد على من سمع النداء ح 255 (653).
(325) أخرجه مسلم في الموضع السابق (645).
(326) رواه مسلم في الموضع السابق باب 44 ح 256 (654).
(327) تقدم تخريجه
(328)متفق عليه، وتقدم تخريجه
(329) متفق عليه ، وتقدم تخريجه
(330) تقدم تخريجه
(331) أخرجه مسلم ، كتاب صلاة المسافرين، باب كراهة الشروع في نافلة بعد شروع المؤذن.
(332) تقدم تخريجه
(333) أخرجه البخاري كتاب الأذان، باب: إثم من رفع رأسه قبل الإمام ح (691)، ومسلم كتاب الصلاة ، باب: تحريم سبق الإمام ، ح 114 (427)
(334)أخرجه مسلم ، كتاب صلاة المسافرين ، باب صلاة المسافرين(691)
(335) أخرجه مسلم ، كتاب صلاة المسافرين، باب الجمع بين الصلاتين في الحضر (705).
(336) أخرجه مسلم في المساجد ، باب : أوقات الصلوات الخمس ح 174 (612)
(337)تقدم تخريجه

(338) ورد هذا في حديث كعب بن مالك الطويل في قصة توبته ولفظه :" كان إذا قدم من سفر بدأ بالمسجد فركع فيه ركعتين" ، رواه البخاري في المغازي، باب حديث كعب بن مالك (4418)، ورواه مسلم في التوبة، باب : حديث توبة كعب ح 53 (2769)
(339) أخرجه البخاري: كتاب الجمعة/ باب فضل الجمعة (881)، ومسلم : كتاب الجمعة/ باب الطيب والسواك يوم الجمعة (850).
(340) تقدم تخريجه ص 292.
(341) النسائى، كتاب الجمعة، باب من أدرك ركعة من صلاة الجمعة 3/92، ابن ماجه ، كتاب إقامة الصلاة، باب ما جاء في من أدرك من الجمعة ركعة 1/356.
(342)ابن ماجة، كتاب إقامة الصلاة، باب ما جاء في النهي عن تخطي الناس يوم الجمعة، الإمام أحمد 4/188.
(343) أخرجه البخاري: كتاب الجمعة/ باب الإنصات يوم الجمعة والإمام يخطب (934)، ومسلم : كتاب الجمعة / باب في الإنصات يوم الجمعة في الخطبة (851)
(344) أخرجه أبو داود : كتاب الصلاة/ باب فضل الجمعة (105)، والترمذي: أبواب الصلاة/ باب ما جاء في الوضوء يوم الجمعة (498).
(345) أخرجه أبو داود : كتاب الصلاة / باب فضل الجمعة (1051).
(346) أخرجه البخاري: كتاب الحيض/ باب شهود الحائض العيدين ودعوة المسلمين (324)، ومسلم : كتاب صلاة العيدين/ باب ذكر إباحة خروج النساء في العيدين (890)
(347) أخرجه مسلم، كتاب العيدين ، باب ما يقرأ به في صلاة العيدين (607).
(348) أخرجه مسلم ، كتاب الجمعة، باب ما يقرأ في صلاة الجمعة (598).
(349) أخرجه البخاري: كتاب الإيمان/باب الزكاة من الإسلام (46)، ومسلم: كتاب الإيمان/ باب بيان الصلوات التي هي أحد أركان الإسلام (11).
(350) أخرجه البخاري: كتاب الأذان/ باب لا يسعى إلى الصلاة ... (636)، ومسلم : كتاب المساجد/ باب استحباب إتيان الصلاة بوقار وسكينة (602).
(351) أخرجه البخاري: كتاب الدعوات / باب يستجاب للعبد ما لم يعدل (6340)، ومسلم : كتاب الذكر والدعاء/ باب بيان أنه يستجاب للداعي ما لم يعجل ... (2735).
(352)أخرجه الترمذي: كتاب الدعوات/ باب في انتظار الفرج وغير ذلك (3573).
(353) البخاري، كتاب الجنائز، باب إذا قال المشرك عند الموت لا إله إلا الله 1360، ومسلم، كتاب الإيمان باب الدليل على صحة إسلام من حضره الموت 24.
(354) أبو داود ، كتاب الجنائز، باب الاستغفار عند القبر للميت في وقت الانصراف 3221.
(355)البخاري، كتاب الجنائز، باب السرعة في الجنازة 1315، ومسلم في الجنائز باب السرعة في الجنازة 944.
(356) البخاري، كتاب الجنائز، باب الصلاة على القبر بعدما يدفن (1337)، ومسلم في الجنائز باب الصلاة على القبر 956.
(357) البخاري، كتاب الجائز، باب الرجل ينعى إلى أهل الميت (1245)، ومسلم في الجنائز باب التكبير على الجنازة 951.
(358) أخرجه البخاري، كتاب الجنائز، باب غسل الميت (1253).
(359) أخرجه البخاري رقم (3208) في بدء الخلق، ومسلم رقم (2643) كتاب القدر.
(360) من حديث زيد بن أرقم رضى الله عنه أنه كبر على جنازة خمساً وقال : كان النبي صلى الله عليه وسلم يكبرها. مسلم : كتاب الجنائز/ باب الصلاة على القبر 2/659.
(361)مسلم، كتاب صلاة المسافرين، باب الأوقات التي نهي عن الصلاة فيها 1/568.
(362) تقدم تخريجه
(363) البخاري، كتاب مناقب الأنصار، باب موت النجاشي 5/65. مسلم، كتاب الجنائز، باب التكبير على الجنازة 2/656.
(364) تقدم تخريجه
(365) تقدم تخريجه
(366) أخرجه مسلم: كتاب الجنائز/ باب استئذان النبي صلى الله عليه وسلم ربه عز وجل في زيارة قبر أمه (977).
(367) انظر صحيح مسلم، كتاب الجنائز، باب ما يقال عند دخول القبور.
(368)أخرجه أبو داود: كتاب الجنائز/ باب في زيارة النساء القبور (3236)، والترمذي: كتاب الصلاة/ باب ما جاء في كراهية أن يتخذ على القبر مسجداً (320). والنسائي: كتاب الجنائز/ باب التغليظ في اتخاذ السرج على القبور (2042). وابن ماجه: كتاب الجنائز باب ما جاء في النهي عن زيارة النساء القبور (1575).
(369) أخرجه مسلم : كتاب الجنائز/ باب التشديد
avatar
الجنة دار القرار
عضو مميز
عضو مميز
الجنس : انثى
عدد المساهمات : 919
تاريخ التسجيل : 05/01/2013
https://rfiaaildilrarb.7olm.org/

فتاوى فى اصل الطهاره لابن العيثيمين  Empty رد: فتاوى فى اصل الطهاره لابن العيثيمين

23rd يونيو 2013, 11:28 pm
جزاكم الله الفردوس الأعلى وجعله في ميزان حسناتكم
الرجوع الى أعلى الصفحة
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى