منتديات دمعة تائب
حياكم الله في منتديات دمعة تائب

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منتديات دمعة تائب
حياكم الله في منتديات دمعة تائب
منتديات دمعة تائب
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

اذهب الى الأسفل
المُحبه للشهاده
المُحبه للشهاده
المراقبة العامة
المراقبة العامة
الجنس : انثى
عدد المساهمات : 3576
تاريخ التسجيل : 29/12/2012
https://rfiaaildilrarb.7olm.org/

حين قالت .. أنتِ بلا مخ! Empty حين قالت .. أنتِ بلا مخ!

25th فبراير 2013, 8:20 pm

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

حين كانت أستاذة منيرة تكتب درسها الممل على السبورة كنت أول من يقوم بقذف
الطائرات في اتجاهها . .
وكان هذا العمل يُعد بطولياً بالنظر إلى عصبية أبله منيرة وحدتها . . لذا كانت
الطالبات يحاولن كتم ضحكاتهن التي لا تحتمل حين تضرب إحدى طائراتي الهدف مباشرة!
كانت تشتعل غضباً وصراخاً باحثة عمن قام بهذا لكنها عبثاً لا تملك أي دليل عليّ فقدكنت ممثلة ماهرة جداً . .

لذا
كانت تصب جام غضبها على الطائرات فتقطعها إرباً وهي تتوعدنا
بنقص الدرجات التي كانت آخر ما يهمنا.. أو يهمني أنا شخصياً..


كنت الطالبة المهملة المثالية في تلك المدرسة الابتدائية.. وكان بالإمكان تقليدي وسام (أكسل)
طالبة في المدرسة.. كل المدرسات كن يمقتننيّ وينفرن من تصرفاتيّ
الهوجاء وإهمالي الدراسي.. كما أن أمي لم تكن تعتني بنظافتي
وترتيبي كثيراً فاكتملت المأساة..


وفي كل مرة كانت المشرفة الإجتماعية
تعطيني ورقة لأمي كنت أمزقها وأرميها في طريق عودتي للبيت.. أمي
لم تكن تقرأ وحتى لو كانت تقرأ فهي لا تهتم أصلاً بهذه الأمور..


وذات يوم في حصة الرياضيات قالت لي أبله سلمى : (أنت لا تفهمين لأنك لا تملكين مخاً أصلاً مثل باقي البشر!!)
كانت كلماتها قاسية جداً وجرحتني ، لكني أبديت اللامبالاة ووقفت
في صمت خلف باب الفصل لأكمل عقابي لعدم حل الواجب وأيضاً بسبب
إضحاكي لزميلاتي طوال الوقت..


كنت
مقتنعة تماماً أني لا أصلح لشيء.. وأن هذه المدرسة ليست لي ولا
لأمثالي .. إنها للفتيات اللاتي يعشن مع أسرة طبيعية ويخرجن
للنزهات مع أهاليهن.. إنها للفتيات المرفهات وليس المعذبات والمهمَلات
أمثالي ..

لذا لم أكن أهتم بأي شيء.. ورسبت للعام الثالث على التوالي في الصف السادس..

وفي
السنة الأخيرة زاد شغبي وإهمالي حتى قررت المدرسة فصلي تماماً
من المدرسة.. وعدت إلى البيت لأخبر أمي بأني يجب أن أذهب لمدرسة
أخرى..


وبالطبع لم يكن لأمي أي تعليق حول ذلك.. فقد كان في مجلسها عدد من النساء وكانت مشغولة بالحديث والضحك معهن..

لذا
طلبت من ابنة عمي المتزوجة أن تأتي معي لأسجل في مدرسة أخرى..
وذهبت معي وحاولنا.. لكن المديرة رفضت فقد كان سجلي حافلاً ولا
يشجع على القبول بي في أي مدرسة..


ثم
حاولنا في مدرسة أخرى وتم الرفض أيضاً.. ولم يكن أمامي سوى أن
أعرض على والدي تسجيلي في مدرسة أهلية، لكنه رفض تماماً.. فقد كان
مشغولاً بتكاليف زواجه المقبل.. ولم يكن يستطيع تحمل مصاريف جديدة..

عندها أيقنت أنيّ يجب أن أجلس في البيت حتى يقضي الله أمره..
وبقيت
في المنزل عامين كاملين.. لم أشعر خلالهما بأي شيء.. كنت أزور
بنات عمي ويزورنني بدورهن أحياناً.. وفي الربيع كنا نخرج للبر..
ولم يكن هناك أشياء جديدة..


طوال تلك المدة كان هناك جرح يؤلمني رغم محاولتي لتجاهله.. إنه يقينيّ التام.. أني إنسانة فاشلة.. ولا فائدة لها في الحياة.. كانت كلمة " أبلة منيرة " استاذة الرياضيات لا تزال ترن في ذهنيّ .. " أنتِ لا تملكين مخاً مثل باقي البشر .. أنتِ بلا مخ..! "

لذا برمجت حياتي كلها على هذا الأساس.. وهو أني إنسانة " بلا مخ " بلا عقل.. همها فقط الضحك واللعب والحديث..

وكنت أعرف منذ طفولتي أني محجوزة لإبن عمي " مساعد
" صديق طفولتي.. وهوشاب عاقل و وسيم الذي تتمناه كل فتيات
أسرتنا.. لكن لسببٍ لا أعرفه لم يتم الحديث حول هذا الموضوع
أبداً رغم أني أصبحت أبلغ من العمر 17عاماً وهو عمر مناسب للزواج في نطاقنا العائلي..


وذات
مرة سمعت همسات بين أمي وزوجة عمي ، وبدت أمي غاضبة بعض الشيء
.. ثم جاء دور أبي الذي ظهر غضبه جلياً.. وسمعت صراخاً بينه وبين
عمي في المجلس.. لكن دون أن أعرف حول ماذا..


وبعد يومين.. عرفت الحقيقة من ابنة عمي .. لقد كانت المسألة كلها حولي " أنا ومساعد"فمساعد
الذي بنيت أحلامي عليه.. لا يريدني .. مساعد الذي تخرج الآن من
الكلية الأمنية لا يريد فتاة محدودة الأفق والتفكير مثلي .. إنه
لا يريد فتاة ناقصة.. أو " بلا مخ " كما أخبرتني معلمة الرياضيات..!

وكانت هذه قاصمة الظهر بالنسبة لي ..لقد أصبت هذه المرة بشدة .. وفي صميم كبريائي ..
ولكنيّ استطعت تحمل الصدمة.. وتجاوزتها رغم الإنقطاع الكبير الذي حدث بين أهلي وبين بيت عمي .. لكني أيقنت حينها أني يجب أن أتغير..يجب أن أفعل شيئاً لنفسي ..

واتخذت قراري بإكمال تعليمي عن طريق المنازل ..

كان
القرار صعباً في البداية.. وكنت مشتتة لأن أعود للدراسة بعد
ثلاثة أعوام من نسيانها.. لكن عزيمتي كانت أقوى من أي صعوبات" توكلت على الله " وعزمت على التفوق وليس النجاح فقط في دراستي ..


وبالفعل استطعت سنة بعد سنة اجتياز الصف الأول الثانوي وبتقدير جيد جداً.. وهو ما لم أحلم به في حياتي..

وبعد ذلك شعرت أني بحاجة لشيء يشغل وقت فراغي طوال العام.. فقررت الإلتحاق بدار التحفيظ الجديدة التي فتحت قرب بيتنا..
وبالفعل
التحقت بها وانسجمت مع المدرسات والطالبات وشعرت أني بدأت حياة
جديدة.. فقد كان الجو ودوداً جداً.. وتحمست جداً لحفظ القرآن
الكريم..


وذات مرة.. أشادت بي المعلمة وقالت ليّ " أني ّحافظة قوية" فطأطأت رأسي وقلت لها بخجل.. ( أنتِ تجامليننيّ فأنا طوال عمريّ كسولة ولا أملك قدرات عقلية مثل غيري.. )
نظرت إلي أبله هناء باستغراب وقالت.. (ومن قال لكِ ذلك؟)


قلت لها: (معلمة الرياضيات قبل ثمان سنوات)

عندها قالت لي وهي تبتسم : (على
العكس تماماً أنتِ إنسانة ذكية ونبيهة جداً.. ربما كانت فقط
ظروفك هي المؤثرة سلباً عليك، وحينما كبرت واستطعت تجاوز هذه
الظروف؛ ظهرت قدراتك العقلية التي كانت خافية بسبب الإهمال وبسبب
الظروف القاسية
).


لم
أستطع حبس دمعة ساخنة في عيني.. فطوال عمري لم أشكو لأحد
معاناتي الحقيقية التي كنت أحاول اعتبارها أمراً عادياً.. لذا لم أشعر
بنفسي إلا وأنا أسرد لمعلمتي شريط حياتي بكل آلامه..

حكيت
لها عن قسوة أمي وعدم اهتمامها بي ولا بنظافتي ولا تعليمي
وتربيتي منذ الطفولة، وحكيت عن أبي الذي لا نراه إلا نادراً بسبب
انشغاله بزوجته الجديدة ثم طلاقه وزواجه من جديد.. حكيت لها عن تقتير
أبيّ علينا وحرماننا من أبسط احتياجاتنا.. وعن أسرتنا حيث
المشاعر لا أهمية لها ولا مكان سوى للقسوة والحدة في التعامل..
وحكيت كيف شاهدت أمي تـُضرب عدة مرات من قِبَلْ أبيّ.. وكيف سجن
أخي عدة مرات بسبب العصابة الفاسدة التي يصاحبها، وعن الديون
التي أغرقت كاهل أبي ودفعته لخلافات كثيرة مع إخوته.. حكيت لها
كل ما كان يعتمر قلبي ويكبت أنفاسي منذ سنوات.. ثم حكيت لها عن
قصة " مساعد " وكيف رفضنيّ بسبب كسليّ وغبائيّ ..
وشعرت بالحرج .. كيف أخبرتها عن كل ذلك..

لكنها ابتسمت لي وربتت على كتفي وقالت.. (عزيزتي فـُلة " وهذا إسميّ "..
الإنسان هو ما يطمح أن يكون.. مهما كانت ظروفه.. أنت الآن على
أعتاب طريقك الصحيح فاستمري به وسوف تصلين بإذن الله وتصبحين
الإنسانة المحترمة التي تطمحين لأن تكونيّ إياها.. ثم.. انظري
دائماً للجانب الأفضل.. أنت رغم كل تلك الظروف كنتِ وما زلت فـُلة
الطيبة المحبوبة التي يحبها الجميع لطيبتها ومرحها.. كما كنت فـ[size=21]ُ
لة
الخلوقة الصالحة التي لم تنسق وراء المغريات أو تنحرف كما تعلل
الكثيرات أسباب انحرافهن بظروف الأسرة .. أنتِ استطعت مقاومة كل
ذلك.. وبالإضافة إليه طورت نفسك وشققت طريقك نحو النجاح في الدنيا
والآخرة .. لقد نجحت في الدراسة ونجحت في حفظ نصف القرآن في سنة واحدة
وهذا إنجاز كبير جداً ورائع يا فـُلة.. أنتِ إنسانة رائعة
وموهوبة ما شاء الله
)[/size]

ثم نظرت إليّ مرة أخرى و قالت وهي تبتسم : ( وسيعوضك الله من هو خير من مساعد فلا تقنطيّ من رحمة الله واستمري في طريقك ).

انسابت
كلمات معلمتي كالماء الزلال على الأرض العطشى المتشققة فتشربتها
بعطش وارتاحت لها نفسيّ وشعرت أني أُعطيت دافعاً قوياً للسير
نحو النجاح..


والحمد
لله بعد عام آخر تخرجت من الثانوية بتقدير لم يتوقعه أحد ،
كما أتممت ختم كتاب الله في نفس السنة ، وفي نفس السنة أيضاً
.. تقدم لخطبتي أحد أقاربنا الذي لم أتوقع يوماً أن يخطبني .. لقد
كان مهندساً وقادماً للتو من الخارج بعد إكمال دراسته وكان يبحث عن
فتاة صالحة .. لقد شعرت لأول وهلة أن هذا كثيرٌ عليّ .. بعد
هذه السنوات كنت أتوقع أن أحظى بأقل من هذا بكثير.. لكن
الحمد لله الذي وسعت رحمته كل شيء ..


وتزوجت وعشت في سعادة ولله الحمد.. وشجعني زوجي على إكمال دراستي الجامعية بالإنتساب..
وفي
حفل تخريج الخاتمات لكتاب الله.. كنت أتهادى في سيريّ وأنا
حامل في شهري الأخير.. وقد اجتزت السنة الجامعية الأولى في
كلية الدعوة وبتقدير امتياز..


وفي
لحظة تسلمي للشهادة شعرت بدموعي الساخنة تترقرق في عيني ،
وتمنيت لو ألتفت فأرى معلمتي في الرياضيات هنا بين صفوف
الحاضرات..


***************
نـُشرت بمجلة " حياة " العدد (37) جمادى الأولى 1424هـ
avatar
الجنة دار السعادة
عضو سوبر
عضو سوبر
الجنس : انثى
عدد المساهمات : 830
تاريخ التسجيل : 23/12/2012

حين قالت .. أنتِ بلا مخ! Empty رد: حين قالت .. أنتِ بلا مخ!

26th فبراير 2013, 5:47 am
حين قالت .. أنتِ بلا مخ! 239769_1357454763
المُحبه للشهاده
المُحبه للشهاده
المراقبة العامة
المراقبة العامة
الجنس : انثى
عدد المساهمات : 3576
تاريخ التسجيل : 29/12/2012
https://rfiaaildilrarb.7olm.org/

حين قالت .. أنتِ بلا مخ! Empty رد: حين قالت .. أنتِ بلا مخ!

26th فبراير 2013, 11:02 am
جزاكى الله خيرا
الرجوع الى أعلى الصفحة
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى